واشنطن تحرّك ملف التسوية السورية و«لن تطبع» مع الأسد

الأمم المتحدة تدعو الدول لتكثيف محاكمة المشتبه بتورطهم في جرائم حرب

واشنطن تحرّك ملف التسوية السورية و«لن تطبع» مع الأسد
TT

واشنطن تحرّك ملف التسوية السورية و«لن تطبع» مع الأسد

واشنطن تحرّك ملف التسوية السورية و«لن تطبع» مع الأسد

أكدت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، أنها «لن تطبع العلاقات» مع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، في وقت كشف دبلوماسيون في الأمم المتحدة، عن أن اتصالات تجري بين أعضاء مجلس الأمن، بما في ذلك روسيا، من أجل إعطاء «دفعة جديدة» لإيجاد حلّ سياسي للحرب المتواصلة منذ عشر سنين على أساس القرار 2254 الذي صدر عام 2015 بإجماع الدول الـ15 الأعضاء في المجلس.
وقال دبلوماسي غربي في نيويورك لـ«الشرق الأوسط»، إن الاتصالات الأميركية ركزت على جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، الذي سيقدم إحاطة جديدة إلى أعضاء المجلس في مطلع الأسبوع المقبل؛ لإطلاعهم على أسباب عدم إحراز أي تقدم في الجولات الأخيرة من اجتماعات اللجنة الدستورية، متوقعاً أن «يطلب بيدرسن دعم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن»، أي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، التي «كررت في أكثر من مناسبة أنها «تؤيد جهوده».
وفي موازاة ذلك، يترقب الأعضاء الغربيون الكلمة التي ستلقيها رئيسة مجلس الأمن للشهر الحالي المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس - غرينفيلد خلال هذا الإجماع، التي يتوقع أن «تشمل تركيزاً على الملفات الثلاثة للأزمة السورية، وهي العملية السياسية التي تتوسط فيها الأمم المتحدة، والمساعدات الإنسانية التي تزداد إلحاحاً، وترسانة الحكومة السورية من الأسلحة الكيماوية واستخدامها في سياق الحرب»، في ظلّ إصرار أميركي على «محاسبة نظام الأسد» الذي «تسبب بمعاناة رهيبة طويلة للشعب السوري».
وعكس الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس هذه الأجواء بقوله، إن إدارة الرئيس بايدن «تواصل الترويج لتسوية سياسية تنهي النزاع» في سوريا، مضيفاً أن ذلك يحصل بـ«التشاور الوثيق مع حلفائنا وشركائنا وبيدرسن». وإذ أكد أن التسوية السياسية «يجب أن تعالج العوامل التي تدفع إلى العنف وتؤدي إلى عدم الاستقرار» في سوريا، قال «سنستخدم مجموعة متنوعة من الأدوات المتاحة لنا للدفع من أجل إنهاء مستدام لمعاناة الشعب السوري»، موضحاً أن واشنطن «ستستمر في دعم دور الأمم المتحدة في التفاوض على تسوية سياسية بما يتمشى وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما في ذلك قرار مجلس الأمن الرقم 2254».
وأكد برايس أيضاً، أن إدارة بايدن «تسعى إلى استعادة القيادة الأميركية فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية»، مقراً بأن سوريا «كارثة إنسانية»، وأن الشعب السوري «عانى لفترة طويلة جداً (...) تحت الحكم الوحشي لبشار الأسد» الذي «لا يزال في السلطة على رغم السنين العشر من الحرب الأهلية». وقال «يجب علينا أن نقوم بالمزيد لمساعدة السوريين المستضعفين، وبينهم كثيرون من النازحين داخل سوريا وكذلك اللاجئين الذين اضطروا إلى الفرار من ديارهم».
ورأى برايس، أن «النهاية المستدامة» للحرب «توجب على الحكومة السورية تغيير سلوكها»، كاشفاً عن أن «هناك مراجعة لما يمكن أن نفعله لتعزيز آفاق التسوية السياسية» المنشودة. وعندما قيل له أن ذلك يعني «تغير السلوك وليس القائد»، أجاب أن «الأسد لم يفعل أي شيء» من شأنه أن يعيد له «الشرعية التي فقدها بالمعاملة الوحشية لشعبه»، علماً بأن الأسد «في صلب معاناة الشعب السوري والكارثة الإنسانية» التي حلت بسوريا. مؤكداً أن الولايات المتحدة لن تطبع العلاقات مع حكومته في أي وقت قريب».
إلى ذلك، حثت ميشيل باشليت، مقررة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، الخميس، دول العالم على تصعيد وتيرة محاكمات من يشتبه بارتكابهم جرائم حرب بسوريا في محاكمها الوطنية، وذلك مع حلول الذكرى العاشرة لاندلاع الصراع. وقالت باشليت، إن محاولات إحالة فظائع ارتكبت في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي من أجل محاكمة مرتكبيها قد باءت بالفشل.
وأدين شخص واحد على الأقل في محكمة أجنبية في جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب في الصراع الذي أودى بحياة مئات الآلاف، كثيرون منهم مدنيون.
ودعت باشليت كذلك إلى زيادة الجهود من أجل اقتفاء أثر عشرات الآلاف من المفقودين، الذين قالت إن من بينهم محتجزين في سجون تديرها القوات الحكومية في أنحاء سوريا.
وقالت باشليت في بيان «نحن مدينون لهؤلاء الضحايا بضمان أن يكون العقد التالي عقد المحاسبة والتعويض، مع معالجة حقوقهم واحتياجاتهم كي يتسنى لهم إعادة بناء حياتهم». ومن المعتقد أن كثيرين من المشتبه بارتكابهم جرائم حرب غادروا سوريا.
وفي الشهر الماضي أصدرت محكمة ألمانية حكماً بالسجن أربع سنوات ونصف السنة على عضو سابق بأجهزة الأمن السورية بتهمة التحريض على تعذيب المدنيين وذلك في أول حكم قضائي من نوعه في جرائم ضد الإنسانية في الحرب السورية.
وقالت باشليت «لا يزال من الضروري أن تواصل المحاكم الوطنية إجراء محاكمات عادلة وعلنية وشفافة وتقليص هوة المحاسبة على مثل هذه الجرائم الخطيرة». ووصفت الحكم الألماني بأنه «خطوة مهمة للأمام على طريق تحقيق العدل».
وقد نفت حكومة الأسد العديد من الاتهامات السابقة التي صدرت عن الأمم المتحدة بارتكاب جرائم حرب، وتقول إنها لا تعذب المسجونين.
وندد باولو بينيرو الذي يرأس فريقاً للأمم المتحدة للتحقيق في جرائم الحرب باستمرار الإفلات من العقاب. وقال بينيرو لمجلس حقوق الإنسان، الخميس «نشيد بالشجاعة الكبيرة... لدى الضحايا والنشطاء السوريين وبعزم بعض الدول الأعضاء على النظر في القضايا».
وقال هاني مجلي، عضو لجنة دولية تابعة للأمم المتحدة، إن 60 نظاماً قضائياً تواصلت مع اللجنة طلبا لمعلومات وإنها قدمت معلومات في نحو 300 قضية قيد النظر.
ويقوم مندوبون من اللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة المسجونين في السجون المركزية بسوريا، لكن ليس باستطاعتهم زيارة المواقع غير الرسمية. ويظل ما تتوصل إليه اللجنة من نتائج طي الكتمان.
وقال فابريزيو كاربوني، المدير الإقليمي باللجنة في الشرق الأوسط لـ«رويترز»، الثلاثاء «من الواضح أن الاعتقال واحد من هذه القضايا المحورية، وكل يوم نحاول العمل أولاً على تحسين ظروف الاعتقال، وثانياً توسيع نطاق المواقع التي يمكن دخولها».



