موعد امتحانات نصف السنة الدراسية يثير غضباً في العراق

رش معقمات للوقاية من فيروس «كورونا» في مدرسة بمدينة النجف الشهر الماضي (رويترز)
رش معقمات للوقاية من فيروس «كورونا» في مدرسة بمدينة النجف الشهر الماضي (رويترز)
TT

موعد امتحانات نصف السنة الدراسية يثير غضباً في العراق

رش معقمات للوقاية من فيروس «كورونا» في مدرسة بمدينة النجف الشهر الماضي (رويترز)
رش معقمات للوقاية من فيروس «كورونا» في مدرسة بمدينة النجف الشهر الماضي (رويترز)

أثار الموعد الذي حددته وزارة التربية العراقية لإجراء امتحانات (اختبارات) نصف السنة للمراحل الدراسية الابتدائية والثانوية، غضباً واعتراضات شعبية واسعة، نظراً لتزامنه مع قرار حظر التجول الشامل الذي فرضته السلطات والطريقة المفاجئة التي أعلن بها القرار من دون أن يعطي متسعاً من الوقت للطلبة لمراجعة المقررات الدراسية التي سيُختبرون بها. وبدا الارتباك والتخبط واضحين في قرار وزارة التربية بشأن موعد الامتحانات، ما عرضها لحملة انتقادات، ودفع جموع الطلبة إلى تنظيم تظاهرات احتجاجية في أكثر من محافظة.
وكانت وزارة التربية حددت، أول من أمس، يوم السبت المقبل الموافق 20 من مارس (آذار) الجاري موعداً للاختبارات، وهو اليوم الذي يصادف حظراً شاملاً للتجول فرضته السلطات العراقية لمواجهة تصاعد الموجة الأخيرة من الإصابات بفيروس «كورونا»، ما يعني أن المدرسين والطلبة وأولياء أمورهم لن يكونوا قادرين على الحركة والوصول إلى المدارس، فضلاً عن أن الموعد لم يمنح الطلبة سوى أربعة أيام فقط للاستعداد ومراجعة المقررات الدراسية. وأوضحت وزارة التربية، رداً على الانتقادات التي تناولت قرارها، أنها «حصلت على موافقة الجهات المختصة على عدم شمول الهيئات التدريسية والتعليمية والطلبة بأيام الحظر الشامل للتجول»، لكنها لم تبين كيف سيتسنى وصول الطلبة والمدرسين إلى مراكز الاختبارات في ظل تقييد حركة النقل. والانتقادات حول موعد بدء الاختبارات لم تقتصر على قضية حظر التجول، بل شملت أيضاً اليوم التالي للامتحانات (الأحد)، الذي يصادف عطلة رسمية للاحتفال بأعياد «النوروز». كذلك توجهت الانتقادات لقرار وزارة التربية عدم شمول مقررات المواد الاجتماعية (التاريخ والجغرافيا) بجدول الامتحانات والإبقاء على مقرر التربية الإسلامية إلى جانب مقررات اللغتين الإنجليزية والعربية وعلوم الفيزياء والكيمياء.
وفي مقابل المطالبات بدمج الامتحانات الفصلية مع نصف السنة واعتبارها نهاية السنة الدراسية، رفضت وزارة التربية ذلك، ونفت التوجه لإنهاء العام الدراسي الحالي. وقال المتحدث باسمها حيدر فاروق لـ«وكالة الأنباء العراقية»، أمس، إن «الحديث عن توجه وزارة التربية لإنهاء العام الدراسي غير صحيح». وأضاف أن «وزارة التربية لم تؤدِ حتى الآن أي اختبار لنصف السنة»، وبالتالي فإن من الممكن «مواصلة العام الدراسي إلى نهاية العام» إذا كانت الظروف جيدة. وأشار فاروق إلى قضية «التنسيق» بين مختلف وزارات الدولة لـ«مساندة العملية التربوية»، موضحاً أن «هناك فرقاً صحية متخصصة بالأمراض الوبائية لزيارة المدارس».
وشهد العام الدراسي الحالي إرباكاً واضحاً نتيجة حظر التجول وإيقاف الدوام لتفادي مخاطر الإصابة بفيروس «كورونا» والاعتماد على التدريس عن بُعد عبر شبكة الإنترنت، التي لم يعتد الطلبة عليها وعدم جاهزية قطاع الاتصالات ورداءة نوعية الخدمة المقدمة للمواطنين وضعف سرعتها.
وحيال تمسك وزارة التربية بموعدها لإجراء الاختبارات، أقدم عشرات الطلاب في محافظة ذي قار، أمس، على إغلاق مبنى مديرية التربية في المحافظة، معلنين رفضهم موعد الامتحانات. وأفادت الأنباء الواردة من هناك بقيام الطلبة بـ«إخراج الموظفين وإغلاق مبنى مديرية تربية ذي قار»، مطالبين بتأجيل الامتحانات. وتوعد الطلبة بالتصعيد في حال عدم الاستجابة لمطلبهم بالتأجيل.
وفي محافظة السليمانية بإقليم كردستان، تظاهر طلبة الصف السادس الإعدادي أمام مبنى التربية، للمطالبة بتأجيل موعد الامتحانات وتقليص المنهج الدراسي وتمديد فترة التحضير للامتحانات النهائية من 20 يوماً إلى 40 يوماً، فضلاً عن المطالبة بعدم السرعة في تدريس المناهج من قبل المدرسين.
بدوره، انتقد عضو لجنة التربية في البرلمان، عباس الزاملي، أمس، الموعد الذي حددته وزارة التربية وطالب بـ«اعتماد نتائج امتحانات نصف السنة والكورس الأول (المقرر التعليمي الأول) كنتيجة نهائية بحال استمرار جائحة كورونا».
وقال الزاملي، في تصريحات صحافية، إن «إجراء الامتحانات السبت المقبل قرار مستعجل من وزارة التربية وكنا نتوقع أن تكون الامتحانات في نهاية الشهر الجاري، وتحديداً بعد أعياد نوروز». ورأى أن «وزارة الصحة غير قادرة على توفير جميع مستلزمات الحماية للطلبة، فيما تعتمد وزارة التربية على مديرياتها وإدارات المدارس لتوفير أجواء التباعد ولا يمكن لها توفير معقمات وكمامات بالعدد الكافي».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.