برقية مسربة لجهاز أمني تنذر بانفلات مسلح

TT

برقية مسربة لجهاز أمني تنذر بانفلات مسلح

لم يعد الهاجس الأمني يلاحق المواطنين والمقيمين على الأراضي اللبنانية فحسب؛ بل بات مصدر قلق الأجهزة الأمنية الموكلة إليها مهمة حفظ الاستقرار والسلم الأهلي، فالبرقية التي عممها جهاز الأمن العام على وحداته، وتضمنت تحذيراً واضحاً من تفلت أمني مسلح في الشارع جراء انهيار سعر صرف الليرة، والتي سُرّبت بالخطأ عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ألقت بثقلها على الواقع الأمني الصعب، ووضعت الناس في حال اضطراب وترقب لفوضى أمنية غير مسبوقة.
وتناقل اللبنانيون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، صورة لبرقية صادرة عن الأمن العام اللبناني، عززت من مخاوفهم ودفعت بهم للبحث عن حماية ذاتية، حيث جاء في نص البرقية: «توفرت معلومات أنه بالتزامن مع التدهور الاقتصادي والمالي، تم التداول بمعلومات عن التحضير لتصعيد كبير في الشارع، من الممكن أن يتطور إلى حصول عمليات ظهور مسلح وتوجه إلى منازل السياسيين». وأفادت البرقية بأن «الأمور ذاهبة نحو فوضى وعمليات تخريب واستخدام السلاح في الشارع وأعمال نهب وسرقة وتصفية حسابات بحجة ارتفاع سعر صرف الدولار والغلاء المعيشي، تنفيذاً لأجندات سياسية، وأن التوقيت أصبح بين ليلة وضحاها».
وبخلاف المعلومات التي كانت تتسرب سابقاً وتسارع الأجهزة الأمنية إلى نفيها، فقد أكد مصدر أمني بارز لـ«الشرق الأوسط»، أن برقية الأمن العام حقيقية ورسمية، وهي مذكرة داخلية معممة على كل الدوائر والمراكز الإقليمية التابعة للجهاز. وأشار المصدر إلى أن «البرقية مبنية على معلومات دقيقة، والهدف منها دعوة الوحدات التابعة للأمن العام لاتخاذ أقصى درجات الاستنفار والتدابير في مواجهة أي تطور يحصل على الأرض». ولفت إلى أن «الوضع الأمني دقيق وينذر بخروج الأمور عن السيطرة، في ظل اتساع رقعة الاحتجاجات الشعبية وحالة الغضب من الانهيار الاقتصادي، خصوصاً إذا ما اتجهت المؤسسات التجارية والأفران في الساعات المقبلة إلى الإقفال التام الذي لوّحت به».
وتضاربت التفسيرات حول خلفيات تسريب هذه الوثيقة، حيث عدّ مراقبون أن «تسريب هذه الوثيقة أمر مقصود، ويراد منه تخويف الناس وحضّهم على البقاء في منازلهم كي لا تتعاظم موجة الاحتجاجات». إلا إن المصدر الأمني لفت إلى أن البرقية «سُرّبت عن طريق الخطأ، ولا تندرج في خانة تخويف الناس، أو ثنيهم عن النزول إلى الشارع وقطع الطرقات»، مذكراً بأن ما أعلنه وزير الداخلية محمد فهمي قبل أيام من أن «الأمن بات مكشوفاً والبلاد مفتوحة على كل الاحتمالات، ليس مجرد تهويل، بل حقيقة قائمة».
في هذا الوقت، كشف مرجع قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن برقية الأمن العام «جدية ووصلت إلى من يعنيهم الأمر». ولفت إلى أن «الأجواء قاتمة في ظل انسداد أفق الحلول السياسية ووضع حد للانهيار القائم»، وأكد أن «الأجهزة الأمنية بدأت تعزز الحماية الشخصية لبعض السياسيين في موقع المسؤولية ولمنازلهم ومكاتبهم».
ويتلقف اللبنانيون هذه التحذيرات بقلق كبير؛ إذ تلجأ معظم العائلات إلى شراء وتخزين المواد الغذائية بما يكفيها لأيام طويلة، بالإضافة إلى حمايات ذاتية عبر تحصين مداخل المباني والمنازل بالأبواب الحديدية تحسباً لاقتحام المنازل وعمليات نهب من قبل عصابات تستغل الوضع القائم، في وقت لا تخفي فيه بعض الأحزاب أنها ستلجأ إلى الأمن الذاتي خصوصاً في المناطق ذات الصبغة الحزبية الواحدة، وهذا ينسحب أيضاً على أحياء في بيروت والمدن الكبرى المعرضة لأن تكون مسرحاً للفوضى.
ويؤكد المصدر الأمني أن «أجهزة الدولة العسكرية والأمنية لن تنكفئ عن القيام بواجبها في الحفاظ على الأمن، لكن هذه الأجهزة المنهكة أصلاً غير قادرة على توفير الحماية الأمنية على كامل الأراضي اللبنانية»، داعياً المواطنين إلى «مساعدة القوى الأمنية ومساعدة أنفسهم عبر تجنب التجول ليلاً إلا في حالات الضرورة القصوى»، لافتاً إلى أن «قلق الناس قد يكون مبرراً في هذه المرحلة الصعبة والمعقدة».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.