دمشق و«قسد» تُسارعان لإنقاذ اتفاق الدمج قبل انقضاء المهلة

مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)
مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)
TT

دمشق و«قسد» تُسارعان لإنقاذ اتفاق الدمج قبل انقضاء المهلة

مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)
مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)

قال أشخاص مشاركون في محادثات لدمج القوات الكردية مع الدولة السورية، أو مطلعون عليها، إن المسؤولين السوريين والأكراد والأميركيين يسعون جاهدين لإظهار تقدم في اتفاق متعثر قبل المهلة المحددة بنهاية العام.

وذكرت المصادر السورية والكردية والغربية التي تحدّثت إلى «رويترز» أن المناقشات تسارعت في الأيام القليلة الماضية، على الرغم من تزايد الإحباط بسبب التأخيرات، وحذّر بعضهم من أن تحقيق انفراجة كبيرة أمر غير مرجح.

وقال 5 من المصادر إن الحكومة السورية الانتقالية أرسلت مقترحاً إلى «قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها الأكراد وتُسيطر على شمال شرقي البلاد.

وأضاف أحد المسؤولين السوريين ومسؤول غربي و3 مسؤولين أكراد أن دمشق عبّرت في الاقتراح عن انفتاحها، على أن تُعيد «قوات سوريا الديمقراطية» تنظيم مقاتليها، وعددهم نحو 50 ألف مقاتل، في 3 فرق رئيسية وألوية أصغر، ما دامت ستتنازل عن بعض سلاسل القيادة، وتفتح أراضيها لوحدات الجيش السوري الأخرى.

ولم يتضح ما إذا كانت الفكرة ستمضي قدماً أم لا، وقللت عدة مصادر من احتمالات التوصل إلى اتفاق شامل في اللحظات الأخيرة، قائلة إن هناك حاجة إلى مزيد من المحادثات.

الشرع مصافحاً عبدي عقب توقيع اتفاق اندماج «قسد» في الجيش السوري في 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

ومع ذلك، قال مسؤول بـ«قوات سوريا الديمقراطية»: «نحن أقرب إلى اتفاق أكثر من أي وقت مضى».

وذكر مسؤول غربي ثانٍ أن أي إعلان في الأيام المقبلة سيكون هدفه جزئياً «حفظ ماء الوجه»، وتمديد المهلة والحفاظ على الاستقرار في دولة لا تزال هشّة بعد عام من سقوط الرئيس السابق بشار الأسد.

