«السيادي التركي» يختبر ثقة الأسواق العالمية

استمرار زيادة عجز ميزان المعاملات الجارية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء مع نظيره التركي مساء الأربعاء في مراسم إطلاق بناء وحدة التوليد الثالثة لمحطة أككويو النووية (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء مع نظيره التركي مساء الأربعاء في مراسم إطلاق بناء وحدة التوليد الثالثة لمحطة أككويو النووية (رويترز)
TT

«السيادي التركي» يختبر ثقة الأسواق العالمية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء مع نظيره التركي مساء الأربعاء في مراسم إطلاق بناء وحدة التوليد الثالثة لمحطة أككويو النووية (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء مع نظيره التركي مساء الأربعاء في مراسم إطلاق بناء وحدة التوليد الثالثة لمحطة أككويو النووية (رويترز)

بدأ صندوق الثروة السيادي التركي استطلاع مواقف البنوك العالمية بشأن إعادة تمويل قرضه المشترك الوحيد بعد استقالة رئيسه التنفيذي السابق ظفر سونماز وتعيين سالم أردا أرموط بدلاً منه.
ويجري الصندوق محادثات لإعادة تمويل القرض البالغ قيمته 1.2 مليار دولار، ومن المرجح أن تساعد وفرة السيولة العالمية وضمان الحكومة لـ95 في المائة من التسهيل الممنوح لصندوقها السيادي في إتمام الصفقة.
وبحسب ما نقلت «بلومبرغ» عن مصادر مطلعة، قد يختبر رد فعل المستثمرين على الصفقة المعنويات، بعد أن أقال الرئيس رجب طيب إردوغان، الرئيس التنفيذي للصندوق، ظفر سونماز، من منصبه، الثلاثاء، وعين سالم أردا أرموط، الذي يرتبط بعلاقات قوية مع نجله بلال، مكانه.
وأدى القرار إلى تعميق الهزة في كبرى المؤسسات الاقتصادية التي بدأت برحيل رئيس بورصة إسطنبول، المملوكة للصندوق، محمد هاكان أتيلا. وتم تعيين كلا المديرين التنفيذيين في عهد بيرات البيرق، صهر إردوغان الذي كان وزيراً للخزانة والمالية لمدة عامين حتى تقدم باستقالته المفاجئة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وأنشأت تركيا صندوقها السيادي، برئاسة إردوغان، في عام 2016 وكلفته بلعب دور رائد في القيام باستثمارات كبيرة جداً بالنسبة للقطاع الخاص، وقال سونماز، الشهر الماضي، قبل استقالته، إن الصندوق يعتزم الاستفادة من أسواق الديون الدولية في النصف الثاني من العام بعد تأجيل أول خطة بيع سندات دولية في أكتوبر (تشرين الأول) بسبب ظروف السوق المعاكسة.
في الوقت ذاته، أظهرت بيانات البنك المركزي التركي، أمس (الخميس)، أن ميزان المعاملات الجارية للبلاد سجل عجزاً بقيمة 1.867 مليار دولار في يناير (كانون الثاني) الماضي، بزيادة عن توقع سابق لـ« رويترز» بأن يسجل العجز 1.62 مليار دولار.
كان ميزان المعاملات الجارية لتركيا سجل عجزاً بقيمة 36.724 مليار دولار في 2020.
وفي سياق موازٍ، أجرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تعديلاً على توقعاتها بشأن نمو الاقتصاد التركي للعام الحالي لترفعها من 2.9 إلى 5.9 في المائة. وذكرت أنها تتوقع نمو الاقتصاد العالمي خلال العام بنسبة 5.6 في المائة، و4 في المائة في 2022.
وبدورها، توقعت وكالة «فيتش» الدولية للتصنيف الائتماني، تراجع معدل التضخم في تركيا خلال العام إلى 11 في المائة، ثم إلى 9.2 في المائة في العام المقبل.
وقال مدير عام الوكالة دوغلاس وينسلو، خلال مشاركته في ندوة بعنوان: «تركيا ومؤسسات التمويل»، إن تركيا تعول على استخدام البنك المركزي أدوات السياسة النقدية، مثل رفع أسعار الفائدة وإعادة الاستقرار للعملة المحلية، كأدوات رئيسية في خفض أسعار المستهلك.
وأضاف أن الديون العامة لتركيا مقارنة بإجمالي ناتجها المحلي، تصل إلى 40 في المائة، وأن هذه النسبة تبعث الثقة بالاقتصاد التركي، لافتاً إلى أن الديون العامة لباقي الدول المماثلة لتركيا، تصل إلى 60 في المائة مقارنة بإجمالي ناتجها المحلي.
وأشار وينسلو إلى أن تدني نسبة الديون العامة في تركيا، مؤشر على تراجع عجز الميزانية خلال العام الحالي إلى 4.5 في المائة، وإلى 3.9 في المائة خلال العام المقبل. وتملك تركيا أصولاً احتياطية تتمثل في النقد الأجنبي والذهب، بأكثر من 95 مليار دولار، بحسب بيانات صدرت نهاية الشهر الماضي عن البنك المركزي.
على صعيد آخر، توقع رئيس مؤسسة «روس آتوم» الحكومية الروسية للطاقة الذرية، أليكسي ليخاتشوف، أن تحصل المؤسسة على رخصة بناء وحدة التوليد الرابعة في محطة «أككويو» لتوليد الكهرباء من الطاقة النووية، والمقامة في مرسين جنوب تركيا. وقال: «نتوقع أن يسمح لنا الجهاز المنظم التركي بالعمل على إنشاء الوحدة الرابعة ويصدر الترخيص قبل نهاية الصيف».
وشارك الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين، عبر الفيديو، مساء الأربعاء، في مراسم إطلاق بناء وحدة التوليد الثالثة لمحطة «أككويو»، وهي أول محطة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية في تركيا. وأشار إردوغان إلى أن بناء الوحدة الرابعة سيبدأ عام 2022.
وستتكون محطة «أككويو» من 4 وحدات للتوليد، قوة كل واحدة منها 1200 ميغاواط، وبعد إنجاز المشروع ستنتج المحطة 35 مليار كيلوواط ساعة سنوياً من الطاقة. وبدأ بناء الوحدة الأولى للمحطة في أبريل (نيسان) 2018، والثانية في يونيو (حزيران) 2020، وتتكلف المحطة نحو 20 مليار دولار، ويتولى إنشاؤها كونسرتيوم من الشركات التركية مع «روس آتوم» الروسية، ومن المتوقع البدء بتشغيلها في عام 2023.



«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها؛ حيث كافح البنك للتوسع وجعل المشروع مربحاً في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقالت 3 مصادر مطلعة مباشرة على الأمر إن البنك الذي يركز على آسيا، توقّف عن إصدار بطاقات جديدة، ويعمل على تقليص الخدمة المقدمة لجزء كبير من العملاء الصينيين. وقال اثنان منهم إن الإغلاق المخطط له يأتي بعد محاولات فاشلة لبيع الأعمال.

وقالت المصادر إن البنك الذي لا يزال في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على الخطط، قد يستمر في خدمة بطاقات الائتمان لشريحة صغيرة من العملاء «المميزين». وقال أحد المصادر إن عملاء بطاقات الائتمان «المستقلين» لدى البنك، أولئك الذين لا يستخدمون خدمات «إتش إس بي سي» المصرفية في الصين، لن يتمكنوا من تجديد بطاقاتهم عند انتهاء صلاحيتها، مضيفاً أن هؤلاء العملاء يشكلون جزءاً كبيراً من الأعمال في البلاد.

ويؤكد قرار الانسحاب، الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً، على التحديات التي يواجهها البنك في توسيع نطاق وجوده في الصين كجزء من تعهده بالتحول إلى آسيا وتعميق وجوده في الاقتصادات الإقليمية الرئيسية.

ورفضت المصادر الكشف عن هُويتها لأنها غير مخوّلة بالتحدث إلى وسائل الإعلام. وقال متحدث باسم الشركة لـ«رويترز»، دون الخوض في التفاصيل: «كجزء من خدماتنا المصرفية الخاصة المتميزة والعالمية في البر الرئيسي للصين، نواصل تقديم خدمات بطاقات الائتمان التي تركز على السفر الدولي وميزات نمط الحياة».

وتمثل هذه الخطوة تراجعاً عن طموح البنك في تنمية أعمال بطاقات الائتمان في الصين بسرعة بعد إطلاقها في أواخر عام 2016 كجزء من محوره الآسيوي وتوسيع خدماته المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في الصين.

وتُظهر بيانات من إصدارات البنك أن «إتش إس بي سي»، الذي يقع مقره الرئيسي في لندن، والذي يحقق الجزء الأكبر من إيراداته في آسيا، كان لديه نحو مليون مستخدم لبطاقات الائتمان الخاصة به في الصين بحلول سبتمبر (أيلول) 2019.

وقال أحد المصادر إنه في غضون 18 شهراً من إطلاق الخدمة، شهد بنك «إتش إس بي سي» وصول الأعمال إلى 500 مليون دولار من الرصيد المستحق، قبل أن يتوقف النمو وتنخفض المعاملات بسبب عمليات الإغلاق الصارمة الناجمة عن كوفيد في الصين... ومنذ ذلك الحين، شدد المستهلكون الصينيون الإنفاق في ظل تباطؤ الاقتصاد، مما أدى إلى انكماش سوق بطاقات الائتمان بشكل أكبر.

ووفقاً لبيانات من «إنسايت آند إنفو كونسالتينغ»، نما إجمالي إصدار البطاقات في 6 سنوات متتالية ليصل إلى ذروة بلغت 800 مليون بطاقة في عام 2021، وانخفض إلى 767 مليون بطاقة بحلول عام 2023.

وقالت مصادر إن «إتش إس بي سي» واجه أيضاً منافسة شديدة وقيوداً تنظيمية في أعمال بطاقات الائتمان في الصين لم يواجهها من قبل في أسواق أخرى، مثل القواعد المتعلقة بتسعير أسعار الفائدة وكيفية تعامل البنوك مع التخلف عن السداد. وأضافوا أن هذه القيود، إلى جانب ارتفاع تكلفة اكتساب العملاء والاحتيال، قوضت آفاق الأعمال.

وبصرف النظر عن نظرائها المصرفيين الصينيين، تواجه البنوك الأجنبية مثل «إتش إس بي سي» أيضاً تحديات من المنصات الرقمية الصينية التي توسعت بسرعة لتقديم خدمات القروض الاستهلاكية بتكاليف أقل بشكل حاد. ولا تقدم سوى حفنة من البنوك الأجنبية خدمات بطاقات الائتمان في الصين، بما في ذلك «ستاندرد تشارترد» وبنك شرق آسيا.

كما يراجع بنك «إتش إس بي سي» النفقات والضوابط التشغيلية في أعمال الثروة الرقمية الصينية، في خطوة قد تؤدي إلى تسريح العمال، حسبما ذكرت «رويترز»، الشهر الماضي.

وتُعد منطقة الصين الكبرى، التي تضم هونغ كونغ وتايوان، أكبر مصدر للدخل للمجموعة، لكن الصين هي السوق الوحيدة عالمياً التي لم تحقق فيها أعمال الثروة والخدمات المصرفية الشخصية في «إتش إس بي سي» أرباحاً بعد. وفي النصف الأول من عام 2024، أعلنت الوحدة عن خسارة قدرها 46 مليون دولار مقارنة بـ90 مليون دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي.