السعودية: لا تأثير على إمدادات النفط جراء تعرض مصفاة الرياض لاعتداء بطائرات مسيّرة

مصدر مسؤول: المستهدف أسواق الطاقة العالمية... ومختصون يؤكدون أن المملكة صمام أمان للأسواق

مصفاة النفط بالرياض تعرضت لاعتداء بطائرات مسيرة تمت السيطرة عليه أمس (الشرق الأوسط)
مصفاة النفط بالرياض تعرضت لاعتداء بطائرات مسيرة تمت السيطرة عليه أمس (الشرق الأوسط)
TT

السعودية: لا تأثير على إمدادات النفط جراء تعرض مصفاة الرياض لاعتداء بطائرات مسيّرة

مصفاة النفط بالرياض تعرضت لاعتداء بطائرات مسيرة تمت السيطرة عليه أمس (الشرق الأوسط)
مصفاة النفط بالرياض تعرضت لاعتداء بطائرات مسيرة تمت السيطرة عليه أمس (الشرق الأوسط)

أكدت السعودية، أمس، أن إمدادات النفط ومشتقاته لن تتأثر جراء ما تعرضت له مصفاة تكرير النفط في العاصمة السعودية الرياض من اعتداء بطائرات مسيرة تسبب في حريق جرى التعامل معه والسيطرة عليه. ويأتي هذا التأكيد بعد أقل من أسبوعين من تعرض ساحات الخزانات النفطية في ميناء رأس تنورة، أحد أكبر موانئ شحن النفط في العالم (شرق السعودية)، لهجوم بطائرة مُسيرة دون طيار آتية من جهة البحر. وأكد حينها مصدر مسؤول في وزارة الطاقة أن هذه الأعمال لا تستهدف السعودية، وإنما تستهدف أمن واستقرار إمدادات الطاقة في العالم والاقتصاد العالمي. واستبعد المختصون أي تأثيرات مباشرة على الأسواق العالمية جراء هذه العملية، أو نقص في الإمدادات، موضحين أن هناك تأثيرات، ولكن غير مباشرة، يتحسسها الاقتصاد العالمي في الأيام المقبلة باستهداف أكبر الدول المصدرة للنفط، ويتطلب معها تحرك دولي لوقف مثل هذه الأعمال العدوانية.

- الإمدادات مستمرة
وصرح مصدر مسؤول في وزارة الطاقة بأنه «عند الساعة السادسة وخمس دقائق من صباح اليوم، تعرضت مصفاة تكرير البترول في الرياض لاعتداءٍ بطائراتٍ مُسيرةٍ. ونجم عن الهجوم حريق تمت السيطرة عليه، ولم تترتب على الاعتداء -ولله الحمد- إصابات أو وفيات. كما لم تتأثر إمدادات النفط ومشتقاته».
وأكد المصدر، وفق وكالة (واس) أمس، أن المملكة تُدين بشدة هذا الاعتداء الجبان، وتؤكد أن الأعمال الإرهابية والتخريبية التي تكرر ارتكابها ضد المنشآت الحيوية والأعيان المدنية، والتي كان آخرها محاولة استهداف مصفاة رأس تنورة والحي السكني التابع لـ«أرامكو السعودية» في الظهران، لا تستهدف المملكة وحدها، وإنما تستهدف -بشكلٍ أوسع- أمن واستقرار إمدادات الطاقة في العالم، والاقتصاد العالمي كذلك. وجدد المصدر دعوة دول العالم ومنظماته للوقوف ضد هذه الاعتداءات الإرهابية والتخريبية، والتصدي لجميع الجهات التي تنفذها أو تدعمها.

