«الحرس» الإيراني يتحدث عن «فرض الشروط» بعد اقترابه من «حافة الحرب»

طهران تواصل تحريض ميليشيا الحوثي

قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي وقائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني في مراسم ذكرى قاسم سليماني في طهران مطلع يناير الماضي (تسنيم)
قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي وقائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني في مراسم ذكرى قاسم سليماني في طهران مطلع يناير الماضي (تسنيم)
TT

«الحرس» الإيراني يتحدث عن «فرض الشروط» بعد اقترابه من «حافة الحرب»

قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي وقائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني في مراسم ذكرى قاسم سليماني في طهران مطلع يناير الماضي (تسنيم)
قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي وقائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني في مراسم ذكرى قاسم سليماني في طهران مطلع يناير الماضي (تسنيم)

بعد أيام من تبرير «المرشد» علي خامنئي، الأنشطة الإقليمية الإيرانية، قال قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، إن بلاده «اقتربت من حافة الحرب عدة مرات»، لكنها «باتت اليوم تفرض شروطاً على الأعداء»، بسبب ما سماها «قوة الولاية»، في تلميح إلى ميليشيات متعددة الجنسيات تخوض الحرب بالوكالة عن طهران.
وقال سلامي إن بلاده «هزمت العدو» في «الحرب» الاقتصادية، كما «انهزمت الضغوط القصوى ومهندسها»، في إشارة إلى الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الذي أدار ظهره للاتفاق النووي، في مايو (أيار) 2018، وتبنى «سياسية الضغوط القصوى»، لإجبار طهران على قبول اتفاق أكثر شمولاً، يتضمن تعديل السلوك الإيراني الإقليمي وبرنامج الصواريخ الباليستية.
وقال سلامي، في خطاب أمام حشد من قوات «الباسيج» الذراع التعبوية لقوات «الحرس»، إن بلاده «اقتربت من حافة الحرب عدة مرات»، لكن «المرشد» علي خامنئي «وحده من دفع الأعداء للتراجع».
وفي أبريل (نيسان) 2019، أصدر خامنئي مرسوماً بتعيين سلامي، قائداً لجهاز «الحرس الثوري» الذي يعتبر قوة موازية لـ«الجيش الإيراني». وجاءت الخطوة بعد أقل من أسبوعين، على توقيع ترمب مرسوماً يصنف «الحرس الثوري» في قائمة المنظمات الإرهابية الدولية.
وسبقت الخطوتان بأيام قليلة، تنفيذ أمر لترمب يمنع إيران من دخول السوق العالمية للنفط، لتدخل الضغوط القصوى، إلى مستويات متقدمة في الذكرى الأولى للانسحاب من الاتفاق النووي. في المقابل، أعلنت إيران عن خطة «الانسحاب التدريجي من الاتفاق النووي»، رداً على العقوبات الأميركية. وحتى 5 يناير (كانون الثاني) 2020 اتخذت 5 خطوات من تجميد التزامات الاتفاق النووي، لكنها في كل مرة، قالت ستعود للالتزام، في حال حصلت على تعويض عن العقوبات الأميركية من أطراف الاتفاق، خاصة الثلاثي الأوروبي. وتزامناً مع ابتعاد إيران عن التزاماتها النووية، تعرضت عدة سفن وناقلات نفط في خليج عمان، ومضيق هرمز إلى تفجيرات، ولحقت بها أضرار، وارتفع منسوب التوتر مع احتجاز إيران ناقلة نفط بريطانية، رداً على احتجاز ناقلتها النفطية في باب المندب، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة، والدول الأوروبية، إلى تشكيل وحدتين لحماية أمن الملاحة، في صيف 2019.
وفي 20 يونيو (حزيران) 2019، أعلن «الحرس الثوري» أنه أسقط «درون» أميركية من طراز «آر كيو 4 غلوبال هوك». وفي يوليو (تموز)، من نفس العام، هدد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بشن هجمات في مضائق عدة، أحدها مضيق هرمز، محذراً نظيره الأميركي من «اللعب بالنار» وأن «الحرب مع إيران ستكون أم الحرب». ومن جانبه، حذّر ترمب الإيرانيين من «مصير لم يختبره سوى قلة في التاريخ». وآنذاك، قطع مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني، التلاسن بين الرئيسين، ولوّح بما سماها «حرب غير متكافئة» ضد القوات الأميركية في المنطقة، دون مشاركة عسكرية مباشرة من القوات المسلحة الإيرانية. وذلك في إشارة إلى ميليشيات تزودها طهران بالأسلحة والمال.
وفي سبتمبر (أيلول) 2019، تعرضت منشأتان لـ«أرامكو» لهجوم بصواريخ وطائرات درون، ورغم تبني ميليشيا الحوثي للهجوم، لكن مسؤولين عسكريين أميركيين حددوا مواقع في جنوب إيران، انطلق منها الهجوم.
وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول) من نفس العام، قتل متعاقد أميركي في هجوم صاروخي لفصيل من «حزب الله» العراقي، على قاعدة عسكرية في كركوك شمال العراق، وردّت القوات الأميركية بغارة جوية قتلت 25 مقاتلاً من الموالين لإيران. وبعد أقل من أسبوع على الحادث، أمر ترمب في 3 يناير العام الماضي، بضربة جوية قضت على سليماني في بغداد. وقتل مع نائب قائد «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس. وردت إيران في 8 يناير، بإطلاق ما يصل إلى 10 صواريخ باليستية، على قاعدة «عين الأسد» العراقية، التي تضم القوات الأميركية.
ومع تفشي جائحة كورونا، تراجع التوتر نسبياً في عدة مناطق، رغم استمرار الهجمات بصواريخ الكاتيوشا على المنطقة الخضراء في العراق، وضربات غامضة تعرضت لها منشآت إيرانية في صيف 2020، كان أبرزها التفجير في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم، قبل أن يستهدف هجوم معقد، في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، محسن فخري زاده، نائب وزير الدفاع لشؤون الأبحاث، وهو العقل المدبر للأبعاد العسكرية في البرنامج النووي الإيراني.
في أعقاب اغتيال فخري زاده، سارع البرلمان الإيراني إلى إصدار قانون «ملزم» للحكومة، لاتخاذ حزمة ثانية من إجراءات جديدة للابتعاد عن التزامات الاتفاق النووي، وبموجبها رفعت من يناير حتى الآن، عدد أجهزة الطرد المركزي المتطورة في منشأة نطنز، كما رفعت نسبة تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 20 في المائة، في عودة إلى مستوى ما قبل الاتفاق النووي. وأنتجت لأول مرة في برنامجها النووي، معدن اليورانيوم الذي يستخدم لإنتاج أسلحة نووية، لكن صحيفة إيرانية، كشفت في وقت سابق من هذا الشهر، أن الرئيس الإيراني أصدر أمراً بوقف الخطوة، وهي معلومة لم تؤكد أو تنفيها الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأوقفت طهران العمل بالبرتوكول الملحق بمعاهدة حظر الانتشار، لكنها توصلت إلى اتفاق مشروط مع مدير الوكالة الدولية يسمح للوكالة بالتحقق من الأنشطة الحساسة.
وجاءت الخطوة الجديدة تحت مسمى «الخطوة الاستراتيجية لرفع العقوبات»، في محاولة للضغط على إدارة بايدن، الذي أعرب عن نيته العودة إلى الاتفاق. بموازاة الحزمة الثانية من انتهاك إيران للاتفاق النووي، ارتفع منسوب التوتر في المنطقة، ورفعت ميليشيات عراقية من نسق الهجوم على المصالح الأميركية في العراق، وهاجمت مطار أربيل بصواريخ كاتيوشا، ما أسفر عن مقتل مقاول أميركي وجرح 6 آخرين، بينهم جندي أميركي، ما دفع الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إصدار أمر بتوجيه ضربة لميليشيات عراقية موالية لإيران في شرق سوريا.
والشهر الماضي، تعرضت سفينة تجارية إسرائيلية في خليج عمان، لتفجير غامض، في تكرار لسيناريو مايو (أيار) 2019. ورجحت تقديرات إسرائيلية أن تكون إيران وراء الهجوم، فيما نسبته صحيفة «كيهان» المقربة من مكتب «المرشد» إلى «محور المقاومة»، واعتبره رداً على قصف ميليشيات المحور الموالي لإيران، وذلك وسط «إنكار» رسمي ورد على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية. وهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بتوجيه ضربات للإيرانيين في أنحاء المنطقة.
نهاية الأسبوع الماضي، تعرضت سفينة «شهركرد» لشحن الحاويات الإيرانية لأضرار، في هجوم بالبحر المتوسط. ووجّهت إيران أصابع الاتهام إلى إسرائيل. ونسب موقع «نور نيوز» المنبر الإعلامي للمجلس الأعلى للأمن القومي في طهران، إلى محقق إيراني قوله إن مقذوفات من طائرة درون ربما تكون وراء الهجوم. وفي هذا الإطار، حمل تصعيد ميليشيات الحوثي، بإطلاق مسيرات مفخخة وصواريخ باليستية، خلال الأيام الأخيرة، بصمات التصعيد الإيراني في المنطقة.
والأسبوع الماضي، دافع «المرشد» الإيراني عن السلوك الحوثي، وانتقد الأمم المتحدة والإدارة الأميركية على حد سواء. وحاول في نفس الخطاب تبرير حضور إيران الإقليمي بأنه بـ«طلب رسمي» من الحكومتين العراقية والسورية، واتهم الأطراف الأخرى بـ«قلب الحقائق» و«تضخيم» الدور الإيراني، وهو الأمر الذي فسره محللون بمحاولة لامتصاص غضب الشارع الإيراني من الإنفاق على الأنشطة الإقليمية، بينما يواجه الإيرانيون أزمة اقتصادية متفاقمة. وعلى غرار خامنئي، قال قائد «الحرس» الإيراني، أمس، إن «أميركا لديها آلاف القوات في العراق، لكنها مجبرة على التراجع من هذا البلد». ورأى أن عمليات الميليشيا الحوثية تدرج في هذا السياق. وأشار سلامي ضمناً إلى احتمال عودة الولايات المتحدة وإيران إلى طاولة المفاوضات، ضمن مجموعة 5+1 الموقعة على الاتفاق النووي.

