السفير الفرنسي في اليمن: سقوط مأرب سيشكّل فاجعة سياسية وإنسانية

جان ماري صفا قال لـ«الشرق الأوسط» إن الحوثيين يعدون أنفسهم «الشعب والحكومة والدولة» ويهمّشون الآخرين

السفير الفرنسي لدى اليمن جان ماري صفا (تصوير: سعد العنزي)
السفير الفرنسي لدى اليمن جان ماري صفا (تصوير: سعد العنزي)
TT

السفير الفرنسي في اليمن: سقوط مأرب سيشكّل فاجعة سياسية وإنسانية

السفير الفرنسي لدى اليمن جان ماري صفا (تصوير: سعد العنزي)
السفير الفرنسي لدى اليمن جان ماري صفا (تصوير: سعد العنزي)

قال السفير الفرنسي في اليمن، جان ماري صفا، إن كل الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية تطالب بوقف شامل لإطلاق النار ومفاوضات سياسية، فيما يصر الحوثيون على الاستمرار في الحرب.
وأعرب السفير الفرنسي، الذي عين منذ نحو 6 أشهر، في حوار لـ«الشرق الأوسط»، عن اعتقاده بأن الحوثيين مصرون على فرض سيطرتهم على البلاد بالقوة، مبيناً أنهم يهمِّشون كل من لا يفكر مثلهم، وطالبهم بألا يضيِّعوا الفرصة وأن يتجاوبوا مع الجهود الدّولية، ولا سيّما جهود المبعوث الأممي إلى اليمن.
ويؤكد السفير جان ماري صفا، الذي التقى عبد الملك الحوثي في 2012، إبّان عمله نائباً لسفير بعثة الاتحاد الأوروبي في اليمن، أن الحوثيين يعتبرون أنفسهم «الشعب والحكومة والدولة»، غير أنهم لا يشكّلون سوى جزء من الشعب. وتطرق السفير الفرنسي كذلك إلى خزّان صافر العائم، وقضية الجنوب، ورفع الحوثيين من قائمة الإرهاب.
> مرحباً سعادة السفير، بداية كيف تتابعون الوضع الحالي في اليمن؟
- منذ وصولي إلى الرياض في 18 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأنا أكثف اتصالاتي لكي أستمع إلى جميع الأطراف ولكي أتمكن من فهم الوضع من دون تحامل. وتلعب فرنسا هنا دورًا خاصًا كونها الدولة الوحيدة العضو الدائم في مجلس الأمن وعضوا في الاتحاد الأوروبي في آن معًا. كما أن فرنسا عضو منتخب في مجلس حقوق الإنسان لفترة 2021 - 2023.
من الضروري، لا سيما في هذه المرحلة الحازمة من الأزمة، أن تعمل كل الأطراف اليمنية معًا لإعادة بناء الدولة ولإحلال السلام. على كل طرف أن يجد مكانه وأن يساهم في هذه العملية مع دعم المجتمع الدولي.
ومع ذلك، يبدو اليوم أن الحوثيين هم الطرف الوحيد المصر على الاستمرار في هذه الحرب: فكل الأطراف اليمنية الأخرى والأطراف الإقليمية والدولية قد طالبت بوقف شامل لإطلاق النار، وبمفاوضات لإيجاد حل سياسي كامل وشامل. وقد برهن السعوديون جديتهم في تحقيق السلم. والحكومة جدية في تحقيق السلم. ولكن الحوثيين مصرون على فرض سيطرتهم بالقوة على البلاد. هم ليسوا وحدهم في اليمن، ويجب أن يتواصلوا وأن يتناقشوا مع الأطراف الأخرى في البلاد، مجتمعين في ظل الحكومة الشرعية القائمة اليوم في عدن، العاصمة المؤقتة.
لقد عانى الحوثيون من التهميش في الماضي، أما اليوم، فهم من يهمشون الأطراف اليمنية الأخرى، وكل من لا يفكر مثلهم. وتحولوا من مظلومين إلى ظالمين...
