ازدياد الضغوط الشعبية لتحرير الحديدة من قبضة الميليشيات

TT

ازدياد الضغوط الشعبية لتحرير الحديدة من قبضة الميليشيات

بعد أكثر من عامين على تعثر تنفيذ «اتفاق استكهولم» بالسويد، وتصعيد الحوثيين القتال في جبهات مأرب وتعز والجوف وحجة، باتت مدينة الحديدة وميناؤها الحيوي في حالة ترقب وانتظار، خصوصاً بعد ازدياد الضغوط الشعبية على الحكومة الشرعية لتحرير المدينة من قبضة الميليشيات.
يعتقد عبد الملك المخلافي، مستشار الرئيس اليمني ووزير الخارجية الأسبق، أن أي «اتفاق مع (الحوثي) يجعل من هزيمته العسكرية انتصاراً سياسياً ويشرعن وجوده ويديم الحرب بطرق أخرى».
ويحذر المخلافي من مكافأة الحوثي على جرائمه وهجومه على مأرب، ويكرر تحذيره من «وقف الهجوم على مأرب ووقف إطلاق النار وتصوير اتفاق كهذا تنازلاً من الحوثي المهزوم عن دخول مأرب، وتكرار (كارثة استكهولم)».
وقال المستشار الرئاسي في تغريدات عدة على «تويتر»: «الإعلان المشترك بصيغته الحالية أو بالصيغة المعدلة التي يجري العمل عليها وتقديمها للحوثي تحت ذريعة وقف هجومه على مأرب وعلى الأعيان المدنية في الشقيقة السعودية، ليس سوى استخدام للذريعة الإنسانية التي استخدمت في (استوكهولم) بشأن الحديدة ولم تحقق سلاماً ولا حسنت الوضع الإنساني».
ويرى أن «ما سيجبر الحوثي على السلام هو صمود الأبطال في مأرب وتعز وحجة والضالع، وتحريك كل الجبهات، ودعم وإسناد الأشقاء في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، لهزيمة المشروع الإيراني، وليس تقديم مشاريع تكافئ الحوثي وتشجعه على استمرار عدوانه وجرائمه وإرهابه».
من جانبه، يشدد عبد الله إسماعيل؛ الباحث والمحلل السياسي اليمني، على أن تقوم الحكومة الشرعية بفتح جبهة الحديدة، معللاً ذلك بقوله: «لا يجوز أن يعطَى الحوثيون فرصة أطول للعب على تناقضات الأمم المتحدة في تعاملها مع (اتفاق السويد)، خصوصاً أنهم المستفيد الأول».
وأضاف إسماعيل في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»: «على الشرعية أن تخرج من الرضوخ الكامل للضغوط الدولية، والتسلح باستحقاقاتها بصفتها شرعية معترفاً بها دولياً، والذهاب إلى تغيير الواقع على الأرض، فالضغوط الدولية لن تتوقف، ودائماً ما تضاعفت مع أي خطوة حكومية لحسم معركة اليمنيين واستعادة الدولة بصفتها واجباً وحقاً ومطلباً وطنياً في الدرجة الأولى».
وتابع: «عملياً؛ لم يعد (اتفاق السويد) إلا بنوداً في الأوراق. فقد تأثيره، وكسرت توقيتاته الزمنية، وانكمش ليتحول إلى وقف لإطلاق النار من طرف واحد؛ لا ملف الأسرى تحرك، ولا الممرات الإنسانية تم الحديث عنها، ولا موضوع حصار تعز تمت مناقشته، وبالتالي يجب أن يتم تجاوزه والاستفادة من الزخم الشعبي الملتف حول معركة الحسم».
وعدّ ناشطون يمنيون أي اتفاق سياسي لإيقاف الانتصارات التي تحققها قوات الشرعية في الجبهات المشتعلة، عملاً يصل على حد «الخيانة»، مطالبين الحكومة بتجاهل أي ضغوط لإنقاذ الحوثي ومنحه الوقت لإعادة ترتيب صفوفه كما يحدث في كل مرة؛ على حد تعبيرهم.
وكانت السلطات المحلية في محافظة تعز أعلنت القضاء على آخر جيوب الميليشيات الحوثية غرب المحافظة وانتقال المعارك إلى مشارف بلدة البرح الاستراتيجية في الشمال الغربي، والتحام الجيش بـ«القوات المشتركة» المرابطة في الساحل الغربي. بدوره؛ كرر طارق محمد صالح، قائد القوات المشتركة في الساحل الغربي، دعوته «لإسقاط (اتفاق السويد) سياسياً وترتيب الصفوف حتى نقاتل بصفتنا جبهة واحدة في مأرب والساحل. معركتنا واحدة، وعدونا واحد». وقال في تغريدة عبر حسابه على «تويتر»: «من الحديدة إلى مأرب، وكل ما بينهما من جبهات قتال الحوثي، هي جبهتنا».
وحققت القوات المسلحة اليمنية والمقاومة الشعبية انتصارات متوالية على الميليشيات الحوثية الانقلابية في محافظات عدة؛ من أهمها مأرب والجوف وحجة وتعز، حيث استعادت الشرعية كثيراً من المناطق، وما زال التقدم مستمراً، وسط ترحيب شعبي كبير.
وكان المبعوث الأميركي، تيموثي لندركينغ، شدد قبل يومين على أن وقف النار ووضع السلاح هو أول أمر لا بد على جميع الأطراف المقاتلة في اليمن من أن تفعله. وقال، خلال ندوة مرئية، إن التحالف بقيادة السعودية «جاهز فعلاً لتقديم كل الدعم». وأضاف: «رأيت عند لقائي بهم في الرياض الرغبة الحقيقية في مساعدتي ودعم كل الجهود التي تريد إنهاء الصراع، وما زلت أنتظر التعاون والمشاركة في إنهاء الصراع من الطرف الآخر». لكن الميليشيات الحوثية؛ على لسان الناطق باسمها، رفضت الخطة الأميركية، عادّةً إياها «مؤامرة» ضد الشعب اليمني.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».