وذكرت معظم المصادر أنه من المتوقع ألا يرقى أي شيء، تفرزه هذه المساعي، إلى مستوى الاندماج الكامل لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في الجيش ومؤسسات الدولة الأخرى بحلول نهاية العام، وهو المنصوص عليه في اتفاق تاريخي بين الجانبين في 10 مارس (آذار).

ويُهدد الفشل في رأب الصدع الأعمق المتبقي في سوريا بإشعال صدام مسلح قد يعرقل خروجها من حرب استمرت 14 عاماً، وربما يستدرج تركيا المجاورة التي تُهدد بالتدخل ضد المقاتلين الأكراد الذين تعدّهم إرهابيين.

ويتبادل الجانبان الاتهامات بالمماطلة والتصرف بسوء نية، فـ«قوات سوريا الديمقراطية» لا ترغب في التخلّي عن الحكم الذاتي الذي فازت به بوصفها الحليف الرئيسي للولايات المتحدة خلال الحرب، التي سيطرت بعدها على سجون تنظيم «داعش» وموارد النفط الغنية.

وقالت عدة مصادر إن الولايات المتحدة، التي تدعم الرئيس السوري أحمد الشرع، وتحث على دعم عالمي لحكومته الانتقالية، نقلت رسائل بين «قوات سوريا الديمقراطية» ودمشق وسهّلت المحادثات، وحثت على التوصل إلى اتفاق.

تركيا: صبرنا ينفد

ومنذ أن فشلت جولة كبيرة من المحادثات بين الجانبين في الصيف، تصاعدت الاحتكاكات، بما في ذلك المناوشات المتكررة على طول عدد من خطوط المواجهة في الشمال.

وسيطرت «قوات سوريا الديمقراطية» على جزء كبير من شمال شرقي سوريا، حيث يوجد معظم إنتاج البلاد من النفط والقمح، وذلك بعد هزيمة مسلحي «داعش» في 2019.

وقالت «قوات سوريا الديمقراطية» إنها تنهي عقوداً من القمع ضد الأقلية الكردية، لكن الاستياء من حكمها تنامى بين السكان الذين يغلب عليهم العرب، بما في ذلك الاستياء من التجنيد الإجباري للشباب.

وقال مسؤول سوري إن الموعد النهائي للاندماج في نهاية العام ثابت، ولا يمكن تمديده إلا «بخطوات لا رجعة فيها» من «قوات سوريا الديمقراطية».

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، اليوم، إن تركيا لا تريد اللجوء إلى الوسائل العسكرية، لكنه حذّر من أن الصبر على «قوات سوريا الديمقراطية» «ينفد».

عناصر من «قسد» في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

وقلل المسؤولون الأكراد من أهمية المهلة، وقالوا إنهم ملتزمون بالمحادثات من أجل تحقيق الاندماج العادل.

وقال سيهانوك ديبو، وهو مسؤول في «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا»، إن «الضمانة الأكثر موثوقية لاستمرار صلاحية الاتفاق تكمن في مضمونه، لا في الإطار الزمني»، مشيراً إلى أن الأمر قد يستغرق حتى منتصف 2026 لمعالجة جميع النقاط الواردة في الاتفاق.

وكانت «قوات سوريا الديمقراطية» قد طرحت في أكتوبر (تشرين الأول) فكرة إعادة تنظيم نفسها في 3 فرق جغرافية بالإضافة إلى الألوية. ومن غير الواضح ما إذا كان هذا التنازل، الوارد في الاقتراح الذي قدمته دمشق في الأيام القليلة الماضية، سيكون كافياً لإقناعها بالتخلي عن السيطرة على الأراضي.

وقال عبد الكريم عمر، ممثل «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا»، التي يقودها الأكراد في دمشق، إن الاقتراح الذي لم يُعلن عنه يتضمن «تفاصيل لوجيستية وإدارية قد تسبب خلافاً وتؤدي إلى تأخير».

وصرح مسؤول سوري كبير لـ«رويترز» بأن الرد السوري «يتسم بالمرونة لتسهيل التوصل إلى توافق من أجل تنفيذ اتفاق مارس».


وزير الخارجية المصري: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»... ونعوّل على ترمب لإنفاذه

وزير الخارجية المصري: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»... ونعوّل على ترمب لإنفاذه
TT

وزير الخارجية المصري: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»... ونعوّل على ترمب لإنفاذه

وزير الخارجية المصري: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»... ونعوّل على ترمب لإنفاذه

بعد ساعات من إعلان وزارة الخارجية المصرية إطلاق «الكتاب الأبيض» بشأن مبدأ الاتزان الاستراتيجي في الدبلوماسية المصرية، حاورت «الشرق الأوسط» وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي، في مكتبه بالعاصمة الإدارية الجديدة، حول عدد من الملفات التي تضطلع فيها القاهرة بأدوار تتراوح ما بين الوساطة والشراكة والحوار والاتصالات الدبلوماسية.

