ترقب ليبي لتقرير أممي عن «مزاعم فساد» ضد سياسيين

أنباء عن تطرقه لمحاولات شراء أصوات في «الملتقى السياسي بتونس»

TT

ترقب ليبي لتقرير أممي عن «مزاعم فساد» ضد سياسيين

يترقب الليبيون صدور قرار أممي يتعلق بكشف «مزاعم شبهات فساد» طالت أعمال الملتقى السياسي في تونس الذي أنتج السلطة التنفيذية الجديدة في البلاد. وفي حين يتخوف بعضهم من التأثيرات السلبية لهذا التقرير الذي ينتظرونه لتبرئة ساحة سلطتهم الجديدة، ذهب آخرون إلى أن هذه «مجرد مزاعم»، ولن تشوب الحكومة الجديدة أي شائبة.
وقال عضو الملتقى السياسي النائب بالبرلمان الليبي زياد دغيم إن الأمر لا يعد كونه «مكايدة سياسية متوقعة»، متحدثاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن جوانب من وقائع الملتقى: «أجرينا خلال أعماله (الملتقى) أكثر من 3 عمليات تصويت، وكانت القائمة التي ضمت (المنفي ودبيبة) تتحصل دائماً على ما يتراوح بين 39 إلى 42 صوتاً، في حين تتحصل القائمة المنافسة لها على 29 إلى 32 صوتاً، وهي القائمة المعروفة باسم (الصقور أو أطراف الصراع)، كونها كانت تضم كلاً من وزير الداخلية بحكومة (الوفاق) فتحي باشاغا، ورئيس البرلمان عقيلة صالح؛ أي أن النتيجة كانت متوقعة، ولم يكن هناك حاجة لشراء الأصوات، كما تردد».
والقائمة الثالثة ضمت رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، المنتمي إلى مدينة طبرق بشرق ليبيا، ورئيس الحكومة عبد الحميد دبيبة، ابن مدينة مصراتة بغرب البلاد.
ونوه دغيم إلى الإجراءات المتشددة التي اتخذتها البعثة الأممية قبل الجلسة الختامية للملتقى الذي انتهى في الخامس من الشهر الماضي، من سحب الهواتف الشخصية للأعضاء، وإيقاف مراقب خلف كل عضو لمتابعة تحركاته في هذه الجلسة التي تم بثها على الهواء مباشرة، ما يعنى استحالة حدوث «عملية الرشوة المزعومة»، متابعاً: «الراشي لن يضيع أمواله هباءً، وكان سيطالب المرتشي بتصوير عملية التصويت».
وتساءل دغيم عن «مدى منطقية أن يُعلن المرتشي فساده على الملأ ببهو الفندق الذي استضاف أعمال الملتقى، حتى لو كان ذلك في سياق أنه غضب لحصوله على مبلغ أقل من الآخرين! فضلاً عن شكل الرشوة، وهل تم وضعها بحقائب لينتقل بها الأعضاء بين المطارات والفنادق أم عبر حساب مصرفي؟ وكيف سيمكن إثبات ذلك؟».
وكانت وسائل إعلامية قد تداولت جزءاً مقتطفاً من تقرير خبراء من الأمم المتحدة يتحدث عن محاولات لشراء أصوات ثلاثة مشاركين على الأقل في ملتقى الحوار السياسي الذي استضافت تونس انطلاق أعماله.
ووفقاً للتقرير، قدم اثنان من المشاركين «رشى تتراوح بين 150 ألف دولار و200 ألف دولار لثلاثة أعضاء، على الأقل، في منتدى الحوار، إذا التزموا بالتصويت لدبيبة رئيساً للوزراء»، علاوة على أن أحد الأعضاء «انفجر غضباً في بهو فندق الذي استضاف المؤتمر في تونس العاصمة عند سماعه أن بعض المشاركين ربما حصلوا على ما يصل إلى 500 ألف دولار مقابل منح أصواتهم إلى دبيبة، بينما حصل هو فقط على 200 ألف دولار».
وانتهى دغيم إلى أن التحليل المنطقي للشواهد يقول إن «بعض الأطراف الخاسرة، ومؤيدوهم داخل وخارج  ليبيا، هم من يقفون وراء تسريب مقتطفات تروج لحدوث فساد ما، وقد حرصوا على أن يكون ذلك قبل جلسة منح الثقة للحكومة، في إطار المكايدة ليس إلا».
وأشار دغيم إلى أن «أي أحاديث سيتضمنها التقرير عند نشره مفصلاً حول إدانة أعضاء بالملتقى يجب أن تعتمد في تقييمها على مدى استنادها إلى أدلة واضحة تفيد بأن هذا الأمر قد أدى فعلياً إلى تغيير توجهات التصويت بشكل واضح بجولة الختام».
غير أن النائبة البرلمانية ربيعة أبو رأس، إحدى المشاركات في الملتقى، أعربت عن تخوفها من عدم الالتزام بنشر التقرير في الموعد المحدد، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «نخشى أن تحاول أطراف أو دول ما مستقبلاً العمل على ابتزاز حكومة دبيبة، مقابل المحافظة على سرية التقرير، في حين أن نشره سيعيد الثقة بنزاهة العملية السياسية، داخل وخارج البلاد».
وحول شهادتها على طبيعة نقاشات أعضاء الملتقي، قالت أبو رأس: «بعضهم تطرق خلال الجولات للحديث عن المحاصصة والمناصب، باعتبار هذه الأمور جزءاً من المناخ السياسي العام بالبلاد، إلا أن النقاشات لم تذهب أبداً لأبعد من ذلك، بالحديث عن دفع أموال ورشى لتزكية شخصيات بعينها».
ورفضت النائبة التعويل على «نظرية المؤامرة»، وقالت: «الجميع سمع بالقصة منذ الجولات الأولى للملتقى بتونس، وطالبنا البعثة الأممية -عبر بيانات رسمية- بضرورة التحقيق في ذلك، وبالتالي لا يمكن اعتبار الأمر مقحماً أو وليد اللحظة».
وقللت عضو الملتقى لميس بن سعد من التقارير الصحافية التي تناولت «مزاعم الرشوة»، وقالت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كل ما نشر هو أحاديث بلا أدلة. وعلى الرغم مما أثير من صخب حول الأمر،  فها هو دبيبة يحصل على ثقة البرلمان، كما أن المجتمع والشارع الليبي تعامل مع الأمر بشكل جيد، فلم يندفع بأكمله للتشكيك بنزاهة المجلس الرئاسي أو الحكومة الجديدة، أو المطالبة بإسقاط العملية السياسية».
وفي ردها على تساؤل حول إذا ما أثبت التقرير المرتقب تورط بعض الأعضاء في وقائع فساد، أجابت: «هنا، قد تتأثر العملية السياسية، وقد تسقط برمتها، وسيترتب على ذلك مشكلات كثيرة، ولكن إلى الآن يظل الأمر مجرد تكهنات».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».