إبراهيموفيتش... لاعب موهوب يبحث دائماً عن مجده الشخصي

انتقاد لاعب ميلان لرياضيين يدافعون عن قضايا إنسانية يؤكد أنه لم يعرف بعد القيمة الحقيقية للرياضة

يقدم إبراهيموفيتش أداء ممتازاً مع ميلان  هذا الموسم (أ.ف.ب)
يقدم إبراهيموفيتش أداء ممتازاً مع ميلان هذا الموسم (أ.ف.ب)
TT

إبراهيموفيتش... لاعب موهوب يبحث دائماً عن مجده الشخصي

يقدم إبراهيموفيتش أداء ممتازاً مع ميلان  هذا الموسم (أ.ف.ب)
يقدم إبراهيموفيتش أداء ممتازاً مع ميلان هذا الموسم (أ.ف.ب)

يعتقد النجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش أنه يجب على المرء أن يلتزم بالقيام بما يجيده، وهذا هو سبب حديثه عن نفسه مرة أخرى! ربما يكون مهاجم ميلان الإيطالي فريداً من نوعه بين لاعبي النخبة في عالم كرة القدم في الوقت الحالي في هذا الصدد، رغم المجهود الهائل الذي يبذله داخل المستطيل الأخضر، لكن ربما تكون أبرز حلقات مسيرته الكروية التي لا تنسى تتمثل في تصريحاته الشخصية! وربما تكون أكبر إشادة يمكن أن تقولها بحق إبراهيموفيتش كلاعب كرة قدم هي أنه في بعض الأوقات يكون جيداً حقاً كما يقول!
من المؤكد أننا لا ننسى ذلك الهدف الشهير الذي أحرزه بمجهود فردي رائع عندما كان يلعب بقميص أياكس أمستردام الهولندي قبل 17 عاماً، كما لا ننسى تلك اللقطة التي تلاعب فيها باللاعب الإنجليزي ريان شوكروس في إحدى المباريات الدولية، ولا ننسى كذلك الهدف الذي سجله في الشباك الخالية في أول ظهور له مع لوس أنجليس غالاكسي الأميركي. من المؤكد ومن الواضح للجميع أن النجم السويدي يمتلك قدرات وإمكانيات هائلة كلاعب كرة قدم من العيار الثقيل، لكن من المؤكد أيضاً أنه يركز دائماً على هدف واحد وهو الإدلاء بتصريحات استفزازية عن نفسه، وهي النقطة التي يتفوق فيها على الجميع ولا ينافسه فيها أي شخص آخر!
وجاء أحدث تلك التصريحات مؤخراً، عندما سُئل إبراهيموفيتش في مقابلة صحافية عن رأيه في نجم كرة السلة الأميركية ليبرون جيمس، حيث رد النجم السويدي قائلاً: «لا أحب عندما يصل الناس إلى مكانة معينة أن يمارسوا السياسة والرياضة في الوقت نفسه. افعل ما تجيده، واعمل في المجال الذي تتفوق فيه. أنا ألعب كرة القدم لأنني الأفضل في لعب كرة القدم. أنا لا أشتغل بالسياسة». ورفض ليبرون جيمس الانتقادات التي وجهها له إبراهيموفيتش، بسبب أنشطته السياسية والاجتماعية. وكان إبراهيموفيتش قد قال في تصريحات لقناة «ديسكفري» التلفزيونية قبل أيام إن ليبرون جيمس لاعب لوس أنجليس ليكرز وغيره من الرياضيين الذين لهم أنشطة مماثلة، عليهم أن يكرسوا أنفسهم لرياضاتهم.
ولكن ليبرون جيمس الذي اعتلى منصة التتويج بدوري السلة الأميركي أربع مرات في مسيرته، قال: «لن أصمت أبداً بشأن الأشياء الخاطئة». وأضاف: «أتحدث عن شعبي وعن المساواة والعدالة الاجتماعية والعنصرية وقمع الناخبين... لا يمكن أن ألتزم بالرياضة فقط، لأنني أدرك أهمية هذه المنصة ومدى قوة صوتي من خلالها».
ووصف إبراهيموفيتش النجم جيمس بأنه «استثنائي فيما يفعله»، لكنه أضاف: «افعل ما تجيده. أعمل في الفئة التي تنتمي لها. ألعب كرة القدم لأنني أفضل في لعب كرة القدم، ولست سياسيا. ولو كنت سياسيا، لكنت قد انخرطت في السياسة». وتابع إبراهيموفيتش: «هذا هو أول خطأ يرتكبه المشاهير عندما يكتسبون الشهرة ويصلون إلى وضع معين. بالنسبة لي، من الأفضل تجنب موضوعات معينة والقيام بما تجيده، وإلا لا تستقيم الأمور». لكن ليبرون جيمس أشار أيضاً إلى أن إبراهيموفيتش، المولود لأبوين من البوسنة وكرواتيا، كان قد اشتكى من العنصرية في السويد قبل أعوام، بسبب أصوله.