في حديثه أكد عبد العاطي «تميز» العلاقات المصرية - السعودية، معلناً التحضير للاجتماع الأول لـ«مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، بحضور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والرئيس عبد الفتاح السيسي. وأشار وزير الخارجية المصري إلى التنسيق مع الرياض في ملفات إقليمية عدة، بينها غزة وأمن البحر الأحمر، مؤكداً أن القاهرة والرياض هما جناحا الأمتين العربية والإسلامية ودونهما لن يصلح حالهما.

وحمَّل عبد العاطي إسرائيل مسؤولية تعثر الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وقال إن «الاتصالات مستمرة مع الجانب الأميركي لنقل الرؤية المصرية بشأن الكيانات الانتقالية، وعلى رأسها مجلس السلام وقوة الاستقرار»، مشدداً على موقف القاهرة بأن تكون قوة الاستقرار «قوة حفظ سلام لا فرض سلام». وتحدث عن حصر السلاح في غزة لا نزعه.

كما نفى عبد العاطي الاتهامات الموجهة لبلاده بلعب دور ميداني في السودان، مؤكداً دعم مصر للدولة ومؤسساتها، وعلى رأسها الجيش السوداني، وهو «ما لا يمكن مساواته مع أي ميليشيا أو أي إطار غير خارج الدولة»، على حد تعبيره.

وأشار وزير الخارجية إلى تطور العلاقات مع تركيا، مؤكداً أن «بناء الشراكات لا يعني التوافق في كل الملفات بنسبة 100 في المائة». كما جدد التأكيد على أن البحر الأحمر للدول المشاطئة، وشدَّد على حق بلاده في الدفاع عن أمنها المائي بعد وصول المفاوضات مع إثيوبيا إلى «طريق مسدود».

وبدا لافتاً تقاطع الاتصالات الأميركية - المصرية في ملفات عدة، من بينها غزة والسودان و«سد النهضة»، في إشارة واضحة إلى حوار وصفه عبد العاطي بـ«الإيجابي» بين القاهرة وواشنطن. وفيما يلي نص الحوار:

* نبدأ بملف غزة، رغم الجهود المبذولة لتنفيذ «خطة ترمب»، لماذا يتعذر الوصول للمرحلة الثانية من الاتفاق؟

- الأمر مرتبط بالتعاون والالتزام من الجانب الإسرائيلي بخطة الرئيس ترمب، وهي خطة واضحة تم تنفيذ المرحلة الأولى منها بالكامل باستثناء جثة وحيدة يتم البحث عنها وسط آلاف الأطنان من الركام والمتفجرات التي خلفها العدوان الإسرائيلي على غزة. نحن نعوّل على الدور الأميركي وقيادة ترمب للعمل على إنفاذ الخطة والانتقال إلى المرحلة الثانية، ورغم كل الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة يومياً، لا بد أن نعيد التأكيد على ضرورة تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار والمضي قدماً في تنفيذ المرحلة الثانية بكل استحقاقاتها، بما في ذلك إعادة الانتشار والانسحاب الإسرائيلي من داخل قطاع غزة، ووفقاً للخطة، ولما تضمنه أيضاً قرار مجلس الأمن 2803، ونرمز حالياً إلى الكيانات الانتقالية المؤقتة التي تم النص عليها في قرار مجلس الأمن، سواء ما يتعلق بمجلس السلام أو قوة الاستقرار الدولية أو اللجنة الإدارية الفلسطينية. نحن جاهزون، ولا بد من الضغط في اتجاه الدخول في المرحلة الثانية والعمل على تنفيذها.

* بمناسبة الحديث عن الكيانات الانتقالية، ما آخر تطورات تشكيل «مجلس السلام العالمي»؟

- نحن على تواصل مستمر مع الجانب الأميركي، لا سيما أن الولايات المتحدة معنية بشكل كامل بوضع خطة ترمب موضع التنفيذ على أرض الواقع. الاتصالات مستمرة مع الجانب الأميركي على كل المستويات، السياسي والأمني والاستخباراتي؛ بهدف تذليل أي مشاكل موجودة. ومصر بصفتها دولة عربية وإسلامية وواحدة من الدول الثماني التي اجتمعت بالرئيس الأميركي في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة لأمم المتحدة ودعمت رؤيته، لديها تصور يتوافق مع الرؤية العربية والإسلامية، خاصة فيما يتعلق بهذه الأطر الانتقالية المؤقتة، ونحن نتفاعل ونتحاور مع الجانب الأميركي بشكل إيجابي.

نحن ننقل رؤيتنا بأن «مجلس السلام» مهم للغاية ولا بد من تدشينه، ولا بد من أن تتركز صلاحياته في تعبئة وحشد الموارد المالية الخاصة بتنمية غزة وإعادة إعمارها والتعافي المبكر، وأيضاً مراقبة صرف أموال إعادة الإعمار، وإذا كان هناك صندوق سيتم تدشينه من جانب البنك الدولي لهذا الغرض فلا بد أن يكون تحت رعاية هذا المجلس وإشرافه.