لقد استقرت حكومة جديدة تضم معظم الأطراف في عدن، عاصمة اليمن «المؤقتة»، وقد جاءت هذه الحكومة لإحلال السلام وبناء الدولة. غير أنها استقبلت بالصواريخ. وكان الهدف واضحًا: قتل أعضاء الحكومة. تخيلوا الوضع الذي سيكون عليه اليمن اليوم لو تم بالفعل القضاء على حكومته بالكامل. أرجو أن يكشف التحقيق الدولي عن مرتكبي هذه الجريمة الشنعاء. في جميع الأحوال، لقد برهنت هذه الحكومة عن شجاعة فائقة حين اختارت البقاء في مكانها في عدن. لقد باشر رئيس الوزراء عمله على الفور مع الفريق الحكومي بأكمله. بالإضافة إلى ذلك، يبذل الوزير اليمني للشؤون الخارجية أقصى جهوده للتنسيق مع المجتمع الدولي ويكثف زياراته في المنطقة. نحن نعرف جميع التحديات والمصاعب والمشاكل من ناحية الحكومة؛ وهي كثيرة بدءًا بمكافحة الفساد وتلبية حاجات الشعب اليمني الذي لديه تطلعات عالية وشرعية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. إن التوترات التي حدثت في عدن في 16 مارس (آذار) مقلقة جدًا ونحن نتابع الوضع عن كثب. غير أن أعضاء الحكومة موجودون، وهذا هو المهم. أحيي عزمهم على خدمة الصالح العام للبلد.
يجب أن نتقدم خطوةً خطوة نحو السلام من خلال هذه الحكومة الشرعية ومن خلال عملية سياسية شاملة أكثر، تضع مصلحة الشعب اليمني فوق كل المصالح والاعتبارات الشخصية والحزبية. ولهذا السبب تدعم فرنسا بشدة اتفاق الرياض، وجهود الأمم المتحدة والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث.
يمكننا بالفعل وضع حد لمعاناة الشعب اليمني. الشعب اليمني هو الضحية الأولى. لقد أنهكته الحرب والضربات والمجاعة والقتال. على كل ذلك يجب أن يتوقف. علينا أن نساعد شعبًا يواجه الخطر. أرجو ألا يضيع الحوثيون هذه الفرصة وذلك من خلال التجاوب مع الجهود الدولية لا سيما جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن.
> مبعوثو الأمم المتحدة وأميركا والاتحاد الأوروبي، طلبوا من الحوثيين وقف هجومهم على مأرب، لكنهم رفضوا حتى الآن، ما تعليقكم؟
- أنا أعمل بطريقة وثيقة مع المبعوثين الخاصين، مارتن غريفيث وتيم ليدركينغ، ومع مبعوث الاتحاد الأوروبي، وجميع الشركاء الآخرين. وثمة زخمٌ وأملٌ جديد بشأن الملف اليمني، مع وصول إدارة الرئيس بايدن. لقد أدانت فرنسا مرات عدة اعتداءات الحوثيين على مأرب، وكذلك على أراضي المملكة العربية السعودية. وندعوهم لوضع حد لهذه الأعمال المزعزعة لأمن المنطقة فوراً، وللالتزام بطريقة بناءة في عملية سياسية تُخرج اليمن من أزمته. لقد حشدت فرنسا جهودها لوقف إطلاق نار شامل، ولاستئناف المفاوضات للوصول إلى اتفاق سياسي شامل تحت رعاية الأمم المتحدة. إن سقوط مأرب سيشكل فاجعة سياسية وإنسانية، خاصة مئات آلاف النازحين الموجودين فيها.
> هل تعتبر فرنسا الحوثيين جماعة إرهابية، خاصة بعد أن رفعت الولايات المتحدة الجماعة من قائمة المنظمات الإرهابية، وكان رد الحوثيين تصعيداً عسكرياً ضد مأرب والسعودية؟
- لقد أثار تصنيف إدارة ترمب للحوثيين على اللائحة الأميركية للمنظمات الإرهابية قلقنا، لما يمكن أن تكون له من نتائج على الوضع الإنساني. أما بالنسبة للاعتداءات ضد السعودية، وكذلك مأرب، فلقد تحدثت عن ذلك آنفاً. يجب أن تتوقف فوراً، ويجب أن يبتعد الحوثيون عن الخيار العسكري، وأن يتفاوضوا للوصول إلى حل سياسي برعاية الأمم المتحدة. هذا هو الأمل الوحيد لوضع حد لمعاناة الشعب اليمني.
> لديكم معرفة جيدة باليمن، وسبق أن التقيت زعيم الانقلابيين عبد الملك الحوثي، هل تعتقد أنه يرغب في السلام فعلاً؟
