نجاة صليبا... عالمة رائدة وخبيرة عالمية في مجال التلوث البيئي

اختيرت في قائمة «أكثر النساء إلهاماً وتأثيراً في العالم»

نجاة صليبا... عالمة رائدة  وخبيرة عالمية في مجال التلوث البيئي
TT

نجاة صليبا... عالمة رائدة وخبيرة عالمية في مجال التلوث البيئي

نجاة صليبا... عالمة رائدة  وخبيرة عالمية في مجال التلوث البيئي

تعد الباحثة في علم الكيمياء الدكتورة نجاة صليبا من أبرز النساء اللبنانيات وأكثرهن اهتماماً بالبيئة ومشكلات تلوثها. اختيرت في عام 2019 من قبل شبكة «بي بي سي» البريطانية بين النساء الأكثر إلهاماً وتأثيراً في العالم.
وفي لبنان، استطاعت صليبا أن تحفز القرى والبلديات على الاهتمام بالبيئة. أطلقت في عام 2020 الأكاديمية البيئية، واختارت من بين 30 مشروعاً يعمل على التحسين البيئي عشرة، واكبتها مع مرشدين عالميين وجمعيات لبنانية فحققت تغييرات بيئية بالتعاون مع بلديات وقرى لبنانية على أصعدة مختلفة.
وتقول صليبا، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «عملنا مع بلديات عديدة بينها الدامور ومزرعة يشوع والفنار وسلعاتا وغيرها. واختلفت الموضوعات البيئية التي تناولناها لتشمل مشكلات المياه وتراكم النفايات وفرزها. عملنا في مجال التسبيخ وزراعة الخروب، وكذلك على استعادة حرج محروق بعد تنظيفه، وأعدنا إليه الحياة، وغيرها من الإنجازات».
وصليبا أستاذة في الكيمياء التحليلية، ومديرة مركز حفظ الطبيعة في «الجامعة الأميركية» في بيروت. عندما أجبرت الحرب الأهلية اللبنانية أسرتها على الانتقال إلى المدينة، أصبحت صليبا مهتمة بطرق تخفيف تلوث الهواء. درست في «الجامعة اللبنانية» لتنتقل بعدها إلى الولايات المتحدة لاستكمال دراساتها العليا، وحصلت على درجة الماجستير في جامعة ولاية كاليفورنيا، لونغ بيتش، وأكملت دراسة الدكتوراه في جامعة جنوب كاليفورنيا. اشتغلت على أطروحة عن موضوع تلوث المياه ودراسة التحفيز. ثم استمرت بعد حصولها على الدكتوراه كباحثة في جامعة كاليفورنيا، إرفين.
في مجال الإعلام والصحافة والنشر العلمي، تعمل صليبا كمحررة معتمدة في بيرج (PeerJ)، وهي مجلة علمية كبيرة تغطي البحوث في العلوم البيولوجية والطبية، وتقول: «عندما انتقلت وأهلي من الدامور إلى بيروت، لفتني كيفية تفاعل الطبيعة مع الإنسان. وانطلقت في دراسة الغلاف الجوي من الناحية الكيمائية. صادفت صعوبات كثيرة، فدراسة التفاعلات الكيمائية في الجو هو أمر صعب بحد ذاته، خصوصاً أنه يشكل تداخلاً ما بين الكيمياء والفيزياء». ولكن كيف استطاعت نجاة صليبا العمل في مجال بهذه الصعوبة عادة ما يهتم به الرجل؟ ترد: «هو بالفعل يحمل الكثير من الصعوبة ولكن فيه الكثير من التحدي. مجال يتطلب الإلمام بعلوم الرياضيات والفيزياء والكيمياء. تفوقت في جامعات أميركا وعندما عدت إلى لبنان كان هناك نقص هائل في الماكينات والآليات اللازمة لمساعدتنا في أبحاثنا. والمضحك المبكي تمثل في جهل الناس بالتلوث الذي يعيشون فيه. كما أن إقناع الناس بالسماح لنا القيام بهذه الأبحاث شكّل تحدياً من نوع آخر، رغبت من خلاله أن أسلط الضوء على هذه المشكلة وأن يتفاعل الناس معه».
وعما يعني لها أن يندرج اسمها بين النساء الأكثر تأثيراً في العالم تقول لـ«الشرق الأوسط»: «هو بمثابة تأكيد على المسؤولية التي أتحملها. وبالتالي هو يشير إلى أن ما أقوم به تجري متابعته بعين عالمية».
وترى دكتورة صليبا أن المشكلات التي يعاني منها لبنان بيئياً كثيرة وتتابع: «المنبع للتلوث الحاصل في لبنان من السهل جداً حصره، ولكن الإهمال في التعاطي مع المشكلات البيئية يشكل موضة، يتباهى كثيرون بها، من خلال إهمال الحلول والتغاضي عنها علنا».
وعما إذا كانت المرأة اللبنانية تتمتع بدور فعال، ترد في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لا يهمني أن أنظر إلى المرأة من خلال مناصب رفيعة المستوى تتسلمها. ولكني أطالب بوضع المرأة المناسبة في المكان المناسب، خصوصاً في مجال القيادة والمسؤولية. نلمس فاعلية ودوراً كبيرين عند المرأة، ولكن على أصعدة صغيرة وضيقة. فهي حاضرة في المخيمات وفي مبادرات مختلفة والخطوة المقبلة التي نصبو إليها هي أن تتبوأ مسؤوليات أكبر، فتساعد في إدارات مختلفة في البلاد، لأن لديها القدرة على ذلك».


