وقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بصفته رئيس حركة «فتح» قراراً بفصل عضو اللجنة المركزية للحركة ناصر القدوة، بعد أن رفض التراجع عن قراره الترشح على رأس قائمة مستقلة لانتخابات المجلس التشريعي المقررة في مايو (أيار) المقبل. وقالت مركزية حركة «فتح» في بيان إنها قررت فصل القدوة من عضويتها ومن الحركة بناء على قرارها الذي نص على فصله الصادر عن جلستها بتاريخ 8 مارس (آذار) الحالي، «على أن يعطى 48 ساعة للتراجع عن مواقفه المعلنة المتجاوزة للنظام الداخلي للحركة وقراراتها والمس بوحدتها».
وأضافت أنه «بعد فشل الجهود كافة التي بذلت معه من الإخوة المكلفين بذلك، والتزاماً بالنظام الداخلي، وبقرارات الحركة، وحفاظا على وحدتها فإنها تعتبر قرارها بفصله نافذاً» من تاريخ أمس.
واتخذ القرار بعدما فشلت حوارات قادها الرئيس عباس شخصياً مع القدوة في بداية الأمر، ثم أعضاء في مركزية «فتح» وفي المجلس الثوري للحركة لإقناعه بالتراجع عن تحدي الحركة بتشكيل قائمة انتخابية خارج القائمة الرسمية.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «القرار أخذ على عجل لأنه كان يجب ردع كل شخص من داخل الحركة يفكر في تحديها وشق صفها والتسبب في خسارتها في الانتخابات المفصلية المقبلة». وأضافت: «لا تريد الحركة تكرار تجربة 2006، ولن تسمح بذلك مهما كلف الأمر».
وشهدت الحركة منافسين من داخلها في قوائم مستقلة وغاضبين صوتوا لحركة «حماس» في انتخابات 2006 للمجلس التشريعي، ما أفقدها الأغلبية في المجلس.
وحسمت «فتح» أمرها تجاه القدوة، وهو ابن شقيقة الرئيس الراحل زعيمها التاريخي ياسر عرفات، في وقت بدأت فيه تواجه ما يشبه «التمرد» من بعض مسؤوليها البارزين، حاليين وسابقين، يخططون لتشكيل قوائم انتخابية منافسة لقائمة الحركة الرئيسية.
وكان القدوة أعلن تشكيل قائمته الخاصة القائمة على توليفة مفتوحة للراغبين من الانضمام من «فتح» ومن قوى المجتمع المدني. كما يعمل القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان على تشكيل قائمة منافسة، وبرز اسم نبيل عمرو، القيادي في الحركة، من بين أسماء أخرى قد تنافس «فتح» الرسمية.
ورفض كل من دحلان وعمرو قرار مركزية «فتح». ووصف دحلان القرار بفصل القدوة بأنه «مخالف لكل لوائح وأنظمة الحركة وأعرافها العريقة». وأضاف على حسابه في «فيسبوك» أن «هذه خطوة جديدة في بعثرة قدرات فتح وقوتها التي لم تشهد عبر تاريخها الطويل هذا القدر من الاستبداد والتفرد والانحراف عن تقاليد التنوع واحتواء كل الأفكار والآراء».
واعتبر أن القرار «يؤكد استحالة القبول بنهج محمود عباس الذي بات يشكل تهديداً حقيقياً لمصالح شعبنا ووحدته وقضيته وخطراً داهماً على فتح». وطالب قيادات الحركة وكوادرها وقواعدها بـ«النهوض لمواجهة هذا التدمير المنظم الذي يشكل مصدراً لضعف الحركة وتراجع مكانتها وقدراتها».
من جهته، رأى نبيل عمرو أن قرار «فتح» بفصل القدوة «مؤسف... وكان بالإمكان التريث، ومعالجة الموضوع بطريقة أفضل». وأضاف في تصريح نشره موقع «الحدث» المحلي: «أنا من الذين أعلنوا أكثر من مرة أن الإجراءات الجراحية، خصوصاً فيما يتعلق بفتح، ليست مجدية وإنما تؤدي إلى نتيجة عكسية».
والقدوة هو ثاني قيادي تفصله المركزية في عهد الرئيس عباس بعد دحلان. ودب خلاف كبير وعلني بين عباس ودحلان وصل إلى حد تبادل الاتهامات الكبيرة ولم تنجح وساطات كثيرة في رأب الصدع وتحقيق مصالحة داخلية.
أما القدوة، فكان على خلاف صامت مع عباس منذ فترة طويلة حول قضايا لها علاقة بالشأن السياسي ومعالجة مسائل داخل «فتح» وحتى في معالجة ملف التحقيق في فرضية «تسميم» الراحل عرفات.
وشهدت علاقة القدوة بعباس مداً وجزراً خلال السنوات الماضية، وشابها الكثير من الجدل والتوتر والمقاطعة إلى حد استقالة القدوة من مركزية «فتح» عام 2018، قبل أن ترفض استقالته وتسوي الأمر.
وكان القدوة دعا مع بداية التحضير لانتخابات المجلس التشريعي، إلى تغيير النظام السياسي الفلسطيني لأنه «أصبح من الصعب إصلاحه». وأعلن أنه سيشكل «الملتقى الوطني الديمقراطي الفلسطيني» لخوض الانتخابات التشريعية، مشيراً إلى أنه «ماض في طريق لا رجعة عنها حتى لو فصلوني من فتح».
«فتح» تفصل القدوة نهائياً لـ«ردع المنشقين»
تحرك مبكر لتجنب تكرار تجربة تعدد القوائم في انتخابات 2006
«فتح» تفصل القدوة نهائياً لـ«ردع المنشقين»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة