عناصر «فاغنر» قرب نفط دير الزور... وعقد استثمار في المتوسط

«الكرملين» يرفض «عزل سوريا» ويؤكد «شرعية الأسد»

مروحية روسية تحلق فوق دورية مشتركة مع قوات تركية في ريف الحسكة في 30 نوفمبر 2020 (أ.ف.ب)
مروحية روسية تحلق فوق دورية مشتركة مع قوات تركية في ريف الحسكة في 30 نوفمبر 2020 (أ.ف.ب)
TT

عناصر «فاغنر» قرب نفط دير الزور... وعقد استثمار في المتوسط

مروحية روسية تحلق فوق دورية مشتركة مع قوات تركية في ريف الحسكة في 30 نوفمبر 2020 (أ.ف.ب)
مروحية روسية تحلق فوق دورية مشتركة مع قوات تركية في ريف الحسكة في 30 نوفمبر 2020 (أ.ف.ب)

جدد «الكرملين» تمسكه بدعم الاستحقاق الانتخابي الرئاسي في سوريا، وأعلن الناطق باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، أن الكرملين «يعتبر بشار الأسد رئيساً شرعياً لسوريا»، في وقت صادقت فيه الحكومة السورية على عقد مع شركة روسية للتنقيب في البحر المتوسط، وانتشر مرتزقة «فاغنر» قرب حقول للنفط شرق سوريا.
وقال بيسكوف في مقابلة صحافية إن بلاده تواصل العمل لـ«تحفيز العمل على وضع الدستور (السوري) الجديد، ودفع التسوية السورية في مسارها السياسي بشكل عام»، ودعا «الأطراف العربية والغربية إلى الابتعاد عن سياسة عزل سوريا، وبذل جهود لاستئناف الحوار مع دمشق». وقال الناطق الروسي إن موسكو «تؤكد على موقفها بأن الأسد رئيس شرعي للدولة السورية، والمطلوب ليس محاولات فرض عزلة على سوريا، عبر رفض الاعتراف بالاستحقاقات الانتخابية، بل فتح حوار يهدف لتعزيز مسار التسوية السياسية».
وأكد بيسكوف استمرار التعاون بين روسيا وتركيا «رغم وجود بعض الخلافات بين الجانبين»، في الشأن السوري، وأوضح أن «الوضع لا يزال معقداً في المناطق التي يجري فيها التعاون، ولا تزال العناصر الإرهابية موجودة، مما يحول دون تطبيع الوضع، لكن مع ذلك يبقى التعاون مستمراً، نحن نواصل العمل المشترك».
وزاد الناطق بأن «الجيش الروسي التعاون الوثيق، مع الجيش التركي في سوريا، على أساس الاتفاقات التي تم التوصل إليها بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب إردوغان».
إلى ذلك، أعلن ألكسندر كاربوف نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا، أن الشرطة العسكرية الروسية أكملت انتشارها في محيط الأوابد الآثرية بمدينة بصرى جنوب غربي سوريا.
وأوضح أن الشرطة الروسية بدأت منذ فبراير (شباط) الماضي بحراسة آثار مدينة بصرى السورية.
وأشار إلى أن الشرطة الروسية تكثف حراسة المعالم الرئيسية للمدينة القديمة، وكانت المنطقة تحت سيطرة الفصائل السورية المعارضة، وأسهمت وساطة مركز المصالحة الروسي قبل عامين في التوصل إلى مصالحة مع القوات الحكومية نصت في أحد بنودها على تسيير دوريات للشرطة العسكرية الروسية في المنطقة.
بالتزامن، أعلن، أمس، أن دوريات مجموعات المرتزقة الروس الذين تطلق عليهم تسمية «فاغنر» عادت للظهور في مناطق سيطرة النظام في مدينة دير الزور، وقالت مصادر محلية إن المجموعة التي تنشر 150 عنصراً مسلحاً في دير الزور، تولت مهام حماية المنشآت النفطية الخاضعة لسيطرة النظام السوري والقوات الروسية، بالتزامن مع وصول تعزيزات عسكرية من «حزب الله» العراقي قوامها مائة مسلح، إلى حقل الزملة للنفط والغاز جنوب الرقة الخاضع لسيطرة إيران.
