إسقاط الإدانات عن «لولا» يفتح نافذة أمل لليسار البرازيلي

في أول نكسة جدّية لرئاسة جاير بولسونارو

إسقاط الإدانات عن «لولا» يفتح نافذة أمل لليسار البرازيلي
TT

إسقاط الإدانات عن «لولا» يفتح نافذة أمل لليسار البرازيلي

إسقاط الإدانات عن «لولا» يفتح نافذة أمل لليسار البرازيلي

نهاية الأسبوع الماضي كان الرئيس البرازيلي الأسبق لويس إيغناسيو دا سيلفا، المعروف بلقبه الشائع «لولا»، يؤكد في حديث صحافي طويل أنه إذا كُتب له النصر في معركته القضائية ضد الحكم الذي جرّده من حقوقه السياسية وأدخله السجن في عام 2018، سيكون جاهزاً للترشّح إلى الانتخابات الرئاسية خلال العام المقبل ضد الرئيس اليميني المتشدد الحالي جاير بولسونارو. لكن «لولا»، الذي قاد البرازيل، (عملاق أميركا اللاتينية)، على امتداد ولايتين رئاسيتين متتاليتين من عام 2003 حتى عام 2011، وتغلّب على مرض السرطان ثمّ على فيروس «كوفيد - 19» وهو في السادسة والسبعين من عمره... لم يكن يتوقّع إلغاء الأحكام الصادرة بحقه بمثل هذه السرعة. وجاءت هذه الخطوة عندما أعلن أحد قضاة المحكمة البرازيلية العليا يوم الاثنين الفائت، أن المحكمة التي أدانت الزعيم التاريخي لحزب العمّال اليساري بجرائم الفساد وقطعت عليه – بالتالي – الطريق نحو الترشّح للانتخابات الرئاسية قبل أكثر من سنتين، ما كانت مخوّلة صلاحية البتّ في قضايا من هذا النوع.
لا شك في أن هذا القرار المفاجئ، الصادر على أساس إجازة النظام القضائي البرازيلي لعضو واحد من القضاة الأحد عشر في المحكمة العليا أن يتخذّه بشكل منفرد، يشكّل نصراً مبيناً لزعيم حزب العمّال الذي كان إبعاده عن المشهد السياسي مدخلاً لصعود بولسونارو وتياره اليميني المتشدد، وإسفيناً عميقاً في نعش اليسار البرازيلي الذي عرف مع «لولا» أبهى الانتصارات... وأصيب معه أيضاً بأقسى الهزائم. وإذا كان المراقبون يجمعون على أن إسقاط الأحكام التي تدين الزعيم اليساري بالفساد تشكّل أيضاً إشارة انطلاق حملة الانتخابات الرئاسية المقبلة، فإن أحداً لا يجازف بتقدير تداعياتها القضائية والسياسية التي ما زال يكتنفها ضباب كثيف لا يستبعد أن يحمل المزيد من المفاجآت.
التعليق الوحيد حتى الآن الذي صدر عن فريق المحامين الذين يدافعون عن الرئيس البرازيلي الأسبق لويس إيغناسيو دا سيلفا «لولا» في أعقاب الحكم التاريخي بإسقاط إدانته – وبالتالي، فتح الباب أمامه مجدداً للعودة إلى عالم السياسة –، كان اقتباساً حرفيّاً من تغريدة له، قال فيها «هذا القرار يؤكد عدم اختصاص العدالة الفيدرالية في (مدينة) كوريتيبا (جنوب البرازيل)، والاعتراف بأننا كنّا دائماً على حق في هذه المعركة القانونية».
وفي حين حرص «لولا» على تجنّب الكلام عن تحضيره لخوض المعركة الرئاسية المقبلة كمرشّح، كان الحذر أيضاً غالباً على الموقف الرسمي لحزب العمّال، الذي اكتفى بالقول في بيان رسمي مقتضب صادر عن رئيسته غليسي هوفمان «نحن بانتظار نتائج التحليل القانوني لقرار القاضي إدسون فاتشين، الذي يعترف متأخرا خمس سنوات بأن (القاضي) سيرجيو مورو لم يكن مخوّلاً محاكمة لولا». وكانت النيابة العامة قد أعلنت أنها تعدّ طعناً في القرار لن تُعرف نتائجه قبل شهرين أو ثلاثة.
- تعليق بولسونارو
أما الرئيس الحالي جاير بولسونارو، فقال، من جهته، إن الشعب البرازيلي لا يريد عودة «لولا» كمرشح للرئاسة، وإن القاضي الذي اتخذ القرار معروف بعلاقته الوثيقة مع حزب العمّال. غير أن رئيس مجلس النوّاب ارتور ليرا وضع الحدث في سياقه الصحيح المُحاط بالغموض والتساؤلات؛ إذ علّق قائلاً «... يساورني شك كبير أمام هذا القرار المنفرد لأحد أعضاء المحكمة العليا: هل يهدف إلى تبرئة لولا؟ أو لإنقاذ القاضي مورو الذي أصدر الأحكام بإدانته؟».
وحقاً، القرار الصادر عن قاضي المحكمة العليا فاتشين لا يخوض في حيثيات أداء القاضي سيرجيو مورو، الذي تولّى بعد ذلك حقيبة العدل في أول حكومة شكّلها بولسونارو، قبل أن يستقيل عندما ارتفعت أسهمه السياسية كمنافس للرئيس، ويتهمّه بالتدخّل لعرقلة تحقيقات تطال اثنين من أبنائه، ولا يبتّ في حياده أو انحيازه. وفي المقابل، يكتفي القاضي فاتشين في قراره المفاجئ بالقول، إن محكمة كوريتيبا، التي كان يرأسها القاضي مورو، لم تكن مخوّلة النظر في القضايا المرفوعة ضد «لولا». وهو ما يعيد الأمور إلى نقطة الانطلاق الأولى في سياق التحقيقات حول قضايا الفساد التي تجمّعت تحت عنوان «لافا جاتو» والتي أدت إلى سجن «لولا» لمدة 19 شهراً. وتجدر الإشارة إلى أن القضاء البرازيلي كان قد قّرر أخيراً طي ملفّ التحقيقات في هذه القضايا التي طالت عدداً كبيراً من المسؤولين السياسيين ورجال الأعمال، وما زالت تشغل النظم القضائية في بعض بلدان أميركا اللاتينية، حيث أدت إلى استقالة عدد من الوزراء وانتحار الرئيس الأسبق لجمهورية البيرو آلان غارسيّا.
ومن المؤشرات على عمق «الخضّة» التي أحدثها هذا القرار كان تراجع العملة البرازيلية بنسبة 7 في المائة مقابل الدولار الأميركي وانخفاضاً ملحوظاً في أسعار سوق الأسهم (البورصة) لأربعة أيام متتالية، في الوقت الذي تعاني البرازيل من خروج جائحة «كوفيد - 19» عن السيطرة بعدما تجاوز عدد الوفيّات 270 ألفاً، وزادت الإصابات المؤكدة عن 11 مليون حالة. وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس قد حذّر من أن الوضع الوبائي في البرازيل بات يشكّل تهديداً لأميركا اللاتينية بأسرها، بينما تشتدّ الانتقادات الموجّهة ضد بولسونارو بسبب استخفافه بالفيروس، وسوء إدارته للأزمة، وتقصيره في توفير اللقاحات الكافية، ومن ثم، إصراره على إنكار خطورة تفشي الجائحة رغم الأوضاع المأساوية التي يشهدها النظام الصحي البرازيلي وسقوط ضحية واحدة كل دقيقة.
- المسألة غير محسومة
في أي حال، لم يقل القضاء البرازيلي كلمته النهائية بعد في قضايا الفساد التي حاصرت «لولا» لسنوات. ولا تزال أنظار الملايين مشدودة إلى شاشات التلفزيون كلما انعقدت جلسة للمحكمة العليا التي تنقل وقائعها مباشرة وتبثّ على وسائل التواصل الاجتماعي. بل إن شهرة أعضائها الأحد عشر أصبحت تنافس شهرة لاعبي المنتخب البرازيلي لكرة القدم. وفي حين كان أعضاء المحكمة يناقشون في جلستهم يوم الثلاثاء الماضي موضوع «حياد» القاضي مورو أو «انحيازه» في محاكمة «لولا»، طلب أحد القضاة مزيداً من الوقت لدراسة الملفّ وتقرّر تعليق الجلسة حتى منتصف الأسبوع المقبل لاتخاذ القرار النهائي.
وهكذا، في انتظار معرفة وجهة المسار القضائي في أكبر قضية فساد عرفتها البرازيل ودول أميركا اللاتينية، تتضارب آراء المحللين حول ما إذا كان ترشّح «لولا» للانتخابات الرئاسية المقبلة سيزيد من حظوظ بولسونارو في تجديد ولايته أم العكس. وللعلم، فإن 30 في المائة من البرازيليين ما زالوا يؤيدون الرئيس اليميني الحالي رغم الفضائح والانتكاسات العديدة التي تشهدها رئاسته منذ بدايتها والفشل الذريع في إدارة الأزمة الصحية وتداعياتها.
وفي المقابل، بجدر التذكير بأن «لولا»، الذي عرفت شعبيته مستويات غير مسبوقة في البرازيل وبين أوساط اليسار في عموم أميركا اللاتينية، يواجه أيضاً قدراً من الحقد العميق الذي يكنّه له قسم كبير من مواطنيه الذين صوّت كثيرون منهم لبولسونارو من باب الغضب والخيبة، وثمة من يرى أنه لن يكون من السهل عليه أن يستردّ ثقتهم من الآن حتى موعد الانتخابات الرئاسية في خريف العام المقبل. ويضاف إلى ذلك أن ترشح «لولا» للرئاسة يحتاج إلى دعم مشكوك فيه حالياً من القوى اليسارية الأخرى وأحزاب الوسط، ويرجّح بعض المراقبين أن يؤدي خوض «لولا» المعركة الرئاسية المقبلة كمرشّح إلى تأجيج مشاعر الرفض ضد حزب العمّال الذي سيصبّ مجدداً في مصلحة بولسونارو. ولكن، لا يشك المراقبون في أن عودة الزعيم والرئيس الأسبق، المعروف بأفكاره ومواقفه اليسارية الواضحة، إلى المشهد السياسي... تشكّل تحديّاً ضخماً بالنسبة لمن يعتبرون أن هزيمة اليمين المتطرف الذي يقوده بولسونارو مستحيلة من غير مرشّح تدعمه قوى الوسط واليمين واليسار المعتدلة.