لكن يتعين على إبراهيموفيتش أن يعلم أن الرياضة والسياسة متشابكتان مع بعضهما البعض. ودائماً ما كانت الرياضة، منذ أيامها الأولى، وسيلة للسيطرة وسفينة للتغيير وتعبيراً عن القوة وتعبيراً عن المقاومة. ومن ماركوس راشفورد إلى كولين كابيرنيك إلى نعومي أوساكا إلى ليبرون جيمس نفسه، نادراً ما كانت فكرة الناشط الرياضي مترسخة بعمق في ثقافتنا. نحن نعرف هذا الأمر جيداً، كما يعرفه إبراهيموفيتش نفسه، لأنه سبق أن وصف الملاكم العظيم محمد علي بأنه الرياضي المفضل بالنسبة له على الإطلاق، نظراً «لما فعله داخل الحلبة وخارجها». ولذا، ربما يكون هذا ببساطة هو السبب الذي يجعل زلاتان إبراهيموفيتش يعمل على بناء علامته التجارية الخاصة ويصور نفسه دائماً على أنه الرياضي الموهوب الذي يقول تصريحات تثير الجدل ويتذكرها الجميع. ومع ذلك، إذا قرأت ما بين السطور، سوف تدرك على الفور أن توقيت تصريحات إبراهيموفيتش والهدف منها ليسا من قبيل الصدفة.
وبالتالي، فإن السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: لماذا اتخذ إبراهيموفيتش هذا الموقف؟ ولماذا الآن؟ ربما تكون الإجابة على السؤال الأول هي الأسهل. فمنذ نشأته في مالمو، يسعى زلاتان دائماً لتحقيق المجد الشخصي، سواء كان ذلك في صورة القوة أو الأهداف التي يسجلها أو السمعة التي يصنعها لنفسه أو الجوائز التي يحصل عليها أو الثروة. وبينما يشق إبراهيموفيتش طريقه في كرة القدم الأوروبية، فإنه يسعى دائماً لتصوير نفسه على أنه الرجل الذي يصنع مصيره بنفسه من خلال إيمانه الشديد بنفسه وبتفانيه في العمل. لقد قال ذات مرة في مقابلة مع هذه الصحيفة: «إذا كنت تؤمن بنفسك فستنجح لا محالة، فكل شيء يعتمد عليك».
وهكذا فإن الأهداف الرائعة التي يحرزها، وتعليقاته المثيرة للجدل حول كرة القدم النسائية، وصفعه للخصوم، والقدرة على الاستمرار في تقديم مستويات جيدة رغم وصوله إلى التاسعة والثلاثين من عمره، كل هذا يأتي حقاً من المكان نفسه ويؤكد على حق الفرد في فعل أي شيء يريده. وعندما كان إبراهيموفيتش يلعب بقميص باريس سان جيرمان، برر راتبه البالغ 250 ألف جنيه إسترليني أسبوعياً على أن «السوق هي من تحدد السعر»، واشتكى من معدل الضريبة في فرنسا على أصحاب الدخول المرتفعة.
وسواء اتفقنا أو اختلفنا مع ما يقوم به إبراهيموفيتش، فإن الحقيقة هي أن ما يقوم به عبارة عن مسألة سياسية بالفطرة. وعلى النقيض من ذلك، فإن النضال من أجل حقوق السود مثلا هو حركة اجتماعية واسعة وعالمية بدون مقياس واضح للنصر، وبالتالي لا يمكن لشخص مثل إبراهيموفيتش أن يصور نفسه على أنه بطل الرواية المنتصر في قضية كهذه. لكن هذا لا يعني أنه معادٍ لهذه القضية.
وبصفته معارضاً صريحاً للجوع العالمي، وكضحية للعنصرية عندما كان طفلاً، كان بإمكانه أن يلعب دوراً أكبر وأكثر بروزاً في مكافحة العنصرية وأن يتحدث عن هذه القضية على الملأ. لكن القيام بذلك كان سيتطلب منه أن يكون جزءاً من شيء أكبر وأكثر أهمية منه، ومن غير الواضح تماماً ما إذا كان يعتقد أن هناك شيئاً أكبر منه أم لا!
ومع اقترابه من سن الأربعين، يرى إبراهيموفيتش أبطالاً جدداً يظهرون من حوله، مثل النجم البلجيكي روميلو لوكاكو الذي أعلن عن نفسه بصفته «الملك الجديد» لميلانو. وفي جميع أنحاء العالم، يستغل الرياضيون شهرتهم لتسليط الضوء على الظلم والدعوة للتغيير. لقد تغيرت اللعبة، وتغيرت القواعد المنظمة لها، وبالتالي ينبغي أن تتغير فكرتنا عن الشكل الذي يجب أن يبدو عليه النجم الرياضي وما الذي يجب أن يفعله. ويجب أن نعرف أن العظمة الحقيقية - والإرث الذي لا يمكن المساس به والذي لطالما كان إبراهيموفيتش يطمح إليه - يأتي وفق مجموعة مختلفة من الظروف. ولذا، ربما عندما يرى إبراهيموفيتش رياضيين من أمثال ليبرون جيمس وستيف كاري والطبقة الجديدة من الرياضيين الناشطين، فإنه يرى شيئاً آخر يتمثل في المسار الذي لم يسلكه هو، وهذا النوع من العظمة الرياضية التي لم يصل إليها، رغم كل ما حققه في عالم كرة القدم!


