معارضون يطوون «عقداً على الثورة» بهجوم ضد قوات النظام

تأكيد فرنسي على «عدم الإفلات من العقوبات» في سوريا

شارع مدمر في دوما شرق دمشق (رويترز)
شارع مدمر في دوما شرق دمشق (رويترز)
TT

معارضون يطوون «عقداً على الثورة» بهجوم ضد قوات النظام

شارع مدمر في دوما شرق دمشق (رويترز)
شارع مدمر في دوما شرق دمشق (رويترز)

قتل 12 عنصراً على الأقل من قوات النظام السوري الثلاثاء جراء كمين نصبه مسلحون، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، في محافظة درعا جنوباً التي تشهد فوضى أمنية، ذلك مع بدء السنة الـ11 لبدء الأزمة السورية.
وتعدّ محافظة درعا «مهد» الاحتجاجات السلمية التي انطلقت قبل عشرة أعوام ضد النظام. ورغم توقيع الفصائل المعارضة فيها اتفاق تسوية مع دمشق إثر عملية عسكرية في العام 2018 فإنها تشهد بين الحين والآخر فوضى واغتيالات وهجمات.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «مجموعة من المسلحين هاجمت شاحنتين عسكريتين وحافلتين صغيرتين لقوات النظام لدى عبورها في محيط بلدة المزيريب في ريف درعا الغربي».
وكانت المجموعة التابعة لقوات النظام، وفق عبد الرحمن، في طريقها لاعتقال قيادي سابق في فصيل معارض، مطلوب من دمشق، أقدم العام الماضي على مهاجمة نقطة للشرطة في المنطقة وقَتَلَ عدداً من عناصرها.
وقال عبد الرحمن إن المسلحين الذين استهدفوا الآليات العسكرية بإطلاق النار عليها، يتبعون لهذا القيادي وقد استبقوا وصول القوة العسكرية إلى مقره لتوقيفه.
وأفاد «المرصد» باشتباكات اندلعت إثر ذلك بين الطرفين، وسط استقدام قوات النظام تعزيزات إلى المنطقة.
ومنذ استعادة قوات النظام السيطرة على محافظة درعا في صيف العام 2018 تشهد المنطقة تفجيرات واغتيالات تستهدف بشكل خاص قوات النظام أو مدنيين موالين لها أو معارضين سابقين. وبقي غالبية منفذي تلك الهجمات مجهولين.
وكان «المرصد» أفاد في 17 يناير (كانون الثاني) بمقتل ثلاثة جنود بهجوم مسلّح استهدف حاجزاً عسكرياً قرب المنطقة المنزوعة السلاح في الجولان المحتل في القنيطرة.
وتُعد محافظة درعا المنطقة الوحيدة التي لم يخرج منها كل مقاتلي المعارضة بعد استعادة النظام السيطرة عليها. ووضع اتفاق تسوية رعته موسكو حداً للعمليات العسكرية بين قوات النظام والفصائل المعارضة. ونصّ على أن تسلم الفصائل سلاحها الثقيل، لكنّ عدداً كبيراً من عناصرها بقوا في مناطقهم على عكس ما حصل في مناطق أخرى استعادها النظام، واحتفظوا بأسلحة خفيفة، فيما لم تنتشر قوات النظام في كافة أنحاء المحافظة. ولا توجد قوات النظام في بلدة المزيريب، التي تعد إحدى مناطق «المصالحات».
ودخل النزاع السوري الاثنين عامه الحادي عشر، مثقلاً بحصيلة قتلى تجاوزت 388 ألفاً، وعشرات آلاف المفقودين والنازحين، فضلا عن نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل سوريا وخارجها ودمار البنى التحتية واستنزاف الاقتصاد.
في هذه المناسبة، أعاد وزراء خارجية الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا، التأكيد على التزامهم بالحل السياسي للنزاع في سوريا. وذكّر الوزراء في بيان مشترك يوم الاثنين، بانتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الدولي وفظائع الحرب والأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب الأهلية.
