إلى أين تأخذني أيها الشعر؟

شوقي بزيع
شوقي بزيع
TT

إلى أين تأخذني أيها الشعر؟

شوقي بزيع
شوقي بزيع

إلى أين تأخذني أيها الشعرُ
يا مَنْ تحامَيْتُهُ في الخلايا كسمِّ زعافْ
إلى أين تأخذني في نهايةِ هذا المطافْ؟
وهل ثمّ صحراءُ لم أتجرَّعْ
سراباً سراباً
عصارة صبَّارها،
أو هُوىً لم أضئ قعْرها
بشموع انطفائي،
وأشرعةٌ لاصطياد الوسواسِ
لم أتلقَّفْ موانئها بالشغافْ؟
لنجلسْ إذاً يا عدوّي الجميلْ
لنجلسْ إذاً حيث لم يبقَ في جعْبةِ العمرِ
إلا القليلْ
لنجلس كما يجلس المرءُ عند المساءِ
قبالة مرآتهِ
كي يُنقِّي ملامحهُ من ندوب تباريحها
في نهاية دربْ
أو كما يتوزَّع سمهانِ من صبواتٍ
حُشاشةَ قلبْ
ولتكنْ بيننا،
مثلما ينبغي لصديقينِ أن يفعلا،
جَرْدَةٌ عادله
فأنا منذ أن كان لحمي طرياً
تُقَلَّبُهُ كالعجينِ يدُ القابله
ما خذلتكَ يوماً
ولا ارتبتُ في ملكوتٍ تسنّمْتَهُ بالنيابة عني
وأعليتَه مثل تاجٍ من الشوك فوق جروحي
وأنا مَن تخفّى لتظهرَ،
مَن شاخ كيما تظلّ فتيّاً،
ومن أترعتْ راحتاه الكؤوسَ
لتصْنع أنخابها من ثمالة روحي
وأنا منذ نصّبْتني ذات يومٍ
وصيّاً على غابةٍ من ظنونْ
لم أكن حاضراً في زمانٍ
لأضربَ لي موعداً مع حياتي
التي اختطّها الآخرونْ
أنا ما خذلتكَ يا شعرُ
يا سائسَ الكلمات الحرونْ
بل تنازلتُ عن حصّتي من خرير السواقي،
وعن لهفتي لمماشاة أضمومةٍ من غيومٍ،
تسير إلى صيفها في مساءٍ حنونْ
وعن رغبتي في احتساء الصباحاتِ
أشربُ قهوتها مُرّةً،
دون أن تتولّى بقيةَ يومي أبالسةُ المفرداتِ
التي تتقافزُ عمياءَ في ردهات الجنونْ
إلى أين تأخذني أيها الشعرُ،
يا صفْقتي الخاسرة
مع الشُّبُهات التي تتعاركُ مع ليلها
في مصحَّة عقلي،
وتحتالُ كي أضرم النار فيها
بشَّتى الحِيَلْ
ولماذا تحمّلني من عناء النزولِ
إلى بئرها
فوق ما يُحْتَمَلْ؟
لماذا وقد أخطأْتْني السعادةُ
منَّيتَني بفراديسَ آيلةٍ للذبولِ،
وجمَّلت عكَّاز عجزي
بما احتكَّ كالبرقِ مع سُحُبِ الرأسِ
أو مع تداعي الجُمَلْ
وحين مشيتُ على طرف الخيطِ
بين القنوط وبين الأملْ
قلتَ لي:
ينبغي في معادلة المحو والامتلاءِ
بأن تخلع النفسَ كاملةً،
فالكتابةُ ليست سوى امرأةٍ
لا تريد أقلَّ من الموتِ
مَهْراً لها،
فاخسرِ العيش كي تربح الكلمات،
وقلتَ:
القصيدةُ كالغيمِ لا تُتَصيَّدُ في السفح،
فاصعدْ على جبلٍ من ظنونكَ
واهدمْ وراءكَ كلَّ الجسورِ
التي قد تعيدكَ ثانيةً
نحو أنقاضِ ما كنتَ،
وانظرْ إلى ما وراء الجبلْ
وصعدتُ،
فلم أرَ إلا الدخان،
يطرِّز بالإبرِ المستقاةِ من الوهمِ
أسماءَ مَن سبقوني من الشعراءِ،
ومِن خلفهِ
جبلٌ آخرٌ
من ركام الكلامِ الذي لم يُقَل.