- «حماية» القاضي مورو
في مطلق الأحوال، بين المحللين الحقوقيين مَن يرى في قرار القاضي هدفاً استراتيجياً يتجاوز إسقاط الأحكام الصادرة بحق «لولا»، ويرمي إلى حماية القاضي سرجيو مورو وعدد من زملائه من احتمال إحالتهم للمحاكمة، في حال ثبوت انحيازهم المتعمد، وفصلهم من السلك القضائي. ويقول هؤلاء، إن ثبوت تهمة الانحياز على مورو من شأنه القضاء على كل ما أنجزه في أكبر محاكمة ضد الفساد عرفتها البرازيل عبر تاريخها. والمعروف، أن «لولا» يصرّ منذ خمس سنوات على القول إنه ضحيّة مؤامرة سياسية وقضائية جنّد لها خصومه الصحافة والأجهزة الأمنية ومراكز النفوذ الاقتصادي والمالي، وهو لم يكف يوماً عن اتهام القاضي سيرجيو مورو والشرطة الفيدرالية بالانحياز ضدّه وتلفيق الادلّة لإدانته.
من ناحية أخرى، عندما سئل «لولا» بعد قرار إسقاط الأحكام الصادرة بحقه حول ما إذا كان سيترشّح للانتخابات الرئاسية المقبلة، أجاب مباشرة «جو بايدن أكبر مني سنّاً، وإذا رأت الأحزاب اليسارية إنني الأنسب لتمثيلها فلا مانع عندي، لكن لدى حزب العمّال خيارات أخرى مثل فرناندو حدّاد الذي كان مرشّحه في عام 2018».
- الرفض الشعبي لـ«العمال»
مع هذا، يعرف الزعيم اليساري المخضرم أيضاً، أن الرافعة الأساسية لصعود بولسونارو المفاجئ ووصوله إلى سدة الرئاسة لم تكن شعبيته أو شهرته، بل الرفض العارم لحزب العمّال بسبب من الخيبات التي تراكمت تحت وطأة الفساد وعدم الوفاء بالكثير من الوعود التي توّجت «لولا» ملكاً شعبياً على البرازيل. كذلك يعرف أيضاً أن ذلك الرفض كان السبب الرئيسي في إحجام القوى اليسارية الأخرى وأحزاب الوسط عن تأييد فرناندو حدّاد مرشّح حزب العمال في الانتخابات الأخيرة. وفي ظهوره الشعبي الأول بعد قرار إسقاط الأحكام الصادرة بحقه، اختار «لولا» المقرّ الرئيس لنقابة عمّال الصُلب التي خرج من صفوفها ليعلن انطلاق حملة المواجهة الواسعة ضد بولسونارو في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مؤكدا أمام الجماهير التي توافدت للاحتفال بعودته «لا وقت عندي الآن للتفكير فيما إذا كنت سأترشّح عن حزب العمّال أو عن جبهة عريضة... المهم هو أن نتخلّص من بولسونارو قبل أن تنهار البرازيل على رؤوسنا جميعاً».
- معركة الـ«كوفيد - 19»!
ثم، بعدما وصف الرئيس اليميني الحالي بأنه «فاشل يحمل أفكاراً من العصر الحجري»، ولا يكترث لصحة مواطنيه وأوضاعهم المعيشية والاقتصادية ويدمّر البيئة، حذّر من سياسة بولسونارو التي تشجّع على حمل السلاح الذي يُستخدم ضد الفقراء والمزارعين والناشطين البيئيين. ونبّه إلى أن البرازيل قد تواجه خطر تكرار ما حصل أخيراً في الولايات المتحدة عندما أقدمت جماعات يمينية متطرفة على اقتحام مبنى الكابيتول - حيث مقر الكونغرس الأميركي - في واشنطن تأييداً للرئيس السابق دونالد ترمب واحتجاجاً على تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن.
وفي السياق ذاته، وبعدما أعلن «لولا» مجموعة من العناوين المطلبية لتكون أساس برنامج المرشّح القادم ضد بولسونارو في الانتخابات الرئاسية، دعا إلى مضاعفة الحد الأدنى للأجور الذي لم تطرأ عليه أي زيادة منذ سنوات، وتسريع حملة التلقيح، وإعداد «برنامج وطني للتوعية بمخاطر (كوفيد – 19) والتحذير من القرارات الحمقاء التي يتخذها الرئيس ووزير الصحة».