وفرضت روسيا وقوات «الفيلق الخامس» قبل أيام سيطرتها على حقل «الثورة» النفطي وحقل «توينان» للغاز في ريف الرقة بعد انسحاب ميليشيا «فاطميون» التابعة لـ«الحرس» الإيراني منه، لتضاف تلك الحقول إلى حقلي الورد والتيم النفطيين الذين سيطرت عليهما روسيا، الصيف الماضي.
وأفادت شبكة «عين الفرات» الإخبارية المعارضة بمشاهدة دورية لمرتزقة «فاغنر» تتجول في حي القصور بمدينة دير الزور الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية والروسية. وقالت الشبكة إنها الجولة الثانية في أحياء المدينة خلال الأسبوع الحالي لمجموعات «فاغنر»، التي تتخذ من المدينة الرياضية على طريق دير الزور - دمشق مقراً رئيسياً لها، كما يتمركز عدد من عناصرها في مشروع حقل التيم النفطي، ضمن مجموع كلي للعناصر يقدر بنحو 150 عنصراً.
وكانت أنباء سابقة تحدثت عن انسحاب «فاغنر» من دير الزور ومناطق سيطرة النظام شرق البلاد، نهاية العام الماضي، والاعتماد على الميليشيات الإيرانية في مهام حماية الحقول النفطية في مواجهة هجمات تنظيم «داعش» التي تزايدت خلال الأشهر الأخيرة.
وكشفت عملية عسكرية لقوات التحالف الدولي في مايو (أيار) 2018 عن حجم وجود «فاغنر» في سوريا، إذ استهدف القصف رتلاً لقوات النظام والميليشيات الرديفة له شرق مدينة دير الزور، أسفرت عن مقتل أكثر من 200 مقاتل روسي كانوا يهاجمون نقطة عسكرية تسيطر عليها «قسد». في سياق متصل، تواردت أنباء عن وقوع رتل عسكري تابع لـ«الحرس» الإيراني في منطقة الميادين في كمين نصبه «داعش» في بادية العشارة شرق دير الزور، وسار الرتل المؤلف من ست سيارات بقيادة قاسم الإيراني القائد العام الجديد لـ«الحرس» في الميادين، وقائد المحور رضا الإيراني، برفقة مجموعة من عناصر «لواء السيدة زينب» المحلي، ومن «الحرس»، ومن الحرس الخاص، وأسفر الكمين عن مقتل قاسم ورضا وإصابة عدد من العناصر إصابات بليغة.
على صعيد آخر، صادقت الحكومة السورية على عقد مع شركة روسية للتنقيب عن النفط في البحر الأبيض المتوسط مقابل ساحل طرطوس.
وذكرت وسائل إعلام حكومية أن العقد وقعته وزارة النفط السورية وشركة «كابيتال» محدودة المسؤولية الروسية، وبموجبه تمنح الدولة السورية الشركة حقاً حصرياً في التنقيب عن البترول وتنميته «في البلوك البحري رقم 1 في المنطقة الاقتصادية الخالصة للجمهورية العربية السورية في البحر الأبيض المتوسط، مقابل ساحل محافظة طرطوس حتى الحدود البحرية الجنوبية السورية اللبنانية بمساحة 2250 كيلومتراً مربعاً».
وحسب العقد الموقَّع، فإن مدته تقسم إلى فترتين: الأولى فترة الاستكشاف ومدتها 48 شهراً تبدأ بتوقيع العقد، ويمكن تمديدها لـ36 شهراً إضافية، أما الفترة الثانية فهي مرحلة التنمية ومدتها 25 عاماً قابلة للتمديد لمدة خمس سنوات إضافية.
وفيما يخص تقاسم الحصص، ذكرت المصادر أن «الأمر مرتبط بسعر النفط والكميات المنتجة، وكذلك الأمر فيما لو كان المنتج غازاً طبيعياً».
ولفتت إلى أن هذا العقد هو الثاني بعد توقيع عقد الاستكشاف في البلوك رقم 2 الموقّع مع شركة «إيست ميد عمريت»، والممتد من شمال طرطوس إلى جنوب بانياس بمساحة 2190 كيلومتراً مربعاً، حيث تم الانتهاء من الدراسات والتقييم، وتم تحديد مواقع أولية للحفر بانتظار إجراء الدراسات السايزمية ثلاثية الأبعاد.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».