مقالات ذات صلة

مورينيو يزرع جهاز تسجيل للحكم خلال تعادل روما

الرياضة مورينيو يزرع جهاز تسجيل للحكم خلال تعادل روما

مورينيو يزرع جهاز تسجيل للحكم خلال تعادل روما

استعان جوزيه مورينيو مدرب روما بفكرة مستوحاة من روايات الجاسوسية حين وضع جهاز تسجيل على خط جانبي للملعب خلال التعادل 1 - 1 في مونزا بدوري الدرجة الأولى الإيطالي لكرة القدم أمس الأربعاء، مبررا تصرفه بمحاولة حماية نفسه من الحكام. وهاجم مورينيو، المعروف بصدامه مع الحكام دائما، دانييلي كيفي بعد المباراة، قائلا إن الحكم البالغ من العمر 38 عاما «أسوأ حكم قابله على الإطلاق». وقال المدرب البرتغالي «لست غبيا، اليوم ذهبت إلى المباراة ومعي مكبر صوت، سجلت كل شيء، منذ لحظة تركي غرفة الملابس إلى لحظة عودتي، أردت حماية نفسي».

«الشرق الأوسط» (روما)
الرياضة نابولي يؤجل فرصة التتويج بالدوري الإيطالي بنقطة ساليرنيتانا

نابولي يؤجل فرصة التتويج بالدوري الإيطالي بنقطة ساليرنيتانا

أهدر نابولي فرصة حسم تتويجه بلقب الدوري الإيطالي لكرة القدم للمرة الأولى منذ 33 عاماً، بتعادله مع ضيفه ساليرنيتانا 1 - 1 في منافسات المرحلة الثانية والثلاثين، الأحد، رغم خسارة مطارده لاتسيو على أرض إنتر 1 - 3. واحتاج نابولي الذي يحلّق في صدارة جدول ترتيب الدوري إلى الفوز بعد خسارة مطارده المباشر، ليحقق لقبه الثالث في «سيري أ» قبل 6 مراحل من اختتام الموسم. لكن تسديدة رائعة من لاعب ساليرنيتانا، السنغالي بولاي ديا، في الشباك (84)، أجّلت تتويج نابولي الذي كان متقدماً بهدف الأوروغوياني ماتياس أوليفيرا (62). ولم يُبدِ مدرب نابولي، لوتشيانو سباليتي، قلقاً كبيراً بعد التعادل قائلاً: «يشعر (اللاعبون) ب

