مراسلات عربيات في واشنطن... وحكاية تحديات تحوّلت إلى انتصارات

تحدثن لـ «الشرق الأوسط» عن تجاربهن

مراسلات عربيات في واشنطن... وحكاية تحديات تحوّلت إلى انتصارات
TT

مراسلات عربيات في واشنطن... وحكاية تحديات تحوّلت إلى انتصارات

مراسلات عربيات في واشنطن... وحكاية تحديات تحوّلت إلى انتصارات

عالم الصحافة ملؤه التحديات والتجاذبات، يعيش فيه من يختاره حالة تأهب دائم مشبع بأدرينالين الأخبار العاجلة والبحث عن الحقيقة. من يدخله تصعب عليه مغادرته، فمهنة البحث عن المتاعب هواية يصعب تغييرها، وتختلف مصاعبها بحسب رادار التغطية وطبيعة الحدث وموقعه.
ولكن في بعض الأحيان تكمن الصعوبة بهوية الصحافي نفسه... فالنساء في هذه المهنة قد يواجهن تحديات مختلفة عن تلك التي يواجهها الرجال، إذ يحاولن فرض أنفسهن في عالم طغى عليه في السابق الطابع الذكوريً.
«الشرق الأوسط» التقت بمناسبة «يوم المرأة العالمي» بأربع مراسلات عربيات يعملن في واشنطن.

بدايات وتحديات
نادية البلبيسي، ابنة مدينة غزة ومديرة مكتب «العربية» في واشنطن، تحدثت لـ«الشرق الأوسط» عن طبيعة التحديات التي واجهتها منذ بدأت مشوارها الصحافي، فقالت: «لا أرى نفسي كامرأة بل كصحافية، أنا فخورة بأني أدعم حقوق النساء وأني أم وامرأة، لكن في العمل الصحافي أنت تفرضين على الأشخاص كيف يتعاملون معك. مثلاً عندما كنت أغطي أفريقيا في أيام الحرب كنت أجلس في مكان محاطة بأمراء الحرب في الصومال لإجراء مقابلات، وبعد الانتهاء من المقابلة لاحظت أني المرأة الوحيدة والبقية كلهم رجال مسلحون. الاحترام هو كالحرية، يُنتزع من الناس ويُفرض عليهم».
أما جويس كرم، مراسلة صحيفة «ذي ناشيونال» في العاصمة الأميركية، فتعلق قائلة: «كنساء مطلوب منا أحياناً بذل ضعفي المجهود والوقت لإثبات جدارتنا في المهنة»، وتضيف «إنما مع ذلك أنا ممتنة لزميلات وأستاذات قبلي رائدات في الصحافة العربية وسهلن لي هذا الأمر».
التحديات اختلفت بالنسبة لمراسلة تلفزيون «الشرق» هبة نصر، إذ قالت: «أنا من بيئة محافظة (من قضاء حاصبيا بجنوب شرقي لبنان) وبالنسبة لتلك البيئة دخول هذا العالم كان بحد ذاته تحدياً. فبمجرد سلوك هذا الدرب أنتٍ تتخذين مساراً مختلفاً عن المسار المرسوم مسبقاً لأي امرأة من بيئة محافظة». وتضيف هبة نقطة أجمعت عليها الصحافيات اللواتي تحدثت «الشرق الأوسط» معهن وهي أن التحدّي المشترك الذي يجمعهن هو السعي كي يتعاطى الجميع معهن خلال العمل كصحافيات بالدرجة الأولى وليس كنساء.
من جهتها، قالت منى شقاقي مراسلة «العربية» موضحة هذا الجانب: «النساء بشكل عام ليس لديهن الثقة بالنفس نفسها التي يتمتع بها الرجال. وأنا ألاحظ هذا الموضوع خلال مقابلاتي مع خبراء، النساء يقللن من المواضيع التي يحكين عنها، فيقلن لي: أنا لست خبيرة في هذا الموضوع أو ذاك، بينما الرجال مستعدون للإجابة عن أي موضوع حتى لو كانت خبرتهم فيه محدودة».
نصائح من المراسلات

في مشوار مراسلات واشنطن العربيات رسالة للفتيات اللواتي يحلمن بخوض غمار الصحافة. تحدثت عنها جويس قائلة: «لا تترددن ولتكن الحقيقة دائما البوصلة من دون أن يكون الهدف إرضاء أي جانب سياسي». وأضافت منى: «كن واثقات من أنفسكن. فهناك مهارات تكتسب ولا تولد معكن. مثلاً أنا كنت خجولة جداً في بداية مشواري، وكنت أخجل من طرح الأسئلة والحديث مع أشخاص لا أعرفهم، لكني بنيت هذه المهارة بمرور الوقت، وما عدت اليوم أخشى من الرفض كالسابق».
وتعقّب هبة: «تجرأت على الحلم. القدرة تكمن في الاتزان والحفاظ على الثوابت. الثوابت تبقى بينما الشكل متغير. والعبرة في الاستمرار وفقها».
وتختم نادية اللقاء بالتطرق إلى تجربتها الشخصية كأم لطفلين فقدت زوجها في حادث اختطاف طائرة في إثيوبيا، فتقول: «عندما أتيت إلى واشنطن مع ولدين بعدما فقدت زوجي، كان الأمر صعباً، لكني رأيت الضوء في نهاية النفق، وحاولت أن أكون مثالاً لأولادي، فعملت بجهد. فقد أجريت 6 مقابلات مع الرئيس السابق جورج بوش وكان ابني وابنتي فخورين بي».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي مصرف سوريا المركزي (متداولة)

سوريا: تكليف امرأة بمنصب حاكم المصرف المركزي لأول مرة

أكدت مصادر سورية، اليوم الاثنين، تكليف ميساء صابرين لتكون أول امرأة بمنصب حاكم مصرف سوريا المركزي، في خطوة تُعد سابقة بتاريخ المصرف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي امرأة شابة تلتقط صورة بعلم «الثورة» السورية في دمشق (أ.ب)

تصريحات مسؤولة في الإدارة السورية الجديدة حول المرأة تثير جدلاً

أثارت تصريحات أدلت بها مديرة مكتب شؤون المرأة في الإدارة السورية الجديدة حول النساء جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي وانتقادات من المجتمع المدني.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
آسيا منظر للنوافذ في المباني السكنية بالعاصمة الأفغانية كابل (إ.ب.أ)

«طالبان» تمنع النوافذ المطلة على أماكن تجلس فيها النساء

أمر المرشد الأعلى لـ«طالبان» بإغلاق النوافذ التي تطل على أماكن تجلس فيها النساء الأفغانيات وبالتوقف عن إنشائها في المباني الجديدة.

«الشرق الأوسط» (كابل)
صحتك سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء (جامعة ولاية كينت)

دراسة: الجراحة قد لا تفيد المصابات بسرطان القنوات الموضعي بالثدي

أكدت نتائج أولية لدراسة طبية أن التدخل الجراحي ربما لا يفيد معظم النساء المصابات بسرطان القنوات الموضعي، وهو نوع منخفض الخطورة من سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (تكساس)

«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)
TT

«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)

مرة أخرى يتجدَّد الصراع بين عملاقَي التكنولوجيا «أبل»، و«ميتا»، مثيراً تساؤلات بشأن مدى «حماية خصوصية بيانات المستخدمين». وبينما رأى خبراء التقتهم «الشرق الأوسط» أن المعركة الأخيرة جزء من نزاع مستمر بين «أبل»، و«ميتا» يتيح لهما البقاء على عرش التكنولوجيا الرقمية، فإنهم أشاروا إلى أن تأثير الصراع بشأن الخصوصية قد يمتد إلى مواقع الأخبار.

المعركة الأخيرة بدأت منتصف الشهر الحالي، مع تحذير وجَّهته شركة «أبل» بشأن تقديم منافستها «ميتا» مالكة «فيسبوك» و«إنستغرام» نحو «15 طلباً للوصول العميق إلى البيانات، في إطار قانون الأسواق الرقمية الجديد بالاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يضعف حماية بيانات المستخدمين».

ووفق «أبل»، فإنه «إذا حصلت طلبات (ميتا) على الموافقة، فسيكون باستطاعتها من خلال تطبيقاتها: (فيسبوك)، و(إنستغرام)، و(واتساب)، رؤية كل الرسائل القصيرة ورسائل البريد الإلكتروني والصور والمواعيد، وكل بيانات مكالمات المستخدمين». ونبَّهت «أبل»، في بيانها، إلى أن «مجموعة من الشركات تستخدم قانون الأسواق الرقمية الأوروبي؛ للوصول إلى بيانات المستخدمين». ولكن في المقابل، نفت «ميتا» هذه الاتهامات، وعدَّتها «حججاً تستخدمها (أبل) في إطار ممارساتها المضادة لحرية المنافسة». وقالت، في بيان لها، إن «(أبل) لا تعتقد بالتوافق بين الأجهزة الأخرى».

تعليقاً على ما هو حاصل، قال أنس بنضريف، الصحافي المغربي المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، إن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) هو امتداد لمعارك سابقة متكررة ومتجددة بين عملاقَي التكنولوجيا». وأردف: «هناك قانونان يحكمان السوق الرقمية في أوروبا: الأول هو قانون الخدمات الرقمية الذي يستهدف منع الاحتكار وحماية بيانات المستخدمين. والثاني هو قانون الأسواق الرقمية الذي يجبر الشركات على إتاحة معلوماتها للمطوّرين».

وأوضح بنضريف أن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) مرتبط بقانون التسويق الرقمي، إذ تعدّ (ميتا) من المطوّرين المتاحة تطبيقاتهم، مثل (إنستغرام) و(فيسبوك) على هواتف (أبل)». وتوقّع أن تنتهي المعركة لصالح «ميتا»، مبرراً ذلك بأن «حجة (أبل) ضعيفة وغير كافية، وخصوصية بيانات المستخدمين محمية قانوناً في أوروبا، إلا أن مخالفة (ميتا) لقوانين حماية الخصوصية تُعرِّضها لغرامات كبيرة... وفي أي حال الصراع هو جزء من معركة تستهدف الضغط على (أبل) لفتح خدماتها وإتاحتها على منتجات تابعة لشركات أخرى».

للعلم، حسب قانون الأسواق الرقمية الأوروبي، لا يسمح للشركات المشغّلة للمنصّات الحصول على امتيازات خاصة. وتطالب المفوضية الأوروبية شركة «أبل» بأن تغدو أجهزتها متوافقة مع التكنولوجيا التي تنتجها شركات أخرى.

وبموجب إجراءات المفوضية الأوروبية يتوجب على «أبل» تقديم وصف واضح للمراحل والمواعيد النهائية المختلفة والمعايير والاعتبارات التي ستطبقها أو تأخذها في الاعتبار عند تقييم طلبات التشغيل البيني من مطوري التطبيقات، مع تزويد المطورين بتحديثات منتظمة، وتقديم التعليقات وتلقيها فيما يتعلق بفاعلية حل التشغيل البيني المقترح. ومن المتوقع صدور قرار من المفوضية بشأن ما إذا كانت «أبل» تلتزم بشرط قابلية التشغيل البيني، بحلول مارس (آذار) المقبل، وفق ما نقلته «رويترز».

من جهة ثانية، صرَّح محمد الصاوي، الصحافي المصري المتخصص في الرصد والتحليل الإعلامي، لـ«الشرق الأوسط» شارحاً أن «التوترات المستمرة بين (أبل) و(ميتا)، إلى جانب قانون الأسواق الرقمية في الاتحاد الأوروبي، تسلط الضوء على الأهمية المتزايدة لتنظيم شركات التكنولوجيا الكبرى، خصوصاً فيما يتعلق بالخصوصية والمنافسة». وأضاف أن «التحذير الذي أطلقته (أبل) بشأن (ميتا) أثار ذلك جدلاً حول ما إذا كانت مثل هذه الممارسات قد تضعف حماية البيانات للمستخدمين، والتركيز المتجدد على قانون الأسواق الرقمية يعد جزءاً من جهود الاتحاد الأوروبي لمنع شركات التكنولوجيا الكبرى من استغلال هيمنتها، حيث يهدف القانون إلى ضمان المنافسة العادلة عن طريق تقييد الشركات من منح نفسها مزايا خاصة، أو الوصول إلى بيانات المستخدمين بشكل مفرط دون موافقة».

وأشار الصاوي إلى أن «تأثير قانون الأسواق الرقمية يمتد إلى ما هو أبعد من شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث قد يؤثر أيضاً على المواقع الإخبارية، لا سيما تلك التي تعتمد على منصات مثل (فيسبوك) في توزيع منتجاتها». وأوضح أن «القانون قد يجبر المنصات على معاملة أكثر عدلاً، ما يضمن ألا تتضرر المواقع الإخبارية من الخوارزميات أو ممارسات البيانات المتحيزة، كما يفرض إعادة التفكير في كيفية جمع البيانات الشخصية ومشاركتها وحمايتها عبر المنصات، مما يشير إلى تحول نحو أنظمة رقمية أكثر شفافية».

وعدّ الصاوي «قانون الأسواق الرقمية محاولةً لإعادة التوازن في ديناميكيات القوة في السوق الرقمية، ما قد يؤثر بشكل كبير على المبدعين في مجال المحتوى، بما في ذلك المواقع الإخبارية، في كيفية تفاعلهم مع المنصات... في حين يضمن استمرار الصراع بين (أبل) و(ميتا) بقاءهما متربعتين على عرش المنافسة الرقمية».

وحقاً، يأتي الصراع الأخير بين «أبل» و«ميتا» في وقت قرَّرت فيه هيئة حماية البيانات الآيرلندية فرض غرامة قيمتها 251 مليون يورو على شركة «ميتا»؛ بسبب عملية اختراق واسعة لبيانات نحو 29 مليون مستخدم على مستوى العالم في عام 2018.