طلاب الجزائر يتظاهرون رفضاً لانتخابات البرلمان

الأحزاب الكبرى تستنفر قواعدها تحسباً للاستحقاق المقبل

جانب من مظاهرات طلاب الجامعات وسط العاصمة أمس (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات طلاب الجامعات وسط العاصمة أمس (أ.ف.ب)
TT

طلاب الجزائر يتظاهرون رفضاً لانتخابات البرلمان

جانب من مظاهرات طلاب الجامعات وسط العاصمة أمس (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات طلاب الجامعات وسط العاصمة أمس (أ.ف.ب)

احتج المئات من طلاب الجامعات وسط العاصمة الجزائرية، أمس، على «غياب قضاء مستقل»، و«عدم وفاء السلطة بتعهداتها بخصوص توفير الحرية والديمقراطية»، بعد عزل الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة منذ نحو عامين. وفي غضون ذلك، عقد كثير من الأحزاب اجتماعات مع مناضليها لترتيب شؤونها، بهدف دخول معترك انتخابات البرلمان المبكرة، المنتظرة بعد 3 أشهر.
وانطلق «الحراك الطلابي» الأسبوعي من «الجامعة المركزية» بقلب العاصمة، حيث حاول العشرات من المتظاهرين السير في الشوارع الرئيسية، ووقع احتكاك حاد في بداية الاحتجاج مع قوات الأمن، عندما حاولت صدهم. وردد المتظاهرون شعارات سياسية عدة، تطالب بـ«دولة مدنية وليست عسكرية»، وبـ«دولة العدل والحريات». كما هاجموا الرئيس عبد المجيد تبون بحجة أنه «يمثل الولاية الخامسة من دون بوتفليقة»، في إشارة إلى ترشح الرئيس السابق لفترة رئاسية خامسة وهو على كرسي متحرك عام 2019، ما كان سبباً في اندلاع غضب شعبي عارم أجبره على التنحي. علماً بأن تبون كان وزيراً للسكن لسنوات عدة ثم رئيساً للوزراء في عهد بوتفليقة.
كما شملت الشعارات جنرالات الجيش، حيث حملهم المتظاهرون مسؤولية تفشي الفساد في البلاد، وتدخلهم في السياسة وفي الانتخابات. وعبروا عن رفضهم «اجتماعات الحوار السياسي»، التي عقدها تبون مع قادة غالبية الأحزاب، باستثناء حزب «جبهة التحرير الوطني»، الذي كان يرأسه بوتفليقة، والذي كان يملك الأغلبية في البرلمان الذي حلّه الرئيس الشهر الماضي.
وتعد مظاهرات الطلاب، التي جرت أمس، الثالثة منذ عودة الحراك إلى الشارع بمناسبة الاحتفال بذكراه الثانية (22 فبراير/ شباط)، وذلك بعد أن علّق المتظاهرون احتجاجاتهم في مارس (آذار) من العام الماضي بسبب تفشي فيروس «كورونا». لكنهم عادوا إلى التظاهر بقوة مع تراجع الإصابات بالوباء.
في غضون ذلك، بدأت أهم الأحزاب اجتماعات داخلية لترتيب شؤونها تحسباً لانتخابات البرلمان. واستنفرت الأحزاب الكبيرة قواعدها بغرض اختيار المرشحين بالولايات. وجرى؛ بموجب تعديل قانون الانتخابات، إجبار الأحزاب على أن تتضمن لوائح الترشيحات 50 في المائة من النساء.
وصرحت وزيرة التضامن وقضايا المرأة، كوثر كريكو، أمس، بأن قانون الانتخابات الجديد «يعكس إرادة لتكريس مبدأ المناصفة في التمثيل السياسي بين الرجل والمرأة»، وقالت إن الجزائر «كانت لها الريادة في تبني نظام الحصص سنة 2008، لتصنف الأولى عربياً، والتاسعة أفريقياً، والـ26 عالمياً سنة 2012 بعد الانتخابات التشريعية». في إشارة إلى تخصيص «كوتا» للنساء في البرلمان والمجالس المحلية المنتخبة.
وصادق مجلس الوزراء الأحد الماضي على تعديل قانون الانتخابات، فيما أعلن «حزب العمال» اليساري رفضه له، داعياً إلى تخصيص حصة للنساء في البرلمان مسبقاً، لضمان وجودهن في «المجلس الشعبي الوطني». بينما طالب الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، ترشيح النساء في اللوائح بنسبة 30 في المائة فقط.
كما أُزيل شرط الفوز بـ4 في المائة من أصوات الناخبين في آخر اقتراع تشريعي للمشاركة في الاستحقاق المرتقب، مما سيسمح لأحزاب صغيرة وأخرى ناشئة بخوض المعترك الانتخابي، الذي يبدو أنه محسوم لتكتل سياسي جديد، ترعاه الرئاسة، سمي «نداء الوطن». وقد أعلن عن ميلاده مطلع الأسبوع الحالي من طرف المستشار بالرئاسة المكلف المجتمع الوطني، نزيه بن رمضان. ويعتقد أن «نداء الوطن» سيمثل الأغلبية البرلمانية، التي ستكون سنداً للرئيس تبون لتمرير سياساته بسهولة عبر البرلمان.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.