إسرائيل تتهم شركة سورية بالتسرب النفطي من شواطئها إلى لبنان

TT

إسرائيل تتهم شركة سورية بالتسرب النفطي من شواطئها إلى لبنان

أعلن الإعلام الإسرائيلي أمس (الاثنين) معطيات جديدة مرتبطة بالتسرب النفطي الذي ظهر على شواطئها الشهر الماضي وامتد إلى الشواطئ اللبنانية، تمثل باتهام شركة سورية تمتلك السفينة بالمسؤولية عما حصل، بعدما كانت وجّهت الاتهامات إلى إيران، في وقت سابق، وهو ما من شأنه أن ينعكس على مسار التحقيقات في هذه القضية.
ونقل موقع «روسيا اليوم» عن وسائل إعلام إسرائيلية أن شركة «بلاك كيوب» للتحقيق، أفادت وزارة حماية البيئة الإسرائيلية بأن الناقلة «إميرالد» مملوكة لشركة تدعى «أوريكس شيبينغ» وعنوانها المسجل في بيريوس، في اليونان، وهي شركة مملوكة لعائلة ملاح السورية.
وأظهرت المعلومات الواردة من شركة «بلاك كيوب» أيضاً أن السفن المملوكة لشركة «أوريكس شيبينغ» مؤمنة لدى النادي الإسلامي للحماية، وهي شركة تأمين معروفة على أنها الشركة الوحيدة في العالم التي تؤمن السفن الإيرانية.
وأشارت المعلومات التي قدمتها الشركة إلى أن مجموعة الملاح تمتلك عدة شركات وهمية مسجلة في جزر مارشال وبنما وحتى شركة بريطانية، وكلها مسجلة على العنوان نفسه في بيريوس اليوناني.
وكانت وزارة حماية البيئة الإسرائيلية، أعلنت أن الحكومة أرسلت وفداً من المحققين إلى اليونان لفحص سفينة يشتبه بأنها تسببت في تسرب نفطي غطى مناطق واسعة من سواحل إسرائيل بالقطران.
وهذا الأمر شغل لبنان أيضاً نتيجة تسرب النفط إلى شواطئه ولا سيما في الجنوب وهو ما وصفها البعض بالكارثة البيئية، واستدعى دعوات لفتح تحقيق بالأمر واتهامات لإسرائيل بافتعاله.
وإذا أراد لبنان اللجوء إلى المسار القانوني، فيشرح الخبير الدستوري ورئيس منظمة جوستيسيا الحقوقية في لبنان، بول مرقص، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «مع التحفظ لجهة ثبوت أو عدم ثبوت هذا الاشتباه لأن المصدر غير موثوق إلا أن المعالجة تكمن عبر الادعاء على مالكي ومشغلي السفينة بالتكافل والتضامن فيما بينهم دولياً وطلب التعويضات عن التسرب النفطي والأضرار الناجمة عنه»، مشيراً إلى أن «هناك تجارب سابقة على المستوى الدولي للتعويض عن البلاد التي تلوثت شواطئها نتيجة التسرب النفطي الناتج عن سفن ملاحية».
ويشرح أن «هناك أكثر من اختصاص مكاني للتقدم بهذه الدعوى أحدها هو مكان تسجيل السفينة، وذلك بعد التثبت من صحة الشبهة، بحيث يقتضي متابعة مسار السفينة للتأكد من دنوها من الشواطئ اللبنانية ومن حمولتها».
أما على المستوى الداخلي في لبنان فيفترض، بحسب مرقص، «إقرار مشروع مرسوم مرتبط بحوادث كهذه»، لافتاً إلى أن «جوستيسيا» كانت قد أعدته مرسوماً لمكافحة التسرب النفطي بالتعاون مع هيئة إدارة البترول لتفعيل التعبئة وخطة الاستجابة عند حصول حوادث مماثلة».
وأمس جددت كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري هذه الدعوة، وطالبت وزارة الخارجية في حكومة تصريف الأعمال بضرورة الإسراع لتكوين ملف حول العدوان البيئي الذي يطاول الشاطئ اللبناني من جنوبه حتى شماله جراء التسرب النفطي من جانب الكيان الإسرائيلي والتقدم به إلى الجهات والمنظمات الدولية المختصة ودعت أيضاً وزارتي البيئة والأشغال العامة والنقل لأخذ دورهما كاملاً إلى جانب الأندية والجمعيات الكشفية والبيئية ومؤازرتهم في إزالة الأضرار الناجمة عن هذا العدوان.
مع العلم، بأن الأسبوع الماضي، كانت أعلنت وزيرة حماية البيئة في الحكومة الإسرائيلية، غيلا غملئيل، أن تسرب النفط إلى الشواطئ الإسرائيلية جاء نتيجة لعمل تخريبي مقصود من إيران انتقاماً لاغتيال نائب وزير الدفاع الإيراني لشؤون الأبحاث، محسن فخري زادة وغيره من العمليات المنسوبة لإسرائيل ومقتل مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، قاسم سليماني، بضربة جوية أميركية مطلع العام الماضي.
وقالت مصادر في الوزارة الإسرائيلية، إن نتائج تحليل أجرته شركة «تانكر تراكرز» المتخصصة في تتبع السفن، أوضحت أن ناقلة النفط الإيرانية «إميرالد»، هي التي سكبت كميات هائلة من النفط الخام في عرض البحر الأبيض المتوسط. وقد نقلتها الأمواج إلى الشواطئ الشرقية بشكل كتل من الزفت والقطران، التي وصلت إلى الشواطئ الإسرائيلية، وكذلك اللبنانية والفلسطينية.