- مصفاة الرياض
ويعد موقع مصفاة تكرير البترول في الرياض مهماً، كونه ضمن المصافي القلائل على مستوى العالم التي لا تطل على مصدر مائي، وتنتج احتياجها من المياه المقدر بنحو 15 ألف برميل يومياً من خلال معالجة مياه الصرف الصحي، في حين تحتضن المصفاة وحدة للتجزئة الهيدروجينية بطاقة 30 ألف برميل، ووحدة تهذيب بالوسيط الكيميائي للتحويل إلى منتجات مزج البنزين.
وتساهم مصفاة الرياض في دعم الطاقة التكريرية التي أضافت 1.2 مليون برميل للطاقة التكريرية خلال 3 سنوات، لتفي بالمتطلبات الزائدة على المنتجات المكررة، فيما نجحت المصفاة في وقت سابق برفع طاقتها التكريرية البالغة 130 ألف برميل من النفط الخام في اليوم، وإنتاجها من المشتقات البترولية لتبلغ نحو 100 مليون برميل، وتشمل غاز البترول المسال بطاقة 15 مليون برميل سنوياً. وبالعودة إلى مصفاة الرياض، فهي تنتج قرابة 22 مليون برميل سنوياً من الديزل، فيما تقدر طاقة البنزين 16 مليون برميل، ووقود الطائرات بطاقة 5 ملايين برميل، وغاز الطبخ بطاقة مليوني برميل، وهو ما يكفي لمليون أسرة، والإسفلت بطاقة 7 ملايين برميل سنوياً تكفي لإنشاء 650 طريقاً سريعاً.

- صمام الأمان
وهنا، قال الدكتور راشد أبانمي، الخبير في النفط، لـ«الشرق الأوسط» إن استهدف مصفاة تكرير الرياض تكون تأثيراتها غير مباشرة على الأسواق العالمية، موضحاً أن استهداف ساحات الخزانات النفطية بميناء رأس تنورة، أحد أكبر موانئ شحن النفط، هي رسالة مباشرة للأسواق العالمية، وقد أحدث نوعاً من الاضطراب في الأسواق العالمية، وكان هناك خشية من أن يحدث نقص في الإمدادات حينها.
وأشار الخبير النفطي أبانمي إلى أنه لا بد من وضع هذه الأعمال في سياق ما يحدث في العالم وفي المنطقة، حيث الترقب الدولي للخطوات المقبلة لرئيس الولايات المتحدة الأميركية، والخلافات الاقتصادية الدولية، والمخاض الذي تمر به منطقة الشرق الأوسط، لنصل بعد ذلك إلى الرسالة من هذه الأعمال، وأنها ربما تأتي في سياق ضغوط للدخول في اتفاقيات بطريقة أو أخرى مع إيران. ومن جانبه، يؤكد عبد الرحمن النمري، عضو جمعية الاقتصاد السعودية الشريك المؤسس لشركة «إجادة» لأعمال الطاقة، أن السعودية واثقة من مكانتها وموثوقية الإمدادات وبقاءها صمام أمان لأسواق النفط، مستطرداً في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «هجوم تلو الآخر على المنشآت النفطية السعودية بهدف التأثير على إمدادات النفط العالمية... بعيداً عن المجتمع الدولي الذي يغط في سبات عميق، ستبقى السعودية رمز موثوقية الإمدادات، وصمام أمان أسواق النفط... التاريخ يشهد بذلك».

- أسعار النفط
وعلى صعيد أسواق النفط، تفاعلت أسعار الخام المختلفة، على وقع تجدد الاعتداء على مصفاة نفط في السعودية، إذ بعد أن كانت متجهة للانخفاض بعد أداء قوي أول من أمس، أسهمت الأنباء أمس في عودة تفاعل الأسعار، حيث كان خام القياس برنت عند منتصف النهار قد تخطى سعر البرميل منه 64 دولاراً، قبل التراجع التدريجي، ثم العودة إلى سعر 64 دولاراً للبرميل. في المقابل، ارتفع سعر عقود نفط خام غرب تكساس الآجلة ليصل إلى 61 دولاراً للبرميل.

