«الجانب الآخر»... استعادة الطفولة على إيقاع الفانتازيا

معرض لفنان مصري ينتزع البهجة من عيون «المهرج»

TT

«الجانب الآخر»... استعادة الطفولة على إيقاع الفانتازيا

أطفال يحلقون في السماء بأقدام حافية... هم ليسوا ملائكة أو كائنات خارقة، بل حلم جميل وتوق مختزن بداخلنا للتحرر والانطلاق... ولكن مهلاً، هم ليسوا كأي أطفال، فملابسهم رغم طابعها المبهج وألوانها الساخنة؛ أو ما يطلق عليها الخيال الشعبي المصري «الفاقعة»، تشبه ملابس المهرجين في السيرك أو «البلياتشو» في الحفلات التي يعدّها الأهل للصغار، فإنها لا تحمل نظرات هذه الكائنات الوديعة ولامبالاة الطفولة؛ بل قلق الكبار وترقب من عانوا تجارب مؤلمة فباتوا لا يبدون ثقة بما حولهم.
هذا معرض مختلف بحق؛ فأنت لا تنهي مطالعتك لوحاته مغادراً غاليري «zagpick» بحي الشيخ زايد في محافظة الجيزة، إلا وأنت في حالة شعورية ومزاجية مختلفة تماماً عمّا كنته قبل أن تدلف إلى القاعة.
إنها انطباعات أولى يستغرق فيها المتلقي وهو يتأمل واحداً من الأعمال المعروضة في هذا المعرض الذي يحمل عنوان: «الجانب الآخر» للفنان التشكيلي المصري شعبان الحسيني، والذي يستمر حتى 30 مارس (آذار) الحالي، ويضم 25 لوحة. فما الذي يريد الفنان أن يعبر عنه هنا بالضبط، وما دلالة اختياره هذا العنوان المليء بالإيحاءات؟
يجيب الحسيني قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «هناك دائماً جانب آخر لكل شيء، فعلى سبيل المثال؛ يبدو الواقع بالنسبة لنا مألوفاً للغاية، ونحن نتعايش معه بشكل يومي، ولكن هذا الواقع ليس كل شيء، فهناك جانب آخر خفي يبدو محملاً بالأسرار والخفايا، وهو ما حاولت التعبير عنه في لوحات المعرض قدر المستطاع». ويضيف: «هناك دائماً مسافة بين ما نراه وبين ما هو خفي أو محتجب خلف السطح الخادع للواقع، وفي تلك المساحة الوسطى أو المنطقة الرمادية ذات الظلال الكثيفة، أرسم شخصياتي وأمنحها وجوداً مختلفاً انطلاقاً من المثل الإنجليزي الذي يقول: (العشب يبدو أشد اخضراراً على الجانب الآخر من السياج)».
تتعدد شخصيات المعرض؛ فهي لا تقتصر على الأطفال والمراهقين، وإنما تمتد إلى شخصية «المهرج» التي تبدو مثل «ثيمة» تستهوي الفنان؛ فقرر أن يشتغل عليها في أكثر من عمل، واللافت أن المهرج الذي يرمز للبهجة حيث يفترض أن يكون مصدر السعادة لدى جمهوره من الصغار والكبار على حد سواء، يأتي هنا وفق رؤية مختلفة تماماً: «وجهه شاحب، ونظراته زائغة، وعيونه لا تعرف البهجة، بل يثقلها الخوف، أو في أحسن الأحوال الشجن. وإذا كان فاقد الشيء لا يعطيه، كما تقول الحكمة المستوحاة من خبرات الحياة العملية، فهل يحق لنا أن نتساءل عمّا إذا كان المهرج استطاع كسر تلك القاعدة ليمنحنا بهجة يفتقدها وحساً هائلاً بالفرحة رغم أنه مسكون بالهواجس والقلق والارتياب؟».
ويبدو أن تلك المفارقة استوقفت البيان الصادر عن إدارة غاليري «zagpick» حيث أشاد بالمعالجة اللونية المبهجة لشخصيات المعرض، لا سيما شخصية المهرج، فجاءت مفعمة بالحياة، إلا إنها في الوقت نفسه «تجسد حالة من الحزن التي تطل من الأعين، وكذلك تعكس بمزيد من التدقيق وحدة الإنسان وبحثه عن الوَنَس والرفقة»؛ بحسب تعبير البيان.
نحن هنا أمام استعادة خاصة للطفولة على وقع الخيال الجامح حيناً أو «الفانتازيا» أحياناً أخرى، فالفنان ينطلق من الواقع ليقدمه في صورة جديدة غير مألوفة مستلهماً حكايات شعبية وفلكلوراً وأساطير، كما في لوحة «الفتاة المراهقة وشقيقتها الصغرى» وهما تمتطيان ظهر قطة تبدو مفعمة بالحياة تماماً، ولكنك حين تدقق في الصورة تجد أن القطة تتحرك بأربع عجلات صغيرة وليس بالقوائم المعتادة، كما تكتمل دائرة السخرية حين نراها ترتدي «الببيون» المميز لرجال الطبقة الأرستقراطية وهم بالملابس الرسمية.
ورغم حالة النضج الفني التي تبدو عليها لوحات المعرض وهي تخوض مثل تلك المغامرة الإبداعية، فإن هذا المعرض هو الثالث الفردي فقط في مسيرة شعبان الحسيني، المولود في عام 1971؛ حيث قدم معرضه الأول في 2018 بعنوان: «الحلم»، والثاني بعنوان: «فرق توقيت» في 2019. لكنه شارك في كثير من المعارض الجماعية على مدار 20 عاماً.