لأول مرة... عرض كسوة الكعبة بكاملها خارج مكة المكرمة

كسوة الكعبة المشرفة (مؤسسة بينالي الدرعية)
كسوة الكعبة المشرفة (مؤسسة بينالي الدرعية)
TT

لأول مرة... عرض كسوة الكعبة بكاملها خارج مكة المكرمة

كسوة الكعبة المشرفة (مؤسسة بينالي الدرعية)
كسوة الكعبة المشرفة (مؤسسة بينالي الدرعية)

ضمن عدد هائل من المقتنيات التاريخية والقطع المستعارة من مؤسسات عربية ودولية ينفرد بينالي الفنون الإسلامية 2025 المقرر افتتاحه في 25 يناير (كانون الثاني) الحالي بعرض كسوة الكعبة المشرفة بالكامل، وهي المرة الأولى التي تشاهد فيها الكسوة خارج مكة المكرمة.

ويأتي عرض الكسوة في الدورة الثانية من البينالي بالتزامن مع الذكرى المئوية الأولى (حسب التقويم الهجري) لإنشاء مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة في السعودية، والذي ينال شرف صناعة الكسوة منذ عام 1346 هـ (1927 م).

جدير بالذكر أن الكسوة التي سيتم عرضها في البينالي غطّت الكعبة المشرّفة طوال العام الهجري الماضي ولم يسبق أن عُرضت بشكلها الكامل في أيّ محفل أو معرض من أي نوع.

قاعات عرض بينالي الفنون الإسلامية 2025 بجدة (مؤسسة بينالي الدرعية)

ويمثل عرض الكسوة سابقة أولى يسجلها البينالي ضمن جهوده المعرفية التي تُضيء الجوانب المرتبطة بالفنون الإسلامية والنقوش والزخارف الفريدة، والتي تتجلّى في الكسوة الشريفة بوصفها واحدة من أسمى الإنتاجات الإبداعية التي بلغها الفن الإسلامي.

وسيقدم البينالي من خلال عرض كسوة الكعبة المشرفة تعريفاً بالكسوة، وتطورها عبر التاريخ، وما يرتبط بها من فنون ونقوش ومهارات حِرفية ومعارف، وذلك بأسلوب عرضٍ مميز، يتيح للزوار التعرّف على التفاصيل الدقيقة في حياكتها، وتطريزها بخيوطٍ من الحرير والذهب والفضة. وستتم إعادة الكسوة إلى رعاية مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة بعد اختتام فعاليات البينالي.

وتهدف مؤسسة بينالي الدرعية من خلال عرض الكسوة إلى ترسيخ الاعتزاز بالإرث الثقافي الإسلامي، وخلق فرصة استثنائية تسمح لعامة الجمهور بالتعرف عن قرب على أحد أهم مظاهر الفن الإسلامي عبر التاريخ، وتقديم فهمٍ أعمق للحرفية العالية في صناعة كسوة الكعبة المشرفة، مع ما يتضمنه ذلك من تأكيد على مركزية المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين، وتوفيرها لكل الإمكانات والمهارات والحرفيين البارعين لصناعة الكسوة من خلال مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة.

صالة الحجاج الغربية في مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة مكان إقامة فعاليات بينالي الفنون الإسلامية في دورته الثانية (مؤسسة بينالي الدرعية)

و إلى جانب كسوة الكعبة المشرفة سيعرض البينالي مجموعةً واسعة من التحف التاريخية الإسلامية وأعمال الفن المعاصر، بهدف دفع زواره إلى التأمل في ثراء الحضارة الإسلامية وفنونها الإبداعية، وذلك امتداداً لما قدمه البينالي في نسخته الأولى التي أُقيمت في عام 2023م تحت عنوان «أول بيت»، وحققت نجاحاتٍ كبيرةٍ جعلت منه ثاني أكثر بينالي زيارة في العالم، بحضورٍ وصلَ إلى أكثر من 600 ألف زائر تعرفوا على الإرث الثقافي للفنون الإسلامية.