«الشرق الأوسط» (نابولي)
الرياضة إرجاء مباراة نابولي وساليرنيتانا إلى الأحد لدواعٍ أمنية

إرجاء مباراة نابولي وساليرنيتانا إلى الأحد لدواعٍ أمنية

أُرجئت المباراة المقررة السبت بين نابولي المتصدر، وجاره ساليرنيتانيا في المرحلة الثانية والثلاثين من الدوري الإيطالي لكرة القدم إلى الأحد، الساعة 3 بعد الظهر بالتوقيت المحلي (13:00 ت غ) لدواعٍ أمنية، وفق ما أكدت رابطة الدوري الجمعة. وسبق لصحيفة «كورييري ديلو سبورت» أن كشفت، الخميس، عن إرجاء المباراة الحاسمة التي قد تمنح نابولي لقبه الأول في الدوري منذ 1990. ويحتاج نابولي إلى الفوز بالمباراة شرط عدم تغلب ملاحقه لاتسيو على مضيفه إنتر في «سان سيرو»، كي يحسم اللقب قبل ست مراحل على ختام الموسم. وكان من المفترض أن تقام مباراة نابولي وساليرنيتانا، السبت، في الساعة 3 بالتوقيت المحلي (الواحدة ظهراً بتو

«الشرق الأوسط» (نابولي)
الرياضة نابولي لوضع حد لصيام دام ثلاثة عقود عن التتويج بلقب الدوري الإيطالي

نابولي لوضع حد لصيام دام ثلاثة عقود عن التتويج بلقب الدوري الإيطالي

بدأت جماهير نابولي العد التنازلي ليوم منشود سيضع حداً لصيام دام ثلاثة عقود عن التتويج في الدوري الإيطالي في كرة القدم، إذ يخوض الفريق الجنوبي مواجهة ساليرنيتانا غدا السبت وهو قادر على حسم الـ«سكوديتو» حسابياً. وسيحصل نابولي الذي يتصدر الدوري متقدماً بفارق 17 نقطة عن أقرب مطارديه لاتسيو (78 مقابل 61)، وذلك قبل سبع مراحل من نهاية الموسم، على فرصته الأولى لحسم لقبه الثالث في تاريخه. ويتوجب على نابولي الفوز على ساليرنيتانا، صاحب المركز الرابع عشر، غدا السبت خلال منافسات المرحلة 32، على أمل ألا يفوز لاتسيو في اليوم التالي في سان سيرو في دار إنتر ميلان السادس.

«الشرق الأوسط» (روما)
الرياضة كأس إيطاليا: مواجهة بين إنتر ويوفنتوس في خضم جدل بسبب العنصرية

كأس إيطاليا: مواجهة بين إنتر ويوفنتوس في خضم جدل بسبب العنصرية

سيكون إياب نصف نهائي كأس إيطاليا في كرة القدم بين إنتر وضيفه يوفنتوس، الأربعاء، بطعم المباراة النهائية بعد تعادلهما ذهاباً بهدف لمثله، وفي خضمّ أزمة عنوانها العنصرية. ولا يزال يوفنتوس يمني نفسه بالثأر من إنتر الذي حرمه التتويج بلقب المسابقة العام الماضي عندما تغلب عليه 4 - 2 في المباراة النهائية قبل أن يسقطه في الكأس السوبر 2 - 1. وتبقى مسابقة الكأس المنقذ الوحيد لموسم الفريقين الحالي على الأقل محلياً، في ظل خروجهما من سباق الفوز بلقب الدوري المهيمن عليه نابولي المغرّد خارج السرب. لكن يوفنتوس انتعش أخيراً بتعليق عقوبة حسم 15 نقطة من رصيده على خلفية فساد مالي وإداري، وبالتالي استعاد مركزه الثال

«الشرق الأوسط» (ميلانو)

عراقي فقد بصره يحقّق حلمه بتأسيس أول فريق كرة قدم للمكفوفين (صور)

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
TT

عراقي فقد بصره يحقّق حلمه بتأسيس أول فريق كرة قدم للمكفوفين (صور)

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
أعضاء الفريق (أ.ف.ب)

قبل 16 عاماً، فقد عثمان الكناني بصره فألمّ به خوف من فقدان صلته بكرة القدم التي يهواها منذ صغره. لكن إصراره على عدم الاستسلام دفعه إلى توظيف شغفه في تأسيس أوّل فريق للمكفوفين في العراق وإدارة شؤونه.

