عشرات القضاة في لبنان يهاجرون {بحثاً عن حياة كريمة}

ينضمون إلى أطباء ومهندسين وأساتذة جامعيين تركوا البلد بسبب الأزمة الاقتصادية

النائب جورج عقيص
النائب جورج عقيص
TT

عشرات القضاة في لبنان يهاجرون {بحثاً عن حياة كريمة}

النائب جورج عقيص
النائب جورج عقيص

لم تعد ظاهرة الهجرة من لبنان حكراً على الشباب المتخرجين حديثاً من الجامعات، في ظل انسداد الأفق أمامهم، وفقدان الأمل بحصولهم على وظيفة في بلادهم، فهذه الظاهرة تنسحب الآن على النخب في كل القطاعات من أطباء ومهندسين وأساتذة جامعيين، وأحدث وجوهها يتمثل في هجرة عدد كبير من القضاة بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية والانهيار الكبير في قيمة الليرة اللبنانية.
وكشف عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب جورج عقيص، أن «40 قاضياً من الشباب تقدموا بطلبات استيداع إما للعمل في الخارج وإما لأسباب عائلية واجتماعية». وأشار إلى أن «القضاء يفرغ من طاقاته وإن ذلك سيزيد من البطء في العمل ومن تخبط العدالة». وأضاف «صرخة الجيش بالأمس وصلت، فهل تصل صرخة القضاة؟» وختم عقيص تغريدة له بالقول «بلا جيش وبلا قضاء أي لبنان يبقى؟».
وتثير هذه الموجة الآخذة بالاتساع قلق مجلس القضاء الأعلى، الذي يسعى إلى تطويقها أو الحد منها في الوقت الراهن، ويؤكد مصدر قضائي مطلع لـ«الشرق الأوسط»، أن «القضاة الذين تقدموا بطلبات استيداع (أي السماح لهم بالعمل خارج البلاد لسنتين أو أكثر)، باتوا بالعشرات والرقم يفوق الـ40 قاضياً المتداول به حالياً». ولفت المصدر إلى أن رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود «يبذل جهوداً لإقناع هؤلاء بالتراجع عن هذا التوجه، ويتمنى عليهم التضحية من أجل القضاء اللبناني ورسالة العدالة التي ارتضوا أن يكونوا جزءاً منها، وتمرير هذه المرحلة الصعبة حتى لا يفرغ القضاء من طاقاته، لكن هذه المحاولات لم تنجح بعد».
ولا يتوقف القلق على مصير القضاء عند عتبة طلبات الاستيداع، بل يذهب إلى حد الخوف من موجة الاستقالات، ولم يخف المصدر القضائي أن «حوالي عشرين قاضياً من خيرة قضاة لبنان استقالوا من المؤسسة». ولفت إلى أن «هذه الموجة بدأت مع تنامي الأزمة الاقتصادية وانهيار قيمة الليرة، والتضخم الرهيب والغلاء الفاحش الذي بات خارج قدرة القاضي على تحمله»، مشيراً إلى أن «أغلب الذين رفضت طلبات استيداعهم يتوجهون للاستقالة، والمشكلة أن هذه الاستقالة تلزم مجلس القضاء بقبولها إذا ما رفضها أول مرة وأصر القاضي عليها». وعبر المصدر عن أسفه لأن «طالبي الاستيداع أو المستقيلين أو من هم على درب الاستقالة، من خيرة القضاة، المعروفين بنزاهتهم واستقامتهم وممن يعول عليهم في المستقبل».
وتتعدد الأسباب التي تدفع إلى هذا الخيار الصعب، إذ يؤكد قاض ينتظر موافقة مجلس القضاء على طلب استيداعه للعمل في الخارج، أن «قرار الهجرة المؤقتة لا عودة عنه، لأن البقاء في لبنان في ظل هذا الواقع أشبه بالانتحار». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «كيف لقاض أن يعيش براتب لا يتعدى الأربعة ملايين ليرة (أقل من 400 دولار، بحسب سعر الصرف حالياً)، فيما الأعباء تتعاظم؟»، معتبراً أن راتبه الحالي «لم يعد يكفي لوقود سيارته ولفاتورة مولد الكهرباء وبعض المصاريف البسيطة». ويقول «دولتنا للأسف تدفع بأبنائها النخب إلى الهجرة ليبقى البلد ملاذاً للزعران».
هجرة القضاة سبقها نزف هائل في قطاعات أخرى، بدءاً من أهم الأطباء اللبنانيين والممرضين، وأساتذة الجامعات والمهندسين، وآخرها ما كشف عن استقالات يتقدم بها ضباط في الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية الأخرى، والحديث عن إحجام هذه المؤسسات عن إعطاء موافقات على السفر لضابط وأفراد منها، حتى لا يبقى هؤلاء في الخارج ويمتنعوا عن العودة إلى الخدمة.
ويعترف قاض آخر لـ«الشرق الأوسط»، أنه ينتظر الموافقة على طلبه، لأنه حصل على فرصة عمل في دولة خليجية، ويتحدث عن تجربة مشجعة، بعد أن عمل لسنة وثمانية أشهر، وتحديداً عامي 2014 و2015 رئيس محكمة بدولة الإمارات العربية المتحدة، وبنى علاقات جيدة فيها، مؤكداً أن «الوظيفة الجديدة مؤمنة براتب محترم وتقديمات مهمة من سكن وتنقل وتذاكر سفر شهرية تمكنه من زيارة لبنان شهرياً». ولفت القاضي الذي رفض ذكر اسمه إلى أنه «تقدم بطلب استيداع بعد أن حصل على الموافقة للعمل في الخليج براتب مغر»، مشدداً على أن «البديل عن الاستيداع هو الاستقالة، خصوصاً أنه أمضى أكثر من 20 سنة في القضاء اللبناني، ويمكنه الحصول على راتب تقاعد بعد الاستقالة».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.