الشعراء والكتّاب بين النضوب المؤقت و«السكتة الإبداعية»

بعضهم يقع فريسة الاكتئاب أو الانتحار... وآخرون يقتاتون مما أنجزوه من قبل

محمد الماغوط - أحمد عبد المعطي حجازي - خليل حاوي
محمد الماغوط - أحمد عبد المعطي حجازي - خليل حاوي
TT

الشعراء والكتّاب بين النضوب المؤقت و«السكتة الإبداعية»

محمد الماغوط - أحمد عبد المعطي حجازي - خليل حاوي
محمد الماغوط - أحمد عبد المعطي حجازي - خليل حاوي

إذا كان قدر البشر العاديين أن يواجهوا لمرة واحدة التحدي الوجودي الذي يفرضه الموت على كلّ منهم، فإن الشعراء والمبدعين يواجهون هذا التحدي مرتين اثنتين، أعني الموت الإبداعي والموت البيولوجي. وإذا كان الخوف من الثاني هو القاسم المشترك بين سائر البشر، بمختلف أعمارهم ومستوياتهم الطبقية وهوياتهم القومية والإثنية، فإن الخوف من الثاني لا يقل سطوة عن الأول، عند المشتغلين بالأدب والشعر والفن. بل قد يكون أكثر مدعاة للألم الممض والتصدع النفسي، بالنسبة لمن يرون في الإبداع بمختلف تجلياته هويتهم الحقيقية ومعنى وجودهم على الأرض. فالخوف من الموت باستثناء حالات المرض الداهم، يصاحبه في الأعم الأغلب تأجيل دائم للفكرة، وتعاملٌ مع هذا الأخير بوصفه استحقاقاً يخص الآخرين وحدهم، فضلاً عن كون الموت يأتي مرة واحدة، يحلّ بعدها العدم المطبق والسكون التام، في حين العجز عن الكتابة أو العقم الإبداعي يمنح صاحبه شعوراً بالنقص والهلع وفقدان الجدوى، موازياً إلى حد بعيد لما يشعر به العنّينون؛ حيث أكثر من وجهٍ للشبه يربط بين الخصوبة الجنسية والخصوبة الإبداعية. كما أن المرء، من جهة أخرى، لا يوجد مع الموت في الحيز ذاته وفي الآن إياه، بل إن وجود أحدهما تأكيد على غياب الآخر، كما يذهب أحد الفلاسفة إلى القول. ولكن الشاعر أو الفنان يوجد مع عجزه الإبداعي في زمن واحد، بل في غرفة واحدة، ولذا فهو يتجرع في كل لحظة حنظل الإخفاق وسمّ النضوب المأساوي.
إن الكاتب الذي يكفّ مكرهاً عن الكتابة يشعر بغتة أنه فقد سلاحه الأمضى في وجه الحياة. ذلك أنه لا يجد ما يفعله خارج فضاء اللغة التي لا يتقن «مهنة» سواها، كما أشرت في مقالة سابقة عن مهن الشعراء والمبدعين. ومن الطبيعي أن يشعر ساعتئذ بهامشيته وبحضوره الطفيلي وغير المجدي، وبفقدانه للسلطة الرمزية التي يمتلكها على الكلمات، في عالم عديم الرحمة، يتم تقاسمه بشكل حاسم بين سلطات السياسة والأمن والمال، كما أن شأن الكاتب مع الموت لا يختلف عن شأنه مع الحياة. فالكتابة في عمقها هي تحايل على الموت، وبحث دؤوب عن معادل رمزي لعشبة الخلود التي فشل كلكامش في الاحتفاظ بها لمواجهة مصيره المحتوم، أو هي نوع من اللقاح الذي يحصن الروح ضد جرثومة الزوال ويمنحها مناعة أشدّ في وجه الهبوب المطّرد لرياح العدم. والواقع أن الوضع التراجيدي للمبدعين متصل بكونهم يذهبون أكثر مما يجب، في تقصيهم المعرفي وسط أرض مترعة بالشكوك؛ حيث يتحول العقل المهجوس بالبحث عن إجابات شافية إلى لعنة على صاحبه، على حد تعبير المتنبي. ولعل ما يجنّب البشر العاديين هذا النوع من المكابدات المأساوية، هو تصالحهم مع فكرة الموت، ومع المنظومة الثابتة للقوانين والحقائق الكونية التي يتقبلها هؤلاء بالقدر الأكبر من الرضا والإيمان والتسليم القلبي.
ولا بد من التمييز في هذا الصدد بين الانقطاع المؤقت عن الإنتاج، والنضوب النهائي للمبدعين. فمن الطبيعي، بل من الضروري في بعض الأحيان، أن تكون هناك انقطاعات زمنية معقولة بين دواوين الشعراء أو أعمال الكتاب والفنانين. فهذه الانقطاعات هي الفرص الثمينة التي لا بد منها للتأمل فيما أنجزه الكاتب من أعمال، ولتوفير مزيد من الاطلاع والتحصيل المعرفي، ولتهيئة الظروف الملائمة للانطلاق نحو كشوفات جديدة ومقاربات تعبيرية مختلفة. على أن هذا الانقطاع ما يلبث، متى طال أوانه، أن يتحول إلى خوف داهم من العقم، يقض مضجع الكتاب ويجعلهم فرائس حقيقية لشتى صنوف الوساوس والكوابيس. وقد عبّر غير كاتب عربي وأجنبي عن خوفهم العميق من النضوب النهائي إثر انقطاعهم القسري عن التأليف. فرغم كون نجيب محفوظ هو أحد أكثر الروائيين العرب غزارة في الإنتاج، فإن توقفه الطويل عن الكتابة مطلع خمسينات القرن الفائت، كان واحداً من أصعب المحن والمآزق التي واجهها في حياته. ففي حواره الطويل مع جمال الغيطاني يعترف صاحب «ثرثرة فوق النيل» بأن الثورة التي قام بها الضباط الأحرار على الحكم الملكي آنذاك، بدت من بعض النواحي وكأنها تجيب عن جميع الأسئلة التي طرحتها رواياته على الواقع المصري المأهول بالتصدعات، الأمر الذي دفعه إلى الخرس التام لـ5 سنوات كاملة، قبل أن يكتشف أن الواقع الجديد لم يكن وردياً بما يكفي لحلوله محل الكتابة. والأرجح أن صمت محفوظ الطويل عن البوح السردي قد أكسب كتابته مزيداً من النضج والاختمار، الأمر الذي يظهر جلياً من خلال «ثلاثيته» الشهيرة التي صدرت مباشرة بعد فترة الانقطاع.
لكن حقل الصمت لا يتطابق بشكل دائم مع بيدر الكلام، عند أولئك المصابين بـ«العنّة» الإبداعية. صحيح أن بعض الكتاب يعودون من فترة احتجابهم القسري بعصبٍ أشدّ وزخمٍ أكبر، ولكن الصحيح أيضاً أن آخرين كثراً لا يفلحون لدى عودتهم في إضافة أي شيء يُذكر إلى ما أنجزوه من قبل. وغالباً ما تكون أعمالهم اللاحقة مجرد تقليد باهت لأعمالهم السابقة. وإذ تفتقر تلك الأعمال إلى أي نكهة أو مسوغ أو مذاق، تبدو شبيهة بطعام بائت أو بما يبقى من الوليمة في يومها التالي. ولعل تجربة خليل حاوي الذي عاد إلى الكتابة، مرهقاً وشبه مُكرَه إثر فترة احتجابه، هي الدليل الساطع على ذلك. فحاوي الذي تمكن خلال فترة وجيزة من رفد الحداثة الشعرية العربية بمجموعات «نهر الرماد» و«الرعد الجريح» و«بيادر الجوع»، ذات اللغة العصبية والرؤى الانبعاثية القيامية، لم يضف من خلال عمليه الأخيرين اللذين أعقبا عقداً ونصفاً من الصمت القسري، ما يسوّغ له تلك العودة أو يبررها. إذ كشفت قصائده في تينك المجموعتين عن لغة باهتة وصور مكررة وتراكيب ذهنية مفتقرة إلى الحياة، متماهياً بذلك مع بطله «لعازر» الذي عاد من موته بارداً ومهيضاً ومسلوب الفحولة. وإذا لم يكن انتحار خليل حاوي متصلاً بالشعر وحده، بل بأسباب أخرى تتعلق بتكوينه الجيني والنفسي، كما بعلاقاته العاطفية الفاشلة وبالحال المزري الذي آلت إليه الأمة، فإنني أميل إلى الاعتقاد بأن طريق النجاة لم تكن لتوصد تماماً في وجه الشاعر، لو لم تعمد شياطينه الحرن إلى خذلانه والتخلي عنه. وهو ما أشار إليه محمود درويش في قصيدته «مديح الظل العالي» التي كتبها بعيد حصار بيروت، حين قال: «الشاعر انتحرتْ قصيدته تماماً... وثلاثة خانوه... تموزٌ وامرأةٌ وإيقاعٌ»، ملمحاً بذلك إلى انتحار حاوي التراجيدي في تلك الحقبة العصيبة من الزمن.
