قصر البوابة الذهبية في فرنسا الوجه الآخر لتاريخ المستعمرات

«ثوري هادئ» يتولى مسؤولية سرد قصة المهاجرين

باب نادياي مؤرخ وأكاديمي من أصول سنغالية وفرنسية تم تعيينه لتنشيط «بالي دي لابورت دوري» المؤسسة التي وُلدت باسم «متحف المستعمرات» في عام 1931 (نيويورك تايمز)
باب نادياي مؤرخ وأكاديمي من أصول سنغالية وفرنسية تم تعيينه لتنشيط «بالي دي لابورت دوري» المؤسسة التي وُلدت باسم «متحف المستعمرات» في عام 1931 (نيويورك تايمز)
TT

قصر البوابة الذهبية في فرنسا الوجه الآخر لتاريخ المستعمرات

باب نادياي مؤرخ وأكاديمي من أصول سنغالية وفرنسية تم تعيينه لتنشيط «بالي دي لابورت دوري» المؤسسة التي وُلدت باسم «متحف المستعمرات» في عام 1931 (نيويورك تايمز)
باب نادياي مؤرخ وأكاديمي من أصول سنغالية وفرنسية تم تعيينه لتنشيط «بالي دي لابورت دوري» المؤسسة التي وُلدت باسم «متحف المستعمرات» في عام 1931 (نيويورك تايمز)

