مجلس القضاء العراقي يقترح «صيغة وسطية» لتجاوز عقدة «الاتحادية»

TT

مجلس القضاء العراقي يقترح «صيغة وسطية» لتجاوز عقدة «الاتحادية»

أدلى مجلس القضاء الأعلى، أمس، بدلوه حول الجدل السياسي والشعبي الدائر بشأن مقترح القانون الجديد للمحكمة الاتحادية، المسؤولة عن المصادقة على نتائج الانتخابات العامة والحكم في النزاعات القانونية والدستورية التي تنشأ بين المحافظات والأقاليم.
وفي حين اقترح المجلس الذي يرأسه القاضي فائق زيدان على مجلس النواب «حلولاً وسطية» بخصوص وجود فقهاء الشريعة ضمن مجلس المحكمة، فإنه وجه انتقادات إلى رئيس المحكمة الحالية (المعطلة لاختلال النصاب) القاضي مدحت المحمود وبقية الأعضاء، للتسبب في إدخال القضاء الدستوري في حالة فراغ.
وطرح المجلس، في بيان مطول أمس، مقترحاً على مجلس النواب الذي تختلف قواه السياسية حول قضية إضافة فقهاء في الدين والقانون إلى عضوية المحكمة وصلاحياتهم. وطرح مجلس القضاء ما سماها «فكرة وسطية» تردم الهوة بينه وبين رؤية أعضاء مجلس النواب الراغبين بإشراك خبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون في عضوية المحكمة، بصفتهم أعضاء أصل فيها، وليس مجرد خبراء.
وتتلخص فكرة مجلس القضاء، طبقاً لبيانه، في أن «تتكون المحكمة (في الأصل) من رئيس ونائب للرئيس وسبعة قضاة للنظر في اختصاصها الوارد في المادة (93) من الدستور»، وأضاف: «يشترك خبراء الفقه الإسلامي في عضوية المحكمة الأصل في الدعاوى المتعلقة بدستورية القوانين والأنظمة التي تتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام، ويشترك فقهاء القانون في عضوية المحكمة الأصل في الدعاوى المتعلقة بدستورية التشريعات التي قد تتعارض مع مبادئ الديمقراطية والحقوق والحريات الأساسية الواردة في الدستور». وبذلك «تصبح مسألة إقرار المواد المتبقية من القانون ممكنة».
ووجه المجلس انتقادات لاذعة إلى «أعضاء المحكمة الحالية»، وحملهم مسؤولية الاختلاف في وجهات النظر التي برزت مع بدء عملية التصويت على مواد قانونها الجديد في البرلمان، ذلك أنها «أدخلت القضاء الدستوري في حالة فراغ دستوري، بإلغاء المادة (3) من الأمر رقم (30) لسنة 2005 التي كانت تحدد آلية الترشيح، وتعيين رئيس وأعضاء المحكمة»؛ بمعنى أن هذا الإلغاء أدى إلى عجز المحكمة عن ترشيح قضاة جدد يحلون محل من تقاعدوا وتسببوا باختلال النصاب، وتالياً تعطيل دور المحكمة بصفتها الجهة الوحيدة الممثلة للقضاء الدستوري.
وكان البرلمان العراقي قد افتتح، أول من أمس، جلسته بالتصويت على المواد الست محل الخلاف بين الكتل السياسية في قانون المحكمة، ولم يتمكن من التصويت عليها، بعد أن تمكن الأسبوع الماضي من التصويت على (18) مادة من القانون.
ويتواصل الجدل بين الرافضين لبعض بنود القانون، خاصة تلك المتعلقة بتعين فقهاء شريعة من السنة والشيعة ضمن أعضاء المحكمة، ومنحهم «حق نقض» القوانين التي لا تتطابق مع الشريعة، وبين الجماعات القريبة من الحركات الإسلامية الشيعية المؤيدة لذلك. وقد عمد الرافضون، وبينهم طيف واسع من الأكاديميين والنشطاء والصحافيين وبعض القضاة، إلى إطلاق هاشتاق «قانون المحكمة الاتحادية باطل» عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال النائب عن محافظة نينوى، أحمد الجبوري، في تغريدة على «تويتر» أمس، إن «أعضاء المحكمة الاتحادية الذين سيتم اختيارهم من مجلس القضاء هم من القضاة العراقيين الذين يمثلون أطياف الشعب العراقي، ومعلوماتهم في أديانهم ومذاهبهم لا تقل عن فقهاء الشريعة الذين سترشحهم الأحزاب». وأضاف: «لذلك، لا داعي لوجود فقهاء أصلاً... فكيف يكون لهم حق التصويت؟».
وانتقد القاضي رحيم العكيلي بعض بنود القانون الجديد، وكتب في موقع «فيسبوك» أن «بعضهم يظن أن من يقف ضد فكرة (حق النقض) لخبراء الفقه الإسلامي في قانون المحكمة الاتحادية العليا، وأنا منهم، إنما هو ضد الإسلام، والحقيقة أننا ضد إخضاع الدولة باسم الدين، والتحكم بها باسم الإسلام».
وحذر رئيس تحرير جريدة «الصباح» الرسمية السابق، فلاح المشعل، من تحول البلاد إلى حكم «ولاية الفقيه»، في حال وجود فقهاء الشريعة في المحكمة، وقال إن «ما يزيد الطين بلة أن مسودة قانون المحكمة الاتحادية الذي تجري مناقشته في البرلمان يعطي لخبراء الفقه الإسلامي (حق نقض) التشريع الذي يتفق عليه قضاة المحكمة».
وأضاف: «أسوأ من ذلك هو أن تمثيل الفقه الإسلامي سيترشح عن الوقفين الشيعي والسني، بمعنى التكريس لمبدأ المحاصصة الطائفية، والوصول بها لأكثر المؤسسات أهمية في حفظ حقوق المواطنة والتنوع المذهبي والديني».
وتابع أن «العراق دولة مدنية، وفق غالبية مواد الدستور. أما أن تأخذه التشريعات نحو الدولة الدينية، فهذا يعني إسقاط متقصد ممنهج لأهم ما تبقى من مبادئ الديمقراطية. إن احتكار التشريع لسلطة الفقيه أخطر ما يحدث في القضاء العراقي عبر تاريخه المدني».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.