أطراف في جبهة السراج تتبادل اتهامات بـ«تبديد المال العام»

من اجتماع سابق لرئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك (يسار) ورئيس المصرف المركزي الصديق الكبير (ديوان المحاسبة)
من اجتماع سابق لرئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك (يسار) ورئيس المصرف المركزي الصديق الكبير (ديوان المحاسبة)
TT

أطراف في جبهة السراج تتبادل اتهامات بـ«تبديد المال العام»

من اجتماع سابق لرئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك (يسار) ورئيس المصرف المركزي الصديق الكبير (ديوان المحاسبة)
من اجتماع سابق لرئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك (يسار) ورئيس المصرف المركزي الصديق الكبير (ديوان المحاسبة)

فجّر تقرير أصدره ديوان المحاسبة الليبي بشأن «مخالفات وتجاوزات مالية»، تتعلق بحجم إنفاق سلطات طرابلس، خلافات عميقة في صفوف جبهة فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، وسط مطالبات بضرورة إخضاع جميع المسؤولين للمساءلة قبل مغادرة مناصبهم.
وأفرج الديوان، الذي يُعد أكبر جهة رقابية في ليبيا، عن التقرير الخاص بعام 2019، نهاية الأسبوع الماضي، الذي رصد مخالفات بالجملة في طريقة تعاطي المسؤولين بالمجلس الرئاسي، وبعض وزارات حكومة «الوفاق» مع المال العام، وما تخلل ذلك من ازدواجية في صرف الرواتب، والانتقالات الخارجية لبعض المسؤولين والمستشارين وأسرهم في درجة رجال الأعمال.
وهاجم فتحي باشاغا، وزير داخلية «الوفاق»، أمس ديوان المحاسبة، رداً على ما تضمنه التقرير من وجود «مخالفات مالية» في وزارته، وصعّد من لهجته في مواجهة الديوان ورئيسه، قائلاً: «أتحدى أن يحيل الديوان مخالفات وزارة الداخلية للسلطة القضائية المختصة»، مبرزاً أن تقارير الديوان «مُعدّة للاستهلاك الإعلامي، وشكل شائن من أشكال الابتزاز والفساد السياسي». وبالرغم من إطراء باشاغا على «الدور الإيجابي لحزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان، ولرئيسه محمد صوان في دفع العملية السياسية والتوافقية إلى الأمام»، فإنه قال إن «انتماء رئيس ديوان المحاسبة للحزب ينفي عنه معايير الحياد والتجرد، وتجعل توليه لهذا الموقع انتهاكاً لمبادئ النزاهة والشفافية».
وذهب باشاغا إلى أنه «توصل رسمياً من السلطات القضائية بشأن تقرير ديوان المحاسبة، لكن فوجئنا بعدم إحالته للقضاء، واكتفاء الديوان بنشره بقصد التشهير والإساءة، وتصفية حسابات خاصة بسبب حزم الداخلية مع ممارسات الديوان المنحرفة».
وبجانب ما أورده التقرير عن «مخالفات مالية» في وزارة الداخلية، رصد أيضاً إنفاق مبالغ مالية على التنقلات الخارجية لفائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، وبعض الموفدين في مهام خارجية من موظفي المجلس. وقال ديوان المحاسبة إن «الرئاسي» أصدر كثيراً من التفويضات المالية لبعض السفارات بالخارج، دون قيدها بسجل الاعتماد، ما أدى لتحميل القيمة كمصروفات فعلية، فضلاً عن عدم قيام المجلس بطلب تقرير بالمصروفات بالمخالفة للائحة الميزانية. وضرب مثلاً على ذلك بمخصصات رحلة السراج لحضور الجمعية العمومية للأمم المتحدة في العام ذاته، التي بلغت 700 ألف دينار ليبي، تم تحويلها لصالح البعثة الليبية في نيويورك. كما تطرق التقرير إلى حالات مشابهة لمسؤولين بالدولة. ولذلك طالب سياسيون وأكاديميون بضرورة «إخضاع المسؤولين في ليبيا للمساءلة القانونية عن أي مخالفات تنسب إليهم»، و«عدم الانتظار لحين مغادرة مناصبهم».
