حقوقيون تونسيون ينددون بـ«اعتداءات بوليسية»

طالبوا الرئاسة بإصدار «عفو خاص» عن معتقلي الاحتجاجات

جانب من المظاهرات التونسية وسط العاصمة (إ.ب.أ)
جانب من المظاهرات التونسية وسط العاصمة (إ.ب.أ)
TT

حقوقيون تونسيون ينددون بـ«اعتداءات بوليسية»

جانب من المظاهرات التونسية وسط العاصمة (إ.ب.أ)
جانب من المظاهرات التونسية وسط العاصمة (إ.ب.أ)

نددت بعض الجمعيات والمنظمات الحقوقية التونسية بـ«الاعتداءات البوليسية والاعتقالات التعسفية»، التي نفذتها حكومة هشام المشيشي، وطالبت الرئيس قيس سعيد بإصدار عفو خاص في حق المعتقلين، منذ نهاية شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، ممن وجهت لهم «تهم كيدية» على حد تعبيرها، وذلك على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات الاجتماعية ضد الحكومة. داعية إياه إلى الاصطفاف مع قضايا الشباب وتطلعاته، وأن يكون عيد الاستقلال 20 مارس (آذار) الحالي مناسبة للتذكير بقيم الجمهورية الثانية.
وفي حال إصدار هذا العفو، فإن الأزمة بين رأسي السلطة التنفيذية قد تتعمق أكثر، حسب بعض المراقبين، على اعتبار أن العفو عن المحتجين سيكون تحديا لرئيس الحكومة ووزير الداخلية بالإنابة، هشام المشيشي، الذي اعتبر الاحتجاجات «خروجا عن القانون»، بحجة أن أغلبها تم خلال الليل، وتجاوز قانون حظر التجول.
ونددت هذه الجمعيات بـ«التعاطي القمعي» مع الاحتجاجات الأخيرة، وتواصل إيقاف المحتجين، وذكرت بأن هذه الاحتجاجات أسفرت عن اعتقال أكثر من ألفي تونسي، بينهم عدد من الأطفال القصر. كما أكدت أن الاعتقالات استهدفت الناشطين في مجال حقوق الإنسان بشكل خاص، وقال إن هؤلاء المحتجين «هم ضحية نظام لا يعرف إلا القمع والعنف».
على صعيد متصل، أعربت منظمة «البوصلة» (منظمة حقوقية مستقلة) عن استنكارها، لما اعتبرته «تعاملا بوليسيا وإيقافات عشوائية ضد الناشطين في تعد صارخ للقانون». ودعت البرلمان إلى مساءلة رئيس الحكومة حول بعض التجاوزات، التي رافقت عمليات توقيف المعارضين لتوجهات الحكومة.
على صعيد آخر، وبشأن الأزمة الدستورية المتواصلة بين الرئيس سعيد ورئيس الحكومة، قال راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان، إنه «لا مبرر لتغيير الحكومة الحالية»، ودعا الرئيس سعيد إلى السير على نهج الباجي قايد السبسي، الذي كان على خلاف مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد. لكنه قبل التعديل الحكومي آنذاك، وطبق الدستور، على حد قوله.
ويأتي موقف الغنوشي بعد إضافة الرئيس سعيد شرطا جديدا لاحتضان أي حوار سياسي، وهو ألاّ يكون مثل الحوارات السابقة، وألا يشارك فيه إلا من كان مؤمنا باستحقاقات الشعب الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن مطالبه السياسية. ويضاف هذا الشرط إلى الشروط السابقة المتمثلة في رفض مشاركة من سماهم بـ«الفاسدين»، واستقالة رئيس الحكومة، وهو ما ينبئ باستحالة انطلاق هذا الحوار في ظل هذه الشروط.
في غضون ذلك، أذنت النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بمدينة أريانة، بسماع سارة البراهمي، ابنة محمد البراهمي النائب البرلماني الذي تعرض للاغتيال سنة 2013، وذلك بعد تلقيها تهديدات بالقتل. وقالت إن من هددها اعترف أنه وراء اغتيال والدها، على حد تعبيرها.
وأكدت والدتها مباركة البراهمي أن التهديد، الذي تلقته ابنتها، كان على خلفية انتخابات المجالس العلمية في الجامعة التونسية، مشيرة إلى أنه منذ انطلاق تلك الانتخابات وابنتها تتعرض للتهديد من قبل أنصار الاتحاد العام التونسي للطلبة، المدعوم من قبل حركة النهضة الإسلامية، والذين اعتدوا عليها بالعنف وسط العاصمة، وأرسلوا إليها تهديدات صريحة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.