- لقد عملت في اليمن من 2011 حتى 2013 نائباً لسفير بعثة الاتحاد الأوروبي، ولا يزال اليمن في ذاكرتي، هذا البلد الذي أحمل له في قلبي مودة عظيمة واحتراماً عميقاً لثقافته، لأنني تأثرت كثيراً بقدرة اليمنيين على الحوار. لقد حمل الحوار الوطني خلال هذه الفترة كثيراً من الآمال، ونظر العالم إلى اليمن حينها كمثال يحتذى به في مجال التحاور.
في الواقع، لقد التقيت عبد الملك الحوثي في صعدة سنة 2012، برفقة 3 سفراء (الاتحاد الأوروبي، وألمانيا، وفرنسا)، وقد أردنا إقناعه بالانضمام إلى الحوار الوطني، وكان انطباعي وقتها أنه شخص يمكن التحاور معه، وقد شارك الحوثيون بالفعل في الحوار الوطني، وتميزت بعض الشخصيات الحوثية في ذلك الوقت بالاعتدال والاحترام. آمَل أن يستمعوا إلى رسائل المجتمع الدولي في صالح الحوار والحل السياسي.
> يتهم بعض اليمنيين الاتحاد الأوروبي، ومن ضمنه فرنسا، بالتحيز لصالح الحوثيين تحت مبرر «الأقلية»، من دون دراية كافية بخطر العقيدة المتطرفة التي يفرضونها على اليمنيين وعلى العالم. كيف ترون ذلك؟
- لقد أشرتم إلى موضوع بالغ الأهمية. ما يقوله الحوثيون هو أنهم «الشعب، والحكومة والدولة»، غير أنهم لا يشكلون سوى جزء من الشعب. وعليه، يجب أن يكونوا جزءاً من الحكومة. لنأمل أن يقتنعوا بذلك، لما فيه صالح الشعب اليمني الذي عانى كثيراً. إن توقف العنف واستئناف العملية السياسية قد يؤديان إلى انحسار الأفكار المتطرفة بصورة عامة. وفي جميع الأحوال، المجتمع الدولي لن يعترف سوى بحكومة يمنية واحدة، وهي الحكومة الشرعية، التي تتميز بالتعددية، وهي موجودة حالياً في عدن، العاصمة المؤقتة. وقد توجه وفد مؤلف من 9 سفراء أوروبيين، وأنا من ضمنهم، إلى عدن في شهر فبراير (شباط) الماضي، لكي يعلن دعمه لهذه الحكومة.
> ما موقف فرنسا بشأن مسألة الجنوب، وعلاقاتكم بالمجلس الانتقالي الجنوبي؟
- مرة أخرى، أنا أتحاور مع جميع الأطراف من دون استثناء، ومن ضمنها المجلس الانتقالي الجنوبي. وتتركز الأولوية اليوم على وضع حدّ للقتال والعنف في جميع أنحاء البلاد. إن مسألة الجنوب مسألة حساسة سوف يتم تناولها في إطار حوار في المستقبل، وفرنسا متمسكة بوحدة اليمن وسلامته.
> كيف ترون جهود صيانة خزان صافر وتراجع الحوثيين أكثر من مرة عن اتفاقهم مع الأمم المتحدة، والخطر الذي يمثله ذلك على البحر الأحمر؟
- إن مسألة سفينة صافر تتخطى حدود اليمن. نحن نتحدث هنا عن حماية نظام بيئي فريد من نوعه في العالم، وكان من المفترض أن تقوم بعثة التقييم الأممية التي تساهم فرنسا في تمويلها، بزيارة السفينة منذ وقت طويل. آمل أن تتم عملية تفتيش سفينة صافر بأسرع وقت ممكن. فالأرض ليست بحاجة إلى تسرب نفطي في البحر الأحمر.
وكما يقول الكاتب الفرنسي أنطوان دو سانت إكزوبيري: «نحن لا نرث الأرض عن أجدادنا، بل نستعيرها من أطفالنا». فإذا وقعت غداً كارثة في البحر الأحمر، فسوف تُسائل أجيال المستقبل المجتمع الدولي عن عجزه عن إنقاذ البحر الأحمر من ناحية، وسوف يتحمل الحوثيون مسؤولية الوضع أمام البشرية، لأنهم من يتحكمون بالسفينة، ويجب أن يدركوا أنهم ليسوا وحدهم على هذا الكوكب. ليس لدينا سوى كوكب واحد، وليس لدينا سوى بحر أحمر واحد، وعلى كل إنسان أن يقوم بحمايتهما، ففي تدميرهما لن ندمر سوى أنفسنا.


