حكومة دبيبة تستعد لتسلم السلطة من «الوفاق» بعد أداء اليمين

«الجيش الوطني» يعلن اعتقال متطرفين في الجنوب الليبي... وأنباء عن ضربات أميركية

دبيبة يلقي كلمة أمام البرلمان في سرت الثلاثاء الماضي عشية نيل حكومته ثقة «النواب» (أ.ب)
دبيبة يلقي كلمة أمام البرلمان في سرت الثلاثاء الماضي عشية نيل حكومته ثقة «النواب» (أ.ب)
TT

حكومة دبيبة تستعد لتسلم السلطة من «الوفاق» بعد أداء اليمين

دبيبة يلقي كلمة أمام البرلمان في سرت الثلاثاء الماضي عشية نيل حكومته ثقة «النواب» (أ.ب)
دبيبة يلقي كلمة أمام البرلمان في سرت الثلاثاء الماضي عشية نيل حكومته ثقة «النواب» (أ.ب)

تستعد حكومة الوحدة الليبية الجديدة، برئاسة عبد الحميد دبيبة، والتي تؤدي اليمين الدستورية اليوم أمام مجلس النواب بمقره في مدينة طبرق شرقاً، لمراسم تسلم «شكلية» للسلطة في العاصمة الليبية طرابلس، من حكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، المنتهية ولايتها.
ونفى محمد حمودة، المتحدث باسم رئيس الحكومة لـ«الشرق الأوسط» أن يكون بعض وزراء الحكومة طلبوا عدم أداء اليمين في بنغازي، واعتبر أن «المشكلة تتعلق بالأوضاع والترتيبات، وليس برغبة الأشخاص من عدمها». وقال إنه «لا توجد مواعيد محددة أو مجدولة للقاء محتمل بين دبيبة والمشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني».
وأوضح حمودة أنه «سيتم القيام بمراسم التسليم والتسلم قريباً مع حكومة الوفاق في طرابلس»، لافتاً إلى أنه مجرد «إجراء شكلي»؛ حيث تنص المادة السابعة في اتفاق جنيف الذي أسفر عن السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا، بأن تؤول المهام كافة إلى الحكومة الجديدة فور نيلها الثقة بشكل تلقائي. وقال إن حكومة السراج غيّرت موقفها، وبدأت في التعاون مع الحكومة الجديدة بذلك الخصوص، مضيفاً: «لا توجد أي عرقلة تذكر، بخلاف ما ورد قبل نيلنا الثقة»، في إشارة إلى اتهام دبيبة للسراج بعرقلة حكومته قبل حصولها على ثقة مجلس النواب في مدينة سرت. وسئل عن مدى صحة وجود ملف جنائي ينتظر السراج من قِبل حكومة الوحدة أو ما يسمى بالنائب العام، فقال حمودة: «لا أستطيع التأكيد بعد، فنحن تسلمنا منذ أول من أمس فقط».
ومن المقرر أن يحضر جلسة تنصيب حكومة دبيبة، سفراء بعض الدول الغربية وممثلو عددٍ من البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى ليبيا، بالإضافة إلى رئيس المجلس الأعلى للقضاء محمد الحافي.
وكان مجلس النواب أعلن نقل جلسته كما كان مقرراً من مدينة بنغازي إلى مدينة طبرق لأسباب تنظيمية ولوجستية، لكن أعضاء في البرلمان قالوا إن عدداً من ممثلي المنطقة الغربية، اعترضوا على عقد الجلسة في بنغازي.
بدوره، استبق دبيبة هذه الجلسة بالإعلان أمس أنه بصدد إصدار حزمة قرارات رئاسية لصالح المواطن، من بينها رفع الحد الأدنى للأجور وزيادة الرواتب، موضحاً أن حكومته ستبحث ملف تعويضات المواطنين بسبب الحروب وتغير سعر الصرف.
وكان دبيبة قرر تجميد حركة حسابات الشركات العامة والصناديق الاستثمارية والشركات التابعة لها، كما انتقد سوء إدارة الأزمة الصحية وتأخر تسليم الجرعات اللقاحية المضادة لـ«كوفيد 19» في عهد حكومة الوفاق، وتعهد بإطلاق حملة جديدة بروحية جديدة.
بدورها، تعهدت نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة بمراجعة ملفات موظفي الوزارة، وإحالة من يثبت تزويره للشهادات والمستندات الرسمية، إلى جهات الاختصاص.
ورأت المنقوش على خلفية ما تضمنه تقرير ديوان المحاسبة الأخير بشأن شبهات تزوير بالشهادات لموظفي الخارجية، أنه أمر مخجل ومؤسف حقاً، واعتبرت أن من زوّر شهادة وضحك على نفسه وأرضاها بهذا التزوير والبهتان، يمكن أن يبيع وطنه بأبخس الأثمان.
