جورج شمشوم: أحن للشاشات الكبيرة ورائحة الـ«بوب كورن»

أنجز مهرجان «آسيا وورلد فيلم فستيفال» دورة ناجحة أخرى انتهت بحفل كبير في الخامس عشر من هذا الشهر. شملت الدورة كالمعتاد عرض أفلام آسيوية حديثة في هوليوود التي كانت تفتقد لمثل هذا الحدث السنوي طويلاً. الواقع أن الحضور الآسيوي المتعدد (من مواهب يابانية وصينية وكورية وروسية وتشيكية ومجرية ولبنانية ومصرية وتركية وسواها) ساد عقود السينما طويلاً وإن بقي - غالباً - في الخلفية. وجوه الممثلين الأميركيين من أصول آسيوية بقيت في الظل تظهر إذا ما أراد صانعو الأفلام وجوهاً مساندة أو ثانوية تقوم بوظيفة التمثيل لبعض المشاهد ثم تغيب.
وقف وراء مشروع هذا المهرجان منذ بدايته المخرج والمنتج اللبناني الأصل جورج شمشوم الذي وظّف خبرته كسينمائي وعمل على تطويره عاماً بعد عام إلى أن بات الحدث الذي لا بد منه في لوس أنجليس بالنسبة للعاملين في الحقل السينمائي من ذوي الأصول الآسيوية وكذلك، وربما الأهم، بالنسبة للسينما الآسيوية ذاتها. شمشوم هو المدير التنفيذي لمشروع بدأ صغيراً وبعد ست سنوات بات واحداً من أنجح المهرجانات المتخصص في الولايات المتحدة.
الحديث التالي مع جورج شمشوم يتناول لا المهرجان وحده بل ينطلق منه للحديث عن رؤية شاملة لحال السينما اليوم.
> بعد ست سنوات من مهرجان آسيا العالمي في لوس أنجليس ما الذي تعتقد أنه حققه بالفعل؟
- أعتقد بإخلاص أننا أنجزنا معجزة وقفزة عملاقة حيال السينما الآسيوية والسينما الآسيوية الأميركية.
حتى العقد الأول من هذا القرن كانت المواهب الآسيوية ما زالت وراء الأبواب المغلقة. في سنة 2016 عندما بدأنا هذا المهرجان تم فتح هذه الأبواب وفي سنة 2019 عندما فاز الفيلم الكوري «طفيلي» بأوسكاراته تدفقت هذه المواهب على نحو كبير ليس مألوفاً من قبل. دعنا لا ننسى أن آسيا تتكوّن من 53 دولة تمتد من السواحل الشرقية إلى البحر المتوسط وتشمل اليابان وروسيا وآسيا الوسطى وجنوب شرقي آسيا والهند وكلها مليئة بالمواهب. بعد ثلاث سنوات من بداية مهرجاننا سجلنا أكثر من مليار متصفّح لموقعنا. خذ بالحسبان أن هناك أكثر من 8 آلاف مهرجان سينمائي في العالم، أي بمعدّل 20 مهرجاناً كل يوم، فإن ذلك مذهل.
> ما الذي يجعل هذا المهرجان فريداً من نوعه؟ الجغرافيا؟
- لا. برنامجنا.
> كيف؟
- 85 في المائة من الأفلام المعروضة في برنامجنا هي من تلك المتوجهة صوب «غولدن غلوبز» والأوسكار مما يجعلنا قادرين على لعب دور في توجيه الاهتمام صوب هذه الأفلام. بعضها يدخل القائمة القصيرة لأوسكار أفضل فيلم أجنبي ثم فجأة ما يفوز أحدها بالأوسكار.
> هذه الدورة الأخيرة تمّت عبر النت بسبب كورونا. كيف تحايلت وفريق عملك على هذا الوضع؟
- ما أستطيع قوله لك هو إن تنفيذ مهرجان على نحو افتراضي هو أصعب بثلاث مرّات على تنفيذه على نحو فعلي.
كنا ألغينا فكرة إقامته في موعده السنوي المعتاد في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) وحددنا له موعداً آخر في مارس (آذار) هذه السنة على أمل أن تكون صالات السينما قد تم فتحها. لكن عندما أدركنا أن هذا لن يحدث انطلقنا في عملية تنفيذه افتراضياً. ليس سهلاً أن تضمن وجود العديد من الأسماء الفنية لكي تشارك في هذا الجهد. حشدنا ليزا لو ونانسي كوان وإرين تسو وأندر كوجي وجوجو تشان زيتو وفالنتينا شيفشنكو وسواهم. هذا جهد كبير في الأيام العادية وأكبر في مثل هذه الظروف.

