مخاطر جيوسياسية تدفع روسيا لرفع الفائدة

اتجاه تحوط لإنقاذ السندات المحلية في وجه العقوبات

سيتجه البنك المركزي الروسي لشراء سندات الخزانة الروسية إذا تضررت جراء العقوبات (رويترز)
سيتجه البنك المركزي الروسي لشراء سندات الخزانة الروسية إذا تضررت جراء العقوبات (رويترز)
TT

مخاطر جيوسياسية تدفع روسيا لرفع الفائدة

سيتجه البنك المركزي الروسي لشراء سندات الخزانة الروسية إذا تضررت جراء العقوبات (رويترز)
سيتجه البنك المركزي الروسي لشراء سندات الخزانة الروسية إذا تضررت جراء العقوبات (رويترز)

رفع البنك المركزي الروسي أمس (الجمعة)، سعر الفائدة الرئيسي إلى 4.5% في ظل مخاطر تضخمية وعلى الصعيد الجيوسياسي، ولمح إلى أن المزيد من الرفع سيلي ذلك.
ويتعارض قرار زيادة أسعار الفائدة، من مستوى قياسي منخفض عند 4.25%، مع استطلاع للرأي أجرته «رويترز» توقع أن تُبقي روسيا على تكلفة الإقراض دون تغيير للمرة الأخيرة قبل أن تبدأ في دورة لزيادة أسعار الفائدة.
وقال البنك في بيان: «توازُن المخاطر تَحوَّل صوب العوامل المواتية للتضخم... بنك روسيا يبقى منفتحاً على احتمال مزيد من الزيادات في سعر الفائدة الرئيسي في الاجتماعات المقبلة».
وجاءت خطوة «المركزي الروسي» بعد انخفاض قيمة الروبل في الآونة الأخيرة بسبب مخاوف من فرض عقوبات. ويتسق ذلك مع قرارين من البنكين المركزي البرازيلي والتركي برفع حاد لأسعار الفائدة هذا الأسبوع.
وقال البنك المركزي الروسي إن «المخاطر المواتية للتضخم على المدى القصير مرتبطة أيضاً بتقلبات أشد في الأسواق العالمية مدفوعةً بعديد من التطورات الجيوسياسية، بين عوامل أخرى، والتي قد يكون لها تأثير على سعر الصرف وتوقعات التضخم». وأضاف أن التضخم سيعود للمعدل المستهدف وهو 4% في النصف الأول من العام المقبل وهو موعد متأخر عمّا كان متوقعاً من قبل. وقال البنك إن التضخم السنوي بلغ 5.8% في 15 مارس (آذار) لكن من المتوقع أن يتباطأ قريباً. ومن المقرر أن يعقد البنك اجتماعه المقبل بشأن سعر الفائدة في 23 أبريل (نيسان) المقبل، وأشار البنك إلى أنه يُبقي على الباب مفتوحاً أمام زيادات جديدة لأسعار الفائدة خلال الاجتماعات المقبلة.
وكان وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف، قد قال في كلمة له أمام مجلس الدوما (النواب) الروسي يوم الأربعاء، إن الوزارة ستطلب من بنك روسيا المركزي ضخ سيولة نقدية إلى البنوك والمؤسسات المالية، لشراء سندات الخزانة الروسية إذا تضررت مبيعات هذه السندات في الأسواق الدولية بسبب العقوبات الغربية على روسيا.
ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء، عن الوزير قوله إن الحكومة ستتمكن من الوفاء بكل التزاماتها المالية في حالة فرض أي عقوبات. وأشارت وكالة «بلومبرغ» إلى أن هذه التصريحات تأتي في الوقت الذي قال فيه الرئيس الأميركي جو بايدن، إن نظيره الروسي قاتِل وسيدفع ثمن تدخله في الانتخابات الأميركية. وحسب شبكة «سي إن إن» التلفزيونية فإن الإدارة الأميركية ستعلن عن عقوبات جديدة ضد روسيا مطلع الأسبوع المقبل. في المقابل، قال الكرملين (الرئاسة الروسية) إن روسيا ستتخذ كل الخطوات اللازمة للتحوط ضد مخاطر العقوبات. وتراجَع سعر الروبل الروسي أمام الدولار واليورو منذ يوم الأربعاء، ليصل سعر الدولار إلى 74 روبلاً، أما اليورو فقد وصل إلى 88.02 روبل.



الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
TT

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

أشار صناع السياسة في «البنك المركزي الأوروبي»، يوم الثلاثاء، إلى أن أسعار الفائدة بمنطقة اليورو ستستمر في الانخفاض، مع القضاء على التضخم إلى حد كبير، في حين أن النمو الاقتصادي الضعيف، الذي قد يتفاقم بسبب الرسوم الجمركية الأميركية، قد يصبح القضية الكبيرة التالية التي تواجه المنطقة.

وخفض «المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة 3 مرات هذا العام، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى في كل اجتماع لـ«لجنة السياسة» حتى يونيو (حزيران) المقبل على الأقل، مع تجنب المنطقة ركوداً آخر، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، قال رئيس «البنك المركزي»، البرتغالي ماريو سينتينو، إن الاقتصاد يواجه ركوداً، محذراً بأن «المخاطر تتراكم نحو الهبوط»، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية التي هدد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرضها تشكل تهديداً إضافياً.

وحذر سينتينو أيضاً بأن تأخر «البنك المركزي الأوروبي» في خفض أسعار الفائدة قد يزيد من خطر انخفاض التضخم إلى ما دون المستوى المستهدف.

من جانبه، أوضح نائب رئيس «البنك المركزي الأوروبي»، لويس دي غيندوس، أن النمو أصبح الشغل الشاغل للبنك، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى ظهور دورة مدمرة من الحروب التجارية.

وقال دي غيندوس لصحيفة «هلسنغن سانومات» الفنلندية: «القلق بشأن التضخم المرتفع تحول الآن إلى القلق بشأن النمو الاقتصادي».

وأضاف: «عندما نفرض الرسوم الجمركية، فيجب أن نكون مستعدين لرد فعل من الطرف الآخر، وهو ما قد يؤدي إلى بداية حلقة مفرغة».

وأكد دي غيندوس أن «هذا الأمر قد يتحول في نهاية المطاف إلى حرب تجارية، وهو ما سيكون ضاراً للغاية بالاقتصاد العالمي».

وتابع: «هذا سيؤدي إلى ضعف النمو، وارتفاع التضخم، وتأثير على الاستقرار المالي، في وضع يعدّ خسارة لجميع الأطراف».

وكان ترمب قد أعلن هذا الأسبوع أنه سيفرض رسوماً جمركية كبيرة على أكبر 3 شركاء تجاريين للولايات المتحدة: كندا والمكسيك والصين، فور توليه منصب الرئاسة.

وبشأن تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على النمو في أوروبا، فقد قال رئيس «البنك المركزي الفرنسي»، خلال مؤتمر للمستثمرين الأفراد في باريس، إن تأثير التضخم في أوروبا قد لا يكون كبيراً.

وقال فرنسوا فيليروي دي غالهاو: «قد يكون تأثير التضخم محدوداً نسبياً في أوروبا، ولكن أسعار الفائدة طويلة الأجل التي تحددها السوق لديها ميل معين لعبور المحيط الأطلسي».

وأضاف: «لا أعتقد أن هذا سيغير كثيراً بالنسبة إلى أسعار الفائدة قصيرة الأجل في أوروبا، ولكن أسعار الفائدة طويلة الأجل قد تشهد تأثيراً انتقالياً».

من جهته، أضاف محافظ «البنك المركزي الفنلندي»، أولي رين، تحذيراً بخصوص النمو، متوقعاً أن يظل النشاط الاقتصادي ضعيفاً مع انتعاش بطيء، وهو ما قد يدفع «البنك المركزي الأوروبي» إلى خفض سعر الفائدة إلى المعدل المحايد الذي لا يعوق النمو الاقتصادي، بحلول أوائل الربيع المقبل.

وعلى الرغم من أن المعدل المحايد ليس رقماً ثابتاً، فإن معظم خبراء الاقتصاد يرون أنه في نطاق بين اثنين و2.5 في المائة، وهو أقل كثيراً من المستوى الحالي لـ«البنك المركزي الأوروبي» البالغ 3.25 في المائة.