وقال في نبرة تحذير: «سنخسر إذا حاصرتنا شروطهم، لكن سنفوز عندما نضع الشروط للأعداء». وأضاف: «اليوم نفرض الشروط على الأعداء». وقال: «حدث عدة مرات أن يمسك بنا العدو في قبضته، واقتربنا من حافة الحرب عدة مرات، لكن قوة الولاية دفعت العدو للوراء». وصرح: «لدينا أسلحة، كثيرة ومتطورة، أي لم نعد نتحدث بأيادٍ فارغة».
قبل ذلك بيومين، تحدث قائد «فيلق القدس»، إسماعيل قاآني، عن «تقدم» يومي للمحور الإيراني، وتوعد بـ«تدمير الجدار الذي تشيده إسرائيل حولها». وقال أيضاً: «سنكسر عظام أميركا، وسنسمع صوت كسرها في الوقت المناسب».
وكرر قاآني حرفياً نبرة خامنئي التحريضية، عندما أشار إلى صواريخ وطائرات درون بحوزة ميليشيا الحوثي، ولفت إلى «8 هجمات» للميليشيا التي تحظى برعاية إيرانية، خلال 10 أيام، ضد المنشآت المدنية السعودية، واعتبر سلوكهم استمراراً لـ«نهج» الخميني.
والأربعاء، قال الرئيس حسن روحاني إن المنطقة «ستشهد ظروفاً أفضل إذا عادت أميركا للاتفاق النووي»، في إشارة ضمنية إلى تحركات إيران الإقليمية.



تركيا تؤكد أن هدفها الاستراتيجي في سوريا هو القضاء على «الميليشيا الكردية»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
TT

تركيا تؤكد أن هدفها الاستراتيجي في سوريا هو القضاء على «الميليشيا الكردية»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)

قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، يوم أمس (الجمعة)، إن القضاء على الميليشيا الكردية السورية المدعومة من الولايات المتحدة هو «الهدف الاستراتيجي» لبلاده، ودعا أعضاء الميليشيا إلى مغادرة سوريا أو إلقاء السلاح.

وفي مقابلة مع قناة «إن تي في» التركية، دعا فيدان أيضاً حكام سوريا الجدد -المعارضة المسلحة التي اجتاحت دمشق والمدعومة من أنقرة- إلى عدم الاعتراف بالميليشيا، المعروفة باسم «وحدات حماية الشعب».

يذكر أن المجموعة متحالفة مع الولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) لكن تركيا تعتبرها «منظمة إرهابية» وتهديداً أمنياً.

وقال فيدان «يجب على أعضاء وحدات حماية الشعب غير السوريين مغادرة البلاد في أسرع وقت ممكن... يجب على مستوى القيادة بوحدات حماية الشعب بأكمله مغادرة البلاد أيضاً... بعد ذلك، يجب على من يبقوا أن يلقوا أسلحتهم ويواصلوا حياتهم».

وأكد وزير الخارجية التركي أن بلاده أقنعت روسيا وإيران بعدم التدخل عسكرياً في سوريا خلال هجوم الفصائل المعارضة الذي أدى إلى إسقاط بشار الأسد.

وقال فيدان، إن «الأمر الأكثر أهمية قضى بالتحدث إلى الروس والإيرانيين والتأكد من أنهم لن يتدخلوا عسكرياً في المعادلة. تحدثنا إلى الروس والإيرانيين وقد تفهموا».

وأضاف: «بهدف الإقلال قدر الإمكان من الخسائر في الأرواح، جهدنا لتحقيق الهدف من دون سفك دماء عبر مواصلة مفاوضات محددة الهدف مع لاعبَين اثنين مهمين قادرين على استخدام القوة».

واعتبر الوزير التركي أنه لو تلقّى الأسد دعم روسيا وايران، لكان «انتصار المعارضة استغرق وقتاً طويلاً، وكان هذا الأمر سيكون دموياً».

وأضاف: «لكنّ الروس والإيرانيين رأوا أنّ هذا الأمر لم يعد له أيّ معنى. الرجل الذي استثمروا فيه لم يعد يستحق الاستثمار. فضلاً عن ذلك، فإن الظروف في المنطقة وكذلك الظروف في العالم لم تعد هي نفسها».

وإثر هجوم استمر أحد عشر يوما، تمكنت الفصائل السورية المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام الأحد من إسقاط الأسد الذي فر إلى روسيا مع عائلته.