ويقول الرجل الذي يبلغ حالياً 51 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «عندما فقدت بصري، عشت سنة قاسية، نسيت فيها حتى كيفية المشي، وأصبحت أعتمد في كل شيء على السمع».

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)

في عام 2008، فقد المدير السابق لمكتبة لبيع الكتب واللوازم المدرسية، البصر نتيجة استعمال خاطئ للأدوية لعلاج حساسية موسمية في العين، ما أدّى إلى إصابته بمرض الغلوكوما (تلف في أنسجة العصب البصري).

ويضيف: «ما زاد من المصاعب كان ابتعادي عن كرة القدم». ودام بُعده عن رياضته المفضّلة 8 أعوام.

شكّل الكناني فريقاً لكرة الهدف حيث يستخدم اللاعبون المكفوفون أيديهم لإرسال الكرة إلى الهدف (أ.ف.ب)

لكن بدعم «مؤسسة السراج الإنسانية» التي شارك في تأسيسها لرعاية المكفوفين في مدينته كربلاء (وسط) في 2016، شكّل الكناني فريقاً لكرة الهدف، حيث يستخدم اللاعبون المكفوفون أيديهم لإرسال الكرة إلى الهدف.

وظلّ يلعب مع هذا الفريق حتى شكّل في عام 2018 فريقاً لكرة القدم للمكفوفين وتفرّغ لإدارة شؤونه.

ويتابع: «أصبحت كرة القدم كل حياتي».

واعتمد خصوصاً على ابنته البكر لتأمين المراسلات الخارجية حتى تَواصلَ مع مؤسسة «آي بي إف فاونديشن (IBF Foundation)» المعنيّة بكرة القدم للمكفوفين حول العالم.

يتّخذ الفريق من ملعب مخصّص للعبة خماسي كرة القدم في بغداد مكاناً لتدريباته 3 مرات أسبوعياً (أ.ف.ب)

وكانت «الفرحة لا توصف» حين منحته المؤسسة في عام 2022 دعماً ومعدات من أقنعة تعتيم للعيون وكُرات خاصة.

ويوضح: «هكذا انطلق الحلم الرائع».

ويؤكّد أن تأسيس الفريق أتاح له «إعادة الاندماج مع الأصدقاء والحياة»، قائلاً: «بعد أن انعزلت، خرجت فجأة من بين الركام».

4 مكفوفين... وحارس مبصر

وانطلق الفريق بشكل رسمي مطلع العام الحالي بعدما تأسّس الاتحاد العراقي لكرة القدم للمكفوفين في نهاية 2023، وتشكّل من 20 لاعباً من محافظات كربلاء وديالى، وبغداد.

ويستعد اليوم لأوّل مشاركة خارجية له، وذلك في بطولة ودية في المغرب مقرّرة في نهاية يونيو (حزيران).

ويتّخذ الفريق من ملعب مخصّص للعبة خماسي كرة القدم في بغداد، مكاناً لتدريباته 3 مرات أسبوعياً. ومن بين اللاعبين 10 يأتون من خارج العاصمة للمشاركة في التمارين.

يصيح اللاعبون بكلمة «فوي» («أنا أذهب» بالإسبانية) بغية تحديد أماكن وجودهم في الملعب (أ.ف.ب)

ومدّة الشوط الواحد 20 دقيقة، وعدد اللاعبين في المباراة 5، منهم 4 مكفوفون بالكامل بينما الحارس مبصر.

وخلال تمارين الإحماء، يركض اللاعبون في مجموعات من 4 ممسكين بأذرع بعضهم مع أقنعة على أعينهم.

وتتضمّن قواعد لعبة كرة القدم للمكفوفين كرات خاصة، ينبثق منها صوت جرس يتحسّس اللاعب عبره مكان الكرة للحاق بها.

ويقوم كلّ من المدرّب والحارس بتوجيه اللاعبين بصوت عالٍ.