* ما آخر تطورات تشكيل «قوة الاستقرار»، وهل ستضم قوات من مصر ودول عربية؟

- نحن في حوار جدي وإيجابي مع الجانب الأميركي؛ لأن هذه القوة لا بد أن يكون طبيعتها حفظ السلام وليس فرض السلام، وهناك بون شاسع بين الاثنين. حفظ السلام يعني التركيز على مراقبة مدى التزام طرفي الاتفاق بوقف إطلاق النار، إضافة إلى المساعدة في تشغيل المعابر، أما فرض القانون أو إقرار النظام العام الداخلي فهذه صلاحيات أصيلة للشرطة الفلسطينية التي يتعين نشرها داخل قطاع غزة، وإلى جانب ذلك تؤكد مصر ضرورة تشكيل اللجنة غير الفصائلية، اللجنة «التكنوقراط»؛ لتتولى إدارة الأمور الحياتية في القطاع. ومصر قدمت قائمة من 15 اسماً هناك توافق بين الفصائل عليها.

* هل سيكون هناك مشاركة مصرية أو عربية في القوة الدولية؟

- بالتأكيد مصر تدعم تشكيل القوى الدولية، وهناك أطر مختلفة لتقديم الدعم اللوجستي والفني لهذه القوة. وبالتأكيد نحن منخرطون في أعمال القيادة والسيطرة، ومصر موجودة في «اللجنة المدنية العسكرية» في كريات غات بجنوب إسرائيل، والتي تم تشكيلها لمتابعة تنفيذ اتفاق شرم الشيخ.

* هناك حديث عن نزع سلاح حركة «حماس»، فهل يمكن أن توافق الحركة على ذلك؟

- خطة ترمب تتحدث عن حصر السلاح وتسليمه وليس نزع السلاح. وهذه أمور سيتم التفاهم بشأنها بين الفصائل الفلسطينية. وأعتقد أن هناك إمكانية في إطار التفاهم بين الفصائل للوصول إلى صيغة تتضمن تسليم الأسلحة بشكل متدرج في الإطار الفلسطيني - الفلسطيني.

* قدمت مصر خطة لإعادة إعمار غزة. وأعلنت استعدادها لاستضافة مؤتمر لتمويل إعادة الإعمار، فإلى أين وصلت الجهود؟

- هناك تنسيق كامل مع الجانب الأميركي على المستوى السياسي، وتحدثت مؤخراً مع وزير الخارجية ماركو روبيو وأيضاً مع جاريد كوشنير. هناك حوار ممتد ننقل فيه رؤيتنا بشأن مكان وتوقيت عقد المؤتمر والاستفادة من الزخم الحالي.

* هل في موعد قريب؟

- حتى الآن لم يتم تحديد موعد، لكننا ننخرط في حوار مع الجانب الأميركي لتحديده.

* السعودية كانت من الدول الرئيسية الداعمة للحراك السياسي من أجل وقف الحرب في غزة والاعتراف بالدولة الفلسطينية، فكيف تقيّم العلاقات السعودية - المصرية؟ وكيف تصف دور المملكة إزاء الملفات الإقليمية المهمة؟

- علاقات المصرية والسعودية علاقات متميزة للغاية، وهي علاقات أبدية بين بلدين وشعبين شقيقين. وبالتأكيد مصر والمملكة هما جناحا الأمتين العربية والإسلامية، ولن ينصلح حالهما إلا بالتنسيق الكامل والتعاون الكامل بين جناحي الأمة.

هناك تنسيق على كل المستويات بين مصر والمملكة في ضوء توجيهات عليا من الرئيس السيسي وولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ للارتقاء بهذه العلاقات في كل المستويات الاقتصادية والتجارية والاستثماريّة، وفي مجالات الطاقة والمجالات القنصلية أيضاً.

التنسيق على المستوى السياسي في أبهى وأفضل حالاته. وقريباً سيتم عقد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق الأعلى.

* متى يُتوقَع عقد الاجتماع؟

- يجري الآن الاختيار من بين مواعيد مختلفة، ونأمل أن يُعقَد في الربع الأول من العام المقبل.

* إلى أين وصلت الجهود المصرية لوقف الصراع في السودان؟

- الجهود المصرية مستمرة، ولا يمكن أن تتوقف على الإطلاق؛ لأن السودان هي الفناء الخلفي لمصر لذلك فالاتصالات المصرية مستمرة بشكل يومي على كل المستويات، سواء مع مجلس السيادة أو الحكومة أو الجيش السوداني، من منطلق الحرص المصري على الحفاظ على المؤسسات الوطنية، وفي مقدمتها الجيش الوطني، فضلاً عن الحفاظ على وحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه.

أما على مستوى الرباعية الدولية، فمصر في انخراط وتواصل مستمرين مع السعودية والإمارات والولايات المتحدة لبحث سبل وقف هذه الحرب المروعة، وتتواصل مصر مع الأمم المتحدة لحشد وتعبئة الموارد الإنسانية وفتح الممرات الإنسانية وإقامة ملاذات آمنة. كما ننسق أيضاً مع بريطانيا وقطر، وكلتاهما أبدت رغبة في الإسهام والمشاركة جنباً إلى جنب مع الرباعية الدولية. ولن نهدأ إلا بالتوصل إلى هدنة ووقف إطلاق نار بما يمهد إلى إقامة أو تدشين عملية سياسية شاملة لا تقصي أحداً. فما يحدث في السودان أمر يدمي القلوب ولا يمكن السماح أو القبول باستمراره.

