الفلسطينيون يتهمون إسرائيل بإعدام متظاهر سلمي

مستوطنون غاضبون من الجيش ينتقمون في قرية عربية

تشييع فلسطيني قتل برصاص الجيش الإسرائيلي في قرية بيت دجن بالضفة أمس (أ.ف.ب)
تشييع فلسطيني قتل برصاص الجيش الإسرائيلي في قرية بيت دجن بالضفة أمس (أ.ف.ب)
TT

الفلسطينيون يتهمون إسرائيل بإعدام متظاهر سلمي

تشييع فلسطيني قتل برصاص الجيش الإسرائيلي في قرية بيت دجن بالضفة أمس (أ.ف.ب)
تشييع فلسطيني قتل برصاص الجيش الإسرائيلي في قرية بيت دجن بالضفة أمس (أ.ف.ب)

على أثر استشهاد عاطف يوسف حنايشة (45 عاماً)، برصاص جندي الاحتلال، خلال مشاركته في مسيرة سلمية ضد الاستيطان، بعد صلاة الجمعة أمس، أدانت وزارة الخارجية والمغتربين في الحكومة الفلسطينية في رام الله، بأشد العبارات، هذه الجريمة واتهمت الجيش الإسرائيلي بإعدام ميداني لمواطن مسالم.
وكانت الضفة الغربية والقدس الشرقية قد شهدتا، أمس، وكما في كل يوم جمعة، صدامات عديدة بسبب إصرار الجيش الإسرائيلي على محاربة تقليد «المسيرة السلمية الأسبوعية»، فقمع كل المسيرات. وأسهم المستوطنون اليهود بقسطهم، وهذه المرة في قرية بيت إكسا، شمال غربي القدس الشرقية المحتلة. فقد أقدم المستوطنون في ساعات الفجر الأولى على اقتحام القرية وإحراق سيارتين وخط شعارات عنصرية على الجدران. وفي التحقيق الأولي للشرطة، تبين أن المستوطنين يحتجون بذلك على قيام الشرطة الإسرائيلية بقتل فتى من صفوفهم قبل شهرين. وقد اختاروا هذه البلدة التي عزلتها سلطات الاحتلال عن محيطها العربي الفلسطيني بجدار عازل، علماً بأن هذا رابع اعتداء ينفذه المستوطنون عليها.
وفي قرية بيت دجن شرق نابلس، هاجم جنود الاحتلال، المشاركين في المسيرة التي خرجت عقب صلاة الجمعة إلى المنطقة الشرقية المهددة بالاستيلاء لصالح الاستيطان، بإطلاق قنابل الغاز، ورد المواطنون بقذف الحجارة، فأقدم الجنود على استخدام الرصاص الحي، ما أدى لإصابة المواطن حنايشة في رأسه. وبحسب جمعية الهلال الأحمر، فإن الشهيد أُصيب بداية بالرصاص في وجهه، لكن اتضح أن إصابته بليغة، وأن هناك رصاصة اخترقت جمجمته. وقد حمّلت وزارة الخارجية الفلسطينية، في بيان لها، أمس، الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الجريمة، وطالبت شهود العيان والمنظمات الحقوقية والإنسانية بتوثيق تفاصيلها، توطئة لرفعها إلى الجنائية الدولية والمحاكم الوطنية المختصة، والمنظمات والمجالس الأممية ذات الصلة.
وفي خان اللبن الشرقية، جنوبي نابلس، أصيب عدد من المواطنين بحالات اختناق وكدمات، جراء اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي عليهم خلال تصديهم لاقتحام المستوطنين. وأفاد شهود عيان بأن عشرات المستوطنين اقتحموا الخان بحماية قوات كبيرة من جيش وشرطة الاحتلال، التي أعلنت المنطقة «منطقة عسكرية مغلقة»، وأغلقت جميع الطرق المؤدية إليها، لمنع الأهالي من الوصول للمكان. ولكن الأهالي هبوا للمكان للتصدي للمستوطنين، فأطلقت قوات الاحتلال صوبهم قنابل الغاز المسيل للدموع، واعتدت عليهم بالضرب، ما أدى لإصابة عدد منهم برضوض وحالات اختناق.