وأضاف البيان «من الضروري أن ينخرط النظام وأنصاره بجدية في العملية السياسية، وأن يسمحوا بوصول المساعدات الإنسانية إلى المجتمعات المحتاجة». وأوضح أن «الانتخابات الرئاسية السورية المقترحة هذا العام لن تكون حرة ولا نزيهة، ولا ينبغي أن تؤدي إلى أي إجراء للتطبيع الدولي مع النظام السوري». وتابع «أي عملية سياسية بحاجة إلى مشاركة جميع السوريين، بمن في ذلك من هم في الشتات والنازحون في الداخل، حتى تُسمع كل الأصوات».
وصدر البيان عن وزراء الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين، والفرنسي جان إيف لودريان، والألماني هايكو ماس، والإيطالي لويجي دي مايو، والبريطاني دومينيك راب.
وقالوا إنهم «ملتزمون بتنشيط السعي للتوصل إلى حل سلمي» وإنهم «سيواصلون الضغط بحزم من أجل المساءلة عن أخطر الجرائم».
وأعلن الممثل الخاص للرئيس إيمانويل ماكرون المكلف ملف سوريا فرنسوا سينيمو أنه لا يجوز أن يفلت المسؤولون عن الفظاعات المرتكبة في سوريا خلال العقد الماضي، من العقاب.
وقال السفير خلال طاولة مستديرة نظمت عبر الإنترنت من جنيف حول النزاع في سوريا «قبل 10 سنوات بدأت مظاهرات سلمية في كافة أرجاء سوريا. مذاك تسببت الانتهاكات والتجاوزات العديدة لحقوق الإنسان التي يتحمل النظام السوري بشكل أساسي مسؤوليتها، بمعاناة إنسانية لا توصف».
وأضاف خلال هذه الطاولة المستديرة التي جرت على هامش الجلسة الـ46 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة «يجب ألا تبقى هذه الجرائم دون عقاب. عدم إفلات مرتكبي الجرائم الوحشية من العقاب أمر في غاية الأهمية لتحقيق سلام دائم ومصالحة حقيقية في سوريا».
ويأتي هذا النداء في حين تجري مفاوضات في مجلس حقوق الإنسان في جنيف لتجديد تفويض لجنة التحقيق الدولية بشأن سوريا كما في كل سنة.
وأوضح المسؤول الفرنسي أن مشروع القرار الذي سيصوت عليه الأعضاء الـ47 في مجلس حقوق الإنسان في نهاية الجلسة (22 أو 23 مارس)، «يشير بوضوح إلى أن النظام يتحمل المسؤولية الرئيسية لهذه الانتهاكات بما في ذلك بالطبع بحق آلاف المعتقلين والمفقودين».
وتابع أن «النظام القضائي الفرنسي يشارك في هذه المعركة ضد الإفلات من العقاب» مع «حوالي أربعين دعوى تتعلق بجرائم ارتكبت في المنطقة العراقية - السورية».
وأسفت كاترين مارشي - أوهيل القاضية الفرنسية التي تقود الآلية الدولية الحيادية والمستقلة، المكلفة في الأمم المتحدة التحقيق في الجرائم المرتكبة في سوريا، لغياب إطار دولي لملاحقة المسؤولين عنها.
وقالت: «لكننا حققنا تقدما»، مشيرة إلى أن النزاع في سوريا هو الأكثر توثيقا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية مع توافر الكثير من مقاطع الفيديو والصور والشهادات والصور الملتقطة بالأقمار الصناعية. وأضافت «هذا لا يجعل مهمة القضاء سهلة، لكن يجعلها ممكنة».
والآلية التي تديرها ومقرها جنيف، هي بمثابة «مكان مركزي لإيداع» الأدلة على أخطر الجرائم المرتكبة في سوريا.
وتابعت «نتعاون (...) مع 12 سلطة قضائية مختلفة وتلقينا 100 طلب مساعدة تتعلق بـ84 تحقيقا وملاحقة قضائية»، مشيدة بالمحاكمة التاريخية التي جرت في ألمانيا.
وفي 24 فبراير (شباط) حكم القضاء الألماني بالسجن أربع سنوات ونصف السنة على عضو سابق في الاستخبارات السورية لإدانته بتهمة «التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية»، في إطار أول محاكمة في العالم تتعلق بانتهاكات منسوبة إلى نظام بشار الأسد.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.