تزايد الاحتجاجات في لبنان... و«التيار» يتحدث عن رسائل من الضاحية

«حزب الله» وحركة «أمل» ينفيان علاقتهما بالتحركات في المنطقة ليلاً

زميلات المسعفة سحر فارس التي قتلت في انفجار مرفأ بيروت خلال تكريم ذكراها أمس (إ.ب.أ)
زميلات المسعفة سحر فارس التي قتلت في انفجار مرفأ بيروت خلال تكريم ذكراها أمس (إ.ب.أ)
TT
20

تزايد الاحتجاجات في لبنان... و«التيار» يتحدث عن رسائل من الضاحية

زميلات المسعفة سحر فارس التي قتلت في انفجار مرفأ بيروت خلال تكريم ذكراها أمس (إ.ب.أ)
زميلات المسعفة سحر فارس التي قتلت في انفجار مرفأ بيروت خلال تكريم ذكراها أمس (إ.ب.أ)

تكرّر مشهد الاحتجاجات الشعبية في عدد من المناطق اللبنانية، حيث سُجّل إقفال طرق وإحراق إطارات، أمس، فيما كان للتحركات اللافتة التي شهدتها منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت ليلاً، وقعها السياسي، لا سيما مع دعوات لعدد من الشبان للذهاب إلى بعبدا (مقر قصر رئاسة الجمهورية)، وهو ما رأى فيه «التيار الوطني الحر» رسالة سياسية إلى رئيس الجمهورية ميشال عون من حركة «أمل»، التي نفت كما «حزب الله» أي علاقة بما حصل.
وسُجلت تحركات على دراجات نارية لشبان عند مداخل الضاحية الجنوبية لبيروت ليل السبت - الأحد، وقام عدد من المحتجين عند دوار الكفاءات ببعض عمليات التخريب. كما أظهرت بعض الفيديوهات دعوات من قبلهم للذهاب إلى القصر الرئاسي الذي شهدت الطريق المؤدية إليه بعض التجمعات المحدودة. هذه التحركات رأى فيها البعض «رسالة سياسية» من قبل رئيس البرلمان رئيس «أمل» نبيه بري، ومن خلفه «حزب الله»، إلى رئاسة الجمهورية، ليعود بعدها الطرفان (الحزب والحركة) ويصدرا بياناً مشتركاً ينفيان علاقتهما بالتحركات.
وقالت مصادر في «التيار الوطني الحر» لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك أوركسترا ممتدة من الشمال إلى البقاع وبيروت تجمع بعض الأطراف لمهاجمة الرئيس ميشال عون وشتمه، فيما يظهر أن هناك كلمة سر واضحة معطاة للهجوم عليه». وعن تحرك الضاحية، أوضحت: «في هذه المنطقة معروف من هي الجهات التي تتحرك، هناك فريقان هما (حركة أمل) و(حزب الله)، الأخير لا يقوم بهذا الأمر، وليس في هذا الوارد، بينما أسلوب الدراجات النارية معروف من هم أربابه، لذا يبدو هناك رسالة لبعبدا من قبل المنزعجين من مواقف الرئيس عون، لا سيما لجهة التدقيق الجنائي ومقاربته لملف الحكومة، لكن كل ذلك لن يغير أي شيء في الواقع أكثر من بعض التوتر وقطع طرق».
في المقابل، تنفي مصادر مقربة من «حركة أمل» لـ«الشرق الأوسط» نفياً قاطعاً علاقة الأخيرة بالتحركات التي شهدتها الضاحية الجنوبية لبيروت مساء السبت، لافتة إلى أن «أي تحرك أو احتفال تقف خلفه الحركة تعلن عنه وتتبع الخطوات القانونية للقيام به للحصول على الإذن من مركز المحافظة المسؤولة عن المنطقة التي ينظم فيها». وجددت التأكيد على ما سبق لبري قبل أشهر تأكيده، إذ دعا الحركيين إلى «ترك الشارع لمن اتخذ هذا الخيار للتعبير عن رأيه، لقناعته بأنه لا أحد يمكنه ضبط تداعيات هذا القرار».
وكان «حزب الله» و«حركة أمل» أصدرا بياناً مشتركاً ليل الأحد، عن «تداول بعض الناشطين على شبكات التواصل أن مناصرين لأحزاب في الضاحية الجنوبية قاموا بقطع الطرقات وأعمال تخريب في بعض مناطق الضاحية، لا سيما عند دوار الكفاءات»، مضيفاً أنه «يهم الحركة والحزب نفي أي علاقة لأنصارهما بأعمال الشغب، ويطالبان الأجهزة الأمنية والقضائية بملاحقة ومقاضاة كلّ مَن تعرض للأملاك العامة والخاصة».
وبدأت التحركات، أمس، منذ ساعات الظهر، في مختلف المناطق، إذ عمد المحتجون إلى إقفال الطرقات، لا سيما منها الرئيسية، احتجاجاً على الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي مع استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار متخطياً العشرة آلاف ليرة. وعمد عدد من المحتجين إلى قطع الطرق المؤدية إلى ساحة الشهداء، وسط مدينة بيروت، بالإطارات المشتعلة، وهو ما حصل أيضاً على طريق عام الشويفات عند مفرق ما يعرف بـ«أوتوستراد التيرو» المؤدي إلى الضاحية الجنوبية، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام».
وعلى طريق الجنوب أيضاً، قام عدد من الشبان بقطع الأوتوستراد الساحلي عند بلدة الجية والناعمة. وفي صيدا، عاصمة الجنوب، قام عدد من المحتجين بإشعال الإطارات المطاطية عند دوار إيليا رفضاً لتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية وارتفاع سعر صرف الدولار.
وفي بعلبك، نفذ ناشطو حراك المدينة وقفة احتجاجية في ساحة الشاعر خليل مطران مقابل قلعة بعلبك الأثرية، تنديداً بتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والنقدية، اختتمت بمسيرة رفع خلالها شعار «القرار للشعب». وردد المشاركون هتافات تطالب بمحاسبة الفاسدين.
ولم يختلف الوضع في الشمال، حيث تكرر المشهد في عدد من المناطق، فعمد محتجون إلى قطع الطريق الدولية العبدة - العبودية بالإطارات المشتعلة عند مفترق قرية قعبربن في منطقة سهل عكار، مطالبين بمحاكمة ومعاقبة كل المسؤولين الذين أفقروا الشعب وجوعوه، بحسب الوكالة.
وفي الضنية (شمال لبنان)، قطع محتجون أوتوستراد المنية الدولي في الاتجاهين عند نقطة بلدة بحنين، بوضع شاحنات وحجارة وإطارات سيارات في وسطه، احتجاجاً على تدهور الأوضاع المعيشية وانهيار سعر صرف الليرة، واضطر عابرو الأوتوستراد بين طرابلس والمنية وعكار وبالعكس، إلى سلوك طرق بديلة للوصول إلى أشغالهم.
والأمر نفسه تكرر عند الطريق الدولية الرئيسية في الاتجاهين عند جسر نهر البارد في بلدة المحمرة - عكار، احتجاجاً على سوء الأوضاع المعيشية، كما قطع عدد من الشبان طريق عام حلبا - القبيات.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.