* هل هذه الهدنة ممكنة في ظل استمرار النزاع واتهامات بدعم أطرافه؟

- هدف هذه الهدنة هو بالتأكيد تهيئة الظروف نحو وقف دائم لإطلاق النار بما يؤسس للعملية السياسية، نحن نسعى لهذا بما يحقق مصلحة السودان، ولا يمكن ولا نقبل بتقسيم السودان، أو نقبل بوضع مؤسسة الدولة السودانية على قدم المساواة مع أي كيانات موازية نرفضها تماماً ولا يمكننا أن نعترف بها.

* تُتَهم القاهرة عادة بأن لها دوراً ميدانياً فيما يخص الحرب السودانية، فهل هذا صحيح؟

- هذه أكاذيب. مصر لا تنخرط إلا في إطار وقف وخفض التصعيد. وموقف مصر واضح ومعلن، وهو مع الحلول السياسية والدبلوماسية؛ لأنه ببساطة شديدة لا يوجد حل عسكري للأزمة في السودان.

* تدعم مصر مؤسسات الدولة السودانية، فهل يتسبب موقف القاهرة الواضح إزاء طرفي الحرب في إرباك علاقاتها الإقليمية؟

- هناك طرف يمثل الدولة الوطنية ومؤسساتها ولا يمكن مساواته مع أي ميليشيا أو أي إطار غير خارج الدولة، وبالتالي فالحفاظ على الدولة ومؤسساتها وفي قلبها الجيش الوطني مسألة مهمة جداً ومفروغ منها.

* ألا يربك ذلك علاقات مصر الإقليمية؟

- لا، على الإطلاق.

* لا يمكن إغفال الوضع في ليبيا، فما موقف مصر من استمرار الأزمة؟

- الوضع في ليبيا يثير القلق، ولا يمكن أن نقبل بتكريس الانقسام الحالي بين الشرق والغرب، ولا بد من العمل على توحيد مؤسسات الدولة، وفي القلب منها الجيش الوطني والمؤسسات الأمنية؛ بهدف تهيئة الظروف نحو إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بالتزامن. نحن نسعى لتحقيق ذلك، وكان هناك حوار مطول مع مبعوث الرئيس ترمب إلى أفريقيا مسعد بولس، أكّدنا خلاله على أنه لا مخرج للوضع في ليبيا سوى من خلال التحضير لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

* المشير خليفة حفتر التقى الرئيس السيسي أخيراً بالقاهرة، وكان هناك حديث عن ملف ترسيم الحدود البحرية، وسبق لمصر أن أبدت اعتراضاً على اتفاقيات تركية - ليبية في هذا المجال، فما الخطوات التي تتخذها مصر في هذا الملف؟

- نعم، نحن لا نعترف بمذكرة التفاهم الموقَّعة بين الجانب التركي والحكومة «غير الشرعية» حكومة السراج آنذاك في الغرب، وأبلغنا مجلس الأمن والأمم المتحدة بهذا الموقف، ولدينا حوار مع الجانب الليبي حول الأمر الذي يعدّ مسألة ثنائية تخص البلدين.

* هل هناك حوار أيضاً مع الجانب التركي في هذا الإطار؟

نعم، هناك حوار عام ومشاورات على المستوى الوزاري وغير الوزاري، يتم خلالها تناول الأوضاع في ليبيا والعمل على تجاوز أي نقاط قد تكون خلافية. ومواقف مصر واضحة ومعلنة وسبق الحديث عنها في أنقرة وفي كل أنحاء العالم. والقاهرة تؤكد دائماً على ضرورة خروج القوات الأجنبية من ليبيا وتفكيك الميليشيات، وأن ترسيم الحدود البحرية مسألة ثنائية بين مصر وشقيقتها ليبيا.

* شهدت العلاقات المصرية - التركية تطورات في الآونة الأخيرة، فكيف يمضي مسار التقارب بين البلدين؟

- تمضي العلاقات بشكل جيد جداً ونعدّ حاليا للاجتماع الثاني لمجلس التنسيق الاستراتيجي المقرر عقده العام المقبل في القاهرة وبحضور الرئيس التركي رجب طيب إردوغان؛ كون الاجتماع الأول كان في أنقرة.

* هناك تباينات بين مواقف مصر وتركيا إزاء بعض الملفات الإقليمية، فكيف توازن مصر بين علاقاتها مع تركيا في ظل هذه التباينات؟

- هناك تنسيق مشترك، ونحن نبني شراكات، وليس معنى ذلك التوافق في كل الملفات بنسبة 100 في المائة؛ فهذا أمر يستعصي حتى ما بين الأشقاء. وبالتالي، نحن نبني على نقاط الاتفاق الموجودة ونحاول التوصل إلى تفاهمات حول النقاط العالقة.

* دعمت مصر الصومال وأكدت مراراً حرصها على استقرار منطقة القرن الأفريقي، لكن أحياناً ينظر لأي تحركات مصرية بأنها تستهدف الضغط على إثيوبيا؟ لماذا؟

- هذه أكاذيب وأوهام ولا علاقة لها بالواقع، مصر علاقتها بالصومال تمتد إلى آلاف السنين، وبالتالي نحن معنيون باستقراره. ولذلك؛ ستشارك مصر في بعثة حفظ السلام بناءً على طلب من الاتحاد الأفريقي ومن الحكومة الصومالية، وبهدف واحد هو تمكين الحكومة الصومالية من فرض سيطرتها ومكافحة الإرهاب.

* تدعم مصر الصومال ودول القرن الأفريقي، فما خطة مصر لأداء دورها إزاء الأمن في البحر الأحمر؟ ومع من تتعاون؟

- نحن معنيون أيضاً بقضية الاستقرار في القرن الأفريقي وأيضاً حوكمة البحر الأحمر، وننسق بشكل كامل مع السعودية والدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر، وهناك توافق كامل بأن حوكمة هذه المنطقة، خليج عدن والبحر الأحمر، يخص الدول المشاطئة فقط ولا دخل لأي دولة أخرى، ولن نسمح بأي نفاذ بحري لأي أغراض عسكرية لأي دولة غير مشاطئة.

* يقودنا الحديث عن مساعي الدول غير المشاطئة للوجود على البحر الأحمر، إلى إثيوبيا وملف سد النهضة، فما خطة مصر للتعامل مع هذا الملف؟

- الموقف مصري واضح تماماً، وسبق أن أعلنا أن المسار التفاوضي وصل إلى طريق مسدود ولا مجال لاستئنافه حالياً؛ لأنه ليس ما يبرر ذلك بعد استنزاف 13 سنة في مفاوضات عبثية بسبب سوء النية من الطرف الآخر. ومصر تحتفظ لنفسها بحق الدفاع الشرعي عن النفس المكفول في ميثاق الأمم المتحدة إذا حدث ضرر لأمنها المائي.

* ما المسارات الأخرى بعد إيقاف المفاوضات؟ وفي ظل وجود السد كأمر واقع؟

- مصر تتابع الوضع على الأرض، وإذا حدث ضرر لأمنها المائي سيكون هناك رد فعل.

* هل تطمح مصر لوساطة أميركية في هذا الملف؟

- هناك حديث مع الجانب الأميركي ومع أطراف أخرى، لكن لن تحدث أي انفراجة في هذا الملف ما لم يعي الجانب الإثيوبي أن نهر النيل نهر عابر للحدود، ومن ثم فهو لا يخضع لسيادة إثيوبيا. والمجاري المائية العابرة للحدود مثل نهر النيل تخضع لقواعد القانون الدولي، خاصة فيما يتعلق بمبادئ الإخطار المسبق وعدم إحداث أي ضرر بالدول التي يمر بها النهر.

* كيف تنظر مصر إلى التطورات الأخيرة في سوريا؟ وهل لا تزال لدى القاهرة تحفظات إزاء الإدارة السورية الجديدة؟

- مصر يعنيها بشكل مبدئي وبشكل شديد الأهمية الاستقرار والخير لسوريا والشعب السوري، ونحن ندعم الشعب السوري بكل قوة وندين إدانة كاملة أي انتهاكات للسيادة السورية من جانب إسرائيل. وأنا على اتصال مع وزير الخارجية السوري وكنت قد التقيته مؤخراً في الدوحة. وإذا كانت هناك أي نصائح نقدمها، فإن ذلك من باب الأخوة والحرص على أمن سوريا واستقرارها ومساعدتها ودعمها في استرداد أراضيها المحتلة، والعمل على كف الجانب الإسرائيلي عن التدخل في شؤون سوريا.

نحن نتحدث عن أهمية الانفتاح لكل مكونات المجتمع السوري وعدم إعطاء الذرائع لأي دولة خارجية أن تنصّب نفسها داعمة لأي أقلية كما تحاول إسرائيل أن تفعل، ومن ثم نقول إن الدولة والحكومة السورية هي المعنية بشكل أساسي بتقديم كل الدعم والحماية والتواصل مع كل أطياف الشعب السوري.

أيضاً قضية المقاتلين الأجانب لا بد من التعامل معها، وكذلك قضية الإرهاب فلا يجب أن تكون سوريا قاعدة لتهديد أي دولة من دول المنطقة.

* قدمت مصر مبادرة إزاء لبنان؟ فما آخر تطورات الجهود المصرية؟

- نبذل جهوداً مكثفة، وكثيرة للغاية على كل المستويات مع كل الأطراف الدولية والإقليمية المعنية، وأجريت اتصالات مكثفة مع إسرائيل وإيران والولايات المتحدة لتجنيب لبنان ويلات أي تدخلات أو أي عمليات عسكرية تمس بمقدرات الشعب. ونحن نثمّن كل الخطوات التي اتخذها الجيش اللبناني وكل الإنجازات التي تحققت في منطقة جنوب الليطاني فيما يتعلق بفرض سيادة الدولة وسيطرتها، كما نثمن تأكيد الحكومة اللبنانية التزامها باتفاق وقف العدائيات الموقَّع العام الماضي وتنفيذه في كل ربوع لبنان وليس فقط في منطقة جنوب الليطاني. ومصر لا تدخر وسعاً لدعم لبنان وشعبها وقيادتها.