لم يكن محمد الماغوط من جهته بعيداً عن تجرّع كأس النضوب المرة التي تجرّعها خليل حاوي. فقد كتب مجموعتيه الأوليين «حزن في ضوء القمر» و«غرفة بملايين الجدران» خلال عامي 1959 و1960. بما يشبه الانعكاس التلقائي والمبكر لاندفاعة البدايات. وفيما كان عليه أن ينتظر 10 سنوات كاملة ليصدر مجموعته الثالثة «الفرح ليس مهنتي»، لم يلبث بعد ذلك أن أخلد على المستوى الشعري البحت إلى الصمت الكامل لما يزيد عن العقود الثلاثة، قبل أن يصدر مجموعتيه الأخيرتين «سياف الزهور» و«شرق عدن... غرب الله»، اللتين افتقرتا إلى جموح الأعمال الأولى ولغتها المتوترة. وإذا كانت المصادفات وحدها هي التي وفّرت لكل من الماغوط وحاوي نوعاً من التناظر اللافت في الصعود والهبوط وعدد المجموعات، فإن ما حمى الأول من مصير الثاني هو إقباله المفرط على الحياة، وعلاقته الساخرة بالوجود والأشياء، فضلاً عن تعدد المجالات التي واصل من خلالها مغامرة الكتابة، وتنوع نتاجه النقدي والمسرحي والسردي.
وفي سياق الحديث عن «الاحتباس» الإبداعي الطويل لدى الشعراء، لا بد أن يستوقفنا المسار الصعب والوتيرة المتفاوتة لعلاقة الشاعر المصري أحمد عبد المعطي حجازي بالشعر. فحجازي الذي كان شديد الاعتناء بلغته وأسلوبه، والذي بدأ مسيرته الشعرية بشكل مبكر عبر مجموعته المميزة «مدينة بلا قلب» لم يكن بوجه عام شاعراً غزير الإنتاج، كما تُظهر الفترات الزمنية الفاصلة بين أعماله. ومع ذلك فقد بدأ توقفه التام عن النشر في منتصف خمسيناته، أمراً غير عادي ومثيراً للتساؤل. فمنذ عام 1989 حتى اليوم بدت شياطين الشاعر وكأنها توقفت تماماً عن العمل، باستثناء مجموعة واحدة أصدرها في عام 2011 بعنوان «طلل الوقت»، موجهاً من خلالها التحية إلى الثورة المصرية الثانية التي أعادت إلى قصيدته ما يلزمها من أسباب الحيوية والتوهج والجدوى. وحين يُسأل حجازي عن مسببات صمته الطويل يجيب بأن شاعراً له خبرته وباعه الطويل في الكتابة يستطيع أن يستدعي الشعر ويكتبه ساعة يشاء، «غير أنني أفضل ألا أكتب القصيدة إلا إذا فرضت نفسها عليّ فرضاً، فلا أستطيع تجنبها». ثم يضيف قائلاً: «إن الشعر رائع كالحب وقاسٍ كالموت».
سيكون من المتعذر اختتام هذه المقالة عن صمت الشعراء، المؤقت أو الدائم، دون الإشارة إلى الشاعر الفرنسي الأشهر آرثر رامبو الذي وهب فرنسا والعالم، وقبل أن يبلغ العشرين من عمره، إحدى أكثر التجارب الشعرية فرادة وثراء، لينصرف بعد ذلك إلى التجارة والبحث عن المال، عبر مغامراته المشوقة والمحفوفة بالمخاطر إلى الحبشة واليمن، والتي ما لبثت أن تسببت بموته المبكر قبل بلوغه الأربعين. وإذا كان لا بد أخيراً من المفاضلة بين الخيارين القاسيين، الصمت أو اجترار الذات، اللذين يواجههما كثير من الشعراء والمشتغلين بالأدب والفن في مرحلة من المراحل، فإن الخيار الأول على خطورته، هو الذي يليق بالكتاب الحقيقيين الذين يؤثرون الخروج من الحلبة بكامل لياقتهم التعبيرية وشجاعتهم النبيلة، دون أن يمرغوا منجزهم الإبداعي السابق في وحول الرطانة الباهتة والتكرار السقيم.



لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
TT

لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)

في الوقت الذي يشهد تصاعداً للجدل حول إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه الأصلي في المدخل الشمالي لقناة السويس، قررت محكمة القضاء الإداري بمصر الثلاثاء تأجيل نظر الطعن على قرار إعادة التمثال لجلسة 21 يناير (كانون الثاني) الحالي، للاطلاع على تقرير المفوضين.

وتباينت الآراء حول إعادة التمثال إلى موقعه، فبينما رأى معارضو الفكرة أن «ديليسبس يعدّ رمزاً للاستعمار، ولا يجوز وضع تمثاله في مدخل القناة»، رأى آخرون أنه «قدّم خدمات لمصر وساهم في إنشاء القناة التي تدر مليارات الدولارات على البلاد حتى الآن».

وكان محافظ بورسعيد قد أعلن أثناء الاحتفال بالعيد القومي للمحافظة، قبل أيام عدة، بأنه طلب من رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه في مدخل القناة بناءً على مطالبات أهالي المحافظة، وأن رئيس الوزراء وعده بدراسة الأمر.

ويعود جدل إعادة التمثال إلى مدخل قناة السويس بمحافظة بورسعيد لعام 2020 حين تم نقل التمثال إلى متحف قناة السويس بمدينة الإسماعيلية (إحدى مدن القناة)، حينها بارك الكثير من الكتاب هذه الخطوة، رافضين وجود تمثال ديليسبس بمدخل قناة السويس، معتبرين أن «المقاول الفرنسي»، بحسب وصف بعضهم، «سارق لفكرة القناة وإحدى أذرع التدخل الأجنبي في شؤون مصر».

قاعدة تمثال ديليسبس ببورسعيد (محافظة بورسعيد)

ويعدّ فرديناند ديليسبس (1805 - 1894) من السياسيين الفرنسيين الذين عاشوا في مصر خلال القرن الـ19، وحصل على امتياز حفر قناة السويس من سعيد باشا حاكم مصر من الأسرة العلوية عام 1854 لمدة 99 عاماً، وتقرب من الخديو إسماعيل، حتى تم افتتاح القناة التي استغرق حفرها نحو 10 أعوام، وتم افتتاحها عام 1869.

وفي عام 1899، أي بعد مرور 5 سنوات على رحيل ديليسبس تقرر نصب تمثال له في مدخل القناة بمحافظة بورسعيد، وهذا التمثال الذي صممه الفنان الفرنسي إمانويل فرميم، مجوف من الداخل ومصنوع من الحديد والبرونز، بارتفاع 7.5 متر، وتم إدراجه عام 2017 ضمن الآثار الإسلامية والقبطية.

ويصل الأمر بالبعض إلى وصف ديليسبس بـ«الخائن الذي سهَّل دخول الإنجليز إلى مصر بعد أن وعد عرابي أن القناة منطقة محايدة ولن يسمح بدخول قوات عسكرية منها»، بحسب ما يؤكد المؤرخ المصري محمد الشافعي.

ويوضح الشافعي (صاحب كتاب «ديليسبس الأسطورة الكاذبة») وأحد قادة الحملة التي ترفض عودة التمثال إلى مكانه، لـ«الشرق الأوسط» أن «ديليسبس استعبد المصريين، وتسبب في مقتل نحو 120 ألف مصري في أعمال السخرة وحفر القناة، كما تسبب في إغراق مصر بالديون في عصري سعيد باشا والخديو إسماعيل، وأنه مدان بالسرقة والنصب على صاحب المشروع الأصلي».

وتعد قناة السويس أحد مصادر الدخل الرئيسية لمصر، وبلغت إيراداتها في العام المالي (2022- 2023) 9.4 مليار دولار، لكنها فقدت ما يقرب من 50 إلى 60 في المائة من دخلها خلال الشهور الماضية بسبب «حرب غزة» وهجمات الحوثيين باليمن على سفن في البحر الأحمر، وقدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخسائر بأكثر من 6 مليارات دولار. وفق تصريح له في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي.

في المقابل، يقول الكاتب المصري علي سعدة، إن تمثال ديليسبس يمثل أثراً وجزءاً من تاريخ بورسعيد، رافضاً ما وصفه في مقال بجريدة «الدستور» المصرية بـ«المغالطات التاريخية» التي تروّجها جبهة الرفض، كما نشر سعدة خطاباً مفتوحاً موجهاً لمحافظ بورسعيد، كتبه مسؤول سابق بمكتب المحافظ جاء فيه «باسم الأغلبية المطلقة الواعية من أهل بورسعيد نود أن نشكركم على القرار الحكيم والشجاع بعودة تمثال ديليسبس إلى قاعدته».

واجتمع عدد من الرافضين لإعادة التمثال بنقابة الصحافيين المصرية مؤخراً، وأكدوا رفضهم عودته، كما طالبوا فرنسا بإزالة تمثال شامبليون الذي يظهر أمام إحدى الجامعات الفرنسية وهو يضع قدمه على أثر مصري قديم.

«المهندس النمساوي الإيطالي نيجريلي هو صاحب المشروع الأصلي لحفر قناة السويس، وتمت سرقته منه، بينما ديليسبس لم يكن مهندساً، فقد درس لعام واحد في كلية الحقوق وأُلحق بالسلك الدبلوماسي بتزكية من والده وعمه وتم فصله لفشله، وابنته نيجريلي التي حصلت على تعويض بعد إثباتها سرقة مشروع والدها»، وفق الشافعي.

وكانت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية قد أصدرت بياناً أكدت فيه أن ديليسبس لا يستحق التكريم بوضع تمثاله في مدخل القناة، موضحة أن ما قام به من مخالفات ومن أعمال لم تكن في صالح مصر.

في حين كتب الدكتور أسامة الغزالي حرب مقالاً يؤكد فيه على موقفه السابق المؤيد لعودة التمثال إلى قاعدته في محافظة بورسعيد، باعتباره استكمالاً لطابع المدينة التاريخي، وممشاها السياحي بمدخل القناة.

وبحسب أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس المصرية والمحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، الدكتور جمال شقرة، فقد «تمت صياغة وثيقة من الجمعية حين أثير الموضوع في المرة الأولى تؤكد أن ديليسبس ليس هو صاحب المشروع، لكنه لص سرق المشروع من آل سان سيمون». بحسب تصريحاته.

وفي ختام حديثه، قال شقرة لـ«الشرق الأوسط» إن «ديليسبس خان مصر وخدع أحمد عرابي حين فتح القناة أمام القوات الإنجليزية عام 1882، ونرى بوصفنا مؤرخين أنه لا يستحق أن يوضع له تمثال في مدخل قناة السويس».