مقالات ذات صلة

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

الخليج منظر عام للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن (رويترز)

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

رحّبت الحكومة اليمنية بالبيان الصادر، الخميس، عن وزارة الخارجية السعودية، وما تضمّنه من موقف إزاء التطورات الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
الخليج السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

شددت الخارجية على أن «الجهود لا تزال متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه»، معربة عن أمل المملكة في تغليب المصلحة العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

السعودية تُرحب بـ«اتفاق مسقط» لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن

رحبت السعودية بالاتفاق الذي وُقّع عليه في مسقط لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، وعدته خطوةً مهمةً تُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج أسرى يلوِّحون بأيديهم لدى وصولهم إلى مطار صنعاء في عملية تبادل سابقة (أرشيفية- رويترز)

أطراف النزاع في اليمن يتفقون على تبادل 2900 محتجز

أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن أطراف النزاع في اليمن اختتمت، الثلاثاء، اجتماعاً استمر 11 يوماً في سلطنة عمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
العالم العربي الجماعة الحوثية أظهرت تحدياً لمختلف القوى الدولية رغم ما تعرضت له من هجمات (أ.ب)

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

رغم تجديد العقوبات الدولية عليهم، يُعزز الحوثيون قدراتهم العسكرية ويحولون التهديد المحلي إلى خطر إقليمي على الملاحة والأمن الدوليين مع تحالفاتهم العابرة للحدود.

وضاح الجليل (عدن)

«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
TT

«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)

أعلنت قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن تنفيذ ضربة جوية «محدودة» استهدفت دعما عسكريا خارجيا بميناء المكلا.

وقال المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي إنه «في يومي السبت والأحد الماضيين، رصد دخول سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف، حيث قام طاقم السفينتين بتعطيل أنظمة التتبع الخاصة بالسفينتين وإنزال كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظات الشرقية لليمن (حضرموت، المهرة) بهدف تأجيج الصراع، ما يعد مخالفة صريحة لفرض التهدئة والوصول لحلٍ سلمي، وكذلك انتهاكًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216».

وأوضح اللواء المالكي أنه «استنادًا لطلب فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني لقوات التحالف باتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين بمحافظتي (حضرموت والمهرة)، ولما تشكله هذه الأسلحة من خطورة وتصعيد يهدد الأمن والاستقرار، فقد قامت قوات التحالف الجوية صباح اليوم بتنفيذ عملية عسكرية (محدودة) استهدفت أسلحة وعربات قتالية أفرغت من السفينتين بميناء المكلا، بعد توثيق ذلك ومن ثم تنفيذ العملية العسكرية بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية وبما يكفل عدم حدوث أضرار جانبية».

وأكد اللواء المالكي «استمرار قيادة التحالف في خفض التصعيد وفرض التهدئة في محافظتي (حضرموت والمهرة) ومنع وصول أي دعم عسكري من أي دولة كانت لأي مكون يمني دون التنسيق مع الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف بهدف انجاح جهود المملكة والتحالف لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع اتساع دائرة الصراع».


«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعداد لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
TT

«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعداد لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)

دعا تحالف دعم الشرعية في اليمن، اليوم، جميع المدنيين إلى الإخلاء الفوري لميناء المكلا في محافظة حضرموت حتى إشعار آخر، مؤكدًا أن هذا الإجراء يأتي في إطار الحرص على سلامتهم.

وأوضح التحالف أن طلب الإخلاء يهدف إلى حماية الأرواح والممتلكات، وذلك بالتزامن مع الاستعداد لتنفيذ عملية عسكرية في محيط الميناء، داعيًا الجميع إلى الالتزام بالتعليمات الصادرة والتعاون لضمان أمنهم وسلامتهم.

وكان المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي، قد صرح السبت الماضي، أنه استجابة للطلب المُقدم من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي بشأن اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بمحافظة (حضرموت) نتيجة للانتهاكات الإنسانية الجسيمة والمروّعة بحقهم من قبل العناصر المسلّحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، واستمرارًا للجهود الدؤوبة والمشتركة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في خفض التصعيد وخروج قوات الانتقالي وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن وتمكين السلطة المحلية من ممارسة مسؤولياتها فإن قوات التحالف تؤكد أن أي تحركات عسكرية تخالف هذه الجهود سيتم التعامل المباشر معها في حينه بهدف حماية أرواح المدنيين وانجاح الجهود السعودية الإماراتية.

وأكد اللواء المالكي استمرار موقف قيادة القوات المشتركة للتحالف الداعم والثابت للحكومة اليمنية الشرعية، كما أنها تهيب بالجميع تحمل المسؤولية الوطنية وضبط النفس والاستجابة لجهود الحلول السلمية لحفظ الأمن والاستقرار.


«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

زاد الاعتراف الإسرائيلي الأخير بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة» من مخاوف تهجير الفلسطينيين إلى الإقليم الانفصالي وإقامة قواعد عسكرية لإسرائيل بالمنطقة المطلة على ساحل البحر الأحمر.

وحذر رئيس وزراء الصومال، حمزة عبدي بري، من «إشعال الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، بسبب خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أرض الصومال»، وقال إن هذه الخطوة «ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة من السودان والصومال وباقي البلدان».

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، الاعتراف بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة ذات سيادة»، في اعتراف رسمي هو الأول بـ«الإقليم الانفصالي» داخل الصومال، في خطوة اعتبر رئيس إقليم أرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله عرو، أنها «لحظة تاريخية».

ولاقى الاعتراف الإسرائيلي إدانات عربية وإسلامية وأفريقية، وأصدرت دول عربية وإسلامية، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، بيانات أكدوا فيها رفضهم التام للخطوة الإسرائيلية.

وربط رئيس الوزراء الصومالي بين الاعتراف الإسرائيلي وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وقال في تصريحات متلفزة لقناة «القاهرة الإخبارية»، الأحد، إن «كل المؤشرات تؤكد أن نتنياهو يريد تهجير الغزيين إلى أرض الصومال»، وأكد أن «بلاده لن تقبل بهذا الأمر»، مشيراً إلى أن «الشعب الفلسطيني من حقه أن يعيش على أرضه، وأن تكون له دولته المستقلة».

ويرى بري أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» هو «جزء من خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي لإقامة ما يسمى بـ(إسرائيل الكبرى)»، وأشار إلى أن «إسرائيل تسعى لاستغلال الظروف السياسية والإقليمية الراهنة، معتبرة أن وجودها في شمال الصومال قد يتيح لها التحكم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مع إمكانية إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة».

وشددت الحكومة الصومالية، في بيان لها الجمعة، على «الرفض القاطع للاحتلال والتهجير القسري للفلسطينيين»، وأكدت أنها «لن تقبل أبداً بجعل الشعب الفلسطيني بلا جنسية»، كما أكدت «عدم السماح بإنشاء أي قواعد عسكرية أجنبية أو ترتيبات على أراضيها من شأنها جرّ الصومال إلى صراعات بالوكالة، أو استيراد العداوات الإقليمية والدولية».