مطالبة يمنية بتعليق النشاط الأممي في مناطق سيطرة الحوثيين

الحوثيون استغلوا أحداث الحرب في غزة لشن حملات اعتقال واسعة بتهمة التجسس (أ.ف.ب)
الحوثيون استغلوا أحداث الحرب في غزة لشن حملات اعتقال واسعة بتهمة التجسس (أ.ف.ب)
TT

مطالبة يمنية بتعليق النشاط الأممي في مناطق سيطرة الحوثيين

الحوثيون استغلوا أحداث الحرب في غزة لشن حملات اعتقال واسعة بتهمة التجسس (أ.ف.ب)
الحوثيون استغلوا أحداث الحرب في غزة لشن حملات اعتقال واسعة بتهمة التجسس (أ.ف.ب)

تصاعدت الأزمة بين الحكومة اليمنية والأمم المتحدة، ودخلت مرحلة غير مسبوقة من التوتر على خلفية موقف الأخيرة من اعتقال جماعة الحوثيين العشرات من موظفي المنظمات الدولية والمحلية العاملة في المجال الإنساني والإغاثي، إذ ترى الحكومة أن ردة فعل المنظمة الأممية لا ترقى إلى مستوى الحدث، وأن إيقاف النشاط الأممي في مناطق سيطرة الجماعة هو الخطوة المطلوبة.

وذكرت مصادر في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الجانب الحكومي - ومنذ واقعة الاعتقالات - أبلغ الأمم المتحدة بضرورة اتخاذ مواقف قوية تضمن إطلاق سراح الموظفين المعتقلين وعدم تكرار مثل هذه الممارسات في المستقبل، إلا أنها فوجئت بالمواقف الأممية التي لم تتجاوز التصريحات فقط، بعد أن كان الجانب الأممي وعد بتأمين إطلاق سراح المعتقلين خلال ثلاثة أيام لكن ذلك لم يتم، بل رد الحوثيون بتوسيع نطاق الاعتقالات.

الحوثيون اعتقلوا موظفاً يمنياً في مكتب المبعوث الأممي غروندبرغ (الأمم المتحدة)

وأوضحت المصادر أن الجانب الحكومي أبلغ الأمم المتحدة بوضوح أنه سيتخذ خطوات تصعيدية في حال لم تتفاعل المنظمة مع الرسالة التي وجهها رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بهذا الخصوص منذ يومين، وعبر فيها عن الاستياء من الطريقة التي تعاملت بها المنظمة مع حملة الاعتقالات.

ووفق ما ذكرته المصادر، فإن الجانب الحكومي أبلغ مدير مكتب الأمم المتحدة في اليمن عدم رضاه عن ذهاب المدير إلى صنعاء والبقاء هناك لأكثر من أسبوعين، إذ رأت الحكومة في هذه الخطوة رسالة خاطئة للحوثيين، وتظهر تساهلاً من المكتب الأممي تجاه محنة الموظفين اليمنيين المعتقلين لدى الجماعة.

وأكدت المصادر أن النقاشات كانت صريحة، وتم تنبيه المكتب إلى أن المعتقلين يواجهون خطر التعذيب، أو الإحالة إلى محاكم غير عادلة، وسيواجهون أحكاماً بالإعدام.

وطالبت الحكومة اليمنية الجانب الأممي، حسب المصادر، بتحركات فعلية، ومواقف مختلفة عن الموقف الذي ظهر منذ واقعة الاعتقالات، وأكدت أن ما وصفته بـ«التساهل» الأممي والدولي دفع الحوثيين إلى توسيع رقعة الاعتقالات، إذ بلغ عدد المعتقلين 67 شخصاً.