يبلغ طول الملعب 40 متراً وعرضه 20 متراً (أ.ف.ب)

بعد ذلك، يأتي دور ما يُعرف بالمرشد أو الموجّه الذي يقف خلف مرمى الخصم، ماسكاً بجسم معدني يضرب به أطراف المرمى، لجلب انتباه اللاعب وتوجيهه حسب اتجاه الكرة.

ويصيح اللاعبون بكلمة «فوي» («أنا أذهب» بالإسبانية) بغية تحديد أماكن وجودهم في الملعب لئلّا يصطدموا ببعضهم.

وحين يمرّ بائع المرطبات في الشارع المحاذي للملعب مع مكبرات للصوت، تتوقف اللعبة لبضع دقائق لاستحالة التواصل سمعياً لمواصلة المباراة.

تمارين الإحماء لأعضاء الفريق (أ.ف.ب)

وبحسب قواعد ومعايير اللعبة، يبلغ طول الملعب 40 متراً وعرضه 20 متراً، بينما يبلغ ارتفاع المرمى 2.14 متر، وعرضه 3.66 متر (مقابل ارتفاع 2.44 متر، وعرض 7.32 متر في كرة القدم العادية).

لا تردّد... ولا خوف

وخصّصت اللجنة البارالمبية العراقية لألعاب ذوي الاحتياجات الخاصة راتباً شهرياً للاعب قدره ما يعادل 230 دولاراً، وللمدرب ما يعادل تقريباً 380 دولاراً.

لكن منذ تأسيس الفريق، لم تصل التخصيصات المالية بعد، إذ لا تزال موازنة العام الحالي قيد الدراسة في مجلس النواب العراقي.

ويشيد رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم للمكفوفين طارق الملا (60 عاماً) بالتزام اللاعبين بالحضور إلى التدريبات «على الرغم من الضائقة المالية التي يواجهونها».

اللاعبون يملكون روح الإصرار والتحدي (أ.ف.ب)

ويوضح: «البعض ليست لديه موارد مالية، لكن مع ذلك سيتحمّلون تكاليف تذاكر السفر والإقامة» في المغرب.

ويضيف: «أرى أن اللاعبين لديهم إمكانات خارقة لأنهم يعملون على مراوغة الكرة وتحقيق توافق عضلي عصبي، ويعتمدون على الصوت».

ويأمل الملّا في أن «تشهد اللعبة انتشاراً في بقية مدن البلاد في إطار التشجيع على ممارستها وتأسيس فرق جديدة أخرى».

ودخل الفريق معسكراً تدريبياً في إيران لمدة 10 أيام، إذ إن «المعسكر الداخلي في بغداد غير كافٍ، والفريق يحتاج إلى تهيئة أفضل» للبطولة في المغرب.

وعلى الرغم من صعوبة مهمته، يُظهر المدرّب علي عباس (46 عاماً) المتخصّص بكرة القدم الخماسية قدراً كبيراً من التفاؤل.

خلال تمارين الإحماء يركض اللاعبون في مجموعات من 4 ممسكين بأذرع بعضهم مع أقنعة على أعينهم (أ.ف.ب)

ويقول: «اللاعبون يملكون روح الإصرار والتحدي، وهذا ما يشجعني أيضاً».

ويشير عباس، الذي يكرس سيارته الخاصة لنقل لاعبين معه من كربلاء إلى بغداد، إلى أن أبرز صعوبات تدريب فريق مثل هذا تتمثل في «جعل اللاعبين متمرّسين بالمهارات الأساسية للعبة لأنها صعبة».

وخلال استراحة قصيرة بعد حصّة تدريبية شاقّة وسط أجواء حارّة، يعرب قائد الفريق حيدر البصير (36 عاماً) عن حماسه للمشاركة الخارجية المقبلة.

ويقول: «لطالما حظيت بمساندة أسرتي وزوجتي لتجاوز الصعوبات» أبرزها «حفظ الطريق للوصول من البيت إلى الملعب، وعدم توفر وسيلة نقل للاعبين، والمخاوف من التعرض لإصابات».

ويطالب البصير الذي يحمل شهادة في علم الاجتماع، المؤسّسات الرياضية العراقية الحكومية «بتأمين سيارات تنقل الرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى أماكن التدريب للتخفيف من متاعبهم».

ويضيف: «لم تقف الصعوبات التي نمرّ بها حائلاً أمامنا، ولا مكان هنا للتردد، ولا للخوف».