مقالات ذات صلة

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)
شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا صورة جرى توزيعها في يناير 2024 لنساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

شهادات «مروعة» لناجيات فررن من الحرب في السودان

نشرت «الأمم المتحدة»، الثلاثاء، سلسلة من شهادات «مروعة» لنساء وفتيات فررن من عمليات القتال بالسودان الذي يشهد حرباً منذ أكثر من عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا صورة من معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس للتعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات (أ.ف.ب)

معرض صور في باريس يلقي نظرة على حال الأفغانيات

يتيح معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس التعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات، ومعاينة يأسهن وما ندر من أفراحهنّ.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا امرأة يابانية مرتدية الزي التقليدي «الكيمونو» تعبر طريقاً وسط العاصمة طوكيو (أ.ب)

نساء الريف الياباني يرفضن تحميلهنّ وزر التراجع الديموغرافي

يعتزم رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا إعادة تنشيط الريف الياباني الذي انعكست هجرة السكان سلباً عليه.

«الشرق الأوسط» (هيتاشي (اليابان))

كيف يساعد نقص الأكسجين على انتشار السرطان؟

كيف يساعد نقص الأكسجين على انتشار السرطان؟
TT

كيف يساعد نقص الأكسجين على انتشار السرطان؟

كيف يساعد نقص الأكسجين على انتشار السرطان؟

تمكن علماء في مركز السرطان بجامعة «جونز هوبكنز» في الولايات المتحدة من تحديد 16 جيناً تستخدمها خلايا سرطان الثدي للبقاء على قيد الحياة في مجرى الدم، بعد هروبها من المناطق منخفضة الأكسجين في الورم.

جينات تحمي خلايا السرطانوتعد هذه النتيجة خطوة مهمة في فهم كيفية بقاء خلايا سرطان الثدي بعد مغادرتها للورم الأولي وانتقالها إلى مجرى الدم؛ حيث يمكن أن تبدأ في الانتشار من موقعها الأصلي إلى أماكن أخرى من الجسم.

وقد يفتح التعرف على الجينات المسؤولة عن حماية الخلايا السرطانية من الأضرار الناتجة عن «الأكسدة» بسبب أنواع الأكسجين التفاعلية «Reactive oxygen species ROS» (هي منتجات ثانوية لعملية الاستقلاب الغذائي الطبيعي للأكسجين)، آفاقاً جديدة للعلاج؛ خصوصاً في الحالات التي تُظهِر مقاومة عالية، مثل سرطان الثدي الثلاثي السلبي.

وحددت الباحثة الرئيسية دانييل جيلكس (أستاذة مساعدة في قسم الأورام، ضمن برنامج سرطان الثدي والمبيض، في كلية الطب بالجامعة) في الدراسة التي نشرت في مجلة «Nature Communications» في 28 سبتمبر (أيلول) 2024، 16 جيناً تستخدمها خلايا سرطان الثدي للبقاء على قيد الحياة في مجرى الدم، بعد هروبها من المناطق منخفضة الأكسجين في الورم.