ويؤكد الذين تابعوا «لولا» في إطلالته الشعبية الأولى بعد القرار القضائي الذي أعاد له حقوقه السياسية، أنه رغم تجاوزه سن الخامسة والسبعين ما زال يتمتع بطاقة استثنائية لحشد الأنصار وتعبئة المؤيدين، وأن خطابه ما زال الأشدّ تأثيرا بين الفقراء الذين يشكّلون أكثر من نصف سكّان البرازيل (يقدر إجمالي تعداد السكان بـ212 مليون نسمة).
بيد أن هذا العامل الفقير الذي تربّى على يدي أبوين أمّيين ليقود نقابات بلاده ضد الديكتاتورية العسكرية ويتولّى رئاسة الجمهورية ثماني سنوات، نجح في قيادة البرازيل خلال فترة مكّنته من القضاء على الجوع الذي كان يعاني منه ثلث السكّان، ووضع هذه الجمهورية الضخمة من حيث المساحة وعدد السكان في الصفوف الأمامية من المشهد الاقتصادي والسياسي في العالم. وهذا، مع أنه ما زال يحمل عبئا ثقيلا من السجن والأحكام بالفساد وغسل الأموال، ويجرّ خيبة الملايين الذين ساروا وراءه في أيام العزّ والوعود والأحلام... ثم ابتعدوا عنه، حتى أن بعضهم لم يتردد في تأييد عسكري سابق ويميني متشدد من يحمل كل نقائض أفكاره.
- أزمة تشتت المعارضة
أخيراً؛ لأن «لولا» يدرك تماماً أنه على الرغم من تراجع شعبية بولسونارو بسبب فشله الذريع في إدارة الجائحة ما زال يتمتع بتأييد 30 في المائة من المواطنين البرازيليين حسب الاستطلاعات الأخيرة، ويعي أن المعارضة ما زالت مشتّتة وضعيفة، فهو يشدد على القول إنه لا ينوي منافسة أحد لكي يكون مرشّحاً للرئاسة... بل، يؤكد أنه لن يترشّح إلا إذا رأت قوى المعارضة أنه الأوفر حظاً. غير أنه، في الوقت ذاته، لا ينسى أنه على الرغم من فضائح الفساد التي حاصرته وأنهكت حزبه في السنوات الأخيرة ظل الشخصية الأوسع شعبية بين المرشحين في الانتخابات الأخيرة عندما صدرت في حقّه الأحكام التي جرّدته من حقوقه السياسية ومنعته من الترشّح، والتي اتخذها القاضي سيرجيو مورو، وهو – كما سبقت الإشارة – القاضي نفسه الذي أسند إليه منصب وزير العدل في الحكومة الأولى التي شكّلها جاير بولسونارو بعد انتخابه.
- «لولا» واثق من إنهاء عهد بولسونارو... وطي صفحة اليمين
> يؤكد الرئيس البرازيلي الأسبق «لولا» أن الرئيس الحالي جاير بولسونارو سيُهزم في الانتخابات المقبلة، وأن البرازيل ستعود لتنتخب «رئيساً تقدمياً». وبينما يشدّد الزعيم اليساري المخضرم على ضرورة توحيد المعارضة صفوفها والتوافق حول مرشّح واحد، فهو يتطلع أيضاً إلى استعادة الدور الطليعي الذي لعبته البرازيل على عهده ضمن أسرة دول أميركا اللاتينية. وحول هذه النقطة يقول «كنت أحلم، وما زلت، ببناء كتلة اقتصادية قوية في أميركا الجنوبية. العقد الأول من هذا القرن كان أفضل مرحلة عرفتها أميركا اللاتينية منذ نزول كريستوف كولومبوس على شواطئها، ولا بد اليوم من العودة إلى إقناع مواطنينا بأنه لا يجوز أن تبقى معدلات البطالة والبؤس والعنف في هذه المنطقة هي الأعلى في العالم».
وعندما يتحدّث «لولا» عن استعادة البرازيل دورها الطليعي في المنطقة والعالم، فإنه لا يتردّد إطلاقاً في القول، إن الولايات المتحدة هي أول المعارضين لهذا التوجّه. كلامه هذا يعني بوضوح سعيه إلى عودة الحياة والنشاط إلى «المحور اليساري» في أميركا اللاتينية الذي يشهد انبعاثاً جديداً مع التقارب الأخير بين المكسيك والأرجنتين، وصمود نظام نيكولاس مادورو في فنزويلا أمام الحصار السياسي والاقتصادي الذي فرضته عليه إدارة دونالد ترمب الأميركية السابقة.
وحقاً، حرص «لولا» في إطلالته الشعبية الأولى عند توجيهه الشكر إلى من ساندوه خلال الملاحقات القضائية، على تسمية الزعماء اليساريين «اللاتينيين»، من الرئيس الأرجنتيني ألبرتو فرنانديز إلى رئيس الوزراء الإسباني الأسبق الاشتراكي خوسيه لويس زاباتيرو ورئيسة بلدية العاصمة الفرنسية باريس آن إيدالغو (الإسبانية الأصل)، ليؤكد «استحالة معالجة مشاكل العالم من غير العودة إلى السياسة التي استقالت منها معظم الحكومات وسلّمت أمرها لمراكز المال والنفوذ الاقتصادي».



الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
TT

الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)

ضاعف الرئيس التونسي قيس سعيّد فور أداء اليمين بمناسبة انتخابه لعهدة ثانية، الاهتمام بالملفات الأمنية والعسكرية الداخلية والخارجية والتحذير من «المخاطر والمؤامرات» و«المتآمرين» على أمن الدولة. كما كثف سعيّد لقاءاته بمسؤولي وزارتي الدفاع والداخلية وأعضاء مجلس الأمن القومي الذي يضم كذلك أكبر قيادات القوات المسلحة العسكرية والمدنية إلى جانب رئيسَي الحكومة والبرلمان ووزراء السيادة وكبار مستشاري القصر الرئاسي. وزاد الاهتمام بزيادة تفعيل دور القوات المسلحة و«تصدرها المشهد السياسي» بمناسبة مناقشة مشروع ميزانية الدولة للعام الجديد أمام البرلمان بعد تصريحات غير مسبوقة لوزير الدفاع الوطني السفير السابق خالد السهيلي عن «مخاطر» تهدد أمن البلاد الداخلي والخارجي.

تصريحات وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي تزامنت مع تصريحات أخرى صدرت عن وزير الداخلية خالد النوري وعن وزير الدولة للأمن القاضي سفيان بالصادق وعن الرئيس قيس سعيّد شخصياً. وهي كلها حذّرت من مخاطر الإرهاب والتهريب والمتفجرات والهجرة غير النظامية، ونبّهت إلى وجود «محاولات للنيل من سيادة تونس على كامل ترابها الوطني ومياهها الإقليمية» وعن «خلافات» لم تُحسم بعد و«غموض» نسبي في العلاقات مع بعض دول المنطقة.

وهنا نشير إلى أن اللافت في هذه التصريحات والمواقف كونها تأتي مع بدء الولاية الرئاسية الثانية للرئيس قيس سعيّد، ومع مصادقة البرلمان على مشروع الحكومة لموازنة عام 2025... وسط تحذيرات من خطر أن تشهد تونس خلال العام أزمات أمنية وسياسية واقتصادية اجتماعية خطيرة.

أكثر من هذا، يتساءل البعض عن مبرّر إثارة القضايا الخلافية مع ليبيا، والمخاطر الأمنية من قِبل كبار المسؤولين عن القوات المسلحة، في مرحلة تعذّر فيها مجدداً عقد «القمة المغاربية المصغرة التونسية - الليبية - الجزائرية»... التي سبق أن تأجلت مرات عدة منذ شهر يوليو (تموز) الماضي.

كلام السهيلي... وزيارة سعيّد للجزائركلام السهيلي، وزير الدفاع، جاء أمام البرلمان بعد نحو أسبوع من زيارة الرئيس قيس سعيّد إلى الجزائر، وحضوره هناك الاستعراض العسكري الضخم الذي نُظّم بمناسبة الذكرى السبعين لانفجار الثورة الجزائرية المسلحة. وما قاله الوزير التونسي أن «الوضع الأمني في البلاد يستدعي البقاء على درجة من اليقظة والحذر»، وقوله أيضاً إن «المجهودات العسكرية الأمنية متضافرة للتصدّي للتهديدات الإرهابية وتعقّب العناصر المشبوهة في المناطق المعزولة». إلى جانب إشارته إلى أن تونس «لن تتنازل عن أي شبر من أرضها» مذكراً - في هذا الإطار - بملف الخلافات الحدودية مع ليبيا.

