الجزائر: انضمام «معطوبي الجيش» إلى المظاهرات الأسبوعية

الزلزال لم يمنع القبائل الصغرى من تنظيم «حراكها»

جانب من الاحتجاجات في العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
جانب من الاحتجاجات في العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
TT

الجزائر: انضمام «معطوبي الجيش» إلى المظاهرات الأسبوعية

جانب من الاحتجاجات في العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
جانب من الاحتجاجات في العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)

انضمت أمس مجموعات من معطوبي الجيش الجزائري إلى مظاهرات الحراك الأسبوعية بالعاصمة، وانغمسوا وسط الحشود مرددين شعارات داعية إلى «تغيير النظام»، وأخرى منددة بـ«تغول السلطة». ولم يمنع الزلزال الذي ضرب الخميس بجاية (القبائل الصغرى) سكانها من الاحتجاج في الشارع، كما جرت العادة كل جمعة، مطالبين السلطة بالرحيل بحجة أنها «عاجزة عن حل مشاكل المواطنين».
والتحق المئات من المحتجين بفضاءات الحراك، التي شهدت قبل أكثر من عامين اندلاع مظاهرات ضد ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة. وأبرزها ساحة «موريس أودان»، التي استعدت أمس لاستقبال نصب المناضل الفرنسي الشيوعي الشاب الذي تحمل اسمه، والذي اختطفته مخابرات الجيش الاستعماري في يونيو (حزيران) 1957 وقتلته انتقاماً منه بسبب نضاله من أجل استقلال الجزائر، وعمره لم يتجاوز 25 عاماً يومها.
ولفت تواجد معطوبي الجيش، الذين فقدوا أعضاء وأصيبوا بتشوهات في فترة الاقتتال الدامي مع الإرهاب، وسط المتظاهرين. وهم يخوضون منذ سنين، صراعاً حاداً مع وزارة الدفاع لإجبارها على رفع مداخيلهم التي يعتبرونها «بائسة قياساً إلى تضحياتنا للحفاظ على الجمهورية».
كما سار المئات في مربعات بشرية، بشارع «ديدوش مراد» المحاذي لساحة أودان. وقد وضعت قوات الأمن حاجزاً في جزئه العلوي، حتى لا يصل المتظاهرون إلى «ساحة أديس أبابا»، ومنها إلى قصر الرئاسة ومبنى وزارة الخارجية. كما تم وقف الحركة باتجاه قصر الحكومة، مخافة استهدافه من طرف المتظاهرين، وخاصة مشجعي نوادي كرة القدم العاصمية الذين يصلون عادة بأعداد كبيرة إلى «ساحات الحراك الشعبي»، بعد ساعة من نهاية صلاة الجمعة، قادمين من الأحياء الشعبية المجاورة التي يعشش فيها التذمر من سوء المعيشة، وتفشي البطالة وارتفاع معدلات الجريمة، وهذا منذ عشرات السنين. وتعد هذه الأحياء بمثابة قنبلة موقوتة تحسب لها الحكومة ألف حساب، وهي مركز ثقل بشري كبير، وأهمها براقي وباش جراح وحي الجبل وأهلها كانوا في الصفوف الأولى للمظاهرات عندما اندلعت يوم 22 فبراير (شباط) 2019.
وصرخت الحناجر كالعادة رافضة «دولة عسكرية» وملحة على «دولة مدنية». ونال الرئيس عبد المجيد تبون نصيبه من التهجم، وكتب على أحد الشعارات أن انتخابات الرئاسة التي جاءت به إلى الحكم، بنهاية 2019 «كانت مزورة». كما جاء في شعارات أن انتخابات البرلمان المقررة في 12 يونيو (حزيران) المقبل، مرفوضة على أساس أن «نتيجتها محسومة سلفا كما وقع في 2017»، عندما شهد الاستحقاق التشريعي تزويراً مفضوحاً، أفرز أغلبية موالية للرئيس السابق مررت أغلب مشروعاته وصادقت على سياسات كانت سبباً في انتشار غير مسبوق للفساد. ويشهد على ذلك، سجن رئيسي وزراء وعشرات الوزراء، وأبرز رجال الأعمال الموالين لبوتفليقة.
وخرج سكان بجاية (250 كلم شرق العاصمة) إلى شوارعها الرئيسية، منددين بـ«جنرالات الفساد». وسمعت شعارات قوية تعد علامة مسجلة لدى سكان القبائل الأمازيغ، وهي «سلطة مجرمة... سلطة مجرمة». وزاد الزلزال الذي ضرب بجاية فجر الخميس، من حالة الاحتقان ضد الحكومة وبدا ذلك جلياً على ألسنة المتظاهرين. وأكد علي بوشريط، وهو مدرس لغة إنجليزية من مدينة خراطة المجاورة، في اتصال هاتفي معه: «خرجنا من مدينتنا صباحاً باتجاه وسط بجاية، وكنا حوالي 20 شخصاً لما التحقنا بالمظاهرات، وهذا دأبنا منذ عامين. وحتى عندما كانت المظاهرات معلقة (بسبب وباء كورونا)، كنا نلتقي كمناضلين من أجل الحرية في المنصات الرقمية الاجتماعية، لبحث مستقبل الحراك والحفاظ على وهجه. وقد راهنت السلطة على إنطفائه ولم تكن تتوقع عودته بهذه القوة».
وخلف الزلزال الذي بلغت قوته 5.9 على مقياس ريختر، إصابة عدد قليل من سكان بجاية بجروح خفيفة. وتسبب في انهيار مبان التي تعود إلى عهد الاستعمار.
وقال المرصد الأميركي للزلازل إن الهزة وقعت على بعد 20 كيلومتراً شمال شرقي مدينة بجاية، على عمق 10 كيلومترات. وأضاف أن سكان بجاية – البالغ عددهم نحو 164 ألف نسمة - شعروا بهزة متوسطة.
وأوضح بيان للدفاع المدني الجزائري أن سكان 12 ولاية جزائرية أحسوا بالزلزال أيضاً، بعضها يقع على بعد مئات الكيلومترات من بجاية، وكذلك أحست به الدول المجاورة كإيطاليا وإسبانيا وتونس. كما أن زلزالاً آخر بقوة 4.5 درجات على نفس المقياس ضرب مدينة سكيكدة (500 كلم شمال شرقي الجزائر) ليل الخميس.
وسمع وزراء الداخلية والسكن والتضامن، عندما نزلوا إلى بجاية الخميس، انتقادات شديدة من طرف مواطنين مذعورين من الزلزال. وأبلغوهم سخطهم من «انتشار الفساد الإداري» ومن تعطيل مشروعات اقتصادية بمنطقتهم تابعة لرجال أعمال، مستقلين عن السلطة، حسب ما قالوا.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.