دبيبة يحسم اليوم تشكيلة الحكومة الليبية الجديدة

تحفظ بعض أعضاء «المجلس» على أسماء مرشحة لتولي حقائب وزارية

دبيبة مدافعاً عن تشكيلة حكومته أمام مجلس النواب بمدينة سرت أمس (أ.ف.ب)
دبيبة مدافعاً عن تشكيلة حكومته أمام مجلس النواب بمدينة سرت أمس (أ.ف.ب)
TT

دبيبة يحسم اليوم تشكيلة الحكومة الليبية الجديدة

دبيبة مدافعاً عن تشكيلة حكومته أمام مجلس النواب بمدينة سرت أمس (أ.ف.ب)
دبيبة مدافعاً عن تشكيلة حكومته أمام مجلس النواب بمدينة سرت أمس (أ.ف.ب)

بعد نحو 5 ساعات متواصلة من النقاش المحتدم والمشادات الكلامية، اقترح عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، أمس، منح عبد الحميد دبيبة، رئيس الوزراء المكلف، فرصة إلى اليوم لاستكمال باقي تشكيل حكومته، وتقديمها للمجلس خلال اجتماعه بمدينة سرت تمهيداً لمنحها الثقة.
ودافع دبيبة، الذي حضر جلسة البرلمان أمس، عن التشكيلة التي قدّمها للمجلس خلال اليوم الثاني على التوالي من مداولات أعضائه بمدينة سرت، قصد البتّ في مصير حكومة «الوحدة» المقترحة للإشراف على انتخابات عامة هذا العام، بموجب خطة سلام دولية.
وعلى الرغم من أنه تذرع بالظروف التي تمر بها البلاد، ومنطق المحاصصة ومحاولة إرضاء كل الأفرقاء، مازح دبيبة أعضاء البرلمان ورئيسه بالقول إنه «لن يغادر الجلسة دون الحصول على الثقة»، مضيفاً: «تعبنا ولا أستطيع تقديم حكومة مصغرة جديدة مجدداً في 10 أيام».
وتضم التشكيلة المقدمة إلى مجلس النواب 26 وزارة، و6 وزراء دولة، مع نائبين لرئيس الحكومة، وفي هذا السياق، قال دبيبة إنه كان يفضل حكومة مصغرة بنصف العدد، موضحاً أنه لم يختر سوى وزير واحد في الحكومة.
لكن دبيبة، الذي سيشغل أيضاً منصب وزير الدفاع في حكومته، اضطر إلى التخلي عن اختياره لمياء بوسدرة، المحسوبة على عبد الحكيم بلحاج أمير الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة سابقاً، في منصب أول وزيرة خارجية للبلاد، وبدا أنه قدم نسخة منقحة من أسماء الوزراء في حكومته، تختلف عن النسخة الأولى التي أثارت الجدل. ووسط مشادات كلامية متكررة بين أعضاء البرلمان، لفت دبيبة إلى أن هناك اختلافاً في المجلس الرئاسي حول اسم المرشحة لوزارة الخارجية، موضحاً أنه سيقدم لاحقاً الاسم المتفق عليه. وسعى دبيبة إلى إقناع أكثر من 130 نائباً بالموافقة على تشكيلة حكومته، مؤكداً عدم مشاركة أي من وزراء الحكومات السابقة في حكومته، وقال إن الدستور الليبي «يحترم مزدوجي الجنسية، ولا يوجد أي قانون يمنع توليهم مناصب رسمية». مؤكداً دعمه لإجراء الانتخابات المقبلة وفق قاعدة دستورية، وعدم تمسكه بأي وزير تحوم حوله «شبهات فساد»، ومتهماً حكومة الوفاق، التي يرأسها فائز السراج، بـ«محاولة تعطيل عمله، وعرقلة مشاورات تشكيل حكومته الجديدة».
وبعدما اعتبر أن «المرتزقة والقوات الأجنبية خنجر في ظهر ليبيا»، وأن وجودهم «يمثل انتهاكاً للسيادة الوطنية»، أكد على ضرورة التحلي بالحكمة في معالجة هذا الملف، والتواصل مع الدول التي لديها وكلاء في ليبيا.
وفيما أوضح دبيبة أن كل الأقاليم تريد الحصول على حقائب سيادية، قال إن حقيبة الخارجية ستبقى شاغرة، وسيتم تسميتها بالتشاور مع «الرئاسي»، كما تم استبدال المرشح لنائب دبيبة عن المنطقة الشرقية بمرشح آخر. مندداً بما اعتبرها «حملة شرسة» تهدف إلى «تدمير» البلاد، تزامناً مع «شبهات الفساد» التي تخيم على العملية السياسية التي أدت إلى تكليفه، وقال بهذا الخصوص: «ليس أمامنا خيار سوى أن نتفق من أجل مستقبل أطفالنا، وهدفي الأول اختيار الأشخاص الذين يمكنني العمل معهم، بغض النظر عن المكان الذي يأتون منه».
لكن بعض أعضاء المجلس تحفظوا على بعض الأسماء المرشحة لتولي حقائب وزارية في الحكومة الجديدة، قبل انقطاع البث المباشر للجلسات المنقولة على الهواء مباشرة، دون تفسير واضح لبضع دقائق.
وأظهرت لقطات مصورة أعضاء المجلس، وهم يتداولون مع رئيسه، فيما بدا أنه بمثابة تعليق جديد للجلسة.
وقال صالح قبل التوقف المفاجئ للجلسة: «لدى دبيبة 24 ساعة لتقديم شهادات مصدقة للوزراء المقترحين، الذين تشوبهم (شبهة فساد)، وبإمكانه تقديم تشكيلته الوزارية كاملة في جلسة اليوم». ومن جانبه، أكد دبيبة أنه مستعد للرد على أسئلة النواب خلال ساعة أو أقل، بعد تقديمهم ملاحظاتهم على الوزراء المقترحين، موضحاً أن إشادته المثيرة للجدل بخصوص العلاقات مع تركيا «كانت قاصرة على الاتفاقيات التي أبرمتها الحكومة السابقة معها فيما يخص الشأن الاقتصادي»، ورأى أنها في مصلحة ليبيا. أما الاتفاقيات الأمنية والعسكرية، فهو غير مخول بها، حسب تعبيره.
في شأن آخر، عقد فريق يمثل طليعة المراقبين الدوليين، ولجنة البعثة الأممية الخاصة بتنسيق المسار العسكري، اجتماعاً موسعاً مساء أول من أمس مع وفد «الجيش الوطني» إلى اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، بهدف بحث ترتيبات بدء عمل المراقبين الدوليين، ووضع خريطة تنفيذية لما تم الاتفاق عليه، وما تم إنجازه بخصوص عمل المراقبين.
وقال اللواء خالد المحجوب، مسؤول التوجيه المعنوي بالجيش، إن الاجتماع استهدف التمهيد للاجتماعات النهائية في سرت، بالتئام لكامل أعضاء لجنة «5+5» لاستكمال ما تبقى من نقاط لآلية العمل الميداني، وإتمام فتح الطريق الساحلي، الذي بدأ العمل عليه طيلة المدة الماضية، بعد أن اتخذت الإجراءات المتعلقة بنزع الألغام، وإعادة تمركز القوات العسكرية، وتسلم القوة الأمنية لعملها، على حسب المراحل، وبالأعداد المستهدفة، بما يؤمن طريقاً آمناً للمواطنين.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).