أفصح الرئيس الأميركي جو بايدن عن إجراء إدارته تغييرات ومراجعة لخطط إدارة الرئيس ترمب السابقة بشأن انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، وأنه بصدد الإعلان عن موعد جديد للمغادرة، وذلك بعد أن أقرّ أنه لا يمكن مغادرة الجنود المتبقين في أفغانستان في الأول من مايو (أيار) القادم.
وقال بايدن في تصريحات تلفزيونية على شبكة «آي بي سي» أمس، إن الصفقة التي أبرمتها الإدارة السابقة مع حركة «طالبان» المسلحة لم تكن قوية للغاية، وسيكون من «الصعب» سحب القوات الأميركية المتبقية في أفغانستان بحلول الأول من مايو، كما اتفقت عليه إدارة ترمب، مشيراً إلى أنه «بصدد» تحديد موعد آخر لمغادرة القوات الأميركية من هناك.
وأضاف «الحقيقة أننا نتشاور مع حلفائنا وكذلك الحكومة بشأن الاتفاق الذي أبرمته الإدارة السابقة، ونتشاور أيضاً بشأن الانسحاب العسكري من البلاد، وتحديد موعد هذا القرار سيكون قادماً».
وكان الرئيس السابق دونالد ترمب اتفق مع «طالبان» العام الماضي في فبراير (شباط) 2020 بالدوحة، على سحب القوات الأميركية من البلاد مقابل التزامات بشأن محادثات السلام وقضايا أخرى، في ذلك الوقت كان هناك نحو 14 ألف جندي، ووصل الآن إلى نحو 2500 جندي إذ تم سحب أكثر من 11 ألف جندي أميركي من أفغانستان، رغم أن صحيفة «نيويورك تايمز» ذكرت الأسبوع الماضي أن هناك ما يصل إلى 1000 من قوات العمليات الخاصة الإضافية في البلاد أيضاً.
وردا على سؤال حول المدة التي يمكن أن تبقى فيها القوات الأميركية في أفغانستان، قال بايدن: «لا أعتقد أن هناك الكثير من الوقت»، ملمحاً إلى أن الموعد النهائي في الأول من مايو «يمكن أن يحدث، لكنه صعب»، وألقى بايدن باللوم في تأخير الانسحاب على تأخير العملية الانتقالية من إدارة ترمب إلى بايدن بعد الانتخابات، قائلاً إن «الفشل في الانتقال المنظم من رئاسة ترمب إلى رئاستي (...) كلفني الوقت والعواقب».
بدوره، حذّر جيك سوليفان مستشار الأمن القومي لبايدن في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، من أن عدم التعاون بشأن القضايا الانتقالية مع إدارة ترمب قد يؤدي في الواقع إلى تأخير الانسحاب من أفغانستان، قائلاً في تصريحات لإذاعة «إن بي آر»، إنهم لم يحصلوا على نوع التعاون المفتوح والشفاف من قبل إدارة ترمب خلال الفترة الانتقالية.
فيما أكدت وزارة الخارجية الأميركية أمس الثلاثاء، أن السفير زلماي خليل زاد المبعوث الأميركي الخاص للمصالحة في أفغانستان سيحضر قمة موسكو المقرر انعقادها غدا الخميس، والتي تستضيف فيها روسيا الفرقاء الأفغان بهدف دفع عملية السلام الأفغانية، وإنهاء حالة الاحتقان في البلاد.
وقالت جالينا بورتر، نائبة المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، إن اجتماع موسكو لن يحل محل المحادثات الأخرى الجارية في الدوحة، لافتة إلى عدم وجود أي خطط لاستضافة أو الكشف عن أي اجتماعات محتملة أخرى بين الأفغان برعاية أميركية، مضيفة أن «الاجتماع سيكمل جميع الجهود الدولية الأخرى لدعم عملية السلام في أفغانستان، ويعكس أيضا مخاوف المجتمع الدولي بشأن التقدم المحرز حتى الآن».