نبذ السياسة
> كم فيلماً تم عرضه خلال الدورات الست التي انتهى آخرها في الخامس عشر من هذا الشهر؟
- لا أستطيع أن أعطيك رقماً محدداً من دون العودة إلى الملفات، لكن في العامين الأخيرين فقط عرضنا أكثر من 100 فيلم من كل ربوع آسيا.
> حسب علمي هذا الرقم تضمّن حضوراً لأفلام عربية. هل تعتقد أن السينمائيين العرب يرون في هذا المهرجان أهمية كبيرة؟ هل يعتبرونه مفيداً لهم؟
- عليك أنت أن تبحث في هذا الجواب، لكن كما تعلم لبنان وسوريا وفلسطين والعراق ودول الخليج العربي كلها في قارة آسيا. كوني لبنانياً عندي ضعف، لكن من دون انحياز، لكل هذه الدول. أكثر الدول العربية التي اهتمت بالحضور سنوياً اثنان العراق والأردن. أما لبنان فهو الصعوبة الكبرى.
> لا يكترث المخرجون والمنتجون اللبنانيون للاشتراك؟
- هذا العام كان لدينا «أرز أكتوبر» من سليم صعب واشتراك هذا الفيلم التسجيلي كان رائعاً وسهلاً، كان لدينا كذلك فيلم C‪ - ‬Section من إنتاج سام لحود وإسحاق فهد، لكن عادة ما أستجدي السينمائيين اللبنانيين لإرسال أفلامهم والاشتراك في هذا المهرجان الذي يُقام في عاصمة السينما العالمية.
> يسألني عدد من السينمائيين غير الآسيويين إذا ما كان هناك منفذ لهم في هذا المهرجان.
- بدأنا فتح نافذة صغيرة لباقي أنحاء العالم لكننا سنعرض فقط الأفلام التي يتم ترشيحها إلى الأوسكار أو «غولدن غلوبز»، وذلك بهدف لفت الانتباه إليها. هذه السنة عرضنا فيلم «الرجل الذي باع جلده» لكوثر بن هنية.
> البعض سيقول إن المهرجان يخدم نفسه بالتقرّب من «غولدن غلوبز» والأوسكار. كيف ترى ذلك؟
- على العكس، المهرجان يخدم الأفلام التي يطمح أصحابها لمساعدتنا في دفع أعضاء الجمعيتين لمشاهدتها. لا تنسَ أن لكل مهرجان هويّته واهتماماته، وهويتنا واهتماماتنا مساعدة السينما الآسيوية وبلدانها الـ53 ولا أعتقد أن كلام هذا البعض صحيح على الإطلاق.
> كيف تصف علاقة المهرجان بأكاديمية الفنون والعلوم السينمائية وجمعية غولدن غلوبز؟
- نعمل مع الأكاديمية على نحو مقرّب، ونضع برنامجنا بالموازاة مع برنامج الأكاديمية لكي نعكس اهتماماتنا المشتركة وبعض أعضاء الأكاديمية هم من أعضاء مجلس إدارتنا. بالنسبة لجمعية مراسلي هوليوود الأجانب فهي علاقة نفتخر بها. هم شركاء لنا ويدعموننا على نحو غير محدود. أعتقد أن للجمعية مستقبلاً مبهراً شرط الابتعاد عن السياسة.
بالمناسبة، نحن واحد من ثلاثة مهرجانات يتم فيها توزيع منح «جمعية مراسلي هوليوود الأجانب» المخصصة للمواهب السينمائية. الآخران هما تورونتو وفينيسيا. نحن نوزّعها على الأفلام القصيرة التي تشترك في مسابقاتنا شرط أن يكون الفيلم أقل من 16 دقيقة.
> السياسة تحيط بنا وتمنع بعضنا من التفكير بحيادية. هل هذا ما تقصده؟
- أحن كثيراً للأربعينات والخمسينات والستينات والسبعينات عندما كانت السينما تتمحور حول الموهبة والأداء وليس عن المصالح السياسية. كانت عن المواهب وليس عن الدين والجشع والعرق واللون. بتنا نخاف من كلمة «ترفيه» وكم شخصياً أحن إلى الشاشات الكبيرة والـ«بوب كورن». تتذكر؟
> ما الذي تراه يحدث في هوليوود اليوم؟
- هوليوود اليوم فيها أناس خائفون من قول الحقيقة. كل واحد يخاف من أن يقول شيئاً فيسجل ضده. هذه فترة حزينة جداً في تاريخ هوليوود. لكنها فترة محدودة ستمر بنا وستعود السينما لما تعنيه كلمة «أفلام» وما تعنيه كلمة «هوليوود».