وسط انتشار حوادث الطيران... هل هناك مقاعد أكثر أماناً على متن الطائرة؟

يعتقد كثيرون أن الجلوس بمؤخرة الطائرة أكثر أماناً من الجلوس في المقدمة (رويترز)
يعتقد كثيرون أن الجلوس بمؤخرة الطائرة أكثر أماناً من الجلوس في المقدمة (رويترز)
TT

وسط انتشار حوادث الطيران... هل هناك مقاعد أكثر أماناً على متن الطائرة؟

يعتقد كثيرون أن الجلوس بمؤخرة الطائرة أكثر أماناً من الجلوس في المقدمة (رويترز)
يعتقد كثيرون أن الجلوس بمؤخرة الطائرة أكثر أماناً من الجلوس في المقدمة (رويترز)

شهد العالم، خلال الأسبوعين الماضيين، تحطم طائرتين؛ إحداهما تابعة للخطوط الجوية الأذربيجانية في كازاخستان، والأخرى تابعة لشركة «جيجو إير»، وهي أكبر شركة طيران منخفض التكلفة في كوريا الجنوبية.

وقُتل في الحادث الأول 38 شخصاً، ونجا 29 راكباً، في حين قُتل جميع ركاب طائرة «جيجو إير»، باستثناء اثنين.

وبعد هذين الحادثين، انتشرت التقارير المتعلقة بوجود أماكن معينة على متن الطائرة أكثر أماناً من غيرها.

فقد أكد كثيرون صحة المعتقد القديم بأن الجلوس في مؤخرة الطائرة أكثر أماناً من الجلوس في المقدمة، مشيرين إلى أن حطام طائرة الخطوط الجوية الأذربيجانية وطائرة «جيجو إير» يؤكد هذا.

فقد كان الناجون التسعة والعشرون من حادث تحطم الطائرة الأذربيجانية يجلسون جميعاً في مؤخرة الطائرة، التي انقسمت إلى نصفين، تاركة النصف الخلفي سليماً إلى حد كبير. وفي الوقت نفسه، كانت المضيفتان اللتان جلستا في مقعديهما القابلين للطي في ذيل الطائرة، هما الناجيتين الوحيدتين من حادث تحطم الطائرة الكورية الجنوبية.

فهل هذا المعتقد صحيح بالفعل؟

في عام 2015، كتب مراسلو مجلة «تايم» أنهم قاموا بفحص سجلات جميع حوادث تحطم الطائرات في الولايات المتحدة، سواء من حيث الوفيات أم الناجين من عام 1985 إلى عام 2000، ووجدوا، في تحليل تلوي، أن المقاعد في الثلث الخلفي من الطائرة كان معدل الوفيات فيها 32 في المائة بشكل عام، مقارنة بـ38 في المائة في الثلث الأمامي، و39 في المائة في الثلث الأوسط.

كما أشاروا إلى أن المقاعد الوسطى في الثلث الخلفي من المقصورة كانت هي الأفضل، بمعدل وفيات 28 في المائة. وكانت المقاعد «الأسوأ» هي تلك الواقعة على الممرات في الثلث الأوسط من الطائرة، بمعدل وفيات 44 ف المائة.

إلا أنه، وفقاً لخبراء سلامة الطيران فهذا الأمر ليس مضموناً في العموم.

ويقول حسن شهيدي، رئيس مؤسسة سلامة الطيران، لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «لا توجد أي بيانات تُظهر ارتباطاً بين مكان الجلوس على متن الطائرة والقدرة على البقاء على قيد الحياة. كل حادث يختلف عن الآخر».

من جهته، يقول تشنغ لونغ وو، الأستاذ المساعد في كلية الطيران بجامعة نيو ساوث ويلز في سيدني: «إذا كنا نتحدث عن حادث تحطم مميت، فلن يكون هناك أي فرق تقريباً في مكان الجلوس».

أما إد غاليا، أستاذ هندسة السلامة من الحرائق في جامعة غرينتش بلندن، والذي أجرى دراسات بارزة حول عمليات إخلاء حوادث تحطم الطائرات، فقد حذر من أنه «لا يوجد مقعد سحري أكثر أماناً من غيره».

ويضيف: «يعتمد الأمر على طبيعة الحادث الذي تتعرض له. في بعض الأحيان يكون المقعد الأمامي أفضل، وأحياناً أخرى يكون الخلفي آمن كثيراً».

ويرى مختصون أن للمسافر دوراً في تعزيز فرص نجاته من الحوادث عبر عدة طرق، من بينها الإنصات جيداً إلى تعليمات السلامة، وقراءة كتيب تعليمات الأمان المتوفر بجيب المقعد أمامك، ودراسة مخارج الطوارئ جيداً، وتحديد الأقرب إليك، وتجنب شركات طيران ذات سجل السلامة غير الجيد.