إردوغان يسعى لتغييرات بقانوني الانتخابات والأحزاب لتجنب هزيمة في 2023

تشمل التضييق على باباجان وداود أوغلو وتعديل نظام الدوائر لصالح «العدالة والتنمية»

إردوغان يغادر اجتماعاً حول إصلاحات اقتصادية في إسطنبول الجمعة (رويترز)
إردوغان يغادر اجتماعاً حول إصلاحات اقتصادية في إسطنبول الجمعة (رويترز)
TT

إردوغان يسعى لتغييرات بقانوني الانتخابات والأحزاب لتجنب هزيمة في 2023

إردوغان يغادر اجتماعاً حول إصلاحات اقتصادية في إسطنبول الجمعة (رويترز)
إردوغان يغادر اجتماعاً حول إصلاحات اقتصادية في إسطنبول الجمعة (رويترز)

بدأ الرئيس التركي رجب طيب وإردوغان وحزبه العدالة والتنمية العمل على خطة إنقاذ استعداداً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في عام 2023، وسط مؤشّرات تؤكدها استطلاعات الرأي المتعاقبة على تآكل قاعدة الحزب.
ويسعى الحزب بالتعاون مع حليفه في «تحالف الشعب»، حزب الحركة القومية، على إدخال تعديلات على قانوني الانتخابات والأحزاب السياسية من أجل الحد من فرص أحزاب المعارضة وضمان بقاء الحزب الحاكم في السلطة.
وبحسب ما تتداول الأوساط السياسية والحزبية في أنقرة، تتضمّن التعديلات في قانون الانتخابات خفض الحد النسبي لدخول الأحزاب البرلمان (العتبة الانتخابية) من 10 إلى 7 في المائة، بعدما كان المقترح سابقاً خفضه إلى 5 في المائة، وتستهدف هذه الخطوة إنقاذ حزب الحركة القومية التي تشير جميع استطلاعات الرأي إلى أنه لن يتمكن من تجاوز الحد النسبي، ومنع أحزاب المعارضة، وأهمها «الجيد» برئاسة ميرال أكشينار، و«الديمقراطية والتقدم» برئاسة علي باباجان، و«المستقبل» برئاسة أحمد داود أوغلو من دخول البرلمان كأحزاب منفردة دون الدخول في تحالفات انتخابية، مع وضع حد أدنى للتحالفات الانتخابية 12 في المائة لدخول البرلمان.
ووفقاً لأحدث استطلاعات الرأي، التي أجراها مركز «سوسيو بوليتيك» التركي، فإن 3 أحزاب فقط ستكون قادرة على تجاوز نسبة الـ10 في المائة من أصوات الناخبين في الانتخابات المقبلة، هي العدالة والتنمية بنسبة 36 في المائة، والشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة بنسبة 29 في المائة، والشعوب الديمقراطية (المؤيد للأكراد) بنسبة 10.4 في المائة.
وبحسب نتائج الاستطلاع، الذي أُجري في 18 ولاية تركية في الفترة بين 15 و19 فبراير (شباط) الماضي، تراجع تأييد «تحالف الشعب»، المؤلف من حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية، إلى 44 في المائة. وقال منظمو الاستطلاع إن الجديد هو أنه بات من غير المرجح عودة المؤيدين المحبطين، الذين ابتعدوا عن حزب العدالة والتنمية، للتصويت له في الانتخابات المقبلة، وإن هذه النسبة قد تذهب إلى حزبي باباجان وداود أوغلو.
وإلى جانب التغيير في العتبة الانتخابية، تتضمن التعديلات إعادة تخطيط الدوائر الانتخابية، وتطبيق نظام «المنطقة الضيقة»، وهو مزيج بين النظام الحالي ونظام المنطقة ذات العضو الواحد، ليزيد عدد الدوائر الانتخابية بحيث يكون لكل دائرة 7 نواب، وسيؤدي ذلك في النهاية إلى تفضيل الأحزاب الأكبر، وسيصعب على الأحزاب الصغيرة والجديدة الفوز بمقاعد في البرلمان، حيث أظهرت عمليات المحاكاة أن حزب العدالة والتنمية سيحصل على ما يصل إلى 12 مقعداً إضافياً حال تطبيق هذه التغييرات.
وتتضمن التعديلات المقترحة على قانون الأحزاب السياسية، فرض شروط أكثر صرامة على شروط حصول الأحزاب على الدعم المقدم من خزانة الدولة، ويتعلق هذا بشكل خاص إلى حزب الشعوب الديمقراطية، الذي يتهمه إردوغان بالارتباط بحزب العمال الكردستاني، المصنف كمنظمة إرهابية في تركيا، وقد يتم ربط حصول الحزب على الدعم بفوزه بأكثر من 7 في المائة من الأصوات.
ويضغط حزب الحركة القومية، حليف حزب إردوغان، من أجل إغلاق حزب الشعوب الديمقراطية، وهو ما أكد الأخير أنه سيرد عليه بإعادة تشكيل نفسه تحت اسم جديد، كما حدث من قبل مع أحزاب مؤيدة للأكراد.