وخلال مسيرة كفر قدوم السلمية الأسبوعية المناهضة للاستيطان، والمطالبة بفتح شارع القرية المغلق منذ أكثر من 17 عاماً، أصيب عشرات المواطنين بالاختناق، من جراء قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي. وأفاد منسق المقاومة الشعبية في القرية مراد شتيوي، بأن جنود الاحتلال اعتدوا على المشاركين في المسيرة بعد انطلاقها من مسجد عمر بن الخطاب، بقنابل الغاز المسيل للدموع، والصوت، والأعيرة «الإسفنجية»، ما أدى لإصابة العشرات بحالات اختناق، جرى علاجهم ميدانياً.
وفي جنوب الخليل، قمعت قوات الاحتلال، وقفة تضامنية مع أهالي منطقة عين البيضا المهددة بالاستيلاء عليها، جنوب شرقي يطا جنوب الخليل. فقد أدى العشرات من المواطنين والأهالي صلاة الجمعة على أراضي عين البيضا، تضامناً مع أصحابها، وعقب الصلاة، نظموا مسيرة تضامنية رفع خلالها المشاركون العلم الفلسطيني، ورددوا العبارات الداعية إلى إنهاء الاحتلال ووقف سياسة التطهير العرقي التي ينتهجها بحق أهالي المسافر، لصالح التوسع الاستيطاني. وشارك في الفعالية، التي دعا إليها أهالي المنطقة ونشطاء فلسطينيون، عدد من المتضامنين الأجانب ونشطاء السلام الدوليين، إلى جانب عشرات المواطنين وأصحاب الأراضي المهددة بالاستيلاء عليها. واعتدى جنود الاحتلال على المشاركين في المسيرة بالضرب بأعقاب البنادق، كما هاجمتهم مجموعة من المستوطنين.
وفي منطقة جنين، أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، المدخل الرئيسي لقرية طورة بمنطقة يعبد. وأفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال نصبت حاجزاً عسكرياً على مدخل القرية، ومنعت الأهالي من الدخول إليها أو الخروج منها.
وفي القدس، شارك المئات في مظاهرة ضد الاستيطان وطرد السكان في الشيخ جراح شمال القدس المحتلة، وأطلقوا نداء خلالها طالبوا فيه بإنقاذ الحي. ودعا المشاركون في المسيرة، العالم إلى التدخل الفوري من أجل إنقاذ المنازل المهددة بالإخلاء، التي يتجاوز عدد سكانها 500 مقدسي، ويشعرون بأنهم يواجهون خطر نكبة جديدة. وقد توجهت محافظة القدس إلى المؤسسات والمنظمات والهيئات الدولية ودول العالم بضرورة الإسراع باتخاذ موقف واضح وصريح وضاغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي حيال طرد وهدم منازل المقدسيين في حي الشيخ جراح والبستان وبطن الهوى في بلدة سلوان. وأشارت المحافظة، في بيان صدر عنها، إلى أن 28 عائلة مهددة بالإجلاء القسري منها 7 عائلات صدر بحقها قرار بالإجلاء الفوري في حي الشيخ جراح، وأن المصير ذاته يواجه 7 عائلات من أصل 87 عائلة مهددة بالإجلاء القسري في حي بطن الهوى ببلدة سلوان، لافتة إلى رفض الاحتلال جميع اقتراحات المخططات الهيكلية المقدمة لحي البستان، الأمر الذي يهدد بهدم 119 منزلاً، 7 منها بشكل فوري.
وأكدت المحافظة أن هذه العائلات هي ضحية لسياسات إسرائيلية منهجية تهدف إلى التهجير القسري للسكان الفلسطينيين من مدينة القدس، كشكل من أشكال التطهير العرقي، التي ترتقي لمستوى جرائم حرب.
يذكر أن نحو 30 ألف مواطن أدوا صلاة الجمعة في رحاب المسجد الأقصى المبارك، رغم مضايقات الاحتلال الإسرائيلي بنصب الحواجز والتفتيش.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.