انتعاشة مفاجئة للصناعة الفرنسية

«المركزي» يتوقع نمواً رغم «كورونا»

انتعش الإنتاج الصناعي الفرنسي بوتيرة أسرع من المتوقع في يناير الماضي (رويترز)
انتعش الإنتاج الصناعي الفرنسي بوتيرة أسرع من المتوقع في يناير الماضي (رويترز)
TT

انتعاشة مفاجئة للصناعة الفرنسية

انتعش الإنتاج الصناعي الفرنسي بوتيرة أسرع من المتوقع في يناير الماضي (رويترز)
انتعش الإنتاج الصناعي الفرنسي بوتيرة أسرع من المتوقع في يناير الماضي (رويترز)

أظهرت بيانات من «مكتب الإحصاء الفرنسي (إنسي)»، الأربعاء، أن الإنتاج الصناعي الفرنسي انتعش بوتيرة أسرع من المتوقع في يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث نما الإنتاج الصناعي بنسبة 3.3 في المائة على أساس شهري، بعد انخفاضه بنسبة 0.7 في المائة خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وكان الخبراء الاقتصاديون يتوقعون زيادة بنسبة 0.5 في المائة فقط.
كما توسع ناتج قطاع الصناعات التحويلية بنسبة 3.3 في المائة خلال يناير، على عكس الانخفاض بنسبة 1.4 في المائة خلال ديسمبر.
وكان النمو مدفوعاً إلى حد كبير بارتفاع بنسبة 8.4 في المائة في إنتاج سلع الآلات والمعدات، وزيادة بنسبة 7.2 في المائة في إنتاج فحم الكوك والمنتجات البترولية المكررة.
ومقارنة مع فبراير (شباط) 2020؛ الشهر الأخير قبل الإغلاق العام الأول المرتبط بـ«كورونا»، ظل الإنتاج منخفضاً في قطاع الصناعات التحويلية، بنسبة 2.6 في المائة، وبنسبة 1.7 في المائة بالقطاع الصناعي بالكامل.
وزاد ناتج قطاع البناء بنسبة 16.3 في المائة على أساس شهري في يناير، بعد أن هبط بنسبة 9.2 في المائة قبل ذلك بشهر. وزاد إنتاج المناجم والمحاجر وإمدادات الطاقة والمياه وإدارة النفايات بنسبة 2.9 في المائة.
ويتزامن النمو مع توقعات البنك المركزي الفرنسي يوم الاثنين بأن اقتصاد البلاد يتجه للعودة إلى النمو في الربع الأول من العام، بينما تعطل قيود فيروس «كورونا» تعافياً أقوى.
وأضاف البنك أن ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو سيسجل على الأرجح نمواً «إيجابياً بشكل طفيف» في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام مقارنة مع الربع السابق (العام الماضي) عندما انكمش 1.4 في المائة.
وقال «المركزي الفرنسي» في توقعاته الاقتصادية الشهرية إن معدل النمو للربع الأول إذا استمر طوال 2021 بكامله، فإن الاقتصاد سيسجل نمواً سنوياً 4 في المائة هذا العام.
وكان البنك قد توقع في ديسمبر الماضي نمواً قدره 5 في المائة للعام الحالي، ومن المنتظر أن يقدم الأسبوع المقبل تحديثاً معمقاً لتوقعاته الاقتصادية طويلة الأجل.
وفرضت الحكومة الفرنسية قيوداً جديدة مرتبطة بفيروس «كورونا» في بعض مناطق البلاد في ظل بقاء الإصابات الجديدة بالفيروس مرتفعة، وأمرت بإغلاق مراكز التسوق الكبيرة. لكنها لم تفرض حتى الآن موجة ثالثة من الإغلاق العام في أرجاء البلاد.
وتشير تقديرات البنك المركزي إلى أن نشاط الاقتصاد الفرنسي حالياً منخفض 5 في المائة عن مستويات ما قبل الجائحة.
من جهة أخرى، قال الرئيس التنفيذي لـ«شركة كهرباء فرنسا (إي دي إف)»، المملوكة للدولة، إن المفوضية الأوروبية لا توافق على خطة للحكومة الفرنسية لإعادة هيكلة الشركة، وترى أن تقسيمها إلى بضع وحدات هو الحل الوحيد.
وتدير الشركة كل محطات الطاقة النووية في فرنسا. وأبلغ جان برنار ليف مجلة «لاكسبريس» الفرنسية بأن المفوضية الأوروبية لا تنظر إلى الطاقة النووية بوصفها حلاً للاحترار العالمي، رغم حقيقة أنها لا تطلق تقريباً انبعاثات من ثاني أكسيد الكربون.



الاقتصاد لاعباً ثالثاً في معركة الانتخابات الرئاسية الأميركية

يصطف الناخبون للإدلاء بأصواتهم بالانتخابات الرئاسية الأميركية بمدرسة مانشستر الثانوية في بيتسبرغ (رويترز)
يصطف الناخبون للإدلاء بأصواتهم بالانتخابات الرئاسية الأميركية بمدرسة مانشستر الثانوية في بيتسبرغ (رويترز)
TT

الاقتصاد لاعباً ثالثاً في معركة الانتخابات الرئاسية الأميركية

يصطف الناخبون للإدلاء بأصواتهم بالانتخابات الرئاسية الأميركية بمدرسة مانشستر الثانوية في بيتسبرغ (رويترز)
يصطف الناخبون للإدلاء بأصواتهم بالانتخابات الرئاسية الأميركية بمدرسة مانشستر الثانوية في بيتسبرغ (رويترز)

تتصدر نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترمب اقتراع الثلاثاء، في حين يأتي الاقتصاد بالمرتبة الثالثة بالمعركة الانتخابية، إذ شكّل الروايات الأساسية للحملتين الانتخابيتين، وأسهم في إبقاء السباق متقارباً للغاية.

لكن كيفية تأثير الاقتصاد على النتائج ليست مسألة بسيطة. فمن جهة، يشهد الاقتصاد نمواً مستمراً، مما أدى إلى خلق ملايين من الوظائف الجديدة ورفع الأجور. ومن جهة أخرى، ارتفعت الأسعار بشكل حاد منذ تولي الرئيس جو بايدن منصبه، مما قلل من القدرة الشرائية، وهي عوامل تؤثر سلباً على مزاج الأميركيين، وفق «وول ستريت جورنال».

هاريس مقابل ترمب

لم تركز هاريس على أرقام الوظائف والنمو، بل وجهت رسالتها نحو ما تسميه «اقتصاد الفرص». في المقابل، تعهد ترمب بفرض مجموعة من التخفيضات الضريبية والرسوم الجمركية، مع تقديم صورة أكثر تشاؤماً عن الاقتصاد. وفي عطلة نهاية الأسبوع، حذر من أن فوز هاريس قد يؤدي إلى «ركود اقتصادي مشابه لعام 1929».

وكان تقييم الأميركيين للاقتصاد منخفضاً خلال إدارة بايدن، نتيجة الإحباط الناجم عن ارتفاع الأسعار. ومع ذلك، يظهر تأثير الانقسام الحزبي الحاد، حيث تُظهر استطلاعات جامعة ميشيغان أن الجمهوريين يقيمون الاقتصاد على أنه أسوأ حالاً مما كان عليه حتى خلال فترة الجائحة في العام الأخير من رئاسة ترمب، بينما يراه الديمقراطيون في حالة أفضل مقارنة بعهد ترمب.

سلوك الإنفاق الأميركي

ورغم هذه التقييمات المتشائمة، فإن سلوك الأميركيين تجاه إنفاقهم يروي قصة مختلفة. فقد أفادت وزارة التجارة الأسبوع الماضي بأن الإنفاق الاستهلاكي، المعدل حسب التضخم، ارتفع بنسبة 3 في المائة في الربع الثالث مقارنة بالعام السابق. وخلال السنوات الثلاث الأولى من إدارة ترمب، قبل الجائحة، نما الإنفاق بمعدل سنوي قدره 2.6 في المائة.

النمو الاقتصادي وتأثيره على التصويت

قد يكون التداخل بين النمو القوي وارتفاع الأسعار هو السبب الرئيسي وراء إظهار استطلاعات الرأي أن الانتخابات متقاربة. هذا يظهر أيضاً في نموذج التنبؤ الرئاسي طويل الأمد الذي طوره عالم الاقتصاد في جامعة «ييل»، راي فير، منذ السبعينات، حيث وجد أن ثلاثة متغيرات اقتصادية كانت فعّالة في التنبؤ بنتائج التصويت الرئاسي.

1- نمو الناتج المحلي الإجمالي للفرد: المتغير الأول هو معدل النمو للفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (المعدل حسب التضخم) في الأرباع الثلاثة التي تسبق الانتخابات. فكلما حقق الاقتصاد نمواً أكبر خلال سنة الانتخابات، كان ذلك أفضل لمرشح الحزب الحاكم.

وبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي للفرد 2 في المائة في الأرباع الثلاثة الأولى من هذا العام، وهي أفضل وتيرة قبل الانتخابات منذ فوز الرئيس السابق جورج دبليو بوش بفترة ثانية في عام 2004، بينما بلغ النمو خلال فترة رئاسة بايدن بأكملها 2.8 في المائة، وهو الأفضل منذ إدارة ليندون جونسون. إلا أن فير يشير إلى أن الناخبين يركزون بشكل أساسي على أداء الاقتصاد مؤخراً. وتنبع فاعلية الناتج المحلي الإجمالي للفرد في التنبؤ بالتصويت من كونه يعكس عادة أداءً جيداً في النمو الوظيفي والأجور عند نموه بشكل قوي.

2- ذاكرة الناخبين الطويلة للتضخم: يوضح فير أن الناخبين يبدو أنهم يمتلكون ذاكرة أطول للتضخم مقارنة بالنمو الاقتصادي. وعليه، فإن المتغير الثاني في نموذجه هو التغيرات في مؤشر أسعار الناتج المحلي الإجمالي. وقد وجد أن التغيرات السعرية خلال الفترة الرئاسية لها تأثير ملحوظ على الناخبين، فكلما ارتفعت الأسعار، زادت الخسارة للحزب الحاكم. وقد نما مؤشر أسعار الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي بلغ 4.5 في المائة في أول 15 ربعاً من رئاسة بايدن، وهو الأسرع منذ ولاية الرئيس الأسبق رونالد ريغان الأولى.

3- أرباع الأخبار الجيدة: المتغير الأخير في «نموذج فير» هو ما يُعرف بـ«أرباع الأخبار الجيدة»، وهو عدد الأرباع خلال الفترة الرئاسية التي تجاوز فيها نمو الناتج المحلي الإجمالي للفرد 3.2 في المائة. وقد شهدت إدارة بايدن أربعة من هذه الأرباع، بينما شهدت إدارة ترمب ثلاثة أرباع قبل انتخابات 2020.

النتائج المتوقعة

استناداً إلى هذه المتغيرات الاقتصادية الثلاثة، بالإضافة إلى بعض العوامل غير الاقتصادية مثل مدة بقاء الحزب الحاكم في السلطة، يتنبأ «نموذج فير» بأن هاريس ستحصل على 49.5 في المائة من حصة الأصوات، وترمب على 50.5 في المائة. بمعنى آخر، السباق يكاد يكون متعادلاً وفقاً للمتوسطات الاستطلاعية.

لكن تاريخياً، أظهر النموذج الذي طوره فير أن التنبؤات الاقتصادية لم تكن دائماً دقيقة بشكل كامل. على سبيل المثال، في انتخابات 2016 توقع النموذج فوز ترمب في حين فازت هيلاري كلينتون بالتصويت الشعبي، بينما في انتخابات 2020 توقعت الاستطلاعات فوز بايدن بفارق أكبر مما حدث فعلياً. وبالتالي، تبقى التحليلات الاقتصادية مجرد مؤشر وليست يقيناً على النتائج النهائية.

يحمل أحد موظفي الاقتراع لفافة من ملصقات «لقد صوّت» بأحد مراكز الاقتراع في ديربورن بولاية ميشيغان (أ.ب)

التأثيرات غير الاقتصادية

علاوة على ذلك، فإن الصورة الاقتصادية التي يحملها الناس إلى صناديق الاقتراع قد تتغير بطرق لا يمكن لأي نموذج استيعابها. فقد أظهر تقرير التوظيف يوم الجمعة أن الولايات المتحدة أضافت 12 ألف وظيفة فقط الشهر الماضي، وقد تأثرت هذه الأرقام بشكل كبير بخسائر الوظائف الناتجة عن إعصاري هيلين وميلتون، وكذلك إضراب شركة «بوينغ». ولكن من يكتفي بقراءة العناوين قد يشعر بمزيد من التشاؤم.

أو قد يملأ الناخبون خزان وقودهم الثلاثاء ويصلون إلى استنتاج مختلف. فقد بلغ متوسط سعر غالون البنزين العادي يوم الاثنين 3.10 دولار، مقارنة بـ3.43 دولار قبل عام، وذروته في يونيو (حزيران) 2022 عند 5.02 دولار. وللبنزين تأثير كبير على نظرة الناس للتضخم، فهو شراء متكرر ويتم عرض سعره على لافتات بارزة.

وسواء فازت هاريس أو ترمب، فسوف يكون من الممكن الإشارة إلى الاقتصاد والقول بصدق: «هذا هو السبب». ولكن تجدر الإشارة إلى أن هذا لن يكون السبب الوحيد.