من جهة ثانية، مع أن الوزير السهيلي ذكر أن الوضع الأمني بالبلاد خلال هذا العام يتسم بـ«الهدوء الحذر»، فإنه أفاد في المقابل بأنه جرى تنفيذ 990 عملية في «المناطق المشبوهة» - على حد تعبيره - شارك فيها أكثر من 19 ألفاً و500 عسكري. وأنجز هؤلاء خلال العمليات تفكيك 62 لغماً يدوي الصنع، وأوقفوا آلاف المهرّبين والمهاجرين غير النظاميين قرب الحدود مع ليبيا والجزائر، وحجزوا أكبر من 365 ألف قرص من المخدرات.

بالتوازي، كشف وزير الدفاع لأول مرة عن تسخير الدولة ألفي عسكري لتأمين مواقع إنتاج المحروقات بعد سنوات من الاضطرابات وتعطيل الإنتاج والتصدير في المحافظات الصحراوية المتاخمة لليبيا والجزائر.

مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه اوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

تفعيل دور «القوات المسلحة»

تصريحات الوزير السهيلي لقيت أصداء كبيرة، محلياً وخارجياً، في حين اعترض على جانب منها سياسيون وإعلاميون ليبيون بارزون.

بيد أن الأمر الأهم، وفق البشير الجويني، الخبير التونسي في العلاقات بين الدول المغاربية والدبلوماسي السابق لدى ليبيا، أنها تزامنت مع «تأجيل» انعقاد القمة المغاربية التونسية - الليبية - الجزائرية التي سبق الإعلان أنه تقرر تنظيمها في النصف الأول من الشهر الأول في ليبيا، وذلك في أعقاب تأخير موعدها غير مرة بسبب انشغال كل من الجزائر وتونس بالانتخابات الرئاسية، واستفحال الأزمات السياسية الأمنية والاقتصادية البنكية في ليبيا من جديد.

والحال، أن الجويني يربط بين هذه العوامل والخطوات الجديدة التي قام بها الرئيس سعيّد وفريقه في اتجاه «مزيد من تفعيل دور القوات المسلحة العسكرية والمدنية» وسلسلة اجتماعاته مع وزيري الداخلية والدفاع ومع وزير الدولة للأمن الوطني، فضلاً عن زياراته المتعاقبة لمقر وزارة الداخلية والإشراف على جلسات عمل مع كبار كوادرها ومع أعضاء «مجلس الأمن القومي» في قصر الرئاسة بقرطاج. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه إذ يسند الدستور إلى رئيس الدولة صفة «القائد العام للقوات المسلحة»، فإن الرئيس سعيّد حمّل مراراً المؤسستين العسكرية والأمنية مسؤولية «التصدي للخطر الداهم» ولمحاولات «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي».

واعتبر سعيّد خلال زيارات عمل قام بها إلى مؤسسات عمومية موسومة بأنه «انتشر فيها الفساد» - بينها مؤسسات زراعية وخدماتية عملاقة - أن البلاد تواجه «متآمرين من الداخل والخارج» وأنها في مرحلة «كفاح جديد من أجل التحرر الوطني»، ومن ثم، أعلن إسناده إلى القوات المسلّحة مسؤولية تتبع المشتبه فيهم في قضايا «التآمر والفساد» والتحقيق معهم وإحالتهم على القضاء.

المسار نفسه اعتمده، في الواقع، عدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين التونسيين بينهم وزير الصحة والوزير المستشار السابق في قصر قرطاج الجنرال مصطفى الفرجاني، الذي أعلن بدوره عن إحالة مسؤولين متهمين بـ«شبهة الفساد» في قطاع الصحة على النيابة العمومية والوحدات الأمنية المركزية المكلّفة «الملفات السياسية والاقتصادية الخطيرة»، وبين هذه الملفات الإرهاب وسوء التصرّف المالي والإداري في أموال الدولة ومؤسساتها.

متغيرات في العلاقات مع ليبيا والجزائر وملفَي الإرهاب والهجرة

القمة المغاربية الأخيرة التي استضافتها الجزائر (لانا)

حملات غير مسبوقة

وفعلاً، كانت من أبرز نتائج «التفعيل الجديد» للدور الوطني للمؤسستين العسكرية والأمنية، وتصدّرهما المشهد السياسي الوطني التونسي، أن نظّمت النيابة العمومية وقوات الأمن والجيش حملات غير مسبوقة شملت «كبار الحيتان» في مجالات تهريب المخدرات والممنوعات، وتهريب عشرات آلاف المهاجرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء سنوياً نحو تونس، عبر الحدود الليبية والجزائرية تمهيداً لترحيلهم بحراً نحو أوروبا عبر إيطاليا.

وحسب المعلومات التي ساقها كل من وزيري الدفاع والداخلية، وأيضاً رئاسة الحرس الوطني، تمكنت القوات العسكرية والأمنية لأول مرة من أن تحجز مئات الكيلوغرامات من الكوكايين إلى جانب «كميات هائلة من الحشيش» والأقراص المخدرة.

