تأخير تشكيل الحكومة يحرم لبنان من عائدات الحشيشة

تقدَّر بمئات ملايين الدولارات سنوياً

نبتة حشيشة في بلدة الهرمل في البقاع اللبناني (رويترز)
نبتة حشيشة في بلدة الهرمل في البقاع اللبناني (رويترز)
TT

تأخير تشكيل الحكومة يحرم لبنان من عائدات الحشيشة

نبتة حشيشة في بلدة الهرمل في البقاع اللبناني (رويترز)
نبتة حشيشة في بلدة الهرمل في البقاع اللبناني (رويترز)

عرقل تعثّر تشكيل الحكومة اللبنانية المسار القانوني لانطلاق لبنان بزراعة القنب الهندي لأغراض طبية، بعد نحو عام على إقرار القانون الخاص به في البرلمان، مما يحرم لبنان من عائدات مالية بمئات ملايين الدولارات من العملة الصعبة سنوياً.
وكان من المنتظر أن تصدر الحكومة المراسيم التنفيذية لقانون تشريع زراعة القنب الهندي (المعروف بالحشيشة) الذي أقره البرلمان في شهر أبريل (نيسان) الماضي، لكن استقالتها منعت إصدارها لتنفيذ القانون.
وقال وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس مرتضى، إن الوزارة استكملت ما عليها لتنفيذ القانون، لكن القانون يفرض تشكيل هيئة إدارية تعمل على إعداد المراسيم التطبيقية، لافتاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تعيين هذه الهيئة «يحتاج إلى مجلس وزراء، ولا يمكن للحكومة المستقيلة أن تعيّنه، مما يفرض على الحكومة العتيدة أن تعيّن الهيئة للانطلاق بالمشروع». وأشار إلى أن الهيئة الإدارية مرتبطة مباشرةً برئاسة مجلس الوزراء لا بوزارة الزراعة، علماً بأن القانون يفرض تعيين ممثل لوزارة الزراعة في الهيئة لدى تعيينها.
واستعانت السلطات اللبنانية في عام 2017 بشركة «ماكنزي» الدولية للاستشارات الإدارية والمالية، للمساهمة في إعداد خطة للنهوض بالاقتصاد اللبناني، اقترحت ضمن بنودها زراعة «الحشيش» للأغراض الطبية، لما يوفّره من أرباح سنوية لصالح الخزينة العامة للدولة. وعلى هذا الأساس، أعدت كتل نيابية اقتراحات قوانين لتشريع زراعة القنب الهندي لاستخدامه لأغراض طبية، وأقر البرلمان القانون بهدف زيادة عائدات الخزينة اللبنانية من العملة الصعبة خصوصاً في هذه الفترة التي يعاني فيها لبنان من أزمات مالية واقتصادية تتفاقم يوماً بعد يوم.
ويقول مرتضى إن التأخير في الانطلاق بالخطة «حرم الخزينة اللبنانية من عائدات مالية ضخمة»، موضحاً أن تقديرات العائدات للسنة الأولى «تناهز الـ300 مليون دولار، وتزداد سنوياً حتى تصل إلى مليار دولار سنوياً في السنة الخامسة»، لافتاً إلى أن هذه العائدات «تعود بالأرباح على المزارع اللبناني وعلى الخزينة اللبنانية».
وأشار مرتضى إلى أن بيانات الجدوى الاقتصادية التي وضعتها الوزارة بالتعاون مع خبراء واختصاصيين «متطابقة مع أرقام خطة ماكنزي لزراعة القنب الهندي»، استناداً إلى مؤشرات الأسعار في الأسواق العالمية، لافتاً إلى أنها «ستزداد حكماً في حال دخل عامل التصنيع في الصناعات الدوائية». وشدد على ضرورة أن يكون تعيين الهيئة وإصدار المراسيم التطبيقية «أولوية على جدول أعمال الحكومة الجديدة، كي تتضاعف العائدات تدريجياً خلال خمس سنوات وصولاً إلى تحقيق العائدات المرجوة للمزارع والخزينة»، واصفاً القنب الهندي بأنه «ثروة لم تُستغل بعد من الدولة اللبنانية».
ويعاني لبنان حالياً من أزمة مالية واقتصادية هي الأسوأ في تاريخه، ويبحث عن مصادر دخل جديدة ترفد الخزينة الحكومية بالمال المطلوب في ظل تدهور معيشي غير مسبوق.
ويأمل لبنان من خلال تنفيذ هذا القانون، استغلال الأراضي الشاسعة المهملة، ووضع جميع المزارعين في الإطار القانوني بهدف مكافحة الاتجار غير المشروع في الأسواق السوداء، مما ينعكس إيجابياً على التنمية الزراعية وعلى موارد الدولة، فضلاً عن تقليص نسبة البطالة وتحقيق نمو اقتصادي مرتفع، مع تقليص نسبة التضخم، خصوصاً من خلال تقليص العجز في الميزان التجاري وتحفيز الصادرات نحو الدول الأجنبية، وبالتالي الاستفادة من العملة الأجنبية، الأمر الذي يعزز احتياط البنك المركزي منها، إلى جانب تعزيز السيولة ورفع الناتج القومي المحلي.
وأعلنت الأمم المتحدة، عام 2017، أن لبنان هو رابع منتج للحشيش عالمياً، في إشارة إلى الحشيش المخدِّر غير المشروع، رغم أن القانون اللبناني يعاقب على زراعته بالسجن والغرامة المالية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.