كان نصباً تذكارياً يمجد فرنسا الاستعمارية. فعندما افتتحت قاعة عرض «بالي دو لا بور دوريه» أو قصر البوابة الذهبية، في باريس عام 1931، كان تصميم كل ركن فيه يمجد الحقب الاستعمارية، من نقوش تعكس صور العمال في الأراضي البعيدة، ولوحات جدارية رائعة للإمبراطورية الواسعة، إلى أحواض الأسماك الاستوائية.
هذه المؤسسة يقودها الآن رجل كان أفراد أسرته من بين الشعوب المستعمَرة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. في الشهر الماضي، جرى تعيين باب نادياي، وهو مؤرخ وأكاديمي من أصول سنغالية وفرنسية، لتنشيط «بالي دو لا بور دوريه»، المؤسسة التي وُلدت باسم «متحف المستعمرات» في عام 1931، والتي تضم الآن «حوض الأسماك الاستوائية» و«المتحف الوطني لتاريخ الهجرة».
نادياي ملم بالقضية بصورة جيدة نظراً لأنه تخرج في مدرسة «نورمال» العليا المرموقة، ودرس في الولايات المتحدة لعدة سنوات، وهو متخصص في تاريخ الأميركيين من أصول أفريقية. وشارك مؤخراً في كتابة تقرير عن التنوع العرقي لأوبرا باريس. السؤال هو ما إذا كان بإمكانه تغيير اتجاه مؤسسة ذات إرث إشكالي ومهمة حساسة تتمثل في سرد قصة المهاجرين الفرنسيين.
في مقابلة أجريت في مكان عمله الجديد، اعترف نادياي بأن «قصر لا بور دوريه» ولد في «بيئة بالغة التعقيد والصعوبة لأنه متحف يبحث عن هوية واضحة لأن القضايا التي جرى تناولها هنا حول الهجرة والتاريخ الاستعماري هي من بين الأسئلة الساخنة في الحياة السياسية الفرنسية».
وقال إن الفرنسيين «واجهوا صعوبة في تصوير بلادهم على أنها أرض الهجرة»، ذلك لأنه كان من المتوقع أن ينسى المهاجرون الذين جاءوا إلى فرنسا «من أين أتوا وأن يصبحوا فرنسيين أكثر من الفرنسيين» - بالتحدث بالفرنسية وارتداء اللباس الفرنسي - في عملية استيعاب وفهم كانت على النقيض من مفهوم التعددية الثقافية.
وأضاف نادياي قائلاً: «يتمثل دورنا في جعل الهجرة جزءاً أكثر أهمية من رؤية الفرنسيين لتاريخهم الوطني».
بدأت المقابلة بجولة كبيرة في المبنى: البهو الجداري الذي يعكس صوراً مجازية لتمدد فرنسا العابر للقارات؛ من أفريقيا إلى الهند الصينية إلى جنوب المحيط الهادئ، وإلى جواره حوض الأسماك الدائري بسلاحفه وأسماكه. جميعها موروثات من المعرض الاستعماري منذ عام 1931، ليستمر المعرض مترامي الأطراف لمدة ستة أشهر داخل «قصر دو لا بور دوريه»، الذي تضمن أيضاً أجنحة مبنية بشكل متقن تعكس بعض المستعمرات الفرنسية بهندستها المعمارية الأصيلة. كانت الفكرة هي إظهار عظمة الإمبراطورية الفرنسية والفوائد التي جلبتها مستعمراتها إلى البر الرئيسي.
عندما تفككت الإمبراطورية بعد ثلاثة عقود، قام القصر بتغيير الأسماء عدة مرات وأصبح في النهاية «المتحف الوطني للفنون الأفريقية والمحيطية» إلى أن جرى دمج مجموعاته مع تلك الموجودة في «متحف برانلي» الذي تأسس عام 2006. في العام التالي، أصبح «قصر دو لا بور دوريه» المقر الرئيسي لـ«متحف الهجرة الوطني». ومع ذلك، وبسبب الحساسيات السياسية، رفض الرئيس نيكولا ساركوزي افتتاحه، وفقاً لمسؤولي المتاحف والمؤرخين.
أقيم الحفل الرسمي بعد سبع سنوات من الافتتاح بحضور الرئيس فرنسوا هولاند.
وخلال 14 عاماً من وجود المتحف، أقيم بداخله عدد من المعارض الشعبية تتعلق بكرة القدم والهجرة، والهجرة الإيطالية إلى فرنسا. ويستقطب المتحف الآن 500 ألف زائر سنوياً، ولا شك أن العديد منهم يشاهدون الأكواريوم الاستوائي المذهل. ومع ذلك، لم يجد هذا المتحف مكاناً في المشهد الثقافي في باريس.
وعن الهجرة والاستعمار، قال المؤرخ الفرنسي باسكال بلانشارد: «منذ ثلاثينيات القرن الماضي، لطالما عانى قصر لا بور دوريه من اللعنة بحثاً عن هويته».
وأشار بلانشارد إلى أن الوقت قد حان لكي يواجه «قصر دو لا بور دوريه» القضايا التي تحويها جدرانه - الاستعمار والهجرة - والتي تعد جوهرية في سجالات النقاش الوطني، مضيفاً أن «باب نادياي لا يخشى التعامل مع تلك القضايا. فهو ملم بها».
ولد نادياي وترعرع في ضواحي الطبقة المتوسطة في باريس مع شقيقته ماري، وهي الآن روائية ذائعة الصيت وفازت بجائزة «بريكس غونكور» لعام 2009، التي تعد أفضل وسام أدبي في فرنسا. والدهما – وكان أول طالب من أفريقيا جنوب الصحراء يُقبل في كلية الهندسة العليا في «باريس بونتس إيه تشاوسيه» - عاد إلى السنغال عندما كانا طفلين صغيرين. تولت والدتهما تربيتهما، وكانت معلمة علوم فرنسية، وألحقتهما بالمدارس المحلية.
قال نادياي إنه أصبح على دراية بمفهوم العرق لأول مرة عندما حصل على سنة فاصلة للدراسة في جامعة فيرجينيا بالولايات المتحدة، وتلقى دعوة من تحالف الطلاب السود بالجامعة. يتذكر أنه كان مفتوناً بسؤاله عن سبب لون بشرته، وبدأ في الذهاب إلى اجتماعات تلك المجموعة. أصبح مفتوناً بتاريخ الأميركيين من أصل أفريقي، والذي أصبح فيما بعد تخصصه الأكاديمي.
في عام 2020، استدعاه المدير الجديد لأوبرا باريس، ألكسندر نيف، للمشاركة في كتابة تقرير حول تنويع المؤسسة. ودعت الوثيقة التي نُشرت في فبراير (شباط)، إلى إنهاء الرسوم الكاريكاتورية العنصرية وتوظيف المزيد من الفنانين الملونين.
في هذا السياق، قال نادياي: «أدرك الجميع أن الوقت قد حان لفعل شيء ما وأنه يمكنك تغيير عادة تعيين راقصين بيض بمكياج أسود لتجنب الاستعانة براقصين سود حقيقيين دون أن ينتهي العالم».
وقد وصف أليسكندر نيف نادياي بأنه «ثوري هادئ»، وأنه «يعرف بالضبط ما يريد» وكيف يحصل عليه دون أن يصطدم بالجدران. وقال إنه يتوقع أن ما سيفعله نادياي في وظيفته الجديدة، التي يشرف من خلالها على قصر لا بور دوريه، «هو أنه سينصت للآخرين أولاً قبل أن يفعل أي شيء».
المشكلة الوحيدة هي أن «متحف الهجرة» هو مؤسسة تقع في قلب القصر ولها بالفعل رئيس هو سيباستيان غوكالب، الذي تولى منصبه قبل أكثر من عامين.
قال غوكالب إن رئيسه الجديد لديه مسؤوليات إضافية مثل إدارة المبنى والميزانية والموظفين والأكواريوم. ووصف نادياي بأنه «متوازن، ولطيف للغاية، ويسعى إلى العمل مع الجميع. إنه هنا لتهدئة النقاش. هو أيضاً سريع التعلم».
صفة أخرى شائعة لوصف نادياي – حرصت شقيقته على الإفصاح عنها - هي أنه «طموح». إذن ما هي طموحاته للقصر؟
أجاب نادياي: «هذه مؤسسة يُنظر إليها على أنها هامشية. أود أن تكون في قلب الحياة الثقافية الفرنسية».
* خدمة {نيويورك تايمز}



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».