مساعٍ حوثية لبيع وتأجير خمسة مبانٍ حكومية في صنعاء

مقاتلون حوثيون في تجمع مسلح بصنعاء (د.ب.أ)
مقاتلون حوثيون في تجمع مسلح بصنعاء (د.ب.أ)
TT

مساعٍ حوثية لبيع وتأجير خمسة مبانٍ حكومية في صنعاء

مقاتلون حوثيون في تجمع مسلح بصنعاء (د.ب.أ)
مقاتلون حوثيون في تجمع مسلح بصنعاء (د.ب.أ)

أفادت مصادر مطلعة في العاصمة اليمنية صنعاء بأن الميليشيات الحوثية المسيطرة على المدينة تخطط لبيع وتأجير خمسة مبانٍ حكومية، وذلك في سياق سعيها لاستكمال تدمير المؤسسات الحكومية، بعد أن أخرجت معظمها عن الخدمة واستولت على أموالها وسرحت أغلب موظفيها.
وأوضحت المصادر أن الحوثيين يتوجهون حالياً لبيع أربعة مبانٍ تابعة للمؤسسة العامة للكهرباء في العاصمة المختطفة، وذلك في سياق التدمير الممنهج لما تبقى من البنية التحتية لقطاع الكهرباء.
وتحدثت المصادر عن أن الجماعة تستعد - في مخالفة واضحة للقانون وتعدٍ سافر على ممتلكات الدولة - لإبرام عقود بيع شاملة لمباني المناطق: «الأولى والثانية والثالثة والرابعة» التابعة للمؤسسة العامة للكهرباء في أمانة العاصمة لرجال أعمال وشخصيات نافذة ينتمي أغلبهم للجماعة.
وطبقاً للمصادر ذاتها التي تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، يقع مبنى المنطقة الثانية للكهرباء المتوقع البدء بعملية بيعه من قبل الانقلابيين في حي باب القاع، فيما يقع مبنى المنطقة الأولى بنطاق حي التحرير، كما تتوزع بقية مناطق الكهرباء الأخرى على أماكن وأحياء متفرقة من المدينة.
وفي الوقت الذي لم يبدِ فيه السكان استغرابهم من توجه الجماعة أخيراً نحو بيع وتأخير مبانٍ حكومية، لجهة أن ذلك هو طبيعة سلوك الميليشيات، قال موظفون في قطاع الكهرباء لـ«الشرق الأوسط» إن الجماعة لجأت سعياً لتمويل المجهود الحربي.
وسبق أن أعلنت الجماعة منتصف الأسبوع الماضي، عن رغبتها في تأجير مبنى الهيئة العامة لحماية البيئة الكائن بشارع الزبيري من خلال رفع لافتة إعلانية تؤكد عرض ذلك المبنى للإيجار.
كما التقط ناشطون محليون صوراً لإعلان حوثي على أحد أكبر المباني التابعة للهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، متضمناً عبارات: «فرصة استثمارية... تعلن هيئة التأمينات عن رغبتها في تأجير المبنى كاملاً أو بشكل جزئي للأدوار أو الأجنحة في كل دور».
وبحسب ملاحظات بعض الناشطين، فقد وضعت الجماعة في أسفل ذلك الإعلان عبارة تتضمن: «للاستفسار والتواصل... أرقام خاصة وليست مملوكة للهيئة أو القائمين عليها».
وفي تعليق ساخر على حسابه بموقع «تويتر»، علق النائب في البرلمان الخاضع للميليشيات الحوثية في صنعاء أحمد سيف حشد، قائلاً: «ومبنى مجلس النواب هل سيتم تأجيره بعد تعليق جلساته؟!»، في إشارة إلى قيام الجماعة بتجميد انعقاد جلسات النواب الموالين لهم.
ويرى مراقبون محليون أن عرض الميليشيات بالوقت الحالي لمبانٍ حكومية للبيع أو للإيجار في العاصمة المختطفة يأتي لاستكمال حلقات العبث والنهب التي تمارسها الجماعة في حق القطاعات العامة والخاصة والمختلطة، منذ اجتياحها بقوة السلاح صنعاء ومحافظات يمنية أخرى أواخر 2014.
ويشير المراقبون إلى أن معظم الوزارات والمقرات الحكومية تم إغلاقها وتعليق العمل فيها عقب الانقلاب والانقضاض الحوثي ونهب كل مخصصاتها وأصولها وأرصدتها والعبث بكل محتوياتها، وصولاً إلى تسريح الآلاف من موظفيها وسرقة مرتباتهم.
وعلى مدى سنوات الانقلاب الماضية، طال الاستهداف والتدمير الحوثي المنظم كل القطاعات الحكومية في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة كمؤسسات المياه والصرف الصحي والطرق والاتصالات والتعليم والصحة والمشتقات وغاز الطهي والكهرباء وغيره.
وكان موظفون يعملون في وزارة الكهرباء الخاضعة لسلطة الجماعة بصنعاء، أكدوا في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» وجود عمليات نهب واختلاس نفذتها الجماعة على مدى سنوات الانقلاب بحق عدد من القطاعات والمؤسسات والهيئات الحكومية في قطاع الكهرباء.
وفي أغسطس (آب) 2017، تحدثت تقارير محلية عن قيام القيادي في الميليشيات لطف الجرموزي، بتأجير محطات الكهرباء في صنعاء، وأبرزها محطتا حزيز وذهبان، لعدد من التجار الذين يكنون الولاء الطائفي للجماعة.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.