من جهة أخرى، أعلنت قيادة «الجيش الوطني» أن قواته نفذت عملية نوعية ضد «تنظيم داعش» جنوب البلاد، مشيراً إلى أن عناصر من كتيبتي «العاصفة» و«116» اقتحمت وكراً للتنظيم الإرهابي في مدينة أوباري على بعد نحو 1000 كيلومتر جنوب طرابلس.
وأوضح الجيش أن قواته اعتقلت رجلين وامـرأة، قبل أن تفجير مخزن للذخيرة، وصادرت كمية كبيرة من الأسلحة مخزنة بالمكان.
ونفت مصادر الجيش، صحة تقارير إعلامية محلية عن وقوع قصف جوي أميركي استهدف أحد المنازل بحي الشارب في المنطقة، التي تعتبر من محطات العبور والتمركز لمسلحي «تنظيم القاعدة» القادمين من الجزائر والنيجر.
وقال اللواء خالد المحجوب، مسؤول التوجيه المعنوي بالجيش الوطني إن قوة عملياته الخاصة نفذت عملية نوعية طالت أحد أوكار الإرهاب في أوباري بالجنوب، وفجرت مخزناً كان معداً لإمداد العناصر بالذخيرة، ضمن برنامج «تنظيم داعش» و«القاعدة» لإعداد منطقة دعم لوجستي، في محاولة لإعادة التمركز بالجنوب. ولفت المحجوب في بيان له أمس إلى أنه سبق للجيش مداهمة وكر إرهابي منذ 3 أشهر بالجنوب، قبض خلالها على 7 عناصر إرهابية بموقع دعم لوجستي، مؤكداً استمرار الضربات الموجعة للمجموعات الإرهابية والنضال ضد الإرهاب حتى يتم القضاء عليه.
لكن مسؤولاً محلياً في المدينة قدّم رواية أخرى؛ حيث أبلغ وكالة الأناضول التركية، أن أوباري تعرضت فجر أمس لـ4 ضربات جوية، نفذتها طائرة دون طيار استهدفت نقاطاً مختلفة، يرجح قربها من مركز المدينة، لافتاً إلى أن أصوات الطيران كانت مسموعة بأجواء المدينة، واستمرت حتى تنفيذ الضربات.
ورجّح المصدر أن تكون الضربات من تنفيذ قيادة القوات العسكرية الأميركية في أفريقيا «أفريكوم»، التي سبق لها تنفيذ ضربات مماثلة بالمدينة خلال العامين الماضيين، لكنه لفت إلى أنها المرة الأولى التي تنفذ فيها 4 ضربات متتالية.
إلى ذلك، ناقشت اللجنة العسكرية المشتركة، التي تضم ممثلي الجيش الوطني وقوات حكومة الوفاق في مدينة سرت، أمس، ترتيبات فتح الطريق الساحلي بين شرق البلاد وغربها بعد إزالة الألغام وتقديم التقارير الفنية من الطرفين. وقال اللواء إمراجع العمامي رئيس وفد الجيش إن اللجنة بحثت أيضاً نتائج زيارة عمل المراقبين الدوليين إلى ليبيا.
وهذا هو الاجتماع الثالث الذي تعقده اللجنة بمشاركة بعثة الأمم المتحدة لمتابعة تنفيذ البنود المتبقية من اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في جنيف.
بموازاة ذلك، قال بيان لرئيس حكومة الجزائر عبد العزيز جراد، إنه هنّأ دبيبة هاتفياً على تشكيل حكومته ونيلها ثقة مجلس النواب، كما جدد له مساندة الجزائر وتأييد رئيسها عبد المجيد تبون، واستعداده لدعم مساعي هذه الحكومة في سبيل تحقيق السلم والمصالحة الوطنية والحفاظ على سيادته ووحدة أراضيه.
بدوره، عبّر دبيبة الذي أشار أمس إلى تلقيه مكالمة هاتفية مساء أول من أمس من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للتهنئة بنيل الحكومة الثقة من مجلس النواب، عن تفاؤله بمستقبل أفضل وعلاقات قوية بين البلدين.
وهنأ السيسي محمد المنفي الرئيس الجديد للمجلس الرئاسي في اتصال هاتفي مماثل بتشكيل السلطة التنفيذية الجديدة، وحصول حكومة دبيبة على ثقة البرلمان، مؤكداً ضرورة البناء على هذه الخطوات الإيجابية، من خلال العمل على دفع مسار التسوية السياسية.
وطبقاً للمتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، أعرب المنفي عن تقديره للجهود المصرية الصادقة لاستعادة الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية في ليبيا، مؤكداً حرص السلطة التنفيذية الليبية الجديدة على مواصلة تعزيز علاقات الأخوة بين مصر وليبيا وترسيخ قواعدها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».