- محاولات مستمرة
وتشهد السعودية مؤخراً محاولات إرهابية عابثة لاستهداف المرافق الحساسة ومناطق منابع الطاقة، كان آخرها في الثامن من مارس (آذار) الحالي، حيث أعلنت وزارة الطاقة السعودية عن تعرض إحدى ساحات الخزانات النفطية في ميناء رأس تنورة (شرق السعودية) لهجومٍ بطائرة مُسيرة من دون طيار آتية من جهة البحر، موضحاً أنه لم ينتج عن محاولة استهداف الموقع الذي يُعد من أكبر موانئ شحن النفط في العالم أي إصابات أو خسائر في الأرواح أو الممتلكات، في الوقت الذي تعهدت فيه وزارة الدفاع السعودية بأنها ستتخذ الإجراءات اللازمة الرادعة لحماية مقدراتها ومكتسباتها الوطنية.
واندلعت المحاولات منذ سنتين، إذ شهدت السعودية خلال سبتمبر (أيلول) عام 2019 اعتداءات إرهابية في معامل خريص وبقيق (شرق البلاد)، نتج عنها حرائق تمت السيطرة عليها.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)

السعودية توسّع صفقاتها للمشاركة في سلاسل التوريد العالمية

تتجه السعودية إلى زيادة الوصول للمواد الأساسية، وتوفير التصنيع المحلي، وتعزيز الاستدامة، والمشاركة في سلاسل التوريد العالمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

خاص وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس.

سعيد الأبيض (جدة)
الاقتصاد جانب من العاصمة السعودية الرياض (واس)

صفقات «جسري» السعودية تتخطى 9.3 مليار دولار

أعلنت السعودية توقيع 9 صفقات استثمارية بقيمة تزيد على 35 مليار ريال (9.3 مليار دولار)، ضمن «المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية (جسري)».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)

مجلس الوزراء السعودي يقر ميزانية الدولة للعام المالي 2025

أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ميزانية العام المالي 2025، التي تتوقع إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال.


محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

TT

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)
ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)

قال الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، إن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة، وهو ينمو بوتيرة متسارعة ويوجد فرصاً غير مسبوقة، من خلال المحافظة على مستويات مستدامة من الدَّيْن العام واحتياطيات حكومية معتبرة، إضافةً إلى سياسة إنفاق مرنة تمكّنها من مواجهة التحديات والتقلبات في الاقتصاد العالمي.

وشدد ولي العهد، عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية العام المالي لعام 2025، على أن الإصلاحات المالية التي نفّذتها المملكة انعكست إيجابياً على تصنيفاتها الائتمانية؛ نتيجة تبني الحكومة سياسات مالية تسهم في المحافظة على الاستدامة المالية وكفاءة التخطيط المالي.

وأشار محمد بن سلمان إلى أن ميزانية العام المالي 2025 تؤكد استهداف حكومة المملكة الاستمرار في عملية تنفيذ الإصلاحات التنظيمية والهيكلية وتطوير السياسات الهادفة إلى الارتقاء بمستوى المعيشة وتمكين القطاع الخاص وبيئة الأعمال، والعمل على إعداد خطة سنوية للاقتراض وفق استراتيجية الدّيْن متوسطة المدى التي تهدف إلى الحفاظ على استدامة الدّيْن وتنويع مصادر التمويل بين محلية وخارجية والوصول إلى أسواق الدين العالمية.

ونوه بالدور المحوري للمملكة في دعم الاستقرار الاقتصادي والمالي إقليمياً وعالمياً، انطلاقاً من متانة اقتصادها القادر على تجاوز التحديات.

وأوضح أن الحكومة ملتزمة مواصلة دعم النمو الاقتصادي من خلال الإنفاق التحولي مع الحفاظ على الاستدامة المالية على المديين المتوسط والطويل، وتواصل الحكومة تعزيز دور القطاع الخاص وتمكينه ليصبح المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي من خلال توفير البيئة الاستثمارية المحفّزة، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتكوين قطاع عمل قوي وواعد يعزز قدرات الكوادر البشرية في المشاريع المختلفة، ويُمكّن الحكومة من مواصلة العمل على تعزيز نموها الاقتصادي بما يحقق للاقتصاد استدامةً مالية، واستمرارية المشاريع ذات العائدَين الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى مواصلة العمل على تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات المتعلقة بتطوير البنية التحتية، ورفع جودة الخدمات الأساسية المقدَّمة للمواطنين والمقيمين والزائرين.