وقال الرئيس المشارك للحزب، مدحت سانجار، إن إردوغان يرغب في إغلاق حزبنا ظنّاً منه أن ذلك سيمكن حزبه من الحصول على أصوات مؤيدي الحزب لكننا لن نترك له هذه الفرصة، وسنعيد تشكيل حزب جديد سيحظى بتأييد أكبر، كما أن الناخبين سيعاقبون إردوغان على إقدامه على خطوة منافية للديمقراطية، بإغلاق الحزب.
وإلى جانب هذه التعديلات المقترحة على القانونين، يخطط إردوغان لتغييرات في الهياكل القيادية واللجنة التنفيذية لحزب العدالة والتنمية بنسبة لا تقل عن 70 في المائة، بحسب ما أكد الكاتب في صحيفة «حرييت» المقرب من حزب إردوغان، عبد القادر سيلفي، بدأت باختيار عثمان نوري كاباك تبه، المقرب من رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان، في 28 فبراير الماضي، في ذكرى الانقلاب الأبيض على أربكان عام 1997، رئيساً لفرع الحزب في إسطنبول، في مؤشر على استعادة إردوغان ما يسمى بـ«روح 1994» للحزب من خلال استحضار شخصيات مقربة لأربكان مؤسس تيار الإسلام السياسي وحركة «ميللي غوروش» (النظرة الوطنية) في تركيا.
وقال سيلفي إن إردوغان يسعى لإنجاز تغيير بنسبة 70 في المائة في أمانات الشباب والمرأة ورؤساء الفروع، مع إمكانية إجراء تعديل وزارة يشمل تعيين وزراء من المجموعة البرلمانية للحزب، قبل المؤتمر العام المقبل له، فيما يوصف بأنه تقليد سياسي قبل المؤتمرات العامة، يتمثل في إحداث تجديد بقيادة الحزب، وبعدها يتم استجلاب شخصيات من المجموعة البرلمانية لتولي حقائب وزارية في الحكومة. ولم يكن النائب المكلف بالوزارة في النظام البرلماني مجبراً على تقديم استقالته، وهو الأمر الذي يختلف عنه في النظام الرئاسي الحالي المطبق منذ عام 2018.
ونقل سيلفي عن مصادر حزبية، أن التغييرات المحتملة ستطال مجلس الوزراء أولاً ثم إدارة الحزب، وأن إردوغان يقوم بإعادة هيكلة حزب العدالة والتنمية بما يتماشى مع انتخابات عام 2023، التي ينظر إليها الرئيس التركي على أنها مصيرية لحزبه ولتركيا أيضاً.
ولم يطرأ أي تغيير على حكومة إردوغان منذ عام 2018، سوى إقالة جاهد تورهان من وزارة النقل، واستقالة وزير المالية والخزانة، صهر إردوغان، برات البيراق، الذي تسود توقعات بأن التغييرات الجديدة، قد تعيده من جديد إلى الساحة السياسية التركية بمنصب داخل الحزب، لا الحكومة في ظل الدفاع المتكرر لإردوغان عنه في خطاباته الأخيرة واعتبار أن الانتقادات التي تعرض لها ليس بسبب عمله وإنما بسبب صلته بعائلته.
وإلى جانب إعداد رسائل للناخبين عن التجديد في حزبه، طرح إردوغان حزمتي إصلاحات في مجال حقوق الإنسان والاقتصاد تمهيداً لإقرار دستور جديد للبلاد، واللتين انتقدتهما المعارضة بشدة.
واتهم علي باباجان رئيس حزب «الديمقراطية والتقدم» حكومة إردوغان بإضعاف الاقتصاد والتعليم، قائلاً إن مشاكل التعليم والقانون إذا لم تحل بسرعة، سيقع أصحاب الدخل المتوسط في الفخ، قائلاً: «لدي توصيتان مهمتان للحكومة اليوم، القانون والتعليم، دعهم يضعون هاتين النقطتين أمامهم ومن ثم سيتعافى الاقتصاد بعدها».
ودعا رئيس حزب «المستقبل» أحمد داود أوغلو، إردوغان إلى بيع الطائرات الرئاسية أولاً قبل حديثه عن الترشيد وعدم الإسراف، وذلك بعدما قال إردوغان إن حزمة الإصلاحات الاقتصادية تشمل ترشيد شراء المركبات العامة.
وقال داود أوغلو: «نصيحتي لك هي أن تفعل أمرين قبل الحديث للشعب حول ترشيد شراء المركبات العامة، أولاً أن تبيع طائراتك الخاصة التي يساوي ثمنها عشرات وأحياناً مئات المركبات، ثانياً: عندما تذهب إلى صلاة الجمعة أو التطعيم لا تأخذ أكثر من مركبتين أو ثلاث، وليس عشرات المركبات، إذا نفذت أنت هذا أولاً، سيستمع الآخرون إليك».



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.