وأشارت خلال المؤتمر الصحافي أول من أمس، إلى أن السفير خليل زاد حالياً أكمل زيارته إلى كابل العاصمة الأفغانية التي استمرت يومين، وكجزء من جهوده المستمرة لمحاولة تسريع عملية السلام والتوصل إلى تسوية سياسية ووقف دائم لإطلاق النار، فقد التقى بالرئيس الأفغاني أشرف غني، والرئيس عبد الله عبد الله المختص بالمحادثات ومناقشات السلام، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من القادة السياسيين، «وجميعهم مهمون في عملية السلام برمتها».
وكانت حركة «طالبان» المسلحة اتفقت مع حكومة الرئيس الأفغاني أشرف غني على حضور المؤتمر في روسيا، التي تسعى إلى إبراز دورها في جهود السلام الأفغانية، ومن ضمن الدول التي دعتها موسكو إلى الاجتماع هي الصين وباكستان أيضا، وقالت حركة «طالبان» يوم الاثنين إنها تعتزم إرسال وفد رفيع المستوى يتألف من عشرة أفراد برئاسة كبير المفاوضين الملا بارادار، لحضور الاجتماع في العاصمة الروسية.
بالمقابل، أعلنت تركيا مؤخراً أنها تخطط لاستضافة جولة أخرى من محادثات السلام الأفغانية في إسطنبول في أبريل (نيسان) الشهر القادم، واقترحت إدارة بايدن في وقت سابق من هذا الشهر استبدال الحكومة الأفغانية الحالية بواسطة إدارة مؤقتة حتى يتم الاتفاق على دستور جديد وإجراء الانتخابات.
وفي 12 مارس (آذار) الأسبوع الماضي، قال نيد برايس المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن الولايات المتحدة تعتزم لعب «دور داعم» في مفاوضات السلام، وإن ما يفعله السفير خليل زاد، يأتي بعد إدراك بأن هذه العملية يجب أن تكون مملوكة للأفغان أنفسهم، «ويجب أن يقودها الأفغان».
ومن أجل جعل الانسحاب الأميركي أكثر جدوى وعدم التخلي تماماً عن اتفاق الولايات المتحدة مع «طالبان»، طرح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين خطة سلام منقحة مع صيغة مؤقتة لتقاسم السلطة، واقتراحاً لإشراك الدول الرئيسية في المنطقة، وستحدد التطورات خلال الأسابيع المقبلة ما إذا كان بإمكان إدارة بايدن الالتزام بالموعد النهائي للانسحاب.
ومع ذلك، يرى الكثير من النقاد الأميركيين أنه بعد 20 عاماً لا يمكن لأي حكومة في أفغانستان أن تنجح دون مشاركة «طالبان»، وأنه لا يمكن لأي عملية سلام في أفغانستان أن تنجح دون دعم باكستان الكامل، إذ حذر بلينكين، الذي كتب أن رحيل الولايات المتحدة لا يزال يمثل اعتباراً نشطاً، من أن الانسحاب قد يؤدي إلى «مكاسب إقليمية سريعة» من قبل «طالبان».
لكن متحدثا باسم «طالبان» أعرب عن شكوكه بشأن الاقتراح الأميركي، قائلاً إن الحكومات الانتقالية أثبتت عدم فاعليتها، وإن الحركة لا تعتقد أن حكومة مؤقتة يمكن أن تتعامل مع تحديات البلاد، وفقاً لما تناقلته وسائل الإعلام الأميركية.
بايدن يلمح إلى مراجعة «اتفاق ترمب» مع طالبان... ويقرّ بصعوبة «الانسحاب» من أفغانستان
المبعوث الأميركي خليل زاد يشارك في «مؤتمر موسكو» غداً

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
بايدن يلمح إلى مراجعة «اتفاق ترمب» مع طالبان... ويقرّ بصعوبة «الانسحاب» من أفغانستان

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة