نواب يعتصمون في البرلمان التركي رفضاً لحظر حزبهم المؤيد للأكراد

عمر فاروق جرجرلي أوغلو (في الأمام - وسط) مع نواب «الشعوب الديمقراطية» المعتصمين (أ.ف.ب)
عمر فاروق جرجرلي أوغلو (في الأمام - وسط) مع نواب «الشعوب الديمقراطية» المعتصمين (أ.ف.ب)
TT

نواب يعتصمون في البرلمان التركي رفضاً لحظر حزبهم المؤيد للأكراد

عمر فاروق جرجرلي أوغلو (في الأمام - وسط) مع نواب «الشعوب الديمقراطية» المعتصمين (أ.ف.ب)
عمر فاروق جرجرلي أوغلو (في الأمام - وسط) مع نواب «الشعوب الديمقراطية» المعتصمين (أ.ف.ب)

دخل نواب حزب الشعوب الديمقراطية التركي المعارض المؤيد للأكراد اعتصاما بمقر البرلمان؛ احتجاجا على إسقاط عضوية النائب عمر فاروق جرجرلي أوغلو وللتنديد بسياسة الحكومة والرئيس التركي رجب طيب إردوغان ومحاولات التضييق على الحزب وحظره. وبدأ نواب الحزب، وهو ثالث أكبر أحزاب البرلمان التركي، اعتصامهم أمس (الخميس) في القاعة الرئيسية للبرلمان، ثم انتقلوا إلى القاعة المخصصة لعقد اجتماعات المجموعة البرلمانية للحزب بعد تدخل مسؤولي البرلمان. في الوقت الذي شددت فيه وزارة الداخلية التركية من التدابير الأمنية حول مقر البرلمان، ومقار حزب الشعوب الديمقراطية تحسباً لاندلاع احتجاجات واسعة. وجاءت هذه التطورات رداً على قيام المدعي العام لمحكمة الاستئناف العليا التركية بكير شاهين، الأربعاء، برفع دعوى قضائية أمام المحكمة الدستورية لحل حزب الشعوب الديمقراطية، متهما أعضاء الحزب باستهداف وحدة الدولة غير القابلة للتجزئة وممارسة أنشطة إرهابية.
وجاء في لائحة الاتهام أنه لا يوجد فرق بين حزب الشعوب الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه أنقرة منظمة إرهابية، وأنه امتداد ذو مظهر سياسي لمنظمة إرهابية مسلحة.
وطالب شاهين بقطع الدعم المقدم من خزانة الدولة إلى الحزب بدعوى استخدامه هذه الأموال في تمويل منظمات إرهابية، قائلا إن الحزب أيضاً لم يساند تركيا أو يقف بجانبها تجاه أي قضية تمس أمن الوطن.
كما طالب المحكمة الدستورية بفرض حظر ممارسة العمل السياسي لمدة 5 سنوات على 687 عضوا بالحزب، في مقدمتهم الرئيسان المشاركان السابقان للحزب (المعتقلان منذ عام 2016) صلاح الدين دميرطاش وفيجان يوكسكداغ، والرئيسان المشاركان الحاليان مدحت سنجار وبروين بولدان. ومن المتوقع أن تقبل المحكمة الدستورية الدعوى، وأن تعين مقررا للنظر فيها وأن تسمح للحزب بتقديم دفاعه.
وجاء هذا التحرك على خلفية انتقادات يوجّهها، منذ أسابيع، إردوغان وشريكه في «تحالف الشعب» حزب الحركة القومية اليميني المعادي لحزب الشعوب الديمقراطية، حيث طالب رئيس حزب الحركة القومية مرارا بإغلاق حزب الشعوب الديمقراطية وطرد نوابه بالبرلمان. وتوعد حزب العدالة والتنمية الحاكم على لسان نائب رئيس مجموعته البرلمانية، جاهد أوزكان، بحل الحزب واتهمه بـ«خداع ناخبيه». وقال إن 6 ملايين مواطن صوتوا لصالح الحزب، لم يصوتوا له كي يتبع التنظيم الإرهابي (حزب العمال الكردستاني)، ولا لينتفع (التنظيم الإرهابي) منه».
وجاء طلب حظر الحزب بعد ساعات من إسقاط البرلمان التركي عضوية نائبه عن مدينة كوجا إيلي (غرب) عمر فاروق جرجرلي أوغلو، على خلفية الحكم عليه بالحبس لمدة سنتين ونصف السنة بتهمة «الدعاية الإرهابية» بسبب تغريدة على «تويتر». وأعلن جرجرلي أوغلو أنه لن يغادر قاعة البرلمان دون إرغامه على ذلك بالقوة، وندد «بانتهاك الدستور». وندد حزب الشعوب الديمقراطية بإقامة الدعوى ضده، ووصفها بأنها «انقلاب سياسي»، معتبرا أن إردوغان يسعى للقضاء عليه قبل الانتخابات المقبلة في عام 2023. وقال بيان للرئيسين المشاركين للحزب، صدر ليل الأربعاء - الخميس،: «ندعو كل القوى الديمقراطية وكل قوى المعارضة الاجتماعية والسياسية وشعبنا للنضال معا ضد هذا الانقلاب السياسي». واتهم الحزب الرئيس التركي بـ«استخدام القضاء كأداة لإعادة تشكيل المشهد السياسي»، قبل عامين من موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي يبدو أن الحكومة ستخوض خلالها معركة قاسية في ظل التحديات الاقتصادية في البلاد. ويزيد التحرك لإغلاق الحزب الوحيد المؤيد للأكراد في تركيا، من مخاوف الدول الغربية بشأن سيادة القانون في تركيا، في الوقت الذي تسعى فيه إلى تخفيف التوتر في علاقاتها مع الولايات المتحدة وأوروبا. وانتقدت وزارة الخارجية الأميركية محاولة السلطات التركية حظر الحزب، معتبرة أنها تقويض لإرادة الناخبين، وضربة لحرية التعبير. وقال المتحدث باسم الخارجية نيد برايس، في بيان أمس (الخميس): «نراقب بدء الجهود لحل حزب الشعوب الديمقراطية، وهو قرار سوف يطيح دون مبرر بإرادة الناخبين الأتراك، ويؤدي إلى مزيد من تقويض الديمقراطية في تركيا وحرمان ملايين الأتراك من تمثيلهم الذي اختاروه... ندعو الحكومة التركية إلى احترام حرية التعبير بما يتوافق مع الحمايات التي ينص عليها الدستور والتزامات تركيا الدولية»، ووصفت إسقاط عضوية النائب جرجرلي أوغلو، المدافع عن حقوق الإنسان، بأنه «مثير للقلق».
وانتقد زعيم المعارضة التركية رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، استهداف المدعي العام لمحكمة الاستئناف العليا، حزب الشعوب الديمقراطية، ورفعه دعوى قضائية لإغلاقه، قائلا: «إذا كانوا يرغبون في تحقيق الديمقراطية في البلاد فلا يجب إغلاق الأحزاب السياسية». وأضاف كليتشدار أوغلو، خلال افتتاح رئاسة بلدية مقاطعة بمدينة تكيرداغ (شمال غرب)، أن الحزب الحاكم يمارس كل أنواع الحيل من أجل البقاء في السلطة، مؤكدا أن الأحزاب السياسية التي تحظى بشعبية جماهيرية تعيش على مدار السنين، أما التي لا تحظى بتأييد الشعب فستلقى في مزبلة التاريخ. وطالب الحكومة بالتخلي عن محاولة إغلاق حزب الشعوب الديمقراطية. وبدوره اعتبر رئيس حزب «المستقبل» التركي المعارض، أحمد داود أوغلو، أن الحزب الحاكم يرغب في إعادة تركيا إلى حقبة التسعينات، مشددا عبر «تويتر» على أن المعارضة ستظل تدافع عن الديمقراطية والحقوق حتى النهاية، وأن إغلاق الأحزاب السياسية عن طريق سلب حقوق النواب المنتخبين يعطل السلم الاجتماعي في البلاد.
وسبق أن تعرض حزب العدالة والتنمية الحاكم للإغلاق عبر دعوى قضائية نظرتها المحكمة الدستورية العليا عام 2008 بسبب انتهاكه مبادئ العلمانية وانتهت إلى قطع نصف الدعم المقدم له من الدولة. وإجمالا، قضت المحكمة الدستورية بإغلاق 25 حزبا سياسيا منذ أن تأسست عام 1961 لأسباب مختلفة، منها التورط في أنشطة انفصالية أو مناهضة العلمانية أو عدم الوفاء بالالتزامات القانونية. وتم إغلاق 5 من أصل 9 أحزاب كردية بتهمة الأنشطة الانفصالية، و «تدمير وحدة الدولة مع شعبها» وهي التهمة الموجهة إلى حزب الشعوب الديمقراطية حاليا. وفي العادة تعيد الأحزاب الكردية التي تغلق تأسيس نفسها تحت أسماء جديدة.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.