وفي الحصيلة، أدّت تلك العمليات إلى إيقاف عدد من كبار المهرّبين ومن رؤوس تجار المخدرات «بقرار رئاسي»، بعدما أثبتت دراسات وتقارير عدة أن مئات الآلاف من أطفال المدارس، وشباب الجامعات، وأبناء الأحياء الشعبية، تورّطوا في «الإدمان» والجريمة المنظمة. وجاء هذا الإنجاز بعد عقود من «تتبّع صغار المهرّبين والمستهلكين للمخدرات وغضّ الطرف عن كبار المافيات»، على حد تعبير الخبير الأمني والإعلامي علي الزرمديني في تصريح لـ«الشرق الأوسط».

تحرّكات أمنية عسكرية دوليةعلى صعيد آخر، جاء تصدّر القوات المسلحة العسكرية والأمنية التونسية المشهدين السياسي متلازماً زمنياً مع ترفيع التنسيقين الأمني والعسكري مع عواصم وتكتلات عسكرية دولية، بينها حلف شمال الأطلسي (ناتو) وقيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم). وما يُذكر هنا أنه في ظل عودة التوترات السياسية في ليبيا، وتفاقم الخلافات داخلها بين حلفاء روسيا وتركيا والعواصم الغربية، تزايدت الاهتمامات الأميركية والأوروبية والأطلسية بـ«ترفيع الشراكة الأمنية والعسكرية مع تونس».

أيضاً، ورغم الحملات الإعلامية الواسعة في تونس ضد الإدارة الأميركية وحلفائها منذ عملية «طوفان الأقصى»؛ بسبب انحيازها لإسرائيل ودعمها حكومة بنيامين نتنياهو، كثّفت واشنطن - عبر بعثاتها في المنطقة - دعمها التدريبات العسكرية والأمنية المشتركة مع قوات الجيش والأمن التونسية.

بل، لقد أعلن جوي هود، السفير الأميركي لدى تونس، عن برامج واسعة لترفيع دور «الشراكة» العسكرية والأمنية الأميركية - التونسية، وبخاصة في المحافظات التونسية الحدودية مع كل من ليبيا والجزائر، وأيضاً في ميناء بنزرت العسكري (شمال تونس) ومنطقة النفيضة (100 كلم جنوب شرقي العاصمة تونس).

وإضافة إلى ما سبق، أعلنت مصادر رسمية تونسية وأميركية عن مشاركة قوات تونسية ومغاربية أخيراً في مناورات عسكرية بحرية أميركية دولية نُظمت في سواحل تونس. وجاءت هذه المناورات بعد مشاركة الجيش التونسي، للعام الثالث على التوالي، في مناورات «الأسد الأفريقي» الدولية المتعددة الأطراف... التي نُظم جانب منها في تونس برعاية القوات الأميركية.

وحول هذا الأمر، أكد وزير الداخلية التونسي خالد النوري، قبل أيام في البرلمان، أن من بين أولويات وزارته عام 2025 «بناء أكاديمية الشرطة للعلوم الأمنية» في منطقة النفيضة من محافظة سوسة، وأخرى لحرس السواحل، وهذا فضلاً عن توسيع الكثير من الثكنات ومراكز الأمن والحرس الوطنيين وتهيئة مقر المدرسة الوطنية للحماية المدنية.

أبعاد التنسيقين الأمني والعسكري مع واشنطنوحقاً، أكد تصريح الوزير النوري ما سبق أن أعلن عنه السفير الأميركي هود عن «وجود فرصة لتصبح تونس ومؤسّساتها الأمنية والعسكرية نقطة تصدير للأمن وللتجارب الأمنية في أفريقيا وفي كامل المنطقة».

وفي هذا الكلام إشارة واضحة إلى أن بعض مؤسسات التدريب التي يدعمها «البنتاغون» (وزارة الدفاع الأميركية)، وحلفاء واشنطن في «ناتو»، معنية في وقت واحد بأن تكون تونس طرفاً في «شراكة أمنية عسكرية أكثر تطوراً» مع ليبيا وبلدان الساحل والصحراء الأفريقية والبلدان العربية.

وزير الداخلية خالد النوري نوّه أيضاً بكون جهود تطوير القدرات الأمنية لتونس «تتزامن مع بدء العهدتين الثانيتين للرئيس قيس سعيّد وأخيه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون».

وفي السياق ذاته، نوّه عزوز باعلال، سفير الجزائر لدى تونس، بالشراكة الاقتصادية والأمنية والسياسية بين تونس والجزائر، وبنتائج زيارة الرئيس سعيّد الأخيرة للجزائر، وكذلك بجلسات العمل واللقاءات السبعة التي عقدها وزيرا خارجيتي البلدين محمد علي النفطي وأحمد عطّاف خلال الأسابيع القليلة الماضية في الجزائر وفي عواصم أخرى عدة.

