البرلمان الليبي يعلق جلسة منح الثقة لحكومة الدبيبة

أعضاء مجلس النواب الليبي خلال جلسة منح الثقة لحكومة الدبيبة (رويترز)
أعضاء مجلس النواب الليبي خلال جلسة منح الثقة لحكومة الدبيبة (رويترز)
TT

البرلمان الليبي يعلق جلسة منح الثقة لحكومة الدبيبة

أعضاء مجلس النواب الليبي خلال جلسة منح الثقة لحكومة الدبيبة (رويترز)
أعضاء مجلس النواب الليبي خلال جلسة منح الثقة لحكومة الدبيبة (رويترز)

حضّ رئيس الوزراء الليبي المكلف عبد الحميد الدبيبة، اليوم (الاثنين)، النواب على منح حكومته المنبثقة من عملية رعتها الأمم المتحدة الثقة، لتقود البلاد خلال مرحلة انتقالية، وصولاً إلى انتخابات عامة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وحضر 132 نائباً في البرلمان، من أصل 188 جلسة، الاثنين، في مدينة سرت (شرق ليبيا)، المكرسة لمنح الثقة للحكومة المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي. واختيرت حكومة الدبيبة مطلع فبراير (شباط) الماضي، لتقود البلاد خلال مرحلة انتقالية، يفترض أن تفضي إلى انتخابات عامة في ديسمبر (كانون الأول)، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وخلال الجلسة، وجّه عدد من النواب أسئلة إلى عبد الحميد الدبيبة حول خريطة طريق حكومته قبل موعد الانتخابات المقبلة، إلى جانب انتقاده بشأن تسمية شخصيات «جدلية» في حكومته. كذلك، طالب فريق من النواب بتأجيل جلسة منح الثقة، حتى نشر تقرير الخبراء الأممي بشأن مزاعم الفساد التي طالت اختيار السلطة الجديدة، بينما طالب فريق آخر منح الثقة للحكومة بسرعة لـ«توحيد ليبيا».
وعقب ثلاث ساعات من النقاش ومداخلات النواب، أعلنت رئاسة البرلمان تعليق الجلسة حتى غد (الثلاثاء)، لمنح رئيس الوزراء الفرصة للرد على استفسارات وملاحظات النواب بشأن حكومته المقترحة. ودعا رئيس الوزراء المكلف، نواب البرلمان لعدم تفويت الفرصة، والسماح للحكومة بأداء مهامها على «الفور».
وقال، في كلمة متلفزة، الاثنين، قبل موعد جلسة منح الثقة، أدعو «البرلمان للسماح للحكومة بتنفيذ مهامها الصعبة على الفور وعدم تأجيل التصويت على الثقة». وتابع: «كما أدعوهم هذه المرة إلى تغليب مصلحة الوطن، على الحسابات الضيقة والخاصة». وقال أستاذ العلاقات الدولية في ليبيا خالد المنتصر إن رئيس الحكومة تعرض منذ البداية لعقبات ومشكلات حتى قبل اعتماد حكومته، وهو أمر قد يؤثر على أدائها في حال إقرارها.
وقال المنتصر: «الحكومة واجهت تحديات منذ تسميتها في ملتقى الحوار، وبدأت تتلقى الصفعات والتشكيك مرة تلو أخرى، وبالتالي الانقسام حول تأييدها صار محل شك، وربما تفقد الزخم والدعم داخلياً وخارجياً، الذي رافق اختيارها». وأشار أستاذ العلاقات الدولية إلى أن رئيس الوزراء المكلف يتحمل جزءاً من هذه العراقيل التي بدأت تكبر مثل «كرة الثلج» أمامه.
وتابع: «الدبيبة لم يكن حازماً وسمح للتأويل والتشكيك بضرب حكومته قبل ولادتها، وبالتالي كان لزاماً عليه الابتعاد عن الخروج المتكرر عبر الإعلام، حتى منح الثقة لحكومته رسمياً، وبدء اتخاذ خطوات عملية للتحضير للانتخابات». وتبقى تهم الفساد التي شابت عملية اختيار السلطة الجديدة أكبر الهواجس المرتبطة بعملية منحها الثقة.
ووفقاً للجنة خبراء الأمم المتحدة في تقرير، لا يزال سرياً، اطلعت عليه وكالة الصحافة الفرنسية، نهاية فبراير، فإن عدداً من أعضاء ملتقى الحوار تلقوا مبالغ مالية في مقابل التصويت للدبيبة. بينما ردّ الأخير بدوره بأن عملية اختيار السلطة الجديدة تمت بـ«نزاهة وشفافية».
كذلك، طالب المجلس الرئاسي الليبي، والدبيبة، لجنة الخبراء الأممية بنشر التحقيق المتعلق بالفساد والرشى. ورحّبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بعقد البرلمان جلسة مكتملة النصاب للمرة الأولى منذ سنوات كثيرة. وقالت البعثة، في بيان صحافي: «نرحب بعقد جلسة مجلس النواب للتداول بشأن التصويت على منح الثقة للقائمة الوزارية المقترحة من قبل رئيس الوزراء المكلف».
وأضافت البعثة الأممية: «الجلسة التاريخية لمجلس النواب تمثل خطوة حاسمة في توحيد البلاد وتهيئتها لإجراء انتخابات وطنية وديمقراطية» نهاية العام الحالي. وختمت: «لا ينبغي تفويت هذه الفرصة من أجل فتح صفحة جديدة لليبيا».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.