حراك أميركي - يمني لتعزيز الشراكة واحتواء خلافات الشرعية

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)
TT

حراك أميركي - يمني لتعزيز الشراكة واحتواء خلافات الشرعية

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)

أظهرت سلسلة لقاءات واتصالات أجراها سفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاغن، مع رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني، اتجاهاً أميركياً نحو تثبيت الشراكة السياسية والأمنية مع الحكومة اليمنية واحتواء الخلافات داخل معسكر الشرعية، في مرحلة تتسم بتعقيد المشهد المحلي، وازدياد التحديات الإقليمية المرتبطة بالأمن والاستقرار في اليمن.

وشملت هذه التحركات لقاءً جمع السفير فاغن برئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، أعقبه لقاء آخر مع عضو المجلس الشيخ عثمان مجلي، إلى جانب اتصال مرئي مع عضو المجلس اللواء سلطان العرادة، في سياق مشاورات تناولت مسار العلاقات الثنائية، والتطورات السياسية والعسكرية، والملفات ذات الأولوية، وفي مقدمها مكافحة الإرهاب، والتعامل مع تهديدات الحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق ما رشح عن هذه اللقاءات، فقد تركزت المباحثات مع رئيس مجلس القيادة على مستوى الشراكة اليمنية - الأميركية، والدور الذي تضطلع به واشنطن في دعم الدولة اليمنية، سواء على الصعيد السياسي في المحافل الدولية، أو في ملف مكافحة الإرهاب، وردع شبكات تهريب السلاح والتمويل المرتبطة بإيران. كما برز ملف الإصلاحات الحكومية كأحد محاور النقاش، في ظل الحاجة إلى دعم دولي مستمر يخفف من الضغوط الاقتصادية والإنسانية.

في هذا السياق، جرى التطرق إلى المستجدات في المحافظات الشرقية، وما رافقها من إجراءات أحادية، والجهود الإقليمية التي تقودها السعودية، والإمارات، لاحتواء التوتر، وإعادة تطبيع الأوضاع، بما يحافظ على التوافق داخل إطار الشرعية، ويمنع انعكاس الخلافات الداخلية على وحدة القرار الأمني والعسكري.

القيادة اليمنية شددت خلال هذه المشاورات على أهمية الالتزام بالمرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة، واتفاق الرياض، بوصفها الإطار الناظم للشراكة السياسية، محذرةً من أن أي تجاوز لهذه المرجعيات قد يخلق فراغات تستغلها الجماعة الحوثية والتنظيمات الإرهابية، بما يفاقم التحديات الأمنية.

مقاربة أوسع

في اتصال مرئي أجراه السفير الأميركي ستيفن فاغن، مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني سلطان العرادة، برزت مقاربة أوسع لطبيعة المرحلة التي يمر بها اليمن، بوصفها مرحلة مركَّبة تتداخل فيها الأبعاد السياسية والعسكرية والاقتصادية.

وأكد العرادة أن مواجهة هذه التحديات تتطلب موقفاً دولياً أكثر صرامة، ودعماً عملياً يمكّن الحكومة من استعادة مؤسسات الدولة، وتجفيف مصادر تمويل الميليشيات، ومنع تقويض الجهود الأممية. وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

التحذير من تداعيات التساهل الدولي مع الممارسات الحوثية شكّل نقطة تقاطع في هذه النقاشات، إذ اعتُبر هذا التساهل عاملاً مشجعاً على استمرار التصعيد، وعرقلة مساعي السلام، وخلق بيئة غير مستقرة تؤثر على الأمن اليمني والإقليمي، وعلى خطوط الملاحة الدولية.

السفير الأميركي مجتمعاً مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي (سبأ)

أما لقاء السفير الأميركي مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي، فقد ركّز على أبعاد التهديد الإيراني في اليمن، ودور طهران في دعم القدرات العسكرية للحوثيين، وما يمثله ذلك من خطر على الداخل اليمني، ودول الجوار، والأمن البحري في البحرين الأحمر والعربي.

كما جرى تأكيد دور تحالف دعم الشرعية في الحفاظ على السلم الاجتماعي في المناطق المحررة، ودعم مؤسسات الدولة، والبنك المركزي، لاستكمال الإصلاحات الاقتصادية.

وحسبما أورد الإعلام الرسمي اليمني، أعاد السفير الأميركي تأكيد ثوابت موقف بلاده الداعم لوحدة اليمن، وسلامة أراضيه، ووحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، والتزام واشنطن بالشراكة في مكافحة الإرهاب، والتخفيف من المعاناة الإنسانية، وتعزيز فرص الاستقرار والتنمية.