20 ألف منزل عربي في القدس على قائمة الهدم بحجة البناء دون ترخيص

«الخارجية» الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي بالتصدي لعمليات الاستيطان

20 ألف منزل عربي في القدس على قائمة الهدم بحجة البناء دون ترخيص
TT

20 ألف منزل عربي في القدس على قائمة الهدم بحجة البناء دون ترخيص

20 ألف منزل عربي في القدس على قائمة الهدم بحجة البناء دون ترخيص

لم يكد يتمتع أحمد العباسي وعائلته بمنزلهم الجديد في القدس، حتى هدمته جرافات تابعة لبلدية الاحتلال دون سابق إنذار، فسوت حجارته بالأرض وحولته إلى ركام، بحجة البناء دون ترخيص، وهي الذريعة التي تعد في القدس رأس حربة الحرب التي تشنها إسرائيل على منازل العرب هناك، فيما تعزز في المقابل الوجود الاستيطاني هناك، بهدف تغيير الواقع الديمغرافي في المدينة المقدسة، وهو ما دفع وزارة الخارجية الفلسطينية أمس، إلى مطالبة المجتمع الدولي وفي مقدمته «الرباعية الدولية»، والدول الأعضاء في مجلس الأمن، بالتصدي السريع لعمليات نهب أرض دولة فلسطين.
وفوجئ العباسي بآليات إسرائيلية ضخمة تحاصر منزله مع وحدة من عناصر الجيش الإسرائيلي، قبل أن يتلقى بلاغا بإخلاء المنزل الذي شيد قبل أشهر قليلة فقط على مساحة 200 متر مربع في منطقة قريبة من المسجد الأقصى. وقال العباسي للصحافيين إنه أصبح مع 14 من أفراد أسرته خارج المنزل بالقوة قبل أن تهدمه الجرافات، وتكبده خسائر قيمتها 200 ألف دولار. وأضاف موضحا: «لقد حاولت الحصول على رخصة بناء، لكن البلدية لم تمنحني إياها كالعادة».
وهدم منزل العباسي، فيما كان مستوطنون يحاولون الاستيلاء على منزل عربي في عقبة الخالدية في البلدة القديمة. وبهذا الخصوص، قال «رأفت صب لبن»، إن أحد المستوطنين حاول اقتحام المنزل تحت تهديد موظف رسمي كان برفقته، وطالب بإخلاء المنزل خلال أسبوع واحد فقط. وتقول جمعية «عطيرت كوهنيم» الاستيطانية إن المنزل غير مستخدم، لكن «صب لبن»، يقول إن عائلته تستأجره منذ سنوات طويلة جدا.
واللافت في حالتي العباسي و«صب لبن»، أن قضيتهما ما زالت معروضة على المحاكم الإسرائيلية، لكن هدم منزل الأول ومحاولة السيطرة على منزل الثاني، تم دون انتظار القرارات النهائية للاستئناف. ويندرج ما حدث مع العباسي و«صب لبن» على معظم الفلسطينيين العرب المقيمين في القدس؛ إذ تشن إسرائيل حربا بلا هوادة على الوجود العربي في المدينة، وتستخدم سياسة عدم إعطاء التراخيص وهدم المنازل، والسيطرة عليها، وسيلة ضغط لتهجير المقدسيين من بين وسائل أخرى مختلفة.
وقال زياد الحموري، مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، إن إسرائيل تستخدم قانون عدم وجود ترخيص أداة من أدوات الحرب على الوجود الفلسطيني، موضحا أن عددا كبيرا من الفلسطينيين لا يستطيعون استيفاء الإجراءات الصعبة والمعقدة والمبالغ بها التي تطلبها بلدية الاحتلال، مقابل منحهم رخص البناء.
وأضاف الحموري لـ«الشرق الأوسط» أن «المطالب الإسرائيلية التي تطلب من العرب لا يمكن تحقيقها لا ماليا ولا إجرائيا، ذلك أن الترخيص يحتاج من 5 إلى 8 أعوام، وكل رخصة تكلفنا من 30 إلى 50 ألف دولار.. وهذه الصعوبات تجبر الناس على البناء دون ترخيص.. والأسر تتمدد ولا تستطيع الانتظار».
ولا تنطبق هذه الإجراءات على اليهود بطبيعة الحال؛ إذ يجد كثير منهم الشقق جاهزة في المستوطنات، ويمنحون إعفاءات ضريبية متواصلة. وفي هذا الشأن، قال الحموري إن «القضايا التي تجعل الفلسطينيين يعانون تكون محفزا للمستوطنين بالعادة».
ومنذ سنوات طويلة هدمت إسرائيل مئات المنازل في القدس، لكن الرقم الذي تحدث عنه الحموري بدا كبيرا ومفاجئا، إذا قال إن هناك 20 ألف أمر بهدم منازل عربية جاهزة، بحسب معلومات إسرائيلية دقيقة. وأردف: «هذا يدلل على كيفية استخدام إسرائيل لحجة التراخيص أداة للتخلص من العرب».
وإضافة إلى ذلك، تستخدم إسرائيل في حربها على الوجود الفلسطيني أدوات مختلفة، أهمها الحرب الاقتصادية؛ إذ تثقل كاهل المواطن العربي بضرائب متنوعة.
وطالبت وزارة الخارجية الفلسطينية أمس، المجتمع الدولي؛ وفي مقدمته «الرباعية الدولية»، والدول الأعضاء في مجلس الأمن، بالتصدي السريع لعمليات نهب أرض دولة فلسطين ومصادرتها وتهويد أجزاء واسعة منها، بما فيها القدس الشرقية، سواء من خلال قرارات ومخططات إسرائيلية رسمية، أو من خلال عمليات تزييف الأوراق الثبوتية لملكيتها، التي تقوم بها جمعيات استيطانية متخصصة في هذه اللصوصية والقرصنة تحت سمع وبصر الحكومة الإسرائيلية وأذرعها المختلفة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».