رحيل ميادة بسيليس «سيدة الأغنية السورية»

«صاير كل شي قاسي ناقصنا حنان» أغنية تنطق بلسان السوريين وهم يعيشون أسوأ أيامهم التي لا ينقصها نبأ رحيل صاحبة الأغنية الفنانة ميادة بسيليس التي نعتها الأوساط الفنية والثقافية في دمشق يوم أمس عن عمر 54 سنة، بعد معاناة من مرض السرطان، ومع أن زوجها كان قد أعلن عن مرضها قبل أسابيع إلا أن نبأ وفاتها يوم أمس جاء صادماً، لعمق الإحساس بخسارة واحد من أجمل الأصوات السورية خلال العقود الأخيرة، الذي مكن صاحبته من احتلال مكانة رفيعة لدى جمهور ردد أغانيها بشغف، إذ جمعت بين الأصالة والمعاصرة، بروح شبابية متوقدة.
كتب الممثل والمخرج أيمن زيدان على فيسبوك ناعيا بسيليس: «ولنزداد ألما وحرقة في هذه الأيام السيئة، أيقونة الفن السوري النجمة ميادة بسيليس في ذمة الله... قلوبنا مع الأستاذ سمير كويفاتي والعائلة العزاء لهم ولنا بنجمتنا التي ارتقت إلى السماء».
ميادة بسيليس المولودة عام 1967 في مدينة الطرب السورية حلب، انطلقت من فرق الكورال الكنسية، حيث أدت أصعب الألحان بصوت فائق النقاء مكنها من دخول عالم الفن والموسيقى في سن مبكرة، فلم تكن قد تجاوزت التاسعة من العمر حين أدت الأدوار والمقامات، وسجلت دور أصل الغرام في إذاعة حلب ونالت المرتبة الأولى في برنامج الهواة.
انصرفت ميادة في مطلع شبابها للغناء وتعزز حضورها الفني بعد اقترانها بالملحن الموسيقي الحلبي سمير كويفاتي ليشكلا ثنائيا مميزا، وكان أول ألبوماتها «يا قاتلي بالهجر» وهي أغنية من الفلكلور السوري. وآخر ألبوماتها «إلى أمي وأرضي» الذي صدر عام 2010. وما بين الألبومين امتدت مسيرة أثمرت 14 ألبوماً غنائياً منها «مريميات» و«خلقت جميلة» و«إلى أمي وأرضي».
الطابع الموسيقي الخاص المتسم بالتجديد لأغاني بسيليس ـ كويفاتي أثر في أبناء جيلهما الذي حفظ معظم أغاني ميادة، التي تميزت بجمال اللحن وعذوبة صوتها وقوة الكلمات، وبمستوى فني راق، فاستحقت أغنيتها «كذبك حلو»، التي نالت شهرة واسعة الجائزة الذهبية كأفضل أغنية عربية لعام 1999 في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي. كما اشتهرت بسيليس التي أصرت على الغناء باللهجة السورية بغناء العديد من شارات المسلسلات مثل «إخوة التراب»، و«أيام الغضب»، و«هوا بحري»، حتى أطلق عليها جمهورها لقب «سيدة الأغنية السورية»، وكممثلة للأغنية السورية المعاصرة أحيت بسيليس العديد من الحفلات في مختلف المحافل الدولية والإقليمية منها مجمع «قصر الفنون الجميلة» في سان فرانسيسكو - الولايات المتحدة، وحفلتاها في دار الأوبرا في مدريد وفي دار الأوبرا المصرية عام 1998.
في الزمن الصعب وفي ظروف قاهرة تخيم على سوريا التي تعيش ذكرى السنة العاشرة للحرب رحلت ميادة بسيليس بصوتها الدافئ بعد أقل من شهر على فجيعتها بفقد والدها، تاركة السوريون يترنمون بأسى «صاير كل شي قاسي ناقصنا حنان ضيعان هالعمر يروح هيك يا ضيعان».