وأشارت الحكومة اليمنية إلى أن الحوثيين تجاهلوا كل الدعوات، ولا يزالون حتى اللحظة يرفضون الإفصاح عن أماكن احتجاز المعتقلين، أو السماح لهم بالتواصل مع أسرهم، وأن هناك مخاطر حقيقية على حياتهم جراء التعذيب الذي يتعرضون له أثناء عملية الاستجواب.

أكثر من لقاء

عقد الجانب الحكومي اليمني، حسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، أكثر من لقاء مع مسؤولي الأمم المتحدة، وكذا المنظمات الإغاثية الدولية، وعبَّرَ خلال هذه اللقاءات عن الأسف إزاء المواقف «الضعيفة» تجاه الممارسات الحوثية التي بدأت منذ أربعة أعوام واستهدفت حينها أكثر من 20 من الموظفين اليمنيين لدى سفارة الولايات المتحدة وموظفين آخرين لدى مكاتب الأمم المتحدة، وامتدت إلى العاملين لدى منظمات دولية وتعذيبهم في المعتقل حتى الموت، كما حصل مع مسؤول السلامة في منظمة «حماية الطفولة» هشام الحكيمي، ومن بعده الخبير التربوي صبري الحكيمي، وصولاً إلى هذه الحملة الأخيرة.

أحد موظفي الأمم المتحدة قرب سيارة تابعة للمنظمة الدولية في صنعاء خلال زيارة سابقة للمبعوث غروندبرغ (إ.ب.أ)

المصادر أكدت أن الجانب الحكومي يتوقع أن تراجع الأمم المتحدة مواقفها وتستدرك مخاطر عدم اتخاذها مواقف رادعة وواضحة تجاه الحوثيين، وقالت إنه يعتقد أن تعليق عمل المكاتب الرئيسية للأمم المتحدة في صنعاء إلى حين إطلاق سراح الموظفين، وتقديم الحوثيين التزامات واضحة بضمان أمن وسلامة العاملين في المكاتب الأممية والمجال الإنساني بشكل عام، خطوة مهمة سيكون لها تأثير واضح، وسترغم الحوثيين على إطلاق سراح هؤلاء الأبرياء.

واستشهدت المصادر بالخطوة التي اتخذها برنامج الأغذية العالمي عندما قرر وقف توزيع المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ نهاية العام الماضي عندما أراد الحوثيون فرض قوائم المستفيدين بعيداً عن الآلية التي يتبعها البرنامج، وقالت إن هذا الموقف الشجاع أرغم الحوثيين على سحب اعتراضهم ووقف تدخلاتهم في تحديد المستفيدين من المساعدات التي يقدمها البرنامج.

اعترافات باطلة

علقت منظمة «هيومن رايتس ووتش» على المقاطع الجديدة التي نشرتها وسائل إعلام الحوثيين التي تتضمن ما يسمى بـ«اعترافات» أشخاص تم اعتقالهم تعسفياً ومختفين منذ عام 2021، ووصفتها بأنها «وسيلة لتبرير اعتقالات الحوثيين الأخيرة».

وقالت نيكو جعفراني، مسؤولة ملف اليمن في المنظمة، إن الدليل المعروض في تلك الاعترافات المسجلة «ليس دليلاً على التجسس»، إذ يعترف شخصان باستضافة ورش عمل كانت مختلطةً بين المشاركين من الذكور والإناث. و«يعترف» آخر بتقييم احتياجات الأقليات في اليمن.

اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين تشكل تهديداً حقيقياً لمجتمع العمل الإنساني (أ.ف.ب)

‏وأضافت جعفراني أن الاعترافات تفتقر إلى المصداقية، وتقوض الحق في محاكمة عادلة، خصوصاً أن فريق الخبراء البارزين التابع للأمم المتحدة قد وثق ومعه آخرون استخدام الحوثيين للتعذيب للحصول على اعترافات، إذ وجد الفريق في عام 2020 أن الحوثيين قاموا بتعذيب 14 رجلاً وصبي واحد، بما في ذلك استخدام العنف الجنسي لانتزاع الاعترافات.

‏وشددت المسؤولة في «هيومن رايتس ووتش» في تعليقها على أن تلك «الاعترافات» والاتهامات لا معنى لها، خصوصاً وأنها تأتي في سياق المطالب المرهقة من قِبَل الحوثيين للمنظمات غير الحكومية، إذ يشترط موافقتهم المسبقة على كل تفاصيل برامج الأمم المتحدة أو المجتمع المدني المقترحة، وهو ما يعني أن البرامج التي يزعمون أنها جزء من جهود التجسس قد تمت الموافقة عليها من قبلهم مسبقاً.