حقائق

قضايا الحدود التونسية... شرقاً وغرباً

اقترن بدء الولاية الرئاسية الثانية التونسي للرئيس قيس سعيّد بتحرّكات قام بها مسؤولون كبار في الدولة إلى مؤسسات الأمن والجيش في المحافظات الحدودية، وبالأخص من جهة ليبيا، ضمن جهود مكافحة الإرهاب والتهريب والمخدرات.ومعلوم أنه زاد الاهتمام بالأبعاد الأمنية في علاقات تونس بجارتيها ليبيا والجزائر بعد إثارة وزير الدفاع خالد السهيلي أمام البرلمان ملف «رسم الحدود» الشرقية لتونس من قِبل «لجنة مشتركة» تونسية - ليبية. وكما سبق، كان الوزير السهيلي قد تطرّق إلى استغلال الأراضي الواقعة بين الحاجز الحدودي بين ليبيا وتونس، قائلاً إن «تونس لم ولن تسمح بالتفريط في أي شبر من الوطن». وفي حين رحّبت أطراف ليبية ومغاربية بهذا الإعلان، انتقده عدد من المسؤولين والخبراء الليبيين بقوة واعتبروا أن «ملف الخلافات الحدودية أغلق منذ مدة طويلة».ولكن، حسب تأكيدات مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، فإن السلطات الليبية أعلنت عن تغيير موقع العلامة الحدودية الفاصلة بين ليبيا وتونس «جزئياً» في منطقة سانية الأحيمر، التي تتبع ليبيا. إذ أورد بيان مديرية أمن السهل الغربي في يوليو (تموز) 2022، أنها رصدت ضم سانية الأحيمر إلى الأراضي التونسية، من خلال وضع العلامة الدالة على الحدود بذلك المكان (شرق السانية) بمسافة تقدر بنحو 150 متراً شرقاً ونحو 6 كيلو جنوباً.‏ما يستحق الإشارة هنا أن اللجنة الخاصة بترسيم الحدود الليبية مع تونس، والمكلفة من قِبل وزارة الدفاع في حكومة طرابلس، كشفت عن وجود عملية «تحوير» للعلامة. لكن مصادر دبلوماسية من الجانبين أكدت أن هذه القضية، وغيرها من «الخلافات والمستجدات»، جارٍ بحثها على مستوى اللجنة المشتركة ومن قِبل المسؤولين السياسيين والديبلوماسيين «بهدوء».في أي حال، أعادت إثارة هذه القضية إلى الواجهة تصريحاً سابقاً قال فيه الرئيس سعيّد بشأن الحدود مع ليبيا: «إن تونس لم تحصل إلا على الفتات» بعد خلافها الحدودي البحري مع ليبيا في فترة سبعينات القرن الماضي.والحقيقة، أنه سبق أن شهدت علاقات تونس وليبيا في أوقات سابقة توترات محورها الحدود والمناطق الترابية المشتركة بينهما؛ وذلك بسبب خلافات حدودية برّية وبحرية تعود إلى مرحلة الاحتلالين الفرنسي لتونس والإيطالي لليبيا، ثم إلى «التغييرات» التي أدخلتها السلطات الفرنسية على حدود مستعمراتها في شمال أفريقيا خلال خمسينات القرن الماضي عشية توقيع اتفاقيات الاستقلال. وهكذا، بقيت بعض المناطق الصحراوية الحدودية بين تونس وكل من ليبيا والجزائر «مثار جدل» بسبب قلة وضوح الترسيم وتزايد الأهمية الاستراتيجية للمناطق الحدودية بعد اكتشاف حقول النفط والغاز.وعلى الرغم من توقيع سلطات تونس وليبيا والجزائر اتفاقيات عدة لضبط الحدود والتعاون الأمني، تضاعف الاضطرابات الأمنية والسياسية في المنطقة منذ عام 2011 بسبب اندلاع حروب جديدة «بالوكالة» داخل ليبيا ودول الساحل والصحراء، بعضها بين جيوش و«ميليشيات» تابعة لواشنطن وموسكو وباريس وأنقرة على مواقع جيو - استراتيجية شرقاً غرباً.مع هذا، وفي كل الأحوال، تشهد علاقات تونس وكل من ليبيا والجزائر مستجدات سريعة على المجالين الأمني والعسكري. وربما تتعقد الأوضاع أكثر في المناطق الحدودية بعدما أصبحت التوترات والخلافات تشمل ملفات أمنية دولية تتداخل فيها مصالح أطراف محلية وعالمية ذات «أجندات» مختلفة وحساباتها للسنوات الخمس المقبلة من الولاية الثانية للرئيسين سعيّد وعبد المجيد تبّون.