وعلى الرغم من أن الخلايا التي تعاني من نقص الأكسجين توجد فيما تسمى «المنطقة المحيطة بالورم»، أي أنها تجلس بجوار الخلايا الميتة؛ فإن هناك اعتقاداً بأنها قادرة على الهجرة إلى مناطق ذات مستويات أعلى من الأكسجين؛ حيث يمكنها بالفعل العثور على مجرى الدم.

نقص الأكسجين

وانتشار الورمتعمل ظروف نقص الأكسجين في المناطق المحيطة بالأورام على تعزيز هجرة الخلايا السرطانية نحو مناطق أكثر ثراءً بالأكسجين، مثل مجرى الدم؛ إذ يمكن أن تؤدي عملية الهجرة هذه إلى انتشار الخلايا السرطانية من موقعها الأصلي إلى أجزاء أخرى من الجسم، ما يساهم في تكرار الإصابة بالسرطان حتى بعد إزالة الورم الأولي. أما الخلايا التي تتكيف للبقاء في ظل مثل هذه الظروف منخفضة الأكسجين، فتكون أكثر قدرة على التعامل مع الإجهاد التأكسدي «oxidative stress» (هو حالة عدم التوازن في نظام العوامل المؤكسدة والعوامل المضادة للتأكسد) في مجرى الدم، ما يمنحها ميزة البقاء.

وقد أظهرت الدراسة أن الخلايا السرطانية المعرضة لنقص الأكسجين لفترات طويلة (على سبيل المثال لفترة 5 أيام) حافظت على التعبير عن الجينات الناجمة عن نقص الأكسجين، حتى بعد الانتقال إلى مناطق ذات أكسجين أفضل، ما يشير إلى أن هذه الخلايا تحتفظ بـ«ذاكرة» لحالة نقص الأكسجين، وهو ما يتناقض مع الاستجابات قصيرة المدى التي شوهدت في مزارع المختبر القياسية.

دور بروتين «ميوسين»وكانت نتائج الدراسة تنبؤية بشكل خاص لسرطان الثدي الثلاثي السلبي «triple-negative breast cancer» الذي يتميز بمعدل تكرار مرتفع. فقد اكتشف الباحثون أن خزعات المرضى من هذا السرطان الذي تكرر في غضون 3 سنوات، تحتوي على مستويات أعلى من بروتين يسمى «ميوسين» (MUC1 glycoprotein mucin). وقام الباحثون بحجب بروتين «ميوسين» لتحديد ما إذا كان سيقلل من انتشار خلايا سرطان الثدي إلى الرئة، وكان هدفهم هو القضاء على الخلايا الخبيثة العدوانية بعد نقص الأكسجين على وجه التحديد.

وأكدت دانييل جيلكس أنه عند تخفيض مستوى بروتين «ميوسين» في هذه الخلايا التي تعاني من نقص الأكسجين، فإنها تفقد القدرة على البقاء في مجرى الدم، أو في ظروف وجود مركبات الأكسجين التفاعلي. كما أنها تشكل عدداً أقل من النقائل السرطانية «Cancer metastases» في الفئران (وهذا المصطلح يستخدم لوصف انتشار السرطان، إذ إن الخلايا السرطانية -على عكس الخلايا الطبيعية- تتمتع بالقدرة على النمو خارج المكان الذي نشأت فيه بالجسم).

ولا يزال الباحثون يجهلون أسباب الإصابة بسرطان الثدي الثلاثي السلبي بشكلٍ دقيق؛ لكنهم يعتقدون أن الطَّفرة الجينية المسماة «BRCA1» هي السبب؛ لأن وجودها يؤدي لانعكاس مبدأ عمل الجين السليم، وتصبح الخلايا أكثر عرضة للإصابة بالسرطان.

وتؤكد النتائج إمكانية استهداف بروتين «ميوسين» لمنع انتشار الخلايا السرطانية، وتحسين النتائج للمرضى، وخصوصاً أولئك الذين يعانون من أنواع سرطان عدوانية.

وقد تمهد التجربة السريرية الحالية في المرحلتين الأولى والثانية لعلاجات تستهدف بروتين «ميوسين» في أنواع مختلفة من السرطان، الطريق لتطبيقات أوسع إذا ثبتت فعاليتها.

ويعزز هذا البحث فهم كيفية مساهمة الظروف التي تسبب نقص الأكسجين داخل الأورام في حدوث النقائل، ويسلط الضوء على بروتين «ميوسين» كهدف علاجي واعد لمنع انتشار السرطان.