ولا يُتوقع أن تتوقف أسعار الفائدة عند المعدل المحايد؛ إذ تتوقع سوق المال أن يهبط سعر الفائدة على الودائع إلى 1.75 في المائة العام المقبل، وهو مستوى من شأنه تحفيز النمو.

وقال رين: «إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على منتجات دول أخرى، سواء أكانت بنسبة 10 أم 20 في المائة، وردّ الجميع، فإن جميع الأطراف ستخسر».

وأضاف أنه «في هذه الحالة، فإن الولايات المتحدة ستخسر أكثر؛ لأن الدول الأخرى قد توجه صادراتها إلى أسواق أخرى، في حين ستواجه الشركات الأميركية الرسوم الجمركية نفسها في كل مكان».

في المقابل، انخفض، يوم الثلاثاء، مؤشر رئيسي لتوقعات التضخم بمنطقة اليورو على المدى البعيد في السوق إلى أقل من اثنين في المائة لأول مرة منذ يوليو (تموز) 2022، في دلالة على اعتقاد المستثمرين أن النمو المتعثر قد يؤدي إلى تضخم أقل من الهدف المحدد من قبل «البنك المركزي الأوروبي». وأظهرت بيانات «بورصة لندن» أن مبادلة التضخم الآجلة لمدة 5 سنوات تراجعت إلى 1.9994 في المائة، وهو انخفاض حاد نسبياً مقارنة بأكثر من 2.2 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتعكس هذه المبادلة توقعات المستثمرين بشأن التضخم خلال فترة الـ5 سنوات التي تبدأ بعد 5 سنوات من الآن.

لماذا يعدّ ذلك مهماً؟

يعدّ «البنك المركزي الأوروبي» محافظاً على تناغم دقيق مع توقعات التضخم لدى المستثمرين والأسر والشركات. ويعتقد كثير من خبراء الاقتصاد أن هذه التوقعات يمكن أن تتحول إلى نبوءة تحقق ذاتها، حيث يزيد المستهلكون من إنفاقهم الآن لتجنب ارتفاع الأسعار في المستقبل أو العكس. في عام 2014، أشار رئيس «البنك المركزي الأوروبي» السابق، ماريو دراغي، إلى مبادلة التضخم لمدة 5 سنوات، التي كانت آنذاك أقل قليلاً من اثنين في المائة، بوصف الأمر مقلقاً لـ«البنك المركزي». ومنذ عام 2022، كان «المركزي الأوروبي» يواجه خطر الانكماش بوصفه مصدر قلق رئيسياً.

ومن المرجح أن يعزز هذا الانخفاض الأخير من التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة من قبل «المركزي الأوروبي».

وانخفض التضخم في منطقة اليورو من أعلى مستوى قياسي بلغ 10.6 في المائة خلال أكتوبر 2022، إلى 1.7 في المائة خلال سبتمبر من هذا العام، قبل أن يرتفع مجدداً إلى اثنين في المائة خلال أكتوبر الماضي. ومن المتوقع إصدار بيانات نوفمبر (تشرين الثاني) يوم الجمعة المقبل. ووفقاً للمحللين، فقد ساهمت عوامل عدة في تهدئة نمو الأسعار، مثل تطبيع سلاسل التوريد التي تأثرت بجائحة «كوفيد19»، وانخفاض أسعار الطاقة بعد الحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى رفع أسعار الفائدة من قبل «البنك المركزي».

كما أظهرت بيانات مسح يوم الجمعة أن نشاط الأعمال في منطقة اليورو تراجع بشكل حاد في نوفمبر الحالي أكثر مما كان متوقعاً، مما زاد من المخاوف بشأن ضعف النمو بالمنطقة.

في هذا السياق، قال كبير خبراء الاقتصاد في «البنك المركزي الأوروبي»، فيليب لين، يوم الاثنين، إن التضخم قد ينخفض إلى ما دون الهدف في حال استمر النمو الضعيف. وأشار لين، في تصريحات نقلتها صحيفة «ليزيكو» الفرنسية، إلى أنه «ينبغي ألا تظل السياسة النقدية مقيدة لفترة طويلة، وإلا فإن الاقتصاد لن ينمو بالقدر الكافي، وأعتقد أن التضخم سيهبط إلى ما دون الهدف».