الفلسطينيون يتوقعون اتصالاً من بايدن في وقت قريب

خطة أميركية لاستعادة العلاقات تؤسس لنهج مغاير

احتجاجات سكان مخيمات في غزة على خفض مساعدات {أونروا} (د.ب.أ)
احتجاجات سكان مخيمات في غزة على خفض مساعدات {أونروا} (د.ب.أ)
TT

الفلسطينيون يتوقعون اتصالاً من بايدن في وقت قريب

احتجاجات سكان مخيمات في غزة على خفض مساعدات {أونروا} (د.ب.أ)
احتجاجات سكان مخيمات في غزة على خفض مساعدات {أونروا} (د.ب.أ)

يتوقع الفلسطينيون اتصالاً قريباً من الرئيس الأميركي جو بايدن بالرئيس محمود عباس، في خطوة ستشكل رسمياً عودة العلاقات الأميركية - الفلسطينية إلى طبيعتها السابقة التي لم تكن قوية بشكل كاف، لكنها جيدة إلى حد ما.
وقال مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط»، إن عباس ينتظر اتصالاً من بايدن في وقت قريب. وأضاف، أن «مثل هذا الاتصال سيعتبر إعلاناً أميركاً صريحاً بعودة العلاقات وتغييراً في النهج». وتابع المصدر، أن «الاتصال سيعني عودة العلاقات لمستواها الطبيعي؛ إذ تنحصر حتى الآن على مستوى مسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية ومسؤولين أمنيين».
وتتطور الاتصالات منذ فوز بايدن بين الجهتين، لكن ببطء، وظلت طيلة هذه الفترة محصورة بين مسؤولين فلسطينيين، ومسؤول الملف الفلسطيني - الإسرائيلي في وزارة الخارجية الأميركية، هادي عمرو، في الشق السياسي. واتصال بايدن بعباس إذا ما تم سيعني استعادة الاتصالات على المستويات كافة. لكن المصدر أكد «ذلك لا يعني أن الأمور ستعود إلى نصابها سريعاً»، مضيفاً أن «الرئيس، يريد من الإدارة الحالية، إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير وحل الدولتين».
وكانت الإدارة الأميركية السابقة أوقفت جميع الاتصالات مع السلطة الفلسطينية وقطعت المساعدات، وأغلقت مكتب منظمة التحرير في واشنطن وطردت الممثل الفلسطيني من هناك، بعد رفض القيادة الفلسطينية خطة السلام الخاصة بترمب والمعروفة باسم صفقة القرن.
وتعول السلطة الفلسطينية الآن على إدارة الرئيس الأميركي الجديد من أجل ترميم العلاقات، ودفع عملية سلام جديدة في المنطقة. وتريد السلطة من واشنطن قرارات مختلفة.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، «نريد علاقات ثنائية مع الولايات المتحدة، ليست مبنية على العلاقات مع إسرائيل». وأضاف «نريد من الإدارة الأميركية أن تنفذ تعهداتها بإعادة افتتاح قنصليتها في القدس الشرقية، وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، واستئناف المساعدات، بما في ذلك لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) ولمستشفيات القدس». وأردف «قلنا لهم نريد حضور القضية الفلسطينية على الطاولة الأميركية»، كما نتطلع إلى «مرسوم أميركي باعتبار منظمة التحرير شريكاً أساسياً في عملية السلام؛ ما يعني إلغاء جميع القوانين المعادية، بما في ذلك قانون يعتبر منظمة التحرير تنظيماً إرهابياً».
ووضعت الإدارة الأميركية، فعلاً، خطة «لاستئناف» العلاقات مع السلطة الفلسطينية، بحسب مسودة لمذكرة داخلية. وقال مسؤولون مطلعون على تفاصيل المذكرة التي نشرت في وزارة الخارجية الأميركية، والتي تطرقت لها لأول مرة صحيفة «ذي ناشيونال»، أن المستند ما زال «بمراحل العمل الأولى»، ويمكنه أن يكون الأساس للتراجع عن النهج الذي مضت فيه إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، والذي أثار معارضة شديدة لدى الفلسطينيين، وتسبب في قطع السلطة الفلسطينية لعلاقاتها مع واشنطن قبل 3 سنوات.
وقال تقرير أخير في وكالة «رويترز»، إنه منذ دخول بايدن إلى منصبه في 20 يناير (كانون الثاني)، قال مسؤولون في إدارته إنه ينوي تصحيح العلاقات مع الفلسطينيين. وكانت إدارة بايدن التزمت باستئناف الدعم الاقتصادي والإنساني بمئات ملايين الدولارات، والعمل لفتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن. وأوضح المسؤولون في إدارة بايدن، أنهم يرغبون في إعادة وضع حل الدولتين مجدداً هدفاً للسياسة الخارجية الأميركية في موضوع الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، لكنهم تصرفوا بحذر على ضوء الانتخابات القادمة في إسرائيل وفي السلطة الفلسطينية.
وذكر في المسودة، أن رؤيا الولايات المتحدة هي «دفع حرية وأمن وازدهار الإسرائيليين والفلسطينيين في المدى القريب». وجاء في المسودة، أنه حتى نهاية الشهر، سيتم تقديم مساعدات للفلسطينيين بقيمة 15 مليون دولار لمواجهة «كورونا»، وذكر أيضاً أن واشنطن ستتخذ موقفاً أكثر صرامة تجاه المستوطنات، كما تطرقت المسودة إلى نية الأميركيين «الحصول على التزام فلسطيني لوقف المعاشات التي تقدمها السلطة الفلسطينية للأسرى الفلسطينيين».
وقال أحد المسؤولين الذي لم يكشف عن هويته، إن «الحديث يدور عن مسودة أولية قابلة للتغيير، وإن الصيغة النهائية ستكون خاضعة للمراجعة من قبل وزارات أخرى». وردت المتحدثة باسم وزارة الخارجية يلينا بورتر، بقولها، إنه «لا يوجد أي تعقيب على هذه المسودة».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.