لقاح «أسترازينيكا» في «عين العاصفة»

«الصحة العالمية»: منافعه تتجاوز المخاطر المحتملة

16 دولة تعلق استخدام لقاح «أسترازينيكا» (رويترز)
16 دولة تعلق استخدام لقاح «أسترازينيكا» (رويترز)
TT

لقاح «أسترازينيكا» في «عين العاصفة»

16 دولة تعلق استخدام لقاح «أسترازينيكا» (رويترز)
16 دولة تعلق استخدام لقاح «أسترازينيكا» (رويترز)

ذبحة قلبية، تضخم في أوعية الدماغ، تشنج في القصبات الهوائية، ربو، تسارع نبضات القلب، انخفاض في ضغط الدم، غثيان واضطراب في الاعصاب، حساسية، اكتئاب، التهاب في الكبد... هذه بعضٌ من عشرات الآثار الجانبية المحتملة التي نجدها مع تعليمات الاستعمال المرفقة مع حبوب «ايبوبروفين» الذي يُعد الدواء الأكثر رواجاً في العالم منذ سنوات.
كل الأدوية المتداولة، بلا استثناء، لها آثار جانبية محتملة تستند إليها الوكالات الناظمة للأدوية عند المفاضلة بين المخاطر والمنافع، حيث الموافقة على استخدامها مشروطة دائماً بأن تتجاوز قدرتها على التخفيف من العوارض أو العلاج، ما قد ينشأ عنها من آثار محتملة. المبدأ ذاته ينطبق على اللقاحات ضد «كوفيد – 19»، بما فيها لقاح «أسترازينيكا» الذي يدور حوله جدل واسع حالياً في الأوساط العلمية والصحية.
التطمينات الأولية التي صدرت عن منظمة الصحة العالمية والوكالة الأوروبية للأدوية بأن البيانات المتوفرة حالياً عن هذا اللقاح تشير إلى أن منافعه تتجاوز المخاطر المحتملة التي يمكن أن تنجم عن تناوله، لم تنجح في تبديد الشكوك والمخاوف التي تسبب بها ظهور العديد من العوارض الخطرة وبعض الوفيات نتيجة تناول الجرعة الأولى من هذا اللقاح، ما دفع 16 دولة أوروبية إلى تعليق توزيعه في انتظار صدور النتائج النهائية للدراسات التي تُجرى لتقويم درجة خطورة الآثار المحتملة لاستخدامه. ويعزز هذه المخاوف عدم موافقة الولايات المتحدة حتى الآن على استخدام هذا اللقاح ورفض تصدير الكميات المنتجة منه في مصانعها.
المديرة التنفيذية للوكالة الأوروبية للأدوية ايمير كوك قالت، أمس (الأربعاء)، إن هيئة الرقابة على الأدوية تسجل العوارض غير المتوقعة التي تنجم عن استخدام اللقاحات، وتسعى بالتعاون مع الدول الأعضاء إلى تحديد ما إذا كانت هذه العوارض متوقعة أيضاً بين الذين لم يعطوا اللقاح، وإذا كانت توجد علاقة سببية بين العوارض واللقاح، أو إذا كانت تركيبة اللقاح البيولوجية تفسر الآثار الجانبية التي تنشأ عنه. ويعكف خبراء الوكالة حالياً على إجراء تقويم عميق ومفصل لكل الحالات التي أصيبت بالتخثر في ضوء السوابق السريرية لكل حالة، وما إذا كان المصاب يتناول أدوية من شأنها أن تتفاعل مع اللقاح. كما يقومون بإجراء دراسات إحصائية ومعاينات طبية، ومراجعة للبيانات لمعرفة ما إذا كانت كل الحالات ناجمة عن لقاحات من دفعة واحدة نتيجة خطأ في الإنتاج أو في السلسلة اللوجيستية، على أمل التوصل إلى الاستنتاج النهائي منتصف نهار اليوم (الخميس).
وفيما أوصت منظمة الصحة بمواصلة استخدام لقاح «أسترازينيكا»، استناداً إلى ندرة حالات التخثر (6 لكل مليون) والتعرض للإصابة الخطرة بـ«كوفيد – 19» في حال عدم تناول اللقاح، يجري فريق من خبراء المنظمة مراجعة معمقة للبيانات الأخيرة التي وصلت من البلدان التي بدأت باستخدام هذا اللقاح، من المنتظر أن تنشر نتائجها مطلع الأسبوع المقبل.
ومع اتساع دائرة المترددين والممتنعين عن استخدام لقاح «أسترازينيكا» الذي تعول عليه دول عديدة كأساس لحملات التطعيم، حذرت مجموعة من خبراء الفيروسات والعلوم اللقاحية من أن عدم استخدام هذا اللقاح في الوقت الحاضر، استناداً إلى البيانات العلمية المتوفرة، من شأنه أن يؤدي إلى عدد من الوفيات يتجاوز ذلك الذي يمكن أن ينشأ عن تناوله. ويذكر الخبراء أن معدل الوفيات التي نجمت عن الإصابة بـ«كوفيد – 19» في أوروبا خلال الشهر الماضي بلغ 161 لكل مليون مواطن، وأن تناول لقاح «أسترازينيكا» يمنع 90 في المائة من الإصابات الخطرة والوفيات التي يسببها الفيروس.
ويعترف خبراء منظمة الصحة العالمية بأن الأجواء الاجتماعية والاقتصادية غير المسبوقة التي تولدت عن جائحة «كوفيد – 19» لا تساعد على النشاط العلمي الهادئ، وغالباً ما تدفع الحكومات إلى اتخاذ قرارات تحت ضغوط خارج دائرة الاعتبارات والقرائن العلمية البحتة. يضاف إلى ذلك أن الحاجة العالمية الملحة لاحتواء الوباء اقتضت تطوير اللقاحات وإنتاجها والموافقة على استخدامها بسرعة قياسية، بحيث إن المرحلة الرابعة التي تعقب نهاية مرحلة التجارب السريرية وتخصص لتقويم الآثار الجانبية، لم تبدأ سوى في أواخر العام الماضي، ولن تصل إلى خواتيمها قبل نهاية السنة المقبلة.
ويجدر التذكير أيضا بأن جميع اللقاحات المستخدمة حالياً لمعالجة أمراض أخرى مرت بظروف مشابهة من غير أن تثير هذا القدر من الجدل والاهتمام المثار حول اللقاحات ضد «كوفيد – 19»، بسبب حالة القلق العالمي والعميق الناشئة عن هذه الجائحة. فاللقاح ضد شلل الأطفال كان يتسبب في البداية بإصابة 4 أطفال من كل مليون ملقح بالشلل نفسه قبل أن يتم تطويره بعد سنوات. لكن عدم تناول هذا اللقاح من شأنه أن يؤدي إلى ملايين الإصابات، كما أن عدم تناول لقاح الحصبة، الذي من آثاره الجانبية المحتملة الإصابة بالتهاب في المخ، من شأنه أن يؤدي إلى وفاة مليون ونصف مليون طفل سنوياً.
الرأي السائد في الأوساط العلمية هو أن قرارات وقف استخدام لقاح «أسترازينيكا» كانت خاطئة وخاضعة لاعتبارات الرأي العام التي تتأثر بها أيضاً الهيئات الناظمة لاستخدام الأدوية، وأن كلفتها ستكون باهظة إذا تبين أنه لا توجد علاقة سببية بين اللقاح والإصابة بالتخثر، أو أن نسبة الآثار الجانبية التي تنشأ عنه هي أقل بكثير من الوفيات والإصابات الخطرة التي تنجم عن عدم تناول اللقاح.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.