شاشة الناقد

لقطة من «رجل داكن داكن»
لقطة من «رجل داكن داكن»
TT

شاشة الناقد

لقطة من «رجل داكن داكن»
لقطة من «رجل داكن داكن»

جريمة في الشمال البارد
> الفيلم: A Dark Dark Man
> إخراج: عادل خان برجانوف
> كازاخستان | دراما بوليسية (2020)
> تقييم: ****

في أفلام عادل خان برجانوف الكثير مما يشغل البال والعين ضمن إيقاع من الأحداث الذي لا يستعجل نفسه ولا نتائجه. يتحرّك ببطء مقصود ويستعرض في طيّات ذلك تفاصيل المكان والزمان تلك الانعكاسات النفسية والاجتماعية لشخصياته. الحركة التي في داخل الفيلم تواكب الحركة الطبيعية خارجه. بذلك فإن الزمن الذي يستخدمه المخرج لكي يروي حدثاً أو مشهداً، هو كذلك، الزمن ذاته الذي سيقع في إطار الواقع.
لا يختلف الأمر في فيلمه الجديد «رجل داكن داكن»، بل يمعن الفيلم في تصوير الأماكن وزرع الشخصيات في مواقع بعيدة والإحاطة بكل شيء عبر كاميرا (يديرها حيدر شاريبوف) بالكاد نلحظ اقترابها التدريجي البطيء مما تصوّره.
هي حكاية جريمة تقع وشرطي يعمل في بعض مناطق كازاخستان الريفية البعيدة يمارس عملية تلفيق الأدلة لإدانة رجل متخلّف عقلياً بالجريمة. تصل صحافية بقصد التحقيق في سلسلة من هذه الجرائم المشابهة التي دائماً ما أدّت إلى إعدام المشتبه بهم لإغلاق ملفاتها. ودور المحقق هذه المرّة لا يختلف عن المرّات السابقة التي لفّق فيها التهم وأدان الأبرياء لإنقاذ المجرمين الفعليين.
في معظم الحالات الكاميرا هناك شاهد صامت. أكثر صمتاً من الصحافية أريانا (ديناره باكتباييفا) التي تهدد طوال الوقت بفضح طريقة المحقق بكزات (دانيار ألشينوف) في لوي أذرع الحقيقة لإدانة أبرياء. لكن بكزات من بيئة تلك الأماكن الشمالية النائية حيث الجريمة قد يرتكبها رجال العصابات ويتستر عليها رجال القانون ومهمّته هي تمويه الحقيقة وقبض الثمن في المقابل.
لكن بكزات هنا يستدرك الوضع ويرفض قتل المتهم البريء بكوار (تيومان خوز) فيجلب لنفسه سعي المسؤولين لقتله وينتهي الفيلم بصراع حياة أو موت يعبّر عنه المخرج من دون بطولات وبلا ترتيبات مسبقة صوب نهاية سعيدة.
مشاهد الفيلم نسيج من الإمعان في التفاصيل وعرضها ببطء والممثل ألشينوف من القدرة على تجسيد شخصية هادئة المظهر مضطربة الداخل، بحيث لا يمكن إهمال حركاته وبواعثها. قبل النهاية هناك مشهد في سيارة رئيس البوليس في المقاطعة الذي سيقدم ومعاونه على قتل بكزات بعدما هرّب بيكوار. لا تعرف ماذا سيحدث وكيف سينتهي المشهد المحبوس داخل السيارة.
أن تثير الشخصيات الاهتمام رغم بعد الكاميرا عنها ليس أمراً سهلاً لكن برجانوف ينجزه جيداً. مزعج أنه يختار تصوير الوجوه عن بعد وفي مواجهة الضوء الطبيعي بحيث تغيب التقاسيم وتعابير الوجوه. لكن قبول هذا الوضع شرط من شروط الأسلوب العام الذي يذكّر بفيلم التركي نوري بيلج سيلان Once Upon a Time in Anatolia والصيني دياو يينان Black Coal‪، ‬ Thin Ice.

أنا يوسف يا أمّي
** 1-2
> إخراج: محمد رضا فرطوسي
> العراق | دراما اجتماعية (2021)

من النوع الذي تدور كل أحداثه في داخل منزل. إنه عام الغزو الأميركي للعاصمة بغداد. اختفاء صدّام حسين وهدم تمثاله. يوسف هارب من الخدمة ضد الحرب الإيرانية، ومن حينها وهو مختف في جحر داخل ذلك البيت لا يعرف أحد وجوده سوى والدته. يحتاج الفيلم لإيضاح علاقات بين شخصيات أخرى تدخل وتخرج من تلك الدار. تنفيذه جيد رغم سيناريو يحتمل التطوير.

هجوم على ڤ أ - 33 |
Assault on VA‪ - ‬33
**
> إخراج: ‪كريستوفر راي‬
> الولايات المتحدة | أكشن (2021)

فيلمان تشابها في الحبكة هما Die Hard لجون مكتيرنن (1988) وUnder Siege لأندرو ديفيز (1994). بروس ويليس في الأول تحر يجهل الإرهابيون وجوده في المبنى الذي احتلّوه، وستيفن سيغال في الثاني جندي يجهل الإرهابيون وجوده في الباخرة التي غزوها. هنا شون فلانيري هو الجندي المجهول الذي سيواجه الإرهابيين الذين احتلوا مستشفى للمحاربين القدامى.

سيرك الحياة | Circus of Life
***
> إخراج: صمد سلطان خوزات
> باكستان | دراما اجتماعية (2020)

شيخ معتدل (عارف حسّان) يخطئ ذات مرّة ويرقص في حفلة عرس كما لو كان أنثى. أحدهم ينشر الفيديو على الإنترنت فينقلب حاله بين معارفه ويواجه محنة كبيرة. الفيلم دراسة اجتماعية حول مآلات الحدث وعن الإسلام المعتدل في مواجهة الإسلام المتطرّف الذي يواجهه بطل الفيلم.


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز