مشاورات تشكيل الحكومة تراوح مكانها وعودة تبادل الاتهامات بالتعطيل

بري مستقبلاً العريضي أمس (الوكالة الوطنية)
بري مستقبلاً العريضي أمس (الوكالة الوطنية)
TT

مشاورات تشكيل الحكومة تراوح مكانها وعودة تبادل الاتهامات بالتعطيل

بري مستقبلاً العريضي أمس (الوكالة الوطنية)
بري مستقبلاً العريضي أمس (الوكالة الوطنية)

تسقط مبادرات تأليف الحكومة في لبنان الواحدة تلو الأخرى ليستمر تبادل الاتهامات بالتعطيل من قبل الأفرقاء المعنيين، لا سيما فريق رئيس الجمهورية و«التيار الوطني الحر» من جهة، ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري و«تيار المستقبل» من جهة أخرى، فيما النتيجة لا تزال واحدة وهي أن كل ما يعلن لا يزال يدور في حلقة مفرغة رغم تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في لبنان.
وبعد فشل المبادرة التي كان يعمل عليها مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم والتي كانت تقضي بحصول رئيس الجمهورية ميشال عون على ستة وزراء ضمنهم وزير لحزب الطاشناق الأرمني، وجّهت الاتهامات مجددا إلى الرئيس عون ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، بتمسكهما بالثلث المعطل وهو ما أعلنه صراحة، قبل يومين النائب علي حسن خليل من «كتلة التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، ليعود أمس (الاثنين) كل من رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة والنائب في «تيار المستقبل» محمد الحجار لاتهام عون وباسيل ومن خلفهما «حزب الله» بـ«التعطيل».
واعتبر أن «لدى لبنان خيارين وعلى رئيس الجمهورية والرئيس المكلف أن يقتنعا بأن ليس هناك من خيار ثالث. إما أن تتألف حكومة فيتم فيها إرضاء اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي اللذين يريدان مساعدة لبنان، أو أن تتألف الحكومة كما يطالب عدد من السياسيين، لا سيما التيار الوطني الحر و(حزب الله)، أي أن تتألف حكومة من السياسيين الذين يريدون أن يتقاسموا السلطة فيما بينهم وهي يمكن أن تتألف لكنها ستولد ميتة». واعتبر أن «هناك طرفين يمنعان تأليف الحكومة هما: رئيس الجمهورية، ومن خلفه (حزب الله). الأول يريد حكومة تستطيع أن تلبي رغبته في الإمساك بالسلطة وتلبي طموح صهره (باسيل) وإنقاذه من المستنقع الذي أصبح فيه بعد إعلان العقوبات الأميركية عليه، وعينهما الآن هي على الانتخابات الرئاسية القادمة ومن سيتولى رئاسة الجمهورية. أما بالنسبة لـ(حزب الله)، فهو يتلطى وراء رئيس الجمهورية ولا يريد تأليف حكومة الآن، لأنه يريد أن يحتفظ بهذه الرهينة لصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية كي تضمها إيران إلى الرهائن الأخرى التي تحاول الاحتفاظ بها لتحسين أو تعزيز قدرتها التفاوضية المرتقبة مع الولايات المتحدة».
كذلك، اعتبر النائب في «تيار المستقبل» محمد الحجار في حديث تلفزيوني أن «ما يحصل في لبنان هو تلاقي إرادتين على تعطيل تأليف حكومة جديدة هما إرادة فريق رئيس الجمهورية والنائب باسيل بعدم السماح بتشكيل حكومة جديدة لا يكون لهذا الفريق قدرة تحكم كامل بقراراتها عبر ثلث معطل واضح أو مستتر، ويستطيع من خلالها ضمان المستقبل السياسي لباسيل الذي يجهد لتحسين ظروف ترشيحه لرئاسة الجمهورية، وهناك إرادة ثانية تلتقي مع الإرادة الأولى هي إرادة «حزب الله» كون إيران غير مستعجلة لذلك، وهي تريد الإمساك بالورقة اللبنانية بهدف استخدامها على طاولة مفاوضاتها مع أميركا والدول الغربية في ملفات النووي والصواريخ الباليستية، أي نفوذها في المنطقة، وتعتمد بذلك على (حزب الله) الذي يستند بدوره على التعقيدات التي يطرحها فريق عون - باسيل ويستفيد منها لتأخير تأليف الحكومة وبالتالي بقاء الورقة اللبنانية في يد إيران».
ولفت إلى أن «كل المبادرات التي تطرح بين الحين والآخر تفشل بسبب إصرار هؤلاء على تنفيذ مشاريعهم وإن لم يكن هناك ضغط فعلي يمارس على من بيده التوقيع ويمنع إصدار مراسيم التشكيل، أي على فريق رئيس الجمهورية، لن تكون هناك حكومة وستبقى الأمور تراوح مكانها ويدفع لبنان التكلفة الباهظة».
في المقابل، نفت مصادر في «التيار الوطني الحر» تمسك عون بالثلث المعطل، وتؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن مطلب الثلث المعطل تم تجاوزه، مشيرة إلى تجميد مبادرة اللواء إبراهيم فيما الحديث عن مبادرة لبري لم يتبلور حتى الساعة.
من جانبه، أبدى «حزب الله» حرصه على الإسراع بتشكيل الحكومة التي كانت حاضرة في زيارة وفد نوابه إلى موسكو. وأعلن النائب محمد رعد بعد لقائه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه «جرى عرض الوضع الحكومي، و(حزب الله) حريص على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة».
ورغم ذلك قال النائب ياسين جابر (كتلة بري)، إن «لا شيء ملموساً في موضوع تشكيل الحكومة حتى الساعة»، متمنياً على الرئيس عون أن «يبادر إلى عقد طاولة حوار». وقال في حديث تلفزيوني رداً على سؤال حول مبادرة الرئيس بري إن «رئيس مجلس النواب سيستمر بالمحاولة ولكن مرسوم تشكيل الحكومة يحتاج لاتفاق وتوقيع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة». وعن كلام باسيل أن الرئيس الحريري يضع التكليف في جيبه ويجول به حول العالم، رأى جابر أن «هذا الكلام لا يساعد على إيجاد حل»، لافتاً إلى أن «الحريري يظهر من خلال جولاته أنه يتمتع بعلاقات دولية».
وسُجّل أمس عدد من اللقاءات التي تمحورت حول الحكومة، حيث التقى الوزير السابق غازي العريضي بري، موفدا من رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، كما نقل الوزير السابق فريد الخازن عن اللواء إبراهيم، تصميمه على متابعة لقاءاته واتصالاته الهادفة إلى إيجاد حل للحكومة رغم الصعوبات التي تعتري هذا الملف الملتهب». وأكد أن «هذه المساعي هي بمثابة الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان، وإبعاده عن الهاوية التي قد تبتلع الجميع ولا تستثني أحدا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.