الجزائر: بدء مراجعة القوائم الانتخابية وسط «انقسام» الأحزاب السياسية

الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
TT

الجزائر: بدء مراجعة القوائم الانتخابية وسط «انقسام» الأحزاب السياسية

الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

انطلقت في الجزائر، أمس، عملية المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية، تمهيداً للانتخابات التشريعية المبكرة، المقررة في 12 يونيو (حزيران) المقبل، والتي أعلنتها السلطة في البلاد بعد قرار الرئيس عبد المجيد تبون حل البرلمان.
وتستمر العملية حتى 23 مارس (آذار) الحالي، بحسب ما أعلنته السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، وذلك بعد إعلان عدد من الأحزاب دخول المعترك الانتخابي، بينما أعلن حزب «العمال» اليساري، الذي تقوده لويزة حنون، مقاطعته الموعد، مقابل انتظار حسم باقي الأحزاب موقفها من هذه
الانتخابات.
ودعت سلطة الانتخابات المواطنين والمواطنات غير المسجلين في القوائم الانتخابية، لا سيما البالغين 18 عاماً، إلى تسجيل أسمائهم في اللجنة البلدية لمراجعة القوائم الانتخابية في بلدية إقامتهم، والتي تعمل تحت إشراف السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.
وينقسم الشارع الجزائري بين مؤيد للانتخابات، ومعارض لفكرة أن تكون حلاً جذرياً للأزمة التي تمر بها البلاد. ويعتقد المؤيدون قرارات الرئيس تبون أنه يجب إعطاء فرصة للسلطة لتثبت حسن نيتها في القطيعة مع النظام السابق، وعدم التشويش على قرارات الرئيس، عادّين ما يقوم به جهداً حقيقياً في سبيل التغيير.
وفي المقابل، يستمر مناهضو خطة السلطة في الخروج من المرحلة الراهنة بالتظاهر السلمي، رافعين شعارات رافضة لبقاء أي من الأسماء التي نشطت في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، متمسكين بمطالبهم في التغيير الجذري، وعدم مرور الانتخابات التشريعية في ظل الظروف السياسية الراهنة.
من جهة ثانية، طالب مدعون في الجزائر بالسجن 18 شهراً بحق صحافي يواجه اتهامات عدة؛ من بينها التشهير، وهي عقوبة عدّتها منظمة «مراسلون بلا حدود»؛ «غير متناسبة».
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فقد اتهمت وزارة الإعلام عبد الكريم ستوان، رئيس تحرير جريدة «السفير بودكست»، بـ«التشهير» و«انتهاك الخصوصية»، و«الابتزاز الصحافي»، و«نشر معلومات مغلوطة».
وترتبط الاتهامات بمقال زعم أن رئيس المجلس الشعبي الوطني، سليمان شنين، لدية علاقة خارج إطار الزواج، حسب ما ذكرته المنظمة الحقوقية.
وطالب المدعون في جلسة المحاكمة، التي انعقدت في بلدية سيدي أمحمد في العاصمة، بالسجن 18 شهراً لستوان، المحبوس احتياطياً منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. غير أن منظمة «مراسلون بلا حدود» عدّت، في بيان، العقوبة المقترحة «غير متناسبة»، ودعت السلطات للإفراج فوراً عن ستوان. ومن المتوقع صدور الحكم في 29 مارس الحالي، حسب وسائل إعلام جزائرية. وأوقفت السلطات الجزائرية وحاكمت عدداً من الصحافيين خلال الأشهر القليلة الماضية، من بينهم الصحافي خالد درارني؛ مؤسس موقع «قصبة تريبون» ومراسل قناة «تي في 5 موند» الفرنسية ومنظمة «مراسلون بلا حدود». وقد أفرج عن درارني الشهر الماضي بعد إصدار الرئيس عفواً عن سجناء الحراك.
وتقول منظمة «مراسلون بلا حدود» إن «الحياة السياسية غير المستقرة تزيد من المخاطر على حرية الإعلام في الجزائر»، مشيرة إلى أن «نتيجة للمضايقة القضائية، تكافح وسائل الإعلام الجزائرية للقيام بدورها». وجاءت الجزائر في المرتبة الـ146 (من بين 180) في «التصنيف العالمي لحرية الصحافة»، الصادر عام 2020 عن منظمة «مراسلون بلا حدود»، متراجعة 27 مرتبة مقارنة مع تصنيف عام 2015.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.