واشنطن تجدد التزامها بدعم الجيش اللبناني

زيارة ماكينزي لبيروت بلا أبعاد سياسية

TT

واشنطن تجدد التزامها بدعم الجيش اللبناني

لم تتعدَّ زيارة قائد «القيادة المركزية الوسطى في الجيش الأميركي (USCENTCOM)» الجنرال كينيث ماكينزي إلى لبنان الاثنين الماضي، إطارها العسكري، حيث لم يلتقِ ماكينزي أي مسؤول سياسي، وبعث برسالة أساسية مفادها بأن واشنطن ملتزمة بدعم الجيش اللبناني وراضية عن أدائه ومهامه، من غير الخوض في تفاصيل مرتبطة بانتشار الجيش على الحدود الشرقية.
وتُعدّ زيارة ماكينزي أول زيارة رسمية له بصفته «قائد المنطقة الوسطى» يلتقي خلالها العسكريين فقط، فقد قام في السابق بزيارة سريعة التقى فيها سياسيين إلى جانب قائد الجيش، أما في هذه المرة فقد حصر الزيارة في اللقاءات العسكرية، من اللقاء مع قائد الجيش العماد جوزيف عون، وزيارة الوحدات القتالية في الميدان.
ورفضت مصادر مواكبة للزيارة تحميلها أكثر من حجمها العسكري، مشددة على أنه «لا أبعاد سياسية لها»، خصوصاً أن قائد «القيادة الوسطى» الذي سبق ماكينزي كان زار لبنان مرات عدة، مما يعني أن الزيارة ليست استثناء، لكنها جاءت هذه المرة بموازاة حملة إعلامية داخلية على الجيش، ومن ضمنها تسريبات بأن الولايات المتحدة ستعلق مساعداتها له، فضلاً عن تزامنها مع أزمة اقتصادية طالت العسكريين اللبنانيين كما سائر اللبنانيين. وجزمت المصادر بأن الزيارة «أثبتت التزام واشنطن بمواصلة دعم الجيش اللبناني»، وتضاف إلى التهاني التي أتت من قيادات جيوش في العالم لدور الجيش اللبناني وقيادته في حماية الاستقرار في لبنان.
ورافق الجنرال ماكينزي ضباط من «القيادة المركزية الأميركية»، إضافة إلى سفيرة الولايات المتحدة لدى لبنان دوروثي شيا والملحق العسكري الأميركي روبرت ماين. وتضمنت الزيارة اجتماعات في السفارة الأميركية، وزيارات لمحطة ضخ المياه والطاقة الشمسية الممولة من «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية»، إضافة إلى زيارات لفوج الحدود البرية الثالث، وعدد من المنشآت العسكرية.
وأشارت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الجنرال الأميركي اطلع خلال زيارته للوحدات القتالية على استفادة الجيش اللبناني من المساعدات الأميركية والأسلحة التي تقدمها واشنطن للجيش، لافتة إلى أن ماكينزي اطلع على الإجراءات العسكرية اللبنانية.
ويحتل لبنان المرتبة الخامسة عالمياً بين الدول التي تتلقى أكبر نسبة مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة، وتشمل المساعدات التدريب والتسليح والمساعدات العينية، لكنها لا تشمل المساعدات المادية، في وقت يمارس فيه الجيش سياسة تقشّف، حيث قلص عدد الدورات التدريبية وألغى بعضها، كما ألغى كثيراً من أسفار ضباطه إلى الخارج بغرض عصر النفقات في هذه الظروف.
ولم تؤثر التغييرات في الإدارة الأميركية على الالتزام بدعم الجيش اللبناني، بالنظر إلى أن هناك مؤسسة تكمل مهامها بمعزل عن التغييرات، كما يقول سفير لبنان الأسبق في واشنطن رياض طبارة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «رسالة الزيارة كانت واضحة في الشق العسكري بأن الدعم للجيش مستمر، ولن تتخلى الولايات المتحدة عن تمكين الجيش اللبناني، ولا تزال ترعاه، ومهتمة بمساعدته».
ويرى أن الأولوية التي تتقاطع فيها أميركا مع روسيا وفرنسا في لبنان، تتمثل في الحيلولة دون انهيار البلاد، ويوضح أن «إحدى أبرز أولويات تلك الدول هو ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع إسرائيل؛ لأنها تؤثر على شركاتهم البترولية العاملة في (البحر) المتوسط وعلى إسرائيل». وقال: «سيزداد اهتمام الولايات المتحدة بالملف اللبناني عندما يقترب ترسيم الحدود من نقطة الإنجاز»، مشدداً على أن «هناك مؤسسات في الولايات المتحدة تكمل انطلاقاً مما أُنجز سابقاً ولا تتوقف عند التغييرات في الإدارة».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».