رئيس مالي في الجزائر لبحث تعثر «اتفاق السلام»

TT

رئيس مالي في الجزائر لبحث تعثر «اتفاق السلام»

أدى رئيس دولة مالي باه نداو أمس، زيارة إلى الجزائر بحث خلالها مع الرئيس عبد المجيد تبون وكبار المسؤولين في الحكومة الجزائرية ملفات أمنية مرتبطة بمحاربة الجماعات المتطرفة، وتجارة المخدرات والسلاح بالحدود، إضافة إلى تعثر اتفاق السلام المبرم بين باماكو وتنظيمات معارضة في الجزائر عام 2015.
وأجرى نداو مباحثات تناولت هذه القضايا، مع الرئيس عبد المجيد تبون ووزير الداخلية كمال بلجود ووزير الخارجية صبري بوقادوم، بحسب مصادر مطلعة على الزيارة، أكَدت أن محادثات الرئيس المالي مع المسؤولين الجزائريين «طغى عليها الجانب الأمني» المتشعب.
وتوسعت المباحثات، حسب المصادر ذاتها، لتشمل دور القوات العسكرية الفرنسية في الساحل و«عجزها»، عن الحد من قدرة التنظيمات المتطرفة المسلحة على تنفيذ هجمات ضد أهداف حكومية. كما تناولت قضية دفع الفدية في دول الساحل، مقابل تحرير رهائن احتجزتهم الجماعات الإرهابية. ووجهت بهذا الخصوص أصابع الاتهام إلى فرنسا وإيطاليا أساساً، في المدة الأخيرة، على إثر دفع فدية لمتطرفين مقابل إطلاق سراح 4 رعايا أوروبيين، كما تم الضغط على حكومة مالي التي أفرجت عن عشرات المتشددين في إطار الصفقة نفسها.
وكان رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز جراد، أكد مطلع العام الجاري، أن بلاده «تعبر عن قلق كبير بسبب تواصل تحويل مبالغ هامة للجماعات الإرهابية مقابل تحرير الرهائن». وأوضح أن ذلك «يعيق جهودنا في محاربة الإرهاب». وأعلنت وزارة الدفاع الجزائرية في الشهرين الماضيين، أن قواتها اعتقلت جهاديين (اثنين) دخلا عبر الحدود، مع مالي. وثبت حسبها، أنهما ينتميان للمساجين الذين أطلقت باماكو سراحهم في إطار الفدية.
ونفى وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، ضلوع باريس في هذه القضية، وقال: «من غير الممكن إجراء حوار مع التنظيمات الجهادية، التي تشنّ تمرداً دامياً في منطقة الساحل منذ ثماني سنوات»، مشيراً إلى أن «هناك اتفاقات السلام بين باماكو وجماعات المعارضة في شمال مالي، ثمّ هناك المجموعات الإرهابية التي لم توقع اتفاقات السلام (...) الأمور واضحة بالنسبة لنا».
وفي موضوع «اتفاق السلام» بمالي، نقلت المصادر نفسها عن رئيس مالي، أن تنظيمات «أزواد» المعارضة ترفض تسليم أسلحتها ومغادرة أماكن يتحصن بها عناصرها، منذ فترة المعارك المسلحة التي جمعتهم بالجيش المالي، مبرزة أن ذلك مخالف لتعهدات المعارضة المسلحة الواردة في الاتفاق، الذي تسهر على تنفيذه «لجنة» يرأسها سفير الجزائر بباماكو بوعلام شنيحي.
وتوجد هذه الأماكن التي يسيطر عليها المعارضون، في أهم مدن الشمال الحدودي مع الجزائر، وتحديداً غاو وكيدال. ووضع هذه المناطق حالياً هو «اللاحرب واللاسلم»، مما زاد في تعقيد مهمة «الوسيط الرئيسي» وهو الجزائر.
وتتعلق مطالب المعارضة الأساسية، بتخصيص حصص لها في مختلف هيئات ومؤسسات الدولة، لتكون عاكسة لتمثيل الاثنيات والأقليات في البلاد، على أن يكون التمثيل باسم أزواد، أي منطقة الشمال التي تختلف جذريا ثقافيا وعرقيا عن بقية مناطق مالي. غير أن المسؤولين الماليين يرفضون ذلك، بحجة أن هذا التوجه سيخلف حالة دائمة من عدم الاستقرار في البلاد».
وقال دبلوماسي جزائري حول هذا الموضوع: «ترفض باماكو أزواد بالمعنى السياسي والجغرافي، وفق مفهوم أن تومبكتو وغاو وكيدال، كيان منفصل عن الجسم المالي الواحد. مع العلم بأن قيادات تنظيمات مسلحة، تريد للمدن الثلاث، التي عاشت لسنوات تحت سيطرة تنظيم القاعدة الإرهابي، أن تكون مستقلة في اتخاذ القرار بأبعاده السياسية والاقتصادية والأمنية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».