اجتماع الحكومة الصومالية الجمعة بعد الخطوة الإسرائيلية (وكالة أنباء الصومال)

ويعتقد الباحث والمحلل السياسي من إقليم أرض الصومال، نعمان حسن، أن «حكومة الإقليم لن تقبل بتهجير الفلسطينيين إليه»، وقال إن «السلطة في (أرض الصومال) أعلنت بوضوح رفضها التهجير، باعتبار أنه سيعرقل أي حلول سياسية أمام استكمال الاعتراف بالإقليم كدولة مستقلة»، منوهاً بأن «هناك رفضاً شعبياً أيضاً لهذا الطرح».

وفي الوقت ذاته، فإن حسن يرى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «حكومة (أرض الصومال) لن تمانع إقامة قواعد عسكرية إسرائيلية على أرض الإقليم، شريطة ألا تضر بدول الجوار»، وقال إن «الإقليم يحتاج أن يكون جاهزاً لأي تدخل من الخارج، على وقع التطورات الأخيرة، خصوصاً مع الرفض العربي والإسلامي للاعتراف الإسرائيلي».

ويظل الاعتراف بالاستقلال «الهدف الأساسي الذي تسعى إليه حكومة (أرض الصومال)»، وفق نعمان حسن، الذي عدّ أن «هذه الخطوة لن تضر بمصالح أي دولة أخرى».

في حين يرى المحلل السياسي الصومالي، حسن محمد حاج، أن الاعتراف الإسرائيلي «يثير مخاوف من تأثيره على إعادة تشكيل الخريطة الديمغرافية للإقليم، من خلال فتح الباب أمام التهجير للسكان المحليين أو للفلسطينيين إلى أرض الإقليم، بذرائع مثل التنمية أو إقامة مناطق أمنية ومرافق سيادية».

وأشار حاج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المخاوف تتزايد من تحول الاعتراف إلى مدخل لإقامة قواعد عسكرية أو مرافق استخباراتية إسرائيلية على ساحل البحر الأحمر ومنطقة باب المندب»، عاداً أن ذلك «سيضع الإقليم في قلب صراع المحاور الدولية، ويحوله من قضية داخل الصومال إلى ساحة لتنافس إقليمي ودولي»، وأشار إلى أن «مخاطر سيناريوهات (التهجير والعسكرة) ستمتد أثرها للمحيط الإقليمي والأفريقي بتأجيج التوترات القبلية وإضعاف فرص الحلول السياسية الشاملة».

وينظر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمستشار بـ«الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية»، اللواء عادل العمدة، إلى تأثير ما يحدث في «أرض الصومال» باعتبار أنه «يرسخ لمفاهيم سلبية عن الانفصال لدى الحركات التي تشجع على ذلك، ما يعزز من مسألة التفتيت والتقسيم بين الدول الأفريقية»، وقال إن «تقسيم الصومال سيؤثر على الاستقرار الإقليمي والدولي؛ لارتباط هذه المنطقة بمصالح استراتيجية لغالبية دول العالم».

ويعتقد العمدة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل تريد من خطوة الاعتراف بـ(أرض الصومال)، فتح جبهة جديدة من الصراع في المنطقة، للفت أنظار المجتمع الدولي عما يحدث في قطاع غزة»، وقال إن «الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته جزء من الحفاظ على الأمن القومي العربي والمصري في منطقة البحر الأحمر».

ويعوّل الصومال على الدعم الإقليمي والعالمي لسيادته في مواجهة التحركات الإسرائيلية، وفق بري الذي قال في تصريحاته إن بلاده «تستخدم القنوات الدبلوماسية كخيار لمواجهة قرار نتنياهو»، إلى جانب «استخدام الإجراءات القانونية للدفاع عن وحدة» بلاده، لافتاً إلى أن «الدستور لا يسمح لـ(أرض الصومال) بالقيام بهذا الفعل».

ويعلن إقليم أرض الصومال انفصاله من جانب واحد عن جمهورية الصومال الفيدرالية منذ عام 1991، ولم يحظَ باعتراف دولي طوال هذه الفترة.