غموض يحيط بمجزرة قرية البودور شمال بغداد

رغم إعلان «داعش» مسؤوليته ونتائج لجنة التحقيق

مراسم تشييع جرت أمس لثمانية مدنيين تبنى «داعش» قتلهم في قرية البودور جنوب تكريت أول من أمس (أ.ف.ب)
مراسم تشييع جرت أمس لثمانية مدنيين تبنى «داعش» قتلهم في قرية البودور جنوب تكريت أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

غموض يحيط بمجزرة قرية البودور شمال بغداد

مراسم تشييع جرت أمس لثمانية مدنيين تبنى «داعش» قتلهم في قرية البودور جنوب تكريت أول من أمس (أ.ف.ب)
مراسم تشييع جرت أمس لثمانية مدنيين تبنى «داعش» قتلهم في قرية البودور جنوب تكريت أول من أمس (أ.ف.ب)

رغم إعلان نتائج اللجنة التحقيقية المشتركة في المجزرة التي وقعت في قرية البودور في محافظة صلاح الدين، أول من أمس، وأدت إلى مقتل 8 أفراد بينهم 6 من عائلة واحدة، ورغم البيان المنسوب إلى تنظيم «داعش» وإعلانه المسؤولية عن الحادث، إلا أن «الغموض» ما زال يحيط بتفاصيل الجريمة، حسب مصادر في صلاح الدين، نظراً للسياج الأمني «المغلق» للمنطقة الممتدة لنحو 25 كيلومتراً جنوب مدينة تكريت التي يسيطر عليها اللواء 35 (قوة الشهيد الصدر) التابع لـ«الحشد الشعبي»، الذي لا يسمح بدخول المنطقة إلا بعد سلسلة معقدة من الموافقات الأمنية.
وشيع أهالي قرية البودور جثامين الضحايا، أمس، بعد أن رفضوا دفنها إلا بحضور رئيس الوزراء أو من يمثله. وقد حضر، أمس، وزير الداخلية عثمان الغانمي، مراسيم التشييع، ممثلاً عن رئيس الوزراء، وتحدث الغانمي عن مداولات بشأن مطالب استبدال قطعات عسكرية في صلاح الدين. وقال الغانمي في تصريح لـ«وكالة الأنباء العراقية»، إن «هناك طلبات من أهالي القرية التي حصل في الحادث الإرهابي بتبديل القطعات العسكرية وإعادة الخطط الأمنية»، ولفت إلى «مداولة مع القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي بهذا الصدد وستكون هناك حلول».
وقالت اللجنة المشتركة المكلفة بالتحقيق في المجزرة، إنها «توصلت إلى أن منفذي الجريمة هم عناصر من (داعش) الإرهابي تسللوا إلى القرية مترجلين وهم يرتدون الزي العسكري بحجة تفتيش في منازل المغدورين في أطراف القرية، وقاموا بتنفيذ جريمتهم الغادرة بحق الأبرياء العزل المشهود لهم بالمواقف الوطنية».
وحددت القوات الأمنية، حسب البيان، «هوية المسؤول عن الجريمة وهو من سكان القرية السابقين، حيث قامت العوائل بطرده من قريتهم رفضاً لأعماله الإرهابية، وجاء لينتقم من هؤلاء الأبرياء العزل وأبنائهم النشامى». وأشار البيان إلى أن «الجريمة أسفرت عن استشهاد ستة أفراد من عائلة واحدة ومنتسب في شرطة صلاح الدين ومحامٍ».
وفيما توالت، أمس، ردود الفعل المنددة بالحادث، تشكك اتجاهات غير قليلة في محافظة صلاح الدين بطبيعة الملابسات المرتبطة بالحادث، بل وتشكك حتى بنتائج التحقيق «السريعة» التي أعلنتها اللجنة التحقيقية، فيما لم تعلن نتائج اللجنة المماثلة بمجزرة «الفرحاتية» التي ارتكبت في صلاح الدين أيضاً في أكتوبر (تشرين الأول) 2020 ولم تعلن نتائجها حتى الآن.
ويقول مصدر مقرب من حكومة صلاح الدين المحلية، إن «الشكوك ما زالت قائمة رغم إعلان النتائج، نظراً لأن المنطقة التي وقع بها الحادث شبه مغلقة ومن الصعب اختراقها أو الدخول إليها إلا عبر موافقات أمنية مشددة».
ويضيف المصدر، الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه، أن «إعلان (داعش) مسؤوليته كان أشبه بطوق نجاة للجنة التحقيق، من الصعب جداً وضع الحادث وتداعياته ضمن إطار منطقي، المنطقة مغلقة ويسيطر عليها فصيل من الحشد الشعبي ومن الصعب اختراقها، ومن شأن كل ذلك أن يبقي أبواب الشك مفتوحة». وأشار إلى «وقوع ما لا يقل عن 5 حوادث مماثلة في الخمسة أشهر الأخيرة، لكن بعضها لم يصل إلى وسائل الإعلام».
ويرى المصدر أن «مطالبة أهالي المنطقة والمناطق التي حولها باستبدال القوات الماسكة للأرض في المنطقة مؤشر آخر على أنهم لا يثقون بقدرة تلك القوات على تأمين الحماية لهم، ومعروف أن دعوات كثيرة صدرت لتسليح أهالي المنطقة كي يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم». ولا يستبعد «وجود نية لبعض الأطراف بإحداث تغير ديمغرافي لأهداف اقتصادية واجتماعية، عبر ترويع الأهالي بهكذا نوع من الأحداث لإرغامهم على ترك المنطقة».
كان رب أسرة ضحايا مجزرة «البودور»، أعرب أمس، خلال فيديو مصور، عن استغرابه من دخول 15 شخصاً مسلحاً إلى المنطقة، وقيامهم بارتكاب الجريمة، من دون أن يلاحظهم أحد والمنطقة مليئة بالكاميرات الحرارية التي تتحكم بها قوات الأمن و«الحشد».


مقالات ذات صلة

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

المشرق العربي نازحون في مخيم حسن شام على بعد نحو 40 كيلومتراً غرب أربيل (أ.ف.ب)

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

تعلن السلطات العراقية بانتظام عن عمليات مغادرة جماعية لمئات النازحين من المخيمات بعدما خصصت مبالغ مالية لكلّ عائلة عائدة إلى قريتها.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم العربي تنظيم «داعش» يتبنّى عملية استهداف حاجز لـ«قسد» في ريف دير الزور الشرقي (مواقع تواصل)

حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

على رغم أن القوات الحكومية السورية تشن حملات تمشيط متكررة في البادية السورية لملاحقة خلايا تنظيم «داعش» فإن ذلك لم يمنع انتعاش التنظيم.

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)
شؤون إقليمية عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)

العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

تصاعدت التصريحات التركية في الفترة الأخيرة حول إمكانية شن عملية عسكرية جديدة تستهدف مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.