وقال ولي العهد: «إن الاقتصاد السعودي جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، ويتأثر بالتطورات العالمية كأي اقتصاد آخر؛ وهذا ما يدعونا إلى مواصلة العمل على مواجهة أي تحديات أو متغيرات عالمية عبر التخطيط المالي طويل المدى للاستمرار على وتيرتنا المتصاعدة نحو تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات، مع الالتزام بكفاءة الإنفاق، والتنفيذ المتقن والشفاف لجميع البنود الواردة في الميزانية، وإتمام البرامج والمشاريع المخطط لها في برامج (رؤية السعودية 2030) والاستراتيجيات الوطنية والقطاعية».

وقال إن المؤشرات الإيجابية للاقتصاد السعودي تأتي امتداداً للإصلاحات المستمرة في المملكة في ظل "رؤية 2030"؛ إذ يقدر أن تسجل المملكة ثاني أسرع معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصادات الكبرى خلال العام القادم عند 4.6 في المائة، مدفوعة باستمرار ارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية والتي بلغت مستوى قياسياً جديداً لها خلال العام 2024 عند 52 في المائة، وانخفض معدل بطالة السعوديين إلى مستوى قياسي بلغ 7.1 في المائة حتى الربع الثاني وهو الأدنى تاريخياً، مقترباً من مستهدف 2030 عند 7 في المائة.

كما ارتفع معدل مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل ليصل إلى 35.4 في المائة حتى الربع الثاني متجاوزاً مستهدف الرؤية البالغ 30 في المائة، وبلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي 21.2 مليار ريال (5.6 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام الجاري، ويعكس ذلك اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بجميع فئات المجتمع.

ولفت ولي العهد إلى الدور المحوري لصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني والصناديق التنموية التابعة له في دعم الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة، كما يمثل الصندوقان قوة فاعلة لتنويع الاقتصاد والاستثمار في المملكة بما يحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030.

وأضاف: «إن المملكة تسير على نهجٍ واضح، وهدف حكومتها -بقيادة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين- في المقام الأول هو خدمة المواطنين والمقيمين، والمحافظة على مكتسباتنا التنموية، والاستمرار في أعمالنا الإنسانية في الداخل والخارج، التزاماً بتعاليم ديننا الحنيف، ومواصلة العمل بكل الموارد والطاقات لتحقيق أهدافنا، مستعينين بالله -عز وجل- ومتوكلين عليه، وواثقين بطاقات وقدرات أبناء وبنات هذه البلاد الذين تسابقوا على الابتكار والإنتاج والإسهام في تحقيق رؤيتنا للوصول إلى مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح».

كان مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد قد أقرَّ ميزانية العام المالي 2025، التي تتوقع إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال (315.7 مليار دولار)، ونفقات بقيمة 1.285 تريليون ريال (342.6 مليار دولار)، وعجزاً بقيمة 101 مليار ريال (26.9 مليار دولار) الذي يمثل انخفاضاً نسبته 14.4 في المائة عن العجز المتوقع لهذا العام.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن ولي العهد وجّه الوزراء والمسؤولين، كلاً فيما يخصه، بالالتزام بتنفيذ ما تضمنته الميزانية من برامج واستراتيجيات ومشاريع تنموية واجتماعية ضمن رحلة «رؤية 2030».

وتتوافق الأرقام مع البيان التمهيدي لميزانية العام المقبل الذي كان وزارة المالية قد أصدرته في سبتمبر (أيلول) الماضي.