وركز ديوان المحاسبة في تقريره على ارتفاع تكاليف بند نفقات السفر، وعلاوة المبيت دون داعٍ، وقال إنه رصد حجز تذاكر سفر لأغلب الموفدين في مهام خارجية من موظفي المجلس الرئاسي، أو من جهات أخرى غير القياديين على درجة رجال الأعمال، لافتاً إلى صرف مبالغ مالية للمستشار السياسي للسراج وعائلته، مقابل إصدار تذاكر سفر وإقامة بالفنادق بناء على تعليمات السراج، حيث وصلت قيمة أذونات الصرف إلى نحو مليون ونصف المليون دينار.
وفيما يتعلق بازدواجية صرف المرتبات لكبار الموظفين، رمز التقرير إلى أحد مستشاري السراج بـ«ط. س»، بأنه كان يتقاضى مرتباً، بصفته مستشاراً متفرغاً للسراج، رغم أنه يتقاضى في الوقت نفسه مرتباً آخر عن عمله بالمندوبية الليبية في ‎القاهرة، رغم وجوده طوال الوقت في ‎طرابلس خلال الفترة التي تناولها التقرير.
ودخل مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، السفير طاهر السني، على الخط، بعدما ذكر التقرير اسمه، مبدياً استعداده للمثول أمام جهات الاختصاص، و«تفنيد ما ورد عنه»، قائلاً: «توجد أخطاء عدة واستنتاجات منسوبة لشخصي، مثل ازدواجية الرواتب، أو ذكر لمبالغ الإقامات، وسفريات منسوبة لي»، مضيفاً أنه «من حق المواطن الدفاع عن نفسه ضد أي اتهامات باطلة؛ لذا أحتفظ لنفسي بحق مقاضاة المنابر التي تحاول تشويهي عمداً لتصفية حسابات سياسية».
وتساءل أشرف بودوارة، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني لتفعيل «دستور الاستقلال»، عن فائدة إصدار تقارير عن الفساد الحكومي، «إذا لم نرَ تحقيقات فعلية من النائب العام وإجراءات قضائية عاجلة».
وتناول التقرير حجز فنادق، وإصدار تذاكر طيران على الدرجة الأولى لبعض موظفي المجلس وعائلاتهم، وأشخاص لا تربطهم علاقة بالمجلس لغرض العلاج بالخارج. كما عدد التقرير مخالفات تم ارتكابها خلال عام 2019، ذكر منها تحميل بند «مصروفات سنوات سابقة»، نظير عمل بعض الموظفين بالمجلس الرئاسي خلال يوم الراحة الأسبوعية (السبت)، بقيمة بلغت 2447537 ديناراً، منوهاً بصرف معاملات مالية تقدر بـ1.127 مليون دينار لصالح أحد فنادق العاصمة، مقابل توفير وجبات لأفراد حراسة مكلفين بمهام عامة، مع تحميل القيمة على بند إعلان وعلاقات عامة بالمخالفة لقانون النظام المالي للدولة.
في سياق ذلك، أوضح التقرير أن رئاسة مجلس الوزراء صرفت مبالغ لأعضاء المجلس الرئاسي ومركز المعلومات والتوثيق بقيمة 424826 ديناراً، رغم وجود مخصصات مستقلة لهم خلال السنة المالية 2019، بالإضافة إلى صدور إذن صرف بمبلغ 117238 ديناراً، تضمن صرف مبلغ 24.881 ديناراً حجز تذاكر سفر، وإقامة فندق خارج ليبيا لأمين عام رئاسة مجلس الوزراء وأسرته.
ونفى رئيس ديوان المحاسبة، خالد شكشك، الاتهامات الموجهة إليه بعدم إصدار التقرير إلا مع رحيل المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق»، وقال في بيان أمس، إن الأزمات التي مرت بها ليبيا «منعتنا من ذلك»، متوقعاً صدور تقرير الديوان لعام 2020، في شهر مايو (أيار) المقبل.
وأرجع ديوان المحاسبة تأخر إصدار التقرير إلى «الظروف الاستثنائية التي مرت بها ليبيا من أزمة سياسية وحروب